فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابٌ فِي خَاتَمِ الْوَرِقِ فَصُّهُ حَبَشِيٌّ

باب فِي خَاتَمِ الْوَرِقِ فَصُّهُ حَبَشِيٌّ
[ سـ :4022 ... بـ :2094]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ الْمِصْرِيُّ أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ كَانَ خَاتَمُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَرِقٍ وَكَانَ فَصُّهُ حَبَشِيًّا

قَوْلُهُ : ( وَكَانَ فَصُّهُ حَبَشِيًّا ) ، قَالَ الْعُلَمَاءُ : يَعْنِي حَجَرًا حَبَشِيًّا أَيْ فَصًّا مِنْ جَزْعٍ أَوْ عَقِيقٍ ، فَإِنَّ مَعْدِنَهُمَا بِالْحَبَشَةِ وَالْيَمَنِ . وَقِيلَ : لَوْنُهُ حَبَشِيٌّ أَيْ أَسْوَدُ . وَجَاءَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ رِوَايَةِ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ أَيْضًا فَصُّهُ مِنْهُ . قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : هَذَا أَصَحُّ ، وَقَالَ غَيْرُهُ : كِلَاهُمَا صَحِيحٌ ، وَكَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَقْتٍ خَاتَمٌ فَصُّهُ مِنْهُ ، وَفِي وَقْتٍ خَاتَمٌ فَصُّهُ حَبَشِيٌّ ، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ فَصُّهُ مِنْ عَقِيقٍ .




[ سـ :4023 ... بـ :2094]
وَحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبَّادُ بْنُ مُوسَى قَالَا حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى وَهُوَ الْأَنْصَارِيُّ ثُمَّ الزُّرَقِيُّ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبِسَ خَاتَمَ فِضَّةٍ فِي يَمِينِهِ فِيهِ فَصٌّ حَبَشِيٌّ كَانَ يَجْعَلُ فَصَّهُ مِمَّا يَلِي كَفَّهُ وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنِي إِسْمَعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَ حَدِيثِ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى

قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى وَسُلَيْمَانَ بْنَ بِلَالٍ ( عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبِسَ خَاتَمَ فِضَّةٍ فِي يَمِينِهِ ) . وَفِي حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ : ( كَانَ خَاتَمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ ، وَأَشَارَ إِلَى الْخِنْصَرِ مِنْ يَدِهِ الْيُسْرَى ) ، وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ : ( نَهَانِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَتَخَتَّمَ فِي أُصْبُعِي هَذِهِ أَوْ هَذِهِ ، فَأَوْمَأَ إِلَى الْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِيهَا ) ، وَرُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي غَيْرِ مُسْلِمٍ : ( السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى ) وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ جَعْلُ خَاتَمِ الرَّجُلِ فِي الْخِنْصَرِ ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَإِنَّهَا تَتَّخِذُ خَوَاتِيمَ فِي أَصَابِعَ . قَالُوا : وَالْحِكْمَةُ فِي كَوْنِهِ فِي الْخِنْصَرِ أَنَّهُ أَبْعَدُ مِنَ الِامْتِهَانِ فِيمَا يُتَعَاطَى بِالْيَدِ ، لِكَوْنِهِ طَرَفًا ، وَلِأَنَّهُ لَا يَشْغَلُ الْيَدَ عَمَّا تَتَنَاوَلُهُ مِنْ أَشْغَالِهَا بِخِلَافِ غَيْرِ الْخِنْصَرِ ، وَيُكْرَهُ لِلرَّجُلِ جَعْلُهُ فِي الْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِيهَا لِهَذَا الْحَدِيثِ ، وَهِيَ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ . وَأَمَّا التَّخَتُّمُ فِي الْيَدِ الْيُمْنَى أَوِ الْيُسْرَى فَقَدْ جَاءَ فِيهِ هَذَانِ الْحَدِيثَانِ ، وَهُمَا صَحِيحَانِ .

وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ : لَمْ يُتَابَعْ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَلَى هَذِهِ الزِّيَادَةِ ، وَهِيَ قَوْلُهُ : ( فِي يَمِينِهِ ) . قَالَ : وَخَالَفَهُ الْحَافِظُ عَنْ يُونُسَ ، مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ ، مَعَ تَضْعِيفِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ رُوَاتُهَا عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ ، وَقَدْ ضَعَّفَ إِسْمَاعِيلَ بْنَ أَبِي أُوَيْسٍ أَيْضًا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَالنَّسَائِيُّ ، وَلَكِنْ وَثَّقَهُ الْأَكْثَرُونَ ، وَاحْتَجُّوا بِهِ ، وَاحْتَجَّ بِهِ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي صَحِيحَيْهِمَا ، وَقَدْ ذَكَرَ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى مِثْلَ رِوَايَةِ سُلَيْمَانِ بْنِ بِلَالٍ ، فَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ ، فَقَدِ اتَّفَقَ طَلْحَةُ وَسُلَيْمَانُ عَلَيْهَا .

وَكَوْنُ الْأَكْثَرِينَ لَمْ يَذْكُرُوهَا لَا يَمْنَعُ صِحَّتَهَا ، فَإِنَّ زِيَادَةَ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَأَمَّا الْحُكْمُ فِي الْمَسْأَلَةِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ فَأَجْمَعُوا عَلَى جَوَازِ التَّخَتُّمِ فِي الْيَمِينِ ، وَعَلَى جَوَازِهِ فِي الْيَسَارِ ، وَلَا كَرَاهَةَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا ، اخْتَلَفُوا أَيَّتُهُمَا أَفْضَلُ ؟ فَتَخَتَّمَ كَثِيرُونَ مِنَ السَّلَفِ فِي الْيَمِينِ ، وَكَثِيرُونَ فِي الْيَسَارِ ، وَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ الْيَسَارَ ، وَكَرِهَ الْيَمِينَ . وَفِي مَذْهَبِنَا وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا : الصَّحِيحُ أَنَّ الْيَمِينَ أَفْضَلُ لِأَنَّهُ زِينَةٌ ، وَالْيَمِينُ أَشْرَفُ ، وَأَحَقُّ بِالزِّينَةِ وَالْإِكْرَامِ .