فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ تَحْرِيمِ جَرِّ الثَّوْبِ خُيَلَاءَ ، وَبَيَانِ حَدِّ مَا يَجُوزُ إِرْخَاؤُهُ

باب تَحْرِيمِ جَرِّ الثَّوْبِ خُيَلَاءَ وَبَيَانِ حَدِّ مَا يَجُوزُ إِرْخَاؤُهُ إِلَيْهِ وَمَا يُسْتَحَبُّ
[ سـ :4002 ... بـ :2085]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ كُلُّهُمْ يُخْبِرُهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو أُسَامَةَ ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا حَدَّثَنَا يَحْيَى وَهُوَ الْقَطَّانُ كُلُّهُمْ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ وَأَبُو كَامِلٍ قَالَا حَدَّثَنَا حَمَّادٌ ح وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ كِلَاهُمَا عَنْ أَيُّوبَ ح وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ وَابْنُ رُمْحٍ عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ ح وَحَدَّثَنَا هَارُونُ الْأَيْلِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي أُسَامَةُ كُلُّ هَؤُلَاءِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِ حَدِيثِ مَالِكٍ وَزَادُوا فِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى مَنْ جَرَّ ثَوْبَهَ خُيَلَاءَ ) وَفِي رِوَايَةٍ : ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى مَنْ يَجُرُّ إِزَارَهُ بَطَرًا ) . وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ( مَرَرْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَفِي إِزَارِي اسْتِرْخَاءٌ ، فَقَالَ : يَا عَبْدَ اللَّهِ ارْفَعْ إِزَارَكَ فَرَفَعْتُهُ ، ثُمَّ قَالَ : زِدْ فَزِدْتُ ، فَمَا زِلْتُ أَتَحَرَّاهَا بَعْدُ ، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ أَيْنَ ؟ فَقَالَ : أَنْصَافُ السَّاقَيْنِ ) .

قَالَ الْعُلَمَاءُ : الْخُيَلَاءُ بِالْمَدِّ ، وَالْمَخِيلَةُ ، وَالْبَطَرُ ، وَالْكِبْرُ ، وَالزَّهْوُ ، وَالتَّبَخْتُرُ ، كُلُّهَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ ، وَهُوَ حَرَامٌ . وَيُقَالُ : خَالَ الرَّجُلُ وَاخْتَالَ اخْتِيَالًا إِذَا تَكَبَّرَ ، وَهُوَ رَجُلٌ خَالٌ أَيْ مُتَكَبِّرٌ ، وَصَاحِبُ خَالٍ أَيْ صَاحِبُ كِبْرٍ ، وَمَعْنَى لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِ أَيْ لَا يَرْحَمُهُ ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِ نَظَرَ رَحْمَةٍ .

وَأَمَّا فِقْهُ الْأَحَادِيثِ فَقَدْ سَبَقَ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ وَاضِحًا بِفُرُوعِهِ ، وَذَكَرْنَا هُنَاكَ الْحَدِيثَ الصَّحِيحَ أَنَّ الْإِسْبَالَ يَكُونُ فِي الْإِزَارِ وَالْقَمِيصِ وَالْعِمَامَةِ ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِسْبَالُهُ تَحْتَ الْكَعْبَيْنِ إِنْ كَانَ لِلْخُيَلَاءِ ، فَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهَا فَهُوَ مَكْرُوهٌ ، وَظَوَاهِرُ الْأَحَادِيثِ فِي تَقْيِيدِهَا بِالْجَرِّ خُيَلَاءَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّحْرِيمَ مَخْصُوصٌ بِالْخُيَلَاءِ ، وَهَكَذَا نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى الْفَرْقِ كَمَا ذَكَرْنَا ، وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ الْإِسْبَالِ لِلنِّسَاءِ ، وَقَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِذْنُ لَهُنَّ فِي إِرْخَاءِ ذُيُولِهِنَّ ذِرَاعًا . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَأَمَّا الْقَدْرُ الْمُحْتَسَبُ فِيمَا يَنْزِلُ إِلَيْهِ طَرَفُ الْقَمِيصِ وَالْإِزَارِ فَنِصْفُ السَّاقَيْنِ كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الْمَذْكُورِ ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ : ( إِزَارَةُ الْمُؤْمِنِ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ ، لَا جُنَاحَ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَيْنِ ، مَا أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ فِي النَّارِ ) . فَالْمُسْتَحَبُّ نِصْفُ السَّاقَيْنِ ، وَالْجَائِزُ بِلَا كَرَاهَةٍ مَا تَحْتَهُ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ، فَمَا نَزَلَ عَنِ الْكَعْبَيْنِ فَهُوَ مَمْنُوعٌ . فَإِنْ كَانَ لِلْخُيَلَاءِ فَهُوَ مَمْنُوعٌ مَنْعَ تَحْرِيمٍ ، وَإِلَّا فَمَنْعُ تَنْزِيهٍ . وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ الْمُطْلَقَةُ بِأَنَّ مَا تَحْتَ الْكَعْبَيْنِ فِي النَّارِ فَالْمُرَادُ بِهَا مَا كَانَ لِلْخُيَلَاءِ ، لِأَنَّهُ مُطْلَقٌ ، فَوَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى الْمُقَيَّدِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ . قَالَ الْقَاضِي : قَالَ الْعُلَمَاءُ : وَبِالْجُمْلَةِ يُكْرَهُ كُلُّ مَا زَادَ عَلَى الْحَاجَةِ وَالْمُعْتَادِ فِي اللِّبَاسِ مِنَ الطُّولِ وَالسَّعَةِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .




[ سـ :4005 ... بـ :2085]
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ مُسْلِمَ بْنَ يَنَّاقَ يُحَدِّثُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يَجُرُّ إِزَارَهُ فَقَالَ مِمَّنْ أَنْتَ فَانْتَسَبَ لَهُ فَإِذَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي لَيْثٍ فَعَرَفَهُ ابْنُ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأُذُنَيَّ هَاتَيْنِ يَقُولُ مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ لَا يُرِيدُ بِذَلِكَ إِلَّا الْمَخِيلَةَ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ يَعْنِي ابْنَ أَبِي سُلَيْمَانَ ح وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أَبُو يُونُسَ ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي خَلَفٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ يَعْنِي ابْنَ نَافِعٍ كُلُّهُمْ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَنَّاقَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ أَبِي يُونُسَ عَنْ مُسْلِمٍ أَبِي الْحَسَنِ وَفِي رِوَايَتِهِمْ جَمِيعًا مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ وَلَمْ يَقُولُوا ثَوْبَهُ

قَوْلُهُ : ( مُسْلِمُ بْنُ يَنَّاقَ ) هُوَ بِيَاءٍ مُثَنَّاةٍ تَحْتُ مَفْتُوحَةٍ ، ثُمَّ نُونٍ مُشَدَّدَةٍ ، وَبِالْقَافِ ، غَيْرُ مَصْرُوفٍ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .