فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ بَيَانِ مَا كَانَ مِنَ النَّهْيِ عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ بَعْدَ

باب بَيَانِ مَا كَانَ مِنْ النَّهْيِ عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ بَعْدَ ثَلَاثٍ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ وَبَيَانِ نَسْخِهِ وَإِبَاحَتِهِ إِلَى مَتَى شَاءَ
[ سـ :3753 ... بـ :1969]
حَدَّثَنِي عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَانَا أَنْ نَأْكُلَ مِنْ لُحُومِ نُسُكِنَا بَعْدَ ثَلَاثٍ

قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنِي عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ : شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . . . وَذَكَرَ الْحَدِيثَ ) قَالَ الْقَاضِي : لِهَذَا الْحَدِيثِ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ عِلَّةٌ فِي رَفْعِهِ ؛ لِأَنَّ الْحُفَّاظَ مِنْ أَصْحَابِ سُفْيَانَ لَمْ يَرْفَعُوهُ ، وَلِهَذَا لَمْ يَرْوِهِ الْبُخَارِيُّ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ ، وَرَوَاهُ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ ، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ : هَذَا مِمَّا وَهِمَ فِيهِ عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ ؛ لِأَنَّ عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ ، وَأَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ ، وَالْقَعْنَبِيَّ ، وَأَبَا خَيْثَمَةَ ، وَإِسْحَاقَ وَغَيْرَهُمْ رَوَوْهُ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ مَوْقُوفًا ، قَالَ : وَرَفْعُ الْحَدِيثِ عَنِ الزُّهْرِيِّ صَحِيحٌ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ سُفْيَانَ ، فَقَدْ رَفَعَهُ صَالِحٌ ، وَيُونُسُ ، وَمَعْمَرٌ ، وَالزُّبَيْدِيُّ ، وَمَالِكٌ مِنْ رِوَايَةِ جُوَيْرِيَةَ كُلُّهُمْ رَوَوْهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ مَرْفُوعًا . هَذَا كَلَامُ الدَّارَقُطْنِيِّ ، وَالْمَتْنُ صَحِيحٌ بِكُلِّ حَالٍ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .




[ سـ :4036 ... بـ :1969]
حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ أَنَّهُ شَهِدَ الْعِيدَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ فَصَلَّى لَنَا قَبْلَ الْخُطْبَةِ ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَهَاكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا لُحُومَ نُسُكِكُمْ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ فَلَا تَأْكُلُوا وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ ح وَحَدَّثَنَا حَسَنٌ الْحُلْوَانِيُّ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ كُلُّهُمْ عَنْ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ

قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ خَطَبَ فَقَالَ : ( إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَهَاكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا لُحُومَ نُسْكِكُمْ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ ؛ فَلَا تَأْكُلُوا ) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا يَأْكُلُ أَحَدُكُمْ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ) قَالَ سَالِمٌ : وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يَأْكُلُ لُحُومَ الْأَضَاحِيِّ بَعْدَ ثَلَاثٍ ، وَذَكَرَ حَدِيثُ جَابِرٍ مِثْلَهُ فِي النَّهْيِ ، ثُمَّ قَالَ : كُلُوا بَعْدُ وَادَّخِرُوا وَتَزَوَّدُوا ، وَحَدِيثُ عَائِشَةَ أَنَّهُ دَفَّ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ حَضْرَةَ الْأَضْحَى ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ادَّخِرُوا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ، ثُمَّ تَصَدَّقُوا ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ : إِنَّمَا كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ الَّتِي دَفَّتْ ، فَكُلُوا وَادَّخِرُوا وَتَصَدَّقُوا ، وَذَكَرَ مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ ، وَسَلَمَةَ بْنَ الْأَكْوَعِ ، وَأَبِي سَعِيدٍ ، وَثَوْبَانَ ، وَبُرَيْدَةَ . قَالَ الْقَاضِي : وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْأَخْذِ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ ، فَقَالَ قَوْمٌ : يَحْرُمُ إِمْسَاكُ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ وَالْأَكْلُ مِنْهَا بَعْدَ ثَلَاثٍ ، وَإِنَّ حُكْمَ التَّحْرِيمِ بَاقٍ كَمَا قَالَهُ عَلِيٌّ ، وَابْنُ عُمَرَ ، وَقَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ : يُبَاحُ الْأَكْلُ وَالْإِمْسَاكُ بَعْدَ الثَّلَاثِ ، وَالنَّهْيُ مَنْسُوخٌ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ الْمُصَرِّحَةِ بِالنَّسْخِ ، لَا سِيَّمَا حَدِيثُ بُرَيْدَةَ ، وَهَذَا مِنْ نَسْخِ السُّنَّةِ بِالسُّنَّةِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَيْسَ هُوَ نَسْخًا ، بَلْ كَانَ التَّحْرِيمُ لِعِلَّةٍ فَلَمَّا زَالَتْ زَالَ ؛ لِحَدِيثِ سَلَمَةَ وَعَائِشَةَ ، وَقِيلَ : كَانَ النَّهْيُ الْأَوَّلُ لِلْكَرَاهَةِ لَا لِلتَّحْرِيمِ ، قَالَ هَؤُلَاءِ : وَالْكَرَاهَةُ بَاقِيَةٌ إِلَى الْيَوْمِ ، وَلَكِنْ لَا يَحْرُمُ ، قَالُوا : وَلَوْ وَقَعَ مِثْلُ تِلْكَ الْعِلَّةِ الْيَوْمَ فَدَفَّتْ دَافَّةٌ وَاسَاهُمُ النَّاسُ ، وَحَمَلُوا عَلَى هَذَا مَذْهَبَ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ ، وَالصَّحِيحُ نَسْخُ النَّهْيِ مُطْلَقًا ، وَأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ تَحْرِيمٌ وَلَا كَرَاهَةٌ ، فَيُبَاحُ الْيَوْمَ الِادِّخَارُ فَوْقَ ثَلَاثٍ ، وَالْأَكْلُ إِلَى مَتَى شَاءَ لِصَرِيحِ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ وَغَيْرِهِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( بَعْدَ ثَلَاثٍ ) قَالَ الْقَاضِي : يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءُ الثَّلَاثِ مِنْ يَوْمِ ذَبْحِهَا ، وَيَحْتَمِلُ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ ، وَإِنْ تَأَخَّرَ ذَبْحُهَا إِلَى أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ، قَالَ : وَهَذَا أَظْهَرُ .




[ سـ :3757 ... بـ :1971]
حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ أَخْبَرَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَاقِدٍ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمْرَةَ فَقَالَتْ صَدَقَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ دَفَّ أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ حَضْرَةَ الْأَضْحَى زَمَنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ادَّخِرُوا ثَلَاثًا ثُمَّ تَصَدَّقُوا بِمَا بَقِيَ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ النَّاسَ يَتَّخِذُونَ الْأَسْقِيَةَ مِنْ ضَحَايَاهُمْ وَيَجْمُلُونَ مِنْهَا الْوَدَكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا ذَاكَ قَالُوا نَهَيْتَ أَنْ تُؤْكَلَ لُحُومُ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ فَقَالَ إِنَّمَا نَهَيْتُكُمْ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ الَّتِي دَفَّتْ فَكُلُوا وَادَّخِرُوا وَتَصَدَّقُوا

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّمَا نَهَيْتُكُمْ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ الَّتِي دَفَّتْ ) قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ : ( الدَّافَّةُ ) بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ : قَوْمٌ يَسِيرُونَ جَمِيعًا سَيْرًا خَفِيفًا ، وَدَفَّ يَدِفُّ بِكَسْرِ الدَّالِ ، وَدَافَّةُ الْأَعْرَابِ مَنْ يَرِدُ مِنْهُمُ الْمِصْرَ ، وَالْمُرَادُ هُنَا مَنْ وَرَدَ مِنْ ضُعَفَاءِ الْأَعْرَابِ لِلْمُوَاسَاةِ .

قَوْلُهُ : ( دَفَّ أَبْيَاتٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ حَضْرَةَ الْأَضْحَى ) هِيَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَضَمِّهَا وَكَسْرِهَا ، وَالضَّادُ سَاكِنَةٌ فِيهَا كُلِّهَا ، وَحُكِيَ فَتْحُهَا وَهُوَ ضَعِيفٌ ، وَإِنَّمَا تُفْتَحُ إِذَا حُذِفَتِ الْهَاءُ فَيُقَالُ : بِحَضَرِ فُلَانٍ .

قَوْلُهُ : ( إِنَّ النَّاسَ يَتَّخِذُونَ الْأَسْقِيَةَ مِنْ ضَحَايَاهُمْ ، وَيَجْمُلُونَ مِنْهَا الْوَدَكَ ) ، قَوْلُهُ : ( يَجْمُلُونَ ) بِفَتْحِ الْيَاءِ مَعَ كَسْرِ الْمِيمِ وَضَمِّهَا ، وَيُقَالُ : بِضَمِّ الْيَاءِ مَعَ كَسْرِ الْمِيمِ ، يُقَالُ : جَمَلْتُ الدُّهْنَ أُجْمِلُهُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَأَجْمُلُهُ بِضَمِّهَا جَمْلًا ، وَأَجْمَلْتُهُ إِجْمَالًا أَيْ أَذَبْتُهُ وَهُوَ بِالْجِيمِ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّمَا نَهَيْتُكُمْ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ الَّتِي دَفَّتْ فَكُلُوا وَادَّخِرُوا وَتَصَدَّقُوا ) هَذَا تَصْرِيحٌ بِزَوَالِ النَّهْيِ عَنِ ادِّخَارِهَا فَوْقَ ثَلَاثٍ ، وَفِيهِ الْأَمْرُ بِالصَّدَقَةِ مِنْهَا ، وَالْأَمْرُ بِالْأَكْلِ .

فَأَمَّا الصَّدَقَةُ مِنْهَا إِذَا كَانَتْ أُضْحِيَّةَ تَطَوُّعٍ فَوَاجِبَةٌ عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا بِمَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ مِنْهَا ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ بِمُعْظَمِهَا . قَالُوا : وَأَدْنَى الْكَمَالِ أَنْ يَأْكُلَ الثُّلُثَ وَيَتَصَدَّقَ بِالثُّلُثِ وَيُهْدِي الثُّلُثَ ، وَفِيهِ قَوْلٌ : أَنَّهُ يَأْكُلُ النِّصْفَ ، وَيَتَصَدَّقُ بِالنِّصْفِ ، وَهَذَا الْخِلَافُ فِي قَدْرِ أَدْنَى الْكَمَالِ فِي الِاسْتِحْبَابِ ، فَأَمَّا الْإِجْزَاءُ فَيُجْزِيهِ الصَّدَقَةُ بِمَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ كَمَا ذَكَرْنَا ، وَلَنَا وَجْهٌ : أَنَّهُ لَا تَجِبُ الصَّدَقَةُ بِشَيْءٍ مِنْهَا .

وَأَمَّا الْأَكْلُ مِنْهَا فَيُسْتَحَبُّ وَلَا يَجِبُ ، هَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً ، إِلَّا مَا حُكِيَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَنَّهُ أَوْجَبَ الْأَكْلَ مِنْهَا ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الطَّيِّبِ ابْنِ سَلَمَةَ مِنْ أَصْحَابِنَا ، حَكَاهُ عَنْهُ الْمَاوَرْدِيُّ لِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْأَمْرِ بِالْأَكْلِ مَعَ قَوْلِهِ تَعَالَى : فَكُلُوا مِنْهَا وَحَمَلَ الْجُمْهُورُ هَذَا الْأَمْرَ عَلَى النَّدْبِ أَوِ الْإِبَاحَةِ لَا سِيَّمَا وَقَدْ وَرَدَ بَعْدَ الْحَظْرِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَقَدِ اخْتَلَفَ الْأُصُولِيُّونَ الْمُتَكَلِّمُونَ فِي الْأَمْرِ الْوَارِدِ بَعْدَ الْحَظْرِ ، فَالْجُمْهُورُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ عَلَى أَنَّهُ لِلْوُجُوبِ كَمَا لَوْ وَرَدَ ابْتِدَاءً ، قَالَ جِمَاعَةٌ مِنْهُمْ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ : إِنَّهُ لِلْإِبَاحَةِ .




[ سـ :3759 ... بـ :1972]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ ح وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ كِلَاهُمَا عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ ح وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ وَاللَّفْظُ لَهُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ حَدَّثَنَا عَطَاءٌ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ كُنَّا لَا نَأْكُلُ مِنْ لُحُومِ بُدْنِنَا فَوْقَ ثَلَاثِ مِنًى فَأَرْخَصَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ كُلُوا وَتَزَوَّدُوا قُلْتُ لِعَطَاءٍ قَالَ جَابِرٌ حَتَّى جِئْنَا الْمَدِينَةَ قَالَ نَعَمْ

قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ : ( قُلْتُ لِعَطَاءٍ : قَالَ جَابِرٌ حَتَّى جِئْنَا الْمَدِينَةَ قَالَ : نَعَمْ ) وَوَقَعَ فِي الْبُخَارِيِّ ( لَا ) بَدَلُ قَوْلِهِ هُنَا ( نَعَمْ ) فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ نَسِيَ فِي وَقْتٍ فَقَالَ : ( لَا ) وَذَكَرَ فِي وَقْتٍ فَقَالَ : ( نَعَمْ ) .




[ سـ :3761 ... بـ :1973]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ لَا تَأْكُلُوا لُحُومَ الْأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثٍ وَقَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَشَكَوْا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ لَهُمْ عِيَالًا وَحَشَمًا وَخَدَمًا فَقَالَ كُلُوا وَأَطْعِمُوا وَاحْبِسُوا أَوْ ادَّخِرُوا قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى شَكَّ عَبْدُ الْأَعْلَى

قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ) هَكَذَا وَقَعَ فِي نُسَخِ بِلَادِنَا ( سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ) وَكَذَا ذَكَرَهُ أَبُو عَلِيٍّ الْغَسَّانِيُّ وَالْقَاضِي عَنْ نُسْخَةِ الْجُلُودِيِّ وَالْكِسَائِيِّ قَالَا : وَفِي نُسْخَةِ ابْنِ مَاهَانَ ( سَعِيدٌ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ) مِنْ غَيْرِ ( قَتَادَةَ ) وَكَذَا ذَكَرَهُ أَبُو مَسْعُودٍ الدِّمَشْقِيُّ فِي الْأَطْرَافِ ، وَخَلَفٌ الْوَاسِطِيُّ ، قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْغَسَّانِيُّ : وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ عِنْدِي . وَاللَّهُ أَعْلَمُ . قَوْلُهُ فِي طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنِ الْمُثَنَّى : ( عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ) هَذَا خِلَافُ عَادَةِ مُسْلِمٍ فِي الِاقْتِصَارِ ، وَكَانَ مُقْتَضَى عَادَتِهِ حَذْفَ أَبِي سَعِيدٍ فِي الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ ، وَيَقْتَصِرُ عَلَى أَبِي نَضْرَةَ ، ثُمَّ يَقُولُ : ح وَيَتَحَوَّلُ ، فَإِنَّ مَدَارَ الطَّرِيقَيْنِ عَلَى أَبِي نَضْرَةَ ، وَالْعِبَارَةُ فِيهِمَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ ، وَكَانَ يَنْبَغِي تَرْكُهُ فِي الْأُولَى .

قَوْلُهُ : ( إِنَّ لَهُمْ عِيَالًا وَحَشَمًا وَخَدَمًا ) قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ : الْحَشَمُ - بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالشِّينِ هُمْ - اللَّائِذُونَ بِالْإِنْسَانِ يَخْدُمُونَهُ ، وَيَقُومُونَ بِأُمُورِهِ ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ : هُمْ خَدَمُ الرَّجُلِ وَمَنْ يَغْضَبُ لَهُ ، سُمُّوا بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ يَغْضَبُونَ لَهُ ، وَالْحِشْمَةُ : الْغَضَبُ ، وَيُطْلَقُ عَلَى الِاسْتِحْيَاءِ أَيْضًا ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ : فُلَانٌ لَا يَحْتَشِمُ ، أَيْ : لَا يَسْتَحِي ، وَيُقَالُ : حَشَمْتُهُ وَأَحْشَمْتُهُ إِذَا أَغْضَبْتُهُ ، وَإِذَا أَخْجَلْتُهُ فَاسْتَحْيَا الْخَجْلَةَ ، وَكَأَنَّ الْحَشَمَ أَعَمُّ مِنَ الْخَدَمِ ، فَلِهَذَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ ، وَهُوَ مِنْ بَابِ ذِكْرِ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .




[ سـ :3762 ... بـ :1974]
حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ ضَحَّى مِنْكُمْ فَلَا يُصْبِحَنَّ فِي بَيْتِهِ بَعْدَ ثَالِثَةٍ شَيْئًا فَلَمَّا كَانَ فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ نَفْعَلُ كَمَا فَعَلْنَا عَامَ أَوَّلَ فَقَالَ لَا إِنَّ ذَاكَ عَامٌ كَانَ النَّاسُ فِيهِ بِجَهْدٍ فَأَرَدْتُ أَنْ يَفْشُوَ فِيهِمْ

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ ذَلِكَ عَامٌّ كَانَ النَّاسُ فِيهِ بِجَهْدٍ ؛ فَأَرَدْتُ أَنْ يَفْشُوَ فِيهِمْ ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ مُسْلِمٍ ( يَفْشُوَ ) بِالْفَاءِ وَالشِّينِ أَيْ يَشِيعَ لَحْمُ الْأَضَاحِيِّ فِي النَّاسِ ، وَيَنْتَفِعُ بِهِ الْمُحْتَاجُونَ ، وَوَقَعَ فِي الْبُخَارِيِّ ( يُعِينُوا ) بِالْعَيْنِ مِنَ الْإِعَانَةِ . قَالَ الْقَاضِي فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ : الَّذِي فِي مُسْلِمٍ أَشْبَهُ ، وَقَالَ فِي الْمَشَارِقِ : كِلَاهُمَا صَحِيحٌ ، وَالَّذِي فِي الْبُخَارِيِّ أَوْجَهُ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَالْجَهْدُ - هُنَا - بِفَتْحِ الْجِيمِ : وَهُوَ الْمَشَقَّةُ وَالْفَاقَةُ .




[ سـ :3763 ... بـ :1975]
حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ ذَبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَحِيَّتَهُ ثُمَّ قَالَ يَا ثَوْبَانُ أَصْلِحْ لَحْمَ هَذِهِ فَلَمْ أَزَلْ أُطْعِمُهُ مِنْهَا حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ رَافِعٍ قَالَا حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ كِلَاهُمَا عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ

قَوْلُهُ : ( عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ : ذَبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَحِيَّتَهُ ثُمَّ قَالَ : يَا ثَوْبَانُ أَصْلِحْ هَذِهِ فَلَمْ أَزَلْ أُطْعِمُهُ مِنْهَا حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ ) هَذَا فِيهِ تَصْرِيحٌ بِجَوَازِ ادِّخَارِ لَحْمِ الْأُضْحِيَّةِ فَوْقَ ثَلَاثٍ ، وَجَوَازُ التَّزَوُّدِ مِنْهُ ، وَفِيهِ : أَنَّ الِادِّخَارَ وَالتَّزَوُّدَ فِي الْأَسْفَارَ لَا يَقْدَحُ فِي التَّوَكُّلِ وَلَا يُخْرِجُ صَاحِبَهُ عَنِ التَّوَكُّلِ ، وَفِيهِ : أَنَّ الضَّحِيَّةَ مَشْرُوعَةٌ لِلْمُسَافِرِ كَمَا هِيَ مَشْرُوعَةٌ لِلْمُقِيمِ ، وَهَذَا مَذْهَبُنَا ، وَبِهِ قَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ ، وَقَالَ النَّخَعِيُّ ، وَأَبُو حَنِيفَةَ : لَا ضَحِيَّةَ عَلَى الْمُسَافِرِ ، وَرُوِيَ هَذَا عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَقَالَ مَالِكٌ وَجَمَاعَةٌ : لَا تُشْرَعُ لِلْمُسَافِرِ بِمِنًى وَمَكَّةَ .




[ سـ :3838 ... بـ :1977]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ أَبِي سِنَانٍ وَقَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى عَنْ ضِرَارِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مُحَارِبٍ عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا ضِرَارُ بْنُ مُرَّةَ أَبُو سِنَانٍ عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثٍ فَأَمْسِكُوا مَا بَدَا لَكُمْ وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ النَّبِيذِ إِلَّا فِي سِقَاءٍ فَاشْرَبُوا فِي الْأَسْقِيَةِ كُلِّهَا وَلَا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا وَحَدَّثَنِي حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ فَذَكَرَ بِمَعْنَى حَدِيثِ أَبِي سِنَانٍ

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِي فَوْقَ ثَلَاثٍ فَأَمْسِكُوا مَا بَدَا لَكُمْ ، وَنَهَيْتُكُمْ عَنِ النَّبِيذِ إِلَّا فِي سِقَاءٍ فَاشْرَبُوا فِي الْأَسْقِيَةِ كُلِّهَا ، وَلَا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا ) هَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا صُرِّحَ فِيهِ بِالنَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ جَمِيعًا ، قَالَ الْعُلَمَاءُ : يُعْرَفُ نَسْخُ الْحَدِيثِ تَارَةً بِنَصٍّ كَهَذَا ، وَتَارَةً بِإِخْبَارِ الصَّحَابِيِّ ؛ " كَكَانَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرْكَ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ " وَتَارَةً بِالتَّارِيخِ إِذَا تَعَذَّرَ الْجَمْعُ ، وَتَارَةً بِالْإِجْمَاعِ كَتَرْكِ قَتْلِ شَارِبِ الْخَمْرِ فِي الْمَرَّةِ الرَّابِعَةِ ، وَالْإِجْمَاعُ لَا يَنْسَخُ ، لَكِنْ يَدُلُّ عَلَى وُجُودِ نَاسِخً ، أَمَّا زِيَارَةُ الْقُبُورِ فَسَبَقَ بَيَانُهَا فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ ، وَأَمَّا الِانْتِبَاذُ فِي الْأَسْقِيَةِ فَسَبَقَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ ، وَسَنُعِيدُهُ قَرِيبًا فِي كِتَابِ الْأَشْرِبَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ، وَنَذْكُرُ هُنَاكَ اخْتِلَافَ أَلْفَاظِ هَذَا الْحَدِيثِ ، وَتَأْوِيلَ الْمُؤَوَّلِ مِنْهَا ، وَأَمَّا لُحُومُ الْأَضَاحِيِّ فَذَكَرْنَا حُكْمَهَا . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .