فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابٌ فِي أَسْمَائِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

باب فِي أَسْمَائِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
[ سـ :4468 ... بـ :2354]
حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ وَاللَّفْظُ لِزُهَيْرٍ قَالَ إِسْحَقُ أَخْبَرَنَا وَقَالَ الْآخَرَانِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَنَا مُحَمَّدٌ وَأَنَا أَحْمَدُ وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يُمْحَى بِيَ الْكُفْرُ وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى عَقِبِي وَأَنَا الْعَاقِبُ وَالْعَاقِبُ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ نَبِيٌّ

ذَكَرَ هُنَا هَذِهِ الْأَسْمَاءَ ، وَلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْمَاءُ أُخَرُ ، ذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ الْمَالِكِيُّ فِي كِتَابِهِ الْأَحْوَذِيِّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ لِلَّهِ تَعَالَى أَلْفَ اسْمٍ ، وَلِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلْفَ اسْمٍ أَيْضًا ، ثُمَّ ذَكَرَ مِنْهَا عَلَى التَّفْصِيلِ بِضْعًا وَسِتِّينَ .

قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ : يُقَالُ : رَجُلٌ مُحَمَّدٌ وَمَحْمُودٌ إِذَا كَثُرَتْ خِصَالُهُ الْمَحْمُودَةُ . وَقَالَ ابْنُ فَارِسٍ وَغَيْرُهُ : وَبِهِ سُمِّيَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَمَّدًا وَأَحْمَدَ ، أَيْ أَلْهَمَ اللَّهُ تَعَالَى أَهْلَهُ أَنْ سَمَّوْهُ بِهِ لِمَا عُلِمَ مِنْ جَمِيلِ صِفَاتِهِ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يُمْحَى بِي الْكُفْرُ ) قَالَ الْعُلَمَاءُ : الْمُرَادُ مَحْوُ الْكُفْرِ مِنْ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَسَائِرِ بِلَادِ الْعَرَبِ ، وَمَا زُوِيَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْأَرْضِ ، وَوُعِدَ أَنْ يَبْلُغَهُ مُلْكُ أُمَّتِهِ . قَالُوا : وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ الْمَحْوُ الْعَامُّ بِمَعْنَى الظُّهُورِ بِالْحُجَّةِ وَالْغَلَبَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ وَجَاءَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ تَفْسِيرُ الْمَاحِي بِأَنَّهُ الَّذِي مُحِيَتْ بِهِ سَيِّئَاتُ مَنِ اتَّبَعَهُ ، فَقَدْ يَكُونُ الْمُرَادُ بِمَحْوِ الْكُفْرِ هَذَا ، وَيَكُونُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : الْإِسْلَامُ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى عَقِبِي ) وَفِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ ( عَلَى قَدَمِي ) فَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَاتَّفَقَتِ النُّسَخُ عَلَى أَنَّهَا ( عَلَى قَدَمِي ) ، لَكِنْ ضَبَطُوهُ بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ عَلَى الْإِفْرَادِ ، وَتَشْدِيدِهَا عَلَى التَّثْنِيَةِ . وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الْأُولَى فَهِيَ فِي مُعْظَمِ النُّسَخِ ، وَفِي بَعْضِهَا ( قَدَمِي ) كَالثَّانِيَةِ . قَالَ الْعُلَمَاءُ : مَعْنَاهُمَا يُحْشَرُونَ عَلَى أَثَرِي وَزَمَانِ نُبُوَّتِي ، وَرِسَالَتِي ، وَلَيْسَ بَعْدِي نَبِيٌّ ، وَقِيلَ : يَتْبَعُونَنِي .




[ سـ :4469 ... بـ :2354]
حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ لِي أَسْمَاءً أَنَا مُحَمَّدٌ وَأَنَا أَحْمَدُ وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ بِيَ الْكُفْرَ وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمَيَّ وَأَنَا الْعَاقِبُ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ أَحَدٌ وَقَدْ سَمَّاهُ اللَّهُ رَءُوفًا رَحِيمًا وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ كُلُّهُمْ عَنْ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَفِي حَدِيثِ شُعَيْبٍ وَمَعْمَرٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي حَدِيثِ عُقَيْلٍ قَالَ قُلْتُ لِلزُّهْرِيِّ وَمَا الْعَاقِبُ قَالَ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ نَبِيٌّ وَفِي حَدِيثِ مَعْمَرٍ وَعُقَيْلٍ الْكَفَرَةَ وَفِي حَدِيثِ شُعَيْبٍ الْكُفْرَ

أَمَّا ( الْعَاقِبُ ) فَفَسَّرَهُ فِي الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ لَيْسَ بَعْدَهُ نَبِيٌّ أَيْ جَاءَ عَقِبَهُمْ . قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ : الْعَاقِبُ وَالْعُقُوبُ الَّذِي يَخْلُفُ فِي الْخَيْرِ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ ، وَمِنْهُ عَقِبُ الرَّجُلِ لِوَلَدِهِ .

وَأَمَّا ( الْمُقَفِّي ) فَقَالَ شَمِرٌ : هُوَ بِمَعْنَى الْعَاقِبِ ، وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ : هُوَ الْمُتَّبِعُ لِلْأَنْبِيَاءِ . يُقَالُ : قَفَوْتُهُ أَقْفُوهُ ، وَقَفَّيْتُهُ أُقَفِّيهِ إِذَا اتَّبَعْتُهُ . وَقَافِيَةُ كُلِّ شَيْءٍ آخِرُهُ . وَأَمَّا ( نَبِيُّ التَّوْبَةِ ، وَنَبِيُّ الرَّحْمَةِ ) ، وَنَبِيُّ الْمَرْحَمَةِ فَمَعْنَاهَا مُتَقَارِبٌ ، وَمَقْصُودُهَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ بِالتَّوْبَةِ وَبِالتَّرَاحُمِ . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ ( نَبِيُّ الْمَلَاحِمِ ) لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُعِثَ بِالْقِتَالِ .

قَالَ الْعُلَمَاءُ : وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى هَذِهِ الْأَسْمَاءِ مَعَ أَنَّهُ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْمَاءُ غَيْرُهَا كَمَا سَبَقَ لِأَنَّهَا مَوْجُودَةٌ فِي الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ ، وَمَوْجُودَةٌ لِلْأُمَمِ السَّالِفَةِ .




[ سـ :4470 ... بـ :2355]
وَحَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَمِّي لَنَا نَفْسَهُ أَسْمَاءً فَقَالَ أَنَا مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ وَالْمُقَفِّي وَالْحَاشِرُ وَنَبِيُّ التَّوْبَةِ وَنَبِيُّ الرَّحْمَةِ

قَوْلُهُ : ( وَالْمُقَفِّي وَنَبِيُّ التَّوْبَةِ وَنَبِيُّ الرَّحْمَةِ )