فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ إِثْبَاتِ خَاتَمِ النُّبُوَّةِ ، وَصِفَتِهِ ، وَمَحَلِّهِ مِنْ جَسَدِهِ صَلَّى


[ سـ :4453 ... بـ :2345]
وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ قَالَا حَدَّثَنَا حَاتِمٌ وَهُوَ ابْنُ إِسْمَعِيلَ عَنْ الْجَعْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ سَمِعْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ ذَهَبَتْ بِي خَالَتِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنَ أُخْتِي وَجِعٌ فَمَسَحَ رَأْسِي وَدَعَا لِي بِالْبَرَكَةِ ثُمَّ تَوَضَّأَ فَشَرِبْتُ مِنْ وَضُوئِهِ ثُمَّ قُمْتُ خَلْفَ ظَهْرِهِ فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتَمِهِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ مِثْلَ زِرِّ الْحَجَلَةِ

وَفِي رِوَايَةٍ : ( بَيْنَ كَتِفَيْهِ مِثْلُ زِرِّ الْحَجَلَةِ )




[ سـ :4454 ... بـ :2346]
حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ ح وَحَدَّثَنِي سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ كِلَاهُمَا عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ ح وَحَدَّثَنِي حَامِدُ بْنُ عُمَرَ الْبَكْرَاوِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ يَعْنِي ابْنَ زِيَادٍ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَكَلْتُ مَعَهُ خُبْزًا وَلَحْمًا أَوْ قَالَ ثَرِيدًا قَالَ فَقُلْتُ لَهُ أَسْتَغْفَرَ لَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نَعَمْ وَلَكَ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ قَالَ ثُمَّ دُرْتُ خَلْفَهُ فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتَمِ النُّبُوَّةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ عِنْدَ نَاغِضِ كَتِفِهِ الْيُسْرَى جُمْعًا عَلَيْهِ خِيلَانٌ كَأَمْثَالِ الثَّآلِيلِ

وَفِي رِوَايَةٍ : ( فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتَمِ النُّبُوَّةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ عِنْدَ نَاغِضِ كَتِفِهِ الْيُسْرَى جُمْعًا عَلَيْهِ خِيلَانٌ كَأَمْثَالِ الثَّآلِيلِ ) .

أَمَّا ( بَيْضَةُ الْحَمَامَةِ ) فَهُوَ بَيْضَتُهَا الْمَعْرُوفَةُ ، أَمَّا زِرُّ الْحَجَلَةِ فَبِزَايٍ ثُمَّ رَاءٍ . وَالْحَجَلَةُ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالْجِيمِ ، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ ، وَالْمُرَادُ بِالْحَجْلَةِ وَاحِدَةُ الْحِجَالِ ، وَهِيَ بَيْتٌ كَالْقُبَّةِ لَهَا أَزْرَارٌ كِبَارٌ وَعُرًى ، هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَشْهُورُ الَّذِي قَالَهُ الْجُمْهُورُ . وَقَالَ بَعْضُهُمْ : الْمُرَادُ بِالْحَجَلَةِ الطَّائِرُ الْمَعْرُوفُ ، وَزِرُّهَا بَيْضَتُهَا ، وَأَشَارَ إِلَيْهِ التِّرْمِذِيُّ ، وَأَنْكَرَهُ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ . وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : رُوِيَ أَيْضًا بِتَقْدِيمِ الرَّاءِ عَلَى الزَّايِ ، وَيَكُونُ الْمُرَادُ الْبَيْضَ . يُقَالُ : أَرَزَّتِ الْجَرَادَةُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الزَّايِ إِذَا كَبَسَتْ ذَنَبَهَا فِي الْأَرْضِ فَبَاضَتْ . وَجَاءَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ : كَانَتْ بِضْعَةً نَاشِزَةً أَيْ مُرْتَفِعَةً عَلَى جَسَدِهِ .

وَأَمَّا ( نَاغِضُ كَتِفِهِ ) فَبِالنُّونِ وَالْغَيْنِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَتَيْنِ ، وَالْغَيْنُ مَكْسُورَةٌ . وَقَالَ الْجُمْهُورُ : النُّغْضُ وَالنَّغْضُ وَالنَّاغِضُ أَعْلَى الْكَتِفِ ، وَقِيلَ : هُوَ الْعَظْمُ الرَّقِيقُ الَّذِي عَلَى طَرَفِهِ ، وَقِيلَ : مَا يَظْهَرُ مِنْهُ عِنْدَ التَّحَرُّكِ .

وَأَمَّا قَوْلُهُ : ( جُمْعًا ) فَبِضَمِّ الْجِيمِ وَإِسْكَانِ الْمِيمِ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ كَجَمْعِ الْكَفِّ ، وَهُوَ صُورَتُهُ بَعْدَ أَنْ تَجْمَعَ الْأَصَابِعَ وَتَضُمَّهَا .

وَأَمَّا ( الْخِيلَانُ ) فَبِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَإِسْكَانِ الْيَاءِ جَمْعُ ( خَالٍ ) ، وَهُوَ الشَّامَةُ فِي الْجَسَدِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَالَ الْقَاضِي : وَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ مُتَقَارِبَةٌ مُتَّفِقَةٌ عَلَى أَنَّهَا شَاخِصٌ فِي جَسَدِهِ قَدْرَ بَيْضَةِ الْحَمَامَةِ ، وَهُوَ نَحْوُ بَيْضَةِ الْحَجَلَةِ ، وَزِرُّ الْحَجَلَةِ . وَأَمَّا رِوَايَةُ ( جَمْعُ الْكَفِّ وَنَاشِزٌ ) فَظَاهِرُهَا الْمُخَالَفَةُ ، فَتُؤَوَّلُ عَلَى وَفْقِ الرِّوَايَاتِ الْكَثِيرَةِ ، وَيَكُونُ مَعْنَاهُ عَلَى هَيْئَةِ جَمْعِ الْكَفِّ ، لَكِنَّهُ أَصْغَرُ مِنْهُ فِي قَدْرِ بَيْضَةِ الْحَمَامَةِ . قَالَ الْقَاضِي : وَهَذَا الْخَاتَمُ هُوَ أَثَرُ شَقِّ الْمَلَكَيْنِ بَيْنَ الْكَتِفَيْنِ ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ضَعِيفٌ ، بَلْ بَاطِلٌ ، لِأَنَّ شَقَّ الْمَلَكَيْنِ إِنَّمَا كَانَ فِي صَدْرِهِ وَبَطْنِهِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .