فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ كَرَاهَةِ قِلَادَةِ الْوَتَرِ فِي رَقَبَةِ الْبَعِيرِ

باب كَرَاهَةِ قِلَادَةِ الْوَتَرِ فِي رَقَبَةِ الْبَعِيرِ
[ سـ :4067 ... بـ :2115]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ أَنَّ أَبَا بَشِيرٍ الْأَنْصَارِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ قَالَ فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَسُولًا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ وَالنَّاسُ فِي مَبِيتِهِمْ لَا يَبْقَيَنَّ فِي رَقَبَةِ بَعِيرٍ قِلَادَةٌ مِنْ وَتَرٍ أَوْ قِلَادَةٌ إِلَّا قُطِعَتْ قَالَ مَالِكٌ أُرَى ذَلِكَ مِنْ الْعَيْنِ

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا يَبْقَيَنَّ فِي رَقَبَةِ بَعِيرٍ قِلَادَةٌ مِنْ وَتَرٍ ، أَوْ قِلَادَةٌ إِلَّا قُطِعَتْ ، قَالَ مَالِكٌ : أُرَى ذَلِكَ مِنَ الْعَيْنِ ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ : ( قِلَادَةٌ مِنْ وَتَرٍ أَوْ قِلَادَةٌ ) فَقِلَادَةٌ الثَّانِيَةُ مَرْفُوعَةٌ مَعْطُوفَةٌ عَلَى قِلَادَةٍ الْأُولَى ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ الرَّاوِي شَكَّ ؛ هَلْ قَالَ : قِلَادَةٌ مِنْ وَتَرٍ ، أَوْ قَالَ : قِلَادَةٌ فَقَطْ ؟ وَلَمْ يُقَيِّدْهَا بِالْوَتَرِ . وَقَوْلُ مَالِكٍ : ( أُرَى ذَلِكَ مِنَ الْعَيْنِ ) هُوَ بِضَمِّ هَمْزَةِ أُرَى أَيْ أَظُنُّ أَنَّ النَّهْيَ مُخْتَصٌّ بِمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِسَبَبِ رَفْعِ ضَرَرِ الْعَيْنِ . وَأَمَّا مَنْ فَعَلَهُ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ زِينَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَلَا بَأْسَ .

قَالَ الْقَاضِي : الظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّ النَّهْيَ مُخْتَصٌّ بِالْوَتَرِ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْقَلَائِدِ . قَالَ : وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي تَقْلِيدِ الْبَعِيرِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْإِنْسَانِ وَسَائِرِ الْحَيَوَانِ مَا لَيْسَ بِتَعَاوِيذَ مَخَافَةَ الْعَيْنِ ، فَمِنْهُمْ مَنْ مَنَعَهُ قَبْلَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ ، وَأَجَازَهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ لِدَفْعِ مَا أَصَابَهُ مِنْ ضَرَرِ الْعَيْنِ وَنَحْوِهِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَجَازَهُ قَبْلَ الْحَاجَةِ وَبَعْدَهَا ، كَمَا يَجُوزُ الِاسْتِظْهَارُ بِالتَّدَاوِي قَبْلَ الْمَرَضِ .

هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي : وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : كَانُوا يُقَلِّدُونَ الْإِبِلَ الْأَوْتَارَ لِئَلَّا تُصِيبَهَا الْعَيْنُ ، فَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِزَالَتِهَا إِعْلَامًا لَهُمْ أَنَّ الْأَوْتَارَ لَا تَرُدُّ شَيْئًا . وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَغَيْرُهُ : مَعْنَاهُ لَا تُقَلِّدُوهَا أَوْتَارَ الْقِسِيِّ لِئَلَّا تَضِيقَ عَلَى أَعْنَاقِهَا فَتَخْنُقَهَا ، وَقَالَ النَّضْرُ : مَعْنَاهُ لَا تَطْلُبُوا الدُّخُولَ الَّتِي وَتَّرْتُمْ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، وَهَذَا تَأْوِيلٌ ضَعِيفٌ فَاسِدٌ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .