فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ اسْتِحْبَابِ تَحْنِيكِ الْمَوْلُودِ عِنْدَ وِلَادَتِهِ وَحَمْلِهِ إِلَى صَالِحٍ يُحَنِّكُهُ ،

باب اسْتِحْبَابِ تَحْنِيكِ الْمَوْلُودِ عِنْدَ وِلَادَتِهِ وَحَمْلِهِ إِلَى صَالِحٍ يُحَنِّكُهُ وَجَوَازِ تَسْمِيَتِهِ يَوْمَ وِلَادَتِهِ وَاسْتِحْبَابِ التَّسْمِيَةِ بِعَبْدِ اللَّهِ وَإِبْرَاهِيمَ وَسَائِرِ أَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ السَّلَام
[ سـ :4112 ... بـ :2144]
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ ذَهَبْتُ بِعْبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيِّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ وُلِدَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَبَاءَةٍ يَهْنَأُ بَعِيرًا لَهُ فَقَالَ هَلْ مَعَكَ تَمْرٌ فَقُلْتُ نَعَمْ فَنَاوَلْتُهُ تَمَرَاتٍ فَأَلْقَاهُنَّ فِي فِيهِ فَلَاكَهُنَّ ثُمَّ فَغَرَ فَا الصَّبِيِّ فَمَجَّهُ فِي فِيهِ فَجَعَلَ الصَّبِيُّ يَتَلَمَّظُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُبُّ الْأَنْصَارِ التَّمْرَ وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللَّهِ

اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى اسْتِحْبَابِ تَحْنِيكِ الْمَوْلُودِ عِنْدَ وِلَادَتِهِ بِتَمْرٍ ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَمَا فِي مَعْنَاهُ وَقَرِيبٌ مِنْهُ مِنَ الْحُلْوِ ، فَيَمْضُغُ الْمُحَنِّكُ التَّمْرَ حَتَّى تَصِيرَ مَائِعَةً بِحَيْثُ تُبْتَلَعُ ، ثُمَّ يَفْتَحُ فَمَ الْمَوْلُودِ ، وَيَضَعُهَا فِيهِ لِيَدْخُلَ شَيْءٌ مِنْهَا جَوْفَهُ ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْمُحَنِّكُ مِنَ الصَّالِحِينَ وَمِمَّنْ يُتَبَرَّكُ بِهِ رَجُلًا كَانَ أَوِ امْرَأَةً ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا عِنْدَ الْمَوْلُودِ حُمِلَ إِلَيْهِ .

قَوْلُهُ : ( ذَهَبْتُ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ حِينَ وُلِدَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَبَاءَةٍ يَهْنَأُ بَعِيرًا لَهُ فَقَالَ : هَلْ مَعَكَ تَمْرٌ ؟ " فَقُلْتُ : نَعَمْ ، فَنَاوَلْتُهُ تَمَرَاتٍ ، فَأَلْقَاهُنَّ فِي فِيهِ فَلَاكَهُنَّ ، ثُمَّ فَغَرَ فَا الصَّبِيِّ فَمَجَّهُ فِيهِ ، فَجَعَلَ الصَّبِيُّ يَتَلَمَّظُهُ . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُبُّ الْأَنْصَارِ التَّمْرَ وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللَّهِ ) .

أَمَّا الْعَبَاءَةُ فَمَعْرُوفَةٌ ، وَهِيَ مَمْدُودَةٌ ، يُقَالُ فِيهَا ( عَبَايَةٌ ) بِالْيَاءِ ، وَجَمْعُ الْعَبَاءَةِ الْعَبَاءُ . وَأَمَّا قَوْلُهُ : ( يَهْنَأُ ) فَبِهَمْزِ آخِرِهِ أَيْ يَطْلِيهِ بِالْقَطَرَانِ ، وَهُوَ الْهِنَاءُ بِكَسْرِ الْهَاءِ وَالْمَدِّ ، يُقَالُ : هَنَّأْتُ الْبَعِيرَ أَهْنَؤُهُ . وَمَعْنَى ( لَاكَهُنَّ ) أَيْ مَضَغَهُنَّ . قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ : اللَّوْكُ مُخْتَصٌّ بِمَضْغِ الشَّيْءِ الصُّلْبِ . ( وَفَغَرَ فَاهُ ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ فَتَحَهُ . ( وَمَجَّهُ فِيهِ ) أَيْ طَرَحَهُ فِيهِ . ( وَيَتَلَمَّظُ ) أَيْ يُحَرِّكُ لِسَانَهُ لِيَتَتَبَّعَ مَا فِي فِيهِ مِنْ آثَارِ التَّمْرِ ، وَالتَّلَمُّظُ وَاللَّمْظُ فِعْلُ ذَلِكَ بِاللِّسَانِ يَقْصِدُ بِهِ فَاعِلُهُ تَنْقِيَةَ الْفَمِ مِنْ بَقَايَا الطَّعَامِ ، وَكَذَلِكَ مَا عَلَى الشَّفَتَيْنِ ، وَأَكْثَرُ مَا يُفْعَلُ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ يَسْتَطِيبُهُ ، وَيُقَالُ : تَلَمَّظَ يَتَلَمَّظُ تَلَمُّظًا ، وَلَمَظَ يَلْمُظُ بِضَمِّ الْمِيمِ لَمْظًا بِإِسْكَانِهَا ، وَيُقَالُ لِذَلِكَ الشَّيْءِ الْبَاقِي فِي الْفَمِ لُمَاظَةٌ بِضَمِّ اللَّامِ .

وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( حُبُّ الْأَنْصَارِ التَّمْرَ ) رُوِيَ بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا ، فَالْكَسْرُ بِمَعْنَى الْمَحْبُوبِ كَالذِّبْحِ بِمَعْنَى الْمَذْبُوحِ ، وَعَلَى هَذَا فَالْبَاءُ مَرْفُوعَةٌ أَيْ مَحْبُوبُ الْأَنْصَارِ التَّمْرُ ، وَأَمَّا مَنْ ضَمَّ الْحَاءَ فَهُوَ مَصْدَرٌ ، وَفِي الْبَاءِ عَلَى هَذَا وَجْهَانِ النَّصْبُ وَهُوَ الْأَشْهَرُ ، وَالرَّفْعُ ، فَمَنْ نَصَبَ فَتَقْدِيرُهُ انْظُرُوا حُبَّ الْأَنْصَارِ التَّمْرَ ، فَيُنْصَبُ التَّمْرُ أَيْضًا ، وَمَنْ رَفَعَ قَالَ : هُوَ مُبْتَدَأٌ حُذِفَ خَبَرُهُ أَيْ حُبُّ الْأَنْصَارِ التَّمْرَ لَازِمٌ ، أَوْ هَكَذَا ، أَوْ عَادَةٌ مِنْ صِغَرِهِمْ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ فَوَائِدُ مِنْهَا تَحْنِيكُ الْمَوْلُودِ عِنْدَ وِلَادَتِهِ ، وَهُوَ سُنَّةٌ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا سَبَقَ . وَمِنْهَا أَنْ يُحَنِّكَهُ صَالِحٌ مِنْ رَجُلٍ أَوِ امْرَأَةٍ . وَمِنْهَا التَّبَرُّكُ بِآثَارِ الصَّالِحِينَ ، وَرِيقِهِمْ ، وَكُلُّ شَيْءٍ مِنْهُمْ . وَمِنْهَا كَوْنُ التَّحْنِيكِ بِتَمْرٍ ، وَهُوَ مُسْتَحَبٌّ ، وَلَوْ حَنَّكُ بِغَيْرِهِ حَصَلَ التَّحْنِيكُ ، وَلَكِنَّ التَّمْرَ أَفْضَلُ . وَمِنْهَا جَوَازُ لُبْسِ الْعَبَاءَةِ . وَمِنْهَا التَّوَاضُعُ ، وَتَعَاطِي الْكَبِيرِ أَشْغَالَهُ ، وَأَنَّهُ لَا يُنْقِصُ ذَلِكَ مُرُوءَتَهُ ، وَمِنْهَا اسْتِحْبَابُ التَّسْمِيَةِ بِعَبْدِ اللَّهِ . وَمِنْهَا اسْتِحْبَابُ تَفْوِيضِ تَسْمِيَتِهِ إِلَى صَالِحٍ فَيَخْتَارُ لَهُ اسْمًا يَرْتَضِيهِ وَمِنْهَا جَوَازُ تَسْمِيَتِهِ يَوْمَ وِلَادَتِهِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .




[ سـ :4113 ... بـ :2144]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ ابْنٌ لِأَبِي طَلْحَةَ يَشْتَكِي فَخَرَجَ أَبُو طَلْحَةَ فَقُبِضَ الصَّبِيُّ فَلَمَّا رَجَعَ أَبُو طَلْحَةَ قَالَ مَا فَعَلَ ابْنِي قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ هُوَ أَسْكَنُ مِمَّا كَانَ فَقَرَّبَتْ إِلَيْهِ الْعَشَاءَ فَتَعَشَّى ثُمَّ أَصَابَ مِنْهَا فَلَمَّا فَرَغَ قَالَتْ وَارُوا الصَّبِيَّ فَلَمَّا أَصْبَحَ أَبُو طَلْحَةَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ أَعْرَسْتُمْ اللَّيْلَةَ قَالَ نَعَمْ قَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمَا فَوَلَدَتْ غُلَامًا فَقَالَ لِي أَبُو طَلْحَةَ احْمِلْهُ حَتَّى تَأْتِيَ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَى بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَعَثَتْ مَعَهُ بِتَمَرَاتٍ فَأَخَذَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَمَعَهُ شَيْءٌ قَالُوا نَعَمْ تَمَرَاتٌ فَأَخَذَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَضَغَهَا ثُمَّ أَخَذَهَا مِنْ فِيهِ فَجَعَلَهَا فِي فِي الصَّبِيِّ ثُمَّ حَنَّكَهُ وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللَّهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَنَسٍ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ نَحْوَ حَدِيثِ يَزِيدَ

قَوْلُهُ : ( إِنَّ الصَّبِيَّ لَمَّا مَاتَ فَجَاءَ أَبُوهُ أَبُو طَلْحَةَ سَأَلَ أَمَّ سُلَيْمٍ ، وَهِيَ أُمُّ الصَّبِيِّ ، مَا فَعَلَ الصَّبِيُّ ؟ قَالَتْ : هُوَ أَسْكَنُ مِمَّا كَانَ ، فَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ الْعَشَاءَ فَتَعَشَّى ، ثُمَّ أَصَابَ مِنْهَا ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَتْ : وَارُوا الصَّبِيَّ ) أَيِ ادْفِنُوهُ فَقَدْ مَاتَ .

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَنَاقِبُ لِأُمِّ سُلَيْمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مِنْ عَظِيمِ صَبْرِهَا ، وَحُسْنِ رِضَاهَا بِقَضَاءِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَجَزَالَةِ عَقْلِهَا فِي إِخْفَائِهَا مَوْتَهُ عَلَى أَبِيهِ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ لِيَبِيتَ مُسْتَرِيحًا بِلَا حُزْنٍ ، ثُمَّ عَشَّتْهُ وَتَعَشَّتْ ، ثُمَّ تَصَنَّعَتْ لَهُ ، وَعَرَّضَتْ لَهُ بِإِصَابَتِهِ فَأَصَابَهَا .

وَفِيهِ اسْتِعْمَالُ الْمَعَارِيضِ عِنْدَ الْحَاجَةِ لِقَوْلِهَا : ( هُوَ أَسْكَنُ مِمَّا كَانَ ) فَإِنَّهُ كَلَامٌ صَحِيحٌ ، مَعَ أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْهُ أَنَّهُ قَدْ هَانَ مَرَضُهُ وَسَهُلَ ، وَهُوَ فِي الْحَيَاةِ . وَشَرْطُ الْمَعَارِيضِ الْمُبَاحَةِ أَلَّا يَضِيعَ بِهَا حَقُّ أَحَدٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( أَعْرَسْتُمُ اللَّيْلَةَ ) هُوَ بِإِسْكَانِ الْعَيْنِ ، وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنِ الْجِمَاعِ . قَالَ الْأَصْمَعِيُّ وَالْجُمْهُورُ : يُقَالُ أَعْرَسَ الرَّجُلُ إِذَا دَخَلَ بِامْرَأَتِهِ . قَالُوا : وَلَا يُقَالُ فِيهِ عَرَّسَ بِالتَّشْدِيدِ ، وَأَرَادَ هُنَا الْوَطْءَ ، وَسَمَّاهُ إِعْرَاسًا لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهُ فِي الْمَقْصُودِ .

قَالَ صَاحِبُ التَّحْرِيرِ : رُوِيَ أَيْضًا ( أَعَرَّسْتُمْ ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ قَالَ : وَهِيَ لُغَةٌ ، يُقَالُ : عَرَّسَ بِمَعْنَى أَعْرَسَ . قَالَ : لَكِنْ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ : أَعْرَسَ أَفْصَحُ مِنْ عَرَّسَ فِي هَذَا . وَهَذَا السُّؤَالُ لِلتَّعَجُّبِ مِنْ صَنِيعِهَا وَصَبْرِهَا ، وَسُرُورًا بِحُسْنِ رِضَاهَا بِقَضَاءِ اللَّهِ تَعَالَى ، ثُمَّ دَعَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمَا بِالْبَرَكَةِ فِي لَيْلَتِهِمَا ، فَاسْتَجَابَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ الدُّعَاءَ ، وَحَمَلَتْ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، وَجَاءَ مِنْ أَوْلَادِ عَبْدِ اللَّهِ إِسْحَاقُ وَإِخْوَتُهُ التِّسْعَةُ صَالِحِينَ عُلَمَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ .

قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسٍ ) هَكَذَا وَقَعَ فِي مُسْلِمِ ( ابْنِ سِيرِينَ ) مُهْمَلًا ، وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ .




[ سـ :4114 ... بـ :2145]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَرَّادٍ الْأَشْعَرِيُّ وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالُوا حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ وُلِدَ لِي غُلَامٌ فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمَّاهُ إِبْرَاهِيمَ وَحَنَّكَهُ بِتَمْرَةٍ

قَوْلُهُ ( عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : وُلِدَ لِي غُلَامٌ ، فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمَّاهُ بِإِبْرَاهِيمَ ، وَحَنَّكَهُ بِتَمْرَةٍ ) .

فِيهِ التَّحْنِيكُ وَغَيْرُهُ مِمَّا سَبَقَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ . وَفِيهِ جَوَازُ التَّسْمِيَةِ بِأَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ ، وَقَدْ سَبَقَتِ الْمَسْأَلَةُ ، وَذَكَرْنَا أَنَّ الْجَمَاهِيرَ عَلَى ذَلِكَ . وَفِيهِ جَوَازُ التَّسْمِيَةِ يَوْمَ الْوِلَادَةِ ، وَفِيهِ أَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( أَحَبُّ الْأَسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ ) لَيْسَ بِمَانِعٍ مِنَ التَّسْمِيَةِ بِغَيْرِهِمَا ، وَلِذَا سَمَّى ابْنَ أَبِي أَسِيدٍ الْمَذْكُورَ بَعْدَ هَذَا الْمُنْذِرَ .




[ سـ :4115 ... بـ :2146]
حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى أَبُو صَالِحٍ حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ يَعْنِي ابْنَ إِسْحَقَ أَخْبَرَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَفَاطِمَةُ بِنْتُ الْمُنْذِرِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُمَا قَالَا خَرَجَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ حِينَ هَاجَرَتْ وَهِيَ حُبْلَى بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فَقَدِمَتْ قُبَاءً فَنُفِسَتْ بِعَبْدِ اللَّهِ بِقُبَاءٍ ثُمَّ خَرَجَتْ حِينَ نُفِسَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُحَنِّكَهُ فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا فَوَضَعَهُ فِي حَجْرِهِ ثُمَّ دَعَا بِتَمْرَةٍ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ فَمَكَثْنَا سَاعَةً نَلْتَمِسُهَا قَبْلَ أَنْ نَجِدَهَا فَمَضَغَهَا ثُمَّ بَصَقَهَا فِي فِيهِ فَإِنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ دَخَلَ بَطْنَهُ لَرِيقُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَتْ أَسْمَاءُ ثُمَّ مَسَحَهُ وَصَلَّى عَلَيْهِ وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللَّهِ ثُمَّ جَاءَ وَهُوَ ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ أَوْ ثَمَانٍ لِيُبَايِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَهُ بِذَلِكَ الزُّبَيْرُ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَآهُ مُقْبِلًا إِلَيْهِ ثُمَّ بَايَعَهُ

قَوْلُهَا : ( مَسَحَهُ وَصَلَّى عَلَيْهِ وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللَّهِ ) مَعْنَى ( صَلَّى عَلَيْهِ ) أَيْ دَعَا لَهُ وَمَسَحَهُ تَبَرُّكًا . فَفِيهِ اسْتِحْبَابُ الدُّعَاءِ لِلْمَوْلُودِ عِنْدَ تَحْنِيكِهِ ، وَمَسْحِهِ لِلتَّبْرِيكِ .

قَوْلُهُ ( إِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ جَاءَ ، وَهُوَ ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ أَوْ ثَمَانٍ ، لِيُبَايِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَمَرَهُ بِذَلِكَ الزُّبَيْرُ ؛ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَآهُ مُقْبِلًا إِلَيْهِ ثُمَّ بَايَعَهُ ) هَذِهِ بَيْعَةُ تَبْرِيكٍ وَتَشْرِيفٍ ، لَا بَيْعَةُ تَكْلِيفٍ .




[ سـ :4116 ... بـ :2146]
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَسْمَاءَ أَنَّهَا حَمَلَتْ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ قَالَتْ فَخَرَجْتُ وَأَنَا مُتِمٌّ فَأَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَنَزَلْتُ بِقُبَاءٍ فَوَلَدْتُهُ بِقُبَاءٍ ثُمَّ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعَهُ فِي حَجْرِهِ ثُمَّ دَعَا بِتَمْرَةٍ فَمَضَغَهَا ثُمَّ تَفَلَ فِي فِيهِ فَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ دَخَلَ جَوْفَهُ رِيقُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ حَنَّكَهُ بِالتَّمْرَةِ ثُمَّ دَعَا لَهُ وَبَرَّكَ عَلَيْهِ وَكَانَ أَوَّلَ مَوْلُودٍ وُلِدَ فِي الْإِسْلَامِ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهَا هَاجَرَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ حُبْلَى بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ أَبِي أُسَامَةَ

قَوْلُهَا : ( فَخَرَجْتُ ، وَأَنَا مُتِمٌّ ) أَيْ مُقَارِبَةٌ لِلْوِلَادَةِ .

قَوْلُهَا : ( ثُمَّ تَفَلَ فِي فِيهِ ) هُوَ بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ أَيْ بَصَقَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى .

قَوْلُهُ : ( وَكَانَ أَوَّلَ مَوْلُودٍ وُلِدَ فِي الْإِسْلَامِ ) يَعْنِي أَوَّلَ مَنْ وُلِدَ فِي الْإِسْلَامِ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ مِنْ أَوْلَادِ الْمُهَاجِرِينَ ، وَإِلَّا فَالنُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ الْأَنْصَارِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وُلِدَ قَبْلَهُ بَعْدَ الْهِجْرَةِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَعَ مَا سَبَقَ شَرْحُهُ مَنَاقِبُ كَثِيرَةٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، مِنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ عَلَيْهِ ، وَبَارَكَ عَلَيْهِ ، وَدَعَا لَهُ ، وَأَوَّلُ شَيْءٍ دَخَلَ جَوْفَهُ رِيقُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ وُلِدَ فِي الْإِسْلَامِ بِالْمَدِينَةِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .




[ سـ :4119 ... بـ :2149]
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلٍ التَّمِيمِيُّ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَقَ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ وَهُوَ ابْنُ مُطَرِّفٍ أَبُو غَسَّانَ حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ أُتِيَ بِالْمُنْذِرِ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ وُلِدَ فَوَضَعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فَخِذِهِ وَأَبُو أُسَيْدٍ جَالِسٌ فَلَهِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَيْءٍ بَيْنَ يَدَيْهِ فَأَمَرَ أَبُو أُسَيْدٍ بِابْنِهِ فَاحْتُمِلَ مِنْ عَلَى فَخِذِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَقْلَبُوهُ فَاسْتَفَاقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَيْنَ الصَّبِيُّ فَقَالَ أَبُو أُسَيْدٍ أَقْلَبْنَاهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ مَا اسْمُهُ قَالَ فُلَانٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لَا وَلَكِنْ اسْمُهُ الْمُنْذِرُ فَسَمَّاهُ يَوْمَئِذٍ الْمُنْذِرَ

قَوْلُهُ : ( فَلَهِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَيْءٍ بَيْنَ يَدَيْهِ ) هَذِهِ اللَّفْظَةُ رُوِيَتْ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا ( فَلَهَا ) بِفَتْحِ الْهَاءِ ، وَالثَّانِيَةُ ( فَلَهِيَ ) بِكَسْرِهَا ، وَبِالْيَاءِ ، وَالْأُولَى لُغَةُ طَيٍّ ، وَالثَّانِيَةُ لُغَةُ الْأَكْثَرِينَ ، وَمَعْنَاهُ اشْتَغَلَ بِشَيْءٍ بَيْنَ يَدَيْهِ . وَأَمَّا مِنَ اللَّهْوِ ( فَلَهَا ) بِالْفَتْحِ لَا غَيْرَ يَلْهُو ، وَالْأَشْهَرُ فِي الرِّوَايَةِ هُنَا كَسْرُ الْهَاءِ ، وَهِيَ لُغَةُ أَكْثَرِ الْعَرَبِ كَمَا ذَكَرْنَا ، وَاتَّفَقَ أَهْلُ الْغَرِيبِ وَالشُّرَّاحُ عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ اشْتَغَلَ .

قَوْلُهُ : ( الْمُنْذِرُ بْنُ أَبِي أُسَيْدٍ ) الْمَشْهُورُ فِي ( أَبِي أُسَيْدٍ ) ضَمُّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحُ السِّينِ ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْجَمَاهِيرُ غَيْرَهُ . قَالَ الْقَاضِي : وَحَكَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ أَنَّهُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ . قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ : وَبِالضَّمِّ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَوَكِيعٌ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَاسْمُهُ مَالِكُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ . قَالُوا : وَسَبَبُ تَسْمِيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْمَوْلُودَ ( الْمُنْذِرَ ) لِأَنَّ ابْنَ عَمِّ أَبِيهِ الْمُنْذِرَ بْنَ عَمْرٍو كَانَ قَدْ اسْتُشْهِدَ بِبِئْرِ مَعُونَةَ ، وَكَانَ أَمِيرَهُمْ ، فَيُقَالُ بِكَوْنِهِ خَلْفًا مِنْهُ .

قَوْلُهُ : ( فَأَقْلَبُوهُ ) أَيْ رَدُّوهُ وَصَرَفُوهُ . فِي جَمِيعِ نُسَخِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ ( فَأَقْلَبُوهُ ) بِالْأَلِفِ ، وَأَنْكَرَهُ جُمْهُورُ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالْغَرِيبِ وَشُرَّاحُ الْحَدِيثِ ، وَقَالُوا : صَوَابُهُ ( قَلَبُوهُ ) بِحَذْفِ الْأَلِفِ . قَالُوا : يُقَالُ قَلَبْتُ الصَّبِيَّ وَالشَّيْءَ صَرَفْتُهُ وَرَدَدْتُهُ ، وَلَا يُقَالُ أَقْلَبْتُهُ ، وَذَكَرَ صَاحِبُ التَّحْرِيرِ أَنَّ ( أَقْلَبُوهُ ) بِالْأَلِفِ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ ، فَأَثْبَتَهَا لُغَةً . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ : ( فَاسْتَفَاقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) أَيِ انْتَبَهَ مِنْ شُغْلِهِ وَفِكْرِهِ الَّذِي كَانَ فِيهِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .




[ سـ :4120 ... بـ :2150]
حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْعَتَكِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ح وَحَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ وَاللَّفْظُ لَهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا وَكَانَ لِي أَخٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو عُمَيْرٍ قَالَ أَحْسِبُهُ قَالَ كَانَ فَطِيمًا قَالَ فَكَانَ إِذَا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَآهُ قَالَ أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ قَالَ فَكَانَ يَلْعَبُ بِهِ

قَوْلُهُ : ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا ، وَكَانَ لِي أَخٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو عُمَيْرٍ أَحْسَبُهُ قَالَ : كَانَ فَطِيمًا قَالَ : فَكَانَ إِذَا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَآهُ قَالَ : أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ ؟ وَكَانَ يَلْعَبُ بِهِ ) . أَمَّا النُّغَيْرُ فَبِضَمِّ النُّونِ تَصْغِيرُ النُّغَرِ ، بِضَمِّهَا وَفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ ، وَهُوَ طَائِرٌ صَغِيرٌ ، جَمْعُهُ نِغْرَانٌ . وَالْفَطِيمُ بِمَعْنَى الْمَفْطُومِ .

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ فَوَائِدُ كَثِيرَةٌ جِدًّا مِنْهَا جَوَازُ تَكْنِيَةِ مَنْ لَمْ يُولَدْ لَهُ ، وَتَكْنِيَةِ الطِّفْلِ ، وَأَنَّهُ لَيْسَ كَذِبًا ، وَجَوَازُ الْمُزَاحِ فِيمَا لَيْسَ إِثْمًا ، وَجَوَازُ تَصْغِيرِ بَعْضِ الْمُسَمَّيَاتِ ، وَجَوَازُ لَعِبِ الصَّبِيِّ بِالْعُصْفُورِ ، وَتَمْكِينُ الْوَلِيِّ إِيَّاهُ مِنْ ذَلِكَ ، وَجَوَازُ السَّجْعِ بِالْكَلَامِ الْحَسَنِ بِلَا كُلْفَةٍ ، وَمُلَاطَفَةِ الصِّبْيَانِ وَتَأْنِيسِهِمْ ، وَبَيَانُ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ وَكَرَمِ الشَّمَائِلِ وَالتَّوَاضُعِ ، وَزِيَارَةِ الْأَهْلِ لِأَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ وَالِدَةُ أَبِي عُمَيْرٍ هِيَ مِنْ مَحَارِمِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ .

وَاسْتَدَلَّ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ عَلَى جَوَازِ الصَّيْدِ مِنْ حَرَمِ الْمَدِينَةِ ، وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ لِذَلِكَ ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ صَرَاحَةٌ وَلَا كِنَايَةٌ أَنَّهُ مِنْ حَرَمِ الْمَدِينَةِ ، وَقَدْ سَبَقَتِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ الْكَثِيرَةُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ الْمُصَرِّحَةُ بِتَحْرِيمِ صَيْدِ حَرَمِ الْمَدِينَةِ ، فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهَا بِمِثْلِ هَذَا ، وَلَا مُعَارَضَتُهَا بِهِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .