فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ تَحْرِيمِ الذَّبْحِ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَعْنِ فَاعِلِهِ

باب تَحْرِيمِ الذَّبْحِ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَعْنِ فَاعِلِهِ
[ سـ :3771 ... بـ :1978]
حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَسُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ كِلَاهُمَا عَنْ مَرْوَانَ قَالَ زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ حَيَّانَ حَدَّثَنَا أَبُو الطُّفَيْلِ عَامِرُ بْنُ وَاثِلَةَ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسِرُّ إِلَيْكَ قَالَ فَغَضِبَ وَقَالَ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسِرُّ إِلَيَّ شَيْئًا يَكْتُمُهُ النَّاسَ غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ حَدَّثَنِي بِكَلِمَاتٍ أَرْبَعٍ قَالَ فَقَالَ مَا هُنَّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ قَالَ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَهُ وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللَّهِ وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ غَيَّرَ مَنَارَ الْأَرْضِ

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَعَنَ اللَّهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَهُ ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللَّهِ ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ غَيَّرَ مَنَارَ الْأَرْضِ ) ، وَفِي الرِّوَايَةِ ( لَعَنَ اللَّهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَيْهِ ) أَمَّا لَعْنُ الْوَالِدِ وَالْوَالِدَةِ فَمِنَ الْكَبَائِرِ ، وَسَبَقَ ذَلِكَ مَشْرُوحًا وَاضِحًا فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ ، وَالْمُرَادُ بِمَنَارِ الْأَرْضِ - بِفَتْحِ الْمِيمِ - عَلَامَاتُ حُدُودِهَا ، وَأَمَّا الْمُحْدِثُ - بِكَسْرِ الدَّالِ - فَهُوَ مَنْ يَأْتِي بِفَسَادٍ فِي الْأَرْضِ ، وَسَبَقَ شَرْحُهُ فِي آخِرِ كِتَابِ الْحَجِّ .

وَأَمَّا الذَّبْحُ لِغَيْرِ اللَّهِ فَالْمُرَادُ بِهِ أَنْ يَذْبَحَ بِاسْمِ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى ؛ كَمَنْ ذَبَحَ لِلصَّنَمِ أَوِ الصَّلِيبِ ، أَوْ لِمُوسَى ، أَوْ لِعِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا ، أَوْ لِلْكَعْبَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ ، فَكُلُّ هَذَا حَرَامٌ ، وَلَا تَحِلُّ هَذِهِ الذَّبِيحَةُ ، سَوَاءٌ كَانَ الذَّابِحُ مُسْلِمًا أَوْ نَصْرَانِيًّا أَوْ يَهُودِيًّا ، نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ ، وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ أَصْحَابُنَا ، فَإِنْ قَصَدَ مَعَ ذَلِكَ تَعْظِيمَ الْمَذْبُوحِ لَهُ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْعِبَادَةَ لَهُ كَانَ ذَلِكَ كُفْرًا ، فَإِنْ كَانَ الذَّابِحُ مُسْلِمًا قَبْلَ ذَلِكَ صَارَ بِالذَّبْحِ مُرْتَدًّا ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ إِبْرَاهِيمُ الْمَرْوَزِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا : أَنَّ مَا يُذْبَحُ عِنْدَ اسْتِقْبَالِ السُّلْطَانِ تَقَرُّبًا إِلَيْهِ أَفْتَى أَهْلُ بُخَارَةَ بِتَحْرِيمِهِ ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا أُهِّلَ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى ، قَالَ الرَّافِعِيُّ : هَذَا إِنَّمَا يَذْبَحُونَهُ اسْتِبْشَارًا بِقُدُومِهِ فَهُوَ كَذَبْحِ الْعَقِيقَةِ لِوِلَادَةِ الْمَوْلُودِ ، وَمِثْلُ هَذَا لَا يُوجِبُ التَّحْرِيمَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ : ( إِنَّ عَلِيًّا غَضِبَ حِينَ قَالَ لَهُ رَجُلٌ : مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسِرُّ إِلَيْكَ ؟ إِلَى آخِرِهِ ) فِيهِ إِبْطَالُ مَا تَزْعُمُهُ الرَّافِضَةُ وَالشِّيعَةُ وَالْإِمَامِيَّةُ مِنَ الْوَصِيَّةِ إِلَى عَلِيٍّ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ اخْتِرَاعَاتِهِمْ . وَفِيهِ جَوَازُ كِتَابَةِ الْعِلْمِ ، وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ الْآنَ ، وَقَدْ قَدَّمْنَا ذِكْرَ الْمَسْأَلَةِ فِي مَوَاضِعَ .




[ سـ :3773 ... بـ :1978]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَاللَّفْظُ لِابْنِ الْمُثَنَّى قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ أَبِي بَزَّةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ سُئِلَ عَلِيٌّ أَخَصَّكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَيْءٍ فَقَالَ مَا خَصَّنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَيْءٍ لَمْ يَعُمَّ بِهِ النَّاسَ كَافَّةً إِلَّا مَا كَانَ فِي قِرَابِ سَيْفِي هَذَا قَالَ فَأَخْرَجَ صَحِيفَةً مَكْتُوبٌ فِيهَا لَعَنَ اللَّهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللَّهِ وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ سَرَقَ مَنَارَ الْأَرْضِ وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَهُ وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا

قَوْلُهُ : ( مَا خَصَّنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَيْءٍ لَمْ يَعُمَّ بِهِ النَّاسَ كَافَّةً إِلَّا مَا كَانَ فِي قِرَابِ سَيْفِي ) هَكَذَا تُسْتَعْمَلُ ( كَافَّةً ) حَالًا ، وَأَمَّا مَا يَقَعُ فِي كَثِيرٍ مِنْ كُتُبِ الْمُصَنِّفِينَ مِنَ اسْتِعْمَالِهَا مُضَافَةً وَبِالتَّعْرِيفِ كَقَوْلِهِمْ : ( هَذَا قَوْلُ كَافَّةِ الْعُلَمَاءِ ) ( وَمَذْهَبُ الْكَافَّةِ ) فَهُوَ خَطَأٌ مَعْدُودٌ فِي لَحْنِ الْعَوَامِّ وَتَحْرِيفِهِمْ . وَقَوْلُهُ : ( قِرَابُ سَيْفِي ) هُوَ بِكَسْرِ الْقَافِ ، وَهُوَ وِعَاءٌ مِنْ جِلْدٍ أَلْطَفُ مِنَ الْجِرَابِ ، يَدْخُلُ فِيهِ السَّيْفُ بِغِمْدِهِ وَمَا خَفَّ مِنَ الْآلَةِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .