فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ كَثْرَةِ حَيَائِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

باب كَثْرَةِ حَيَائِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
[ سـ :4408 ... بـ :2320]
حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي عُتْبَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ح وَحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَأَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي عُتْبَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَدَّ حَيَاءً مِنْ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا وَكَانَ إِذَا كَرِهَ شَيْئًا عَرَفْنَاهُ فِي وَجْهِهِ

قَوْلُهُ : ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا ، وَكَانَ إِذَا كَرِهَ شَيْئًا عَرَفْنَاهُ فِي وَجْهِهِ ) . الْعَذْرَاءُ الْبِكْرُ ، لِأَنَّ عُذْرَتَهَا بَاقِيَةٌ ، وَهِيَ جِلْدَةُ الْبَكَارَةِ . وَالْخِدْرُ سِتْرٌ يُجْعَلُ لِلْبِكْرِ جَنْبَ الْبَيْتِ . وَمَعْنَى ( عَرَفْنَا الْكَرَاهَةَ فِي وَجْهِهِ ) أَيْ لَا يَتَكَلَّمُ بِهِ لِحَيَائِهِ ، بَلْ يَتَغَيَّرُ وَجْهُهُ ، فَنَفْهَمُ نَحْنُ كَرَاهَتَهُ .

وَفِيهِ فَضِيلَةُ الْحَيَاءِ ، وَهُوَ مِنْ شُعَبِ الْإِيمَانِ ، وَهُوَ خَيْرٌ كُلُّهُ ، وَلَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ ، وَقَدْ سَبَقَ هَذَا كُلُّهُ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ ، وَشَرَحْنَاهُ وَاضِحًا ، وَهُوَ مَحْثُوثٌ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَنْتَهِ إِلَى الضَّعْفِ وَالنَّخْوِ كَمَا سَبَقَ .




[ سـ :4410 ... بـ :2321]
حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَا حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ دَخَلْنَا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو حِينَ قَدِمَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْكُوفَةِ فَذَكَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا وَقَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا قَالَ عُثْمَانُ حِينَ قَدِمَ مَعَ مُعَاوِيَةَ إِلَى الْكُوفَةِ وَحَدَّثَنَاه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَوَكِيعٌ ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي ح وَحَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ يَعْنِي الْأَحْمَرَ كُلُّهُمْ عَنْ الْأَعْمَشِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ

قَوْلُهُ : ( لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا ) قَالَ الْقَاضِي : أَصْلُ الْفُحْشِ الزِّيَادَةُ وَالْخُرُوجُ عَنِ الْحَدِّ . قَالَ الطَّبَرِيُّ : الْفَاحِشُ الْبَذِيءُ . قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ : الْفَوَاحِشُ عِنْدَ الْعَرَبِ الْقَبَائِحُ . قَالَ الْهَرَوِيُّ : الْفَاحِشُ ذُو الْفُحْشِ ، وَالْمُتَفَحِّشُ الَّذِي يَتَكَلَّفُ الْفُحْشَ ، وَيَتَعَمَّدُهُ لِفَسَادِ حَالِهِ . قَالَ : وَقَدْ يَكُونُ الْمُتَفَحِّشُ الَّذِي يَأْتِي الْفَاحِشَةَ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلَاقًا ) فِيهِ الْحَثُّ عَلَى حُسْنِ الْخُلُقِ ، وَبَيَانُ فَضِيلَةِ صَاحِبِهِ . وَهُوَ صِفَةُ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَوْلِيَائِهِ . قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ : حَقِيقَةُ حُسْنِ الْخُلُقِ بَذْلُ الْمَعْرُوفِ ، وَكَفُّ الْأَذَى ، وَطَلَاقَةُ الْوَجْهِ . قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ : هُوَ مُخَالَطَةُ النَّاسِ بِالْجَمِيلِ وَالْبِشْرِ ، وَالتَّوَدُّدُ لَهُمْ ، وَالْإِشْفَاقُ عَلَيْهِمْ ، وَاحْتِمَالُهُمْ ، وَالْحِلْمُ عَنْهُمْ ، وَالصَّبْرُ عَلَيْهِمْ فِي الْمَكَارِهِ ، وَتَرْكُ الْكِبْرِ وَالِاسْتِطَالَةِ عَلَيْهِمْ . وَمُجَانَبَةُ الْغِلَظِ وَالْغَضَبِ وَالْمُؤَاخَذَةِ . قَالَ : وَحَكَى الطَّبَرِيُّ خِلَافًا لِلسَّلَفِ فِي حُسْنِ الْخُلُقِ هَلْ هُوَ غَرِيزَةٌ أَمْ مُكْتَسَبٌ ؟ قَالَ الْقَاضِي : وَالصَّحِيحُ أَنَّ مِنْهُ مَا هُوَ غَرِيزَةٌ ، وَمِنْهُ مَا يُكْتَسَبُ بِالتَّخَلُّقِ وَالِاقْتِدَاءِ بِغَيْرِهِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .