فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ النَّهْيِ عَنِ التَّزْوِيرِ فِي اللِّبَاسِ وَغَيْرِهِ وَالتَّشَبُّعِ بِمَا لَمْ يُعْطَ

باب النَّهْيِ عَنْ التَّزْوِيرِ فِي اللِّبَاسِ وَغَيْرِهِ وَالتَّشَبُّعِ بِمَا لَمْ يُعْطَ
[ سـ :4088 ... بـ :2129]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَعَبْدَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقُولُ إِنَّ زَوْجِي أَعْطَانِي مَا لَمْ يُعْطِنِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ

قَوْلُهَا : ( إِنَّ امْرَأَةً قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقُولُ : إِنَّ زَوْجِي أَعْطَانِي مَا لَمْ يُعْطِنِي ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الْمُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ ) . قَالَ الْعُلَمَاءُ : مَعْنَاهُ الْمُتَكَثِّرُ بِمَا لَيْسَ عِنْدَهُ بِأَنْ يَظْهَرَ أَنَّ عِنْدَهُ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ ، يَتَكَثَّرُ بِذَلِكَ عِنْدَ النَّاسِ ، وَيَتَزَيَّنُ بِالْبَاطِلِ ، فَهُوَ مَذْمُومٌ كَمَا يُذَمُّ مَنْ لَبِسَ ثَوْبَيْ زُورٍ .

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَآخَرُونَ : هُوَ الَّذِي يَلْبَسُ ثِيَابَ أَهْلِ الزُّهْدِ وَالْعِبَادَةِ وَالْوَرَعِ ، وَمَقْصُودُهُ أَنْ يُظْهِرَ لِلنَّاسِ أَنَّهُ مُتَّصِفٌ بِتِلْكَ الصِّفَةِ ، وَيُظْهِرَ مِنَ التَّخَشُّعِ وَالزُّهْدِ أَكْثَرَ مِمَّا فِي قَلْبِهِ ، فَهَذِهِ ثِيَابُ زُورٍ وَرِيَاءٍ . وَقِيلَ : هُوَ كَمَنْ لَبِسَ ثَوْبَيْنِ لِغَيْرِهِ ، وَأَوْهَمَ أَنَّهُمَا لَهُ . وَقِيلَ : هُوَ مَنْ يَلْبَسُ قَمِيصًا وَاحِدًا وَيَصِلُ بِكُمَّيْهِ كُمَّيْنِ آخَرَيْنِ ، فَيَظْهَرُ أَنَّ عَلَيْهِ قَمِيصَيْنِ . وَحَكَى الْخَطَّابِيُّ قَوْلًا آخَرَ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا بِالثَّوْبِ الْحَالَةُ وَالْمَذْهَبُ ، وَالْعَرَبُ تَكْنِي بِالثَّوْبِ عَنْ حَالِ لَابِسِهِ ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ كَالْكَاذِبِ الْقَائِلِ مَا لَمْ يَكُنْ . وَقَوْلًا آخَرَ أَنَّ الْمُرَادَ الرَّجُلُ الَّذِي تُطْلَبُ مِنْهُ شَهَادَةَ زُورٍ ، فَيَلْبَسُ ثَوْبَيْنِ يَتَجَمَّلُ بِهِمَا ، فَلَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لِحُسْنِ هَيْئَتِهِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ فِي إِسْنَادِ الْبَابِ : ( حَدَّثَنَا مُحَمَّدُبْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، وَعَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ) وَذَكَرَ الْحَدِيثَ ، وَبَعْدَهُ عَنِ ابْنِ نُمَيْرٍ أَيْضًا عَنْ عَبْدَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ فَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ الْحَدِيثَ ، وَبَعْدَهُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ ، وَعَنْ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ كِلَاهُمَا عَنْ هِشَامٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ ، هَكَذَا وَقَعَتْ هَذِهِ الْأَسَانِيدُ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ ، وَوَقَعَ فِي نُسْخَةِ ابْنِ مَاهَانَ رِوَايَةُ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَإِسْحَاقَ عُقَيْبَ رِوَايَةِ ابْنِ نُمَيْرٍ عَنْ وَكِيعٍ ، وَمُقَدِّمَةُ عَلِيٍّ رِوَايَةُ ابْنِ نُمَيْرٍ عَنْ عَبْدَةَ وَحْدَهُ ، وَاتَّفَقَ الْحُفَّاظُ عَلَى أَنَّ هَذَا الَّذِي فِي نُسْخَةِ ابْنِ مَاهَانَ خَطَأٌ .

قَالَ عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ : هَذَا خَطَأٌ قَبِيحٌ . قَالَ : وَلَيْسَ يُعْرَفُ حَدِيثُ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ مُسْلِمٍ عَنِ ابْنِ نُمَيْرٍ ، وَمِنْ رِوَايَةِ مَعْمَرِ بْنِ رَاشِدٍ . وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي كِتَابِ الْعِلَلِ : حَدِيثُ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ إِنَّمَا يَرْوِيهِ هَكَذَا مَعْمَرٌ وَالْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ ، وَيَرْوِيهِ غَيْرُهُمَا عَنْ فَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ . قَالَ : وَإِخْرَاجُ مُسْلِمٍ حَدِيثَ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ لَا يَصِحُّ ، وَالصَّوَابُ حَدِيثُ عَبْدَةَ وَوَكِيعٍ وَغَيْرِهِمَا عَنْ هِشَامٍ عَنْ فَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .