فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ تَحْرِيمِ التَّسَمِّي بِمَلِكِ الْأَمْلَاكِ ، وَبِمَلِكِ الْمُلُوكِ

باب تَحْرِيمِ التَّسَمِّي بِمَلِكِ الْأَمْلَاكِ وَبِمَلِكِ الْمُلُوكِ
[ سـ :4110 ... بـ :2143]
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو الْأَشْعَثِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَاللَّفْظُ لِأَحْمَدَ قَالَ الْأَشْعَثِيُّ أَخْبَرَنَا وَقَالَ الْآخَرَانِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ أَخْنَعَ اسْمٍ عِنْدَ اللَّهِ رَجُلٌ تَسَمَّى مَلِكَ الْأَمْلَاكِ زَادَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي رِوَايَتِهِ لَا مَالِكَ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ الْأَشْعَثِيُّ قَالَ سُفْيَانُ مِثْلُ شَاهَانْ شَاهْ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ سَأَلْتُ أَبَا عَمْرٍو عَنْ أَخْنَعَ فَقَالَ أَوْضَعَ

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ أَخْنَعَ اسْمٍ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ رَجُلٌ تَسَمَّى مَلِكَ الْأَمْلَاكِ ، لَا مَالِكَ إِلَّا اللَّهُ ، قَالَ سُفْيَانُ : مِثْلُ شَاهَانْ شَاهْ ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ : سَأَلْتُ أَبَا عَمْرٍو عَنْ أَخْنَعَ فَقَالَ : أَوْضَعُ ) وَفِي رِوَايَةٍ : ( أَغْيَظُ رَجُلٍ عَلَى اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَخْبَثُهُ وَأَغْيَظُهُ عَلَيْهِ رَجُلٌ كَانَ يُسَمَّى مَلِكَ الْأَمْلَاكِ ) .

هَكَذَا جَاءَتْ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ هُنَا : ( أَخْنَعُ ) وَ ( أَغْيَظُ ) وَ ( أَخْبَثُ ) وَهَذَا التَّفْسِيرُ الَّذِي فَسَّرَهُ أَبُو عَمْرٍو مَشْهُورٌ عَنْهُ وَعَنْ غَيْرِهِ قَالُوا : مَعْنَاهُ أَشَدُّ ذُلًّا وَصَغَارًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ . وَالْمُرَادُ صَاحِبُ الِاسْمِ . وَيَدُلُّ عَلَيْهِ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ( أَغْيَظُ رَجُلٍ ) قَالَ الْقَاضِي : وَقَدْ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّ الِاسْمَ هُوَ الْمُسَمَّى ، وَفِيهِ الْخِلَافُ الْمَشْهُورُ . وَقِيلَ : أَخْنَعُ بِمَعْنَى أَفْجَرَ ، يُقَالُ : خَنَعَ الرَّجُلُ إِلَى الْمَرْأَةِ ، وَالْمَرْأَةُ إِلَيْهِ أَيْ دَعَاهَا إِلَى الْفُجُورِ ، وَهُوَ بِمَعْنَى أَخْبَثَ أَيْ أَكْذَبَ الْأَسْمَاءِ ، وَقِيلَ : أَقْبَحُ . وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ ( أَخْنَأُ ) وَهُوَ بِمَعْنَى مَا سَبَقَ أَيْ أَفْحَشَ وَأَفْجَرَ ، وَالْخَنَى الْفُحْشُ ، وَقَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى أَهْلَكَ لِصَاحِبِهِ الْمُسَمَّى . الْخَنَى الْهَلَاكُ ، يُقَالُ : أَخْنَى عَلَيْهِ الدَّهْرُ أَيْ أَهْلَكَهُ . قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : وَرُوِيَ ( أَنْخَعُ ) أَيْ أَقْتَلُ ، وَالنَّخَعُ الْقَتْلُ الشَّدِيدُ .




[ سـ :4111 ... بـ :2143]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَغْيَظُ رَجُلٍ عَلَى اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَخْبَثُهُ وَأَغْيَظُهُ عَلَيْهِ رَجُلٍ كَانَ يُسَمَّى مَلِكَ الْأَمْلَاكِ لَا مَلِكَ إِلَّا اللَّهُ

وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَغْيَظُ رَجُلٍ عَلَى اللَّهِ وَأَغْيَظُهُ عَلَيْهِ ) فَهَكَذَا وَقَعَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ بِتَكْرِيرِ ( أَغْيَظُ ) . قَالَ الْقَاضِي : لَيْسَ تَكْرِيرُهُ وَجْهَ الْكَلَامِ . قَالَ : وَفِيهِ وَهْمٌ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ بِتَكْرِيرِهِ أَوْ تَغْيِيرِهِ . قَالَ : وَقَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ : لَعَلَّ أَحَدَهُمَا أَغْنَطُ بِالنُّونِ وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ أَشَدَّهُ عَلَيْهِ ، وَالْغَنَطُ شِدَّةُ الْكَرْبِ . قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ : أَغْيَظُ هُنَا مَصْرُوفٌ عَنْ ظَاهِرِهِ ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَا يُوصَفُ بِالْغَيْظِ ، فَيُتَأَوَّلُ هُنَا الْغَيْظُ عَلَى الْغَضَبِ ، وَسَبَقَ شَرْحُ مَعْنَى الْغَضَبِ وَالرَّحْمَةِ فِي حَقِّ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَأَمَّا قَوْلُهُ : ( قَالَ سُفْيَانُ : مِثْلُ شَاهَانْ شَاهْ ) فَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ قَالَ الْقَاضِي : وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ : ( شَاهْ شَاهْ ) قَالَ : وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْأَصْوَبَ شَاهْ شَاهَانْ ، وَكَذَا جَاءَ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ فِي كِسْرَى قَالُوا : وَشَاهْ الْمَلِكِ ، وَشَاهَانْ الْمُلُوكِ ، وَكَذَا يَقُولُونَ لِقَاضِي الْقُضَاةِ : ( مُوبَذُ مُوبَذَانَ ) قَالَ الْقَاضِي : وَلَا يُنْكَرُ صِحَّةُ مَا جَاءَتْ بِهِ الرِّجَالُ ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْعَجَمِ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ فِي الْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إِلَيْهِ ، فَيَقُولُونَ فِي غُلَامِ زَيْدٍ : زَيْدُ غُلَامٍ ، فَهَكَذَا أَكْثَرُ كَلَامِهِمْ . فَرِوَايَةُ مُسْلِمٍ صَحِيحَةٌ ، وَأَعْلَمُ أَنَّ التَّسَمِّيَ بِهَذَا الِاسْمِ حَرَامٌ ، وَكَذَلِكَ التَّسَمِّي بِأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى الْمُخْتَصَّةِ بِهِ كَالرَّحْمَنِ ، وَالْقُدُّوسِ ، وَالْمُهَيْمِنِ ، وَخَالِقِ الْخَلْقِ ، وَنَحْوِهَا .

وَأَمَّا قَوْلُهُ : ( قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ : سَأَلْتُ أَبَا عَمْرٍو ) ، فَأَبُو عَمْرٍو هَذَا هُوَ إِسْحَاقُ بْنُ مِرَارٍ بِكَسْرِ الْمِيمِ عَلَى وَزْنِ قِتَالٍ ، وَقِيلَ : مَرَّارٌ بِفَتْحِهَا وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ كَعَمَّارٍ ، وَقِيلَ : بِفَتْحِهَا وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ كَغَزَالٍ ، وَهُوَ أَبُو عَمْرٍو اللُّغَوِيُّ النَّحْوِيُّ الْمَشْهُورُ ، وَلَيْسَ بِأَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ ، ذَاكَ تَابِعِيٌّ تُوُفِّيَ قَبْلَ وِلَادَةِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .