فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ مِنْ حَقِّ الْجُلُوسِ عَلَى الطَّرِيقِ رَدُّ السَّلَامِ

شرح النووى على مسلم - بَابُ مِنْ حَقِّ الْجُلُوسِ عَلَى الطَّرِيقِ رَدُّ السَّلَامِ

باب مِنْ حَقِّ الْجُلُوسِ عَلَى الطَّرِيقِ رَدُّ السَّلَامِ
[ سـ :4137 ... بـ :2161]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ عَنْ إِسْحَقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ أَبُو طَلْحَةَ كُنَّا قُعُودًا بِالْأَفْنِيَةِ نَتَحَدَّثُ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَ عَلَيْنَا فَقَالَ مَا لَكُمْ وَلِمَجَالِسِ الصُّعُدَاتِ اجْتَنِبُوا مَجَالِسَ الصُّعُدَاتِ فَقُلْنَا إِنَّمَا قَعَدْنَا لِغَيْرِ مَا بَاسٍ قَعَدْنَا نَتَذَاكَرُ وَنَتَحَدَّثُ قَالَ إِمَّا لَا فَأَدُّوا حَقَّهَا غَضُّ الْبَصَرِ وَرَدُّ السَّلَامِ وَحُسْنُ الْكَلَامِ

قَوْلُهُ : ( كُنَّا قُعُودًا بِالْأَفْنِيَةِ نَتَحَدَّثُ ) هِيَ جَمْعُ فِنَاءٍ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَالْمَدِّ ، وَهُوَ حَرِيمُ الدَّارِ وَنَحْوُهَا ، وَمَا كَانَ فِي جَوَانِبِهَا وَقَرِيبًا مِنْهَا .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( اجْتَنِبُوا مَجَالِسَ الصُّعُدَاتِ . فَقُلْنَا : إِنَّمَا قَعَدْنَا لِغَيْرِ مَا بَأْسٍ ، فَقَعَدْنَا نَتَذَاكَرُ وَنَتَحَدَّثُ . قَالَ : إِمَّا لَا فَأَدُّوا حَقَّهَا : غَضُّ الْبَصَرِ ، وَرَدُّ السَّلَامِ ، وَحُسْنُ الْكَلَامِ ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى : ( غَضُّ الْبَصَرِ ، وَكَفُّ الْأَذَى ، وَرَدُّ السَّلَامِ ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ ) . أَمَّا ( الصُّعُدَاتُ ) فَبِضَمِّ الصَّادِ وَالْعَيْنِ ، وَهِيَ الطُّرُقَاتُ ، وَاحِدُهَا صَعِيدٌ كَطَرِيقٍ ، يُقَالُ : صَعِيدٌ وَصُعُدٌ وَصُعْدَانٌ كَطَرِيقٍ وَطُرُقٍ وَطَرَقَاتٍ عَلَى وَزْنِهِ وَمَعْنَاهُ ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ .

وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِمَّا لَا ) فَبِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَبِالْإِمَالَةِ ، وَمَعْنَاهُ إِنْ لَمْ تَتْرُكُوهَا فَأَدُّوا حَقَّهَا ، وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ هَذِهِ اللَّفْظَةِ مَبْسُوطًا فِي كِتَابِ الْحَجِّ .

وَقَوْلُهُ : ( قَعَدْنَا لِغَيْرِ مَا بَأْسٍ ) لَفْظَةُ ( مَا ) زَائِدَةٌ .




[ سـ :4138 ... بـ :2121]
حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ بِالطُّرُقَاتِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَنَا بُدٌّ مِنْ مَجَالِسِنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا الْمَجْلِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ قَالُوا وَمَا حَقُّهُ قَالَ غَضُّ الْبَصَرِ وَكَفُّ الْأَذَى وَرَدُّ السَّلَامِ وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَدَنِيُّ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ عَنْ هِشَامٍ يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ كِلَاهُمَا عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ

قَدْ سَبَقَ شَرْحُ هَذَا الْحَدِيثِ ، وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ أَنَّهُ يُكْرَهُ الْجُلُوسُ عَلَى الطُّرُقَاتِ لِلْحَدِيثِ وَنَحْوِهِ ، وَقَدْ أَشَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عِلَّةِ النَّهْيِ مِنَ التَّعَرُّضِ لِلْفِتَنِ وَالْإِثْمِ بِمُرُورِ النِّسَاءِ وَغَيْرِهِنَّ ، وَقَدْ يَمْتَدُّ نَظَرٌ إِلَيْهِنَّ أَوْ فِكْرٌ فِيهِنَّ أَوْ ظَنُّ سُوءٍ فِيهِنَّ أَوْ فِي غَيْرِهِنَّ مِنَ الْمَارِّينَ ، وَمِنْ أَذَى النَّاسِ بِاحْتِقَارِ مَنْ يَمُرُّ ، أَوْ غِيبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا ، أَوْ إِهْمَالِ رَدِّ السَّلَامِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ ، أَوْ إِهْمَالِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْأَسْبَابِ الَّتِي لَوْ خَلَا فِي بَيْتِهِ سَلِمَ مِنْهَا . وَيَدْخُلُ فِي الْأَذَى أَنْ يُضَيِّقَ الطَّرِيقَ عَلَى الْمَارِّينَ ، أَوْ يَمْتَنِعَ النِّسَاءُ وَنَحْوُهُنَّ مِنَ الْخُرُوجِ فِي أَشْغَالِهِنَّ بِسَبَبِ قُعُودِ الْقَاعِدِينَ فِي الطَّرِيقِ ، أَوْيَجْلِسَ بِقُرْبِ بَابِ دَارِ إِنْسَانٍ يَتَأَذَّى بِذَلِكَ ، أَوْ حَيْثُ يَكْشِفُ مِنْ أَحْوَالِ النَّاسِ النَّاسُ شَيْئًا يَكْرَهُونَهُ .

وَأَمَّا حُسْنُ الْكَلَامِ فَيَدْخُلُ فِيهِ حُسْنُ كَلَامِهِمْ فِي حَدِيثِهِمْ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ ، فَلَا يَكُونُ فِيهِ غِيبَةٌ ، وَلَا نَمِيمَةٌ ، وَلَا كَذِبٌ ، وَلَا كَلَامٌ يُنْقِصُ الْمُرُوءَةَ ، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنَ الْكَلَامِ الْمَذْمُومِ ، وَيَدْخُلُ فِيهِ كَلَامُهُمْ لِلْمَارِّ مِنْ رَدَّ السَّلَامِ ، وَلُطْفِ جَوَابِهِمْ لَهُ ، وَهِدَايَتِهِ لِلطَّرِيقِ ، وَإِرْشَادِهِ لِمَصْلَحَتِهِ ، وَنَحْوِ ذَلِكَ .