فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ طَرْحِ خَاتَمِ الذَّهَبِ

باب تَحْرِيمِ خَاتَمِ الذَّهَبِ عَلَى الرِّجَالِ وَنَسْخِ مَا كَانَ مِنْ إِبَاحَتِهِ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ
[ سـ :4011 ... بـ :2089]
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ وَحَدَّثَنَاه مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ الْمُثَنَّى قَالَ سَمِعْتُ النَّضْرَ بْنَ أَنَسٍ

أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى إِبَاحَةِ خَاتَمِ الذَّهَبِ لِلنِّسَاءِ ، وَأَجْمَعُوا عَلَى تَحْرِيمِهِ عَلَى الرِّجَالِ ، إِلَّا مَا حُكِيَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ أَنَّهُ أَبَاحَهُ ، وَعَنْ بَعْضٍ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ لَا حَرَامٌ ، وَهَذَانِ النَّقْلَانِ بَاطِلَانِ ، فَقَائِلُهُمَا مَحْجُوجٌ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي ذَكَرَهَا مُسْلِمٌ مَعَ إِجْمَاعِ مَنْ قَبْلَهُ عَلَى تَحْرِيمِهِ لَهُ ، مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الذَّهَبِ وَالْحَرِيرِ : ( إِنَّ هَذَيْنِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي حِلِّ لِإِنَاثِهَا ) . قَالَ أَصْحَابُنَا : وَيَحْرُمُ سَنُّ الْخَاتَمِ إِذَا كَانَ ذَهَبًا ، وَإِنْ كَانَ بَاقِيهِ فِضَّةً ، وَكَذَا لَوْ مَوَّهَ خَاتَمَ الْفِضَّةِ بِالذَّهَبِ فَهُوَ حَرَامٌ .

قَوْلُهُ : ( نَهَى عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ ) أَيْ فِي حَقِّ الرِّجَالِ كَمَا سَبَقَ .




[ سـ :4012 ... بـ :2090]
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلٍ التَّمِيمِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ فِي يَدِ رَجُلٍ فَنَزَعَهُ فَطَرَحَهُ وَقَالَ يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ إِلَى جَمْرَةٍ مِنْ نَارٍ فَيَجْعَلُهَا فِي يَدِهِ فَقِيلَ لِلرَّجُلِ بَعْدَ مَا ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُذْ خَاتِمَكَ انْتَفِعْ بِهِ قَالَ لَا وَاللَّهِ لَا آخُذُهُ أَبَدًا وَقَدْ طَرَحَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قَوْلُهُ : ( رَأَى خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ فِي يَدِ رَجُلٍ فَنَزَعَهُ فَطَرَحَهُ ) فِيهِ إِزَالَةُ الْمُنْكَرِ بِالْيَدِ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهَا .

وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ نَزَعَهُ مِنْ يَدِ الرَّجُلِ : ( يَعْمَدُ أَحَدُكُمْ إِلَى جَمْرَةٍ مِنْ نَارٍ فَيَجْعَلُهَا فِي يَدِهِ ) فَفِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ لِلتَّحْرِيمِ كَمَا سَبَقَ . وَأَمَّا قَوْلُ صَاحِبِ هَذَا الْخَاتَمِ حِينَ قَالُوا لَهُ : خُذْهُ لَا آخُذُهُ ، وَقَدْ طَرَحَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَفِيهِ الْمُبَالَغَةُ فِي امْتِثَالِ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَاجْتِنَابِ نَهْيِهِ ، وَعَدَمِ التَّرَخُّصِ فِيهِ بِالتَّأْوِيلَاتِ الضَّعِيفَةِ . ثُمَّ إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ إِنَّمَا تَرَكَ الْخَاتَمَ عَلَى سَبِيلِ الْإِبَاحَةِ لِمَنْ أَرَادَ أَخْذَهُ مِنَ الْفُقَرَاءِ وَغَيْرِهِمْ ، وَحِينَئِذٍ يَجُوزُ أَخْذُهُ لِمَنْ شَاءَ ، فَإِذَا أَخَذَهُ جَازَ تَصَرُّفُهُ فِيهِ . وَلَوْ كَانَ صَاحِبُهُ أَخَذَهُ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ الْأَخْذُ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ ، وَلَكِنْ تَوَرَّعَ عَنْ أَخْذِهِ وَأَرَادَ الصَّدَقَةَ بِهِ عَلَى مَنْ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَنْهَهُ عَنِ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِكُلِّ وَجْهٍ ، وَإِنَّمَا نَهَاهُ عَنْ لُبْسِهِ ، وَبَقِيَ مَا سِوَاهُ مِنْ تَصَرُّفِهِ عَلَى الْإِبَاحَةِ .




[ سـ :4013 ... بـ :2091]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ قَالَا أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ ح وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اصْطَنَعَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ فَكَانَ يَجْعَلُ فَصَّهُ فِي بَاطِنِ كَفِّهِ إِذَا لَبِسَهُ فَصَنَعَ النَّاسُ ثُمَّ إِنَّهُ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَنَزَعَهُ فَقَالَ إِنِّي كُنْتُ أَلْبَسُ هَذَا الْخَاتَمَ وَأَجْعَلُ فَصَّهُ مِنْ دَاخِلٍ فَرَمَى بِهِ ثُمَّ قَالَ وَاللَّهِ لَا أَلْبَسُهُ أَبَدًا فَنَبَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ وَلَفْظُ الْحَدِيثِ لِيَحْيَى وَحَدَّثَنَاه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ ح وَحَدَّثَنِيهِ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ ح وَحَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ كُلُّهُمْ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْحَدِيثِ فِي خَاتَمِ الذَّهَبِ وَزَادَ فِي حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ خَالِدٍ وَجَعَلَهُ فِي يَدِهِ الْيُمْنَى وَحَدَّثَنِيهِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَقَ الْمُسَيَّبِيُّ حَدَّثَنَا أَنَسٌ يَعْنِي ابْنَ عِيَاضٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ ح وَحَدَّثَنَا هَارُونُ الْأَيْلِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ كُلُّهُمْ عَنْ أُسَامَةَ جَمَاعَتُهُمْ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَاتَمِ الذَّهَبِ نَحْوَ حَدِيثِ اللَّيْثِ

قَوْلُهُ : ( فَكَانَ يَجْعَلُ فَصَّهُ فِي بَاطِنِ كَفِّهِ ) ، الْفَصُّ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَكَسْرِهَا . وَفِي الْخَاتَمِ أَرْبَعُ لُغَاتٍ : فَتْحُ التَّاءِ ، وَكَسْرُهَا ، وَخَيْتَامٌ ، وَخَاتَامٌ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَاللَّهِ لَا أَلْبَسُهُ أَبَدًا ؛ فَنَبَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ ) فِيهِ بَيَانُ مَا كَانَتِ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْمُبَادَرَةِ إِلَى امْتِثَالِ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالِاقْتِدَاءِ بِأَفْعَالِهِ .