فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ وُجُوبِ امْتِثَالِ مَا قَالَهُ شَرْعًا ، دُونَ مَا ذَكَرَهُ صَلَّى

باب وُجُوبِ امْتِثَالِ مَا قَالَهُ شَرْعًا دُونَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ مَعَايِشِ الدُّنْيَا عَلَى سَبِيلِ الرَّأْيِ
[ سـ :4482 ... بـ :2361]
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّقَفِيُّ وَأَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ وَتَقَارَبَا فِي اللَّفْظِ وَهَذَا حَدِيثُ قُتَيْبَةَ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ مَرَرْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْمٍ عَلَى رُءُوسِ النَّخْلِ فَقَالَ مَا يَصْنَعُ هَؤُلَاءِ فَقَالُوا يُلَقِّحُونَهُ يَجْعَلُونَ الذَّكَرَ فِي الْأُنْثَى فَيَلْقَحُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَظُنُّ يُغْنِي ذَلِكَ شَيْئًا قَالَ فَأُخْبِرُوا بِذَلِكَ فَتَرَكُوهُ فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ فَقَالَ إِنْ كَانَ يَنْفَعُهُمْ ذَلِكَ فَلْيَصْنَعُوهُ فَإِنِّي إِنَّمَا ظَنَنْتُ ظَنًّا فَلَا تُؤَاخِذُونِي بِالظَّنِّ وَلَكِنْ إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ اللَّهِ شَيْئًا فَخُذُوا بِهِ فَإِنِّي لَنْ أَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ

بَابُ وُجُوبِ امْتِثَالِ مَا قَالَهُ شَرْعًا دُونَ مَا ذَكَرَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَعَايِشِ الدُّنْيَا عَلَى سَبِيلِ الرَّأْيِ فِيهِ حَدِيثُ إِبَارِ النَّخِيلِ ، وَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَا أَظُنُّ يُغْنِي ذَلِكَ شَيْئًا فَخَرَجَ شِيصًا ، فَقَالَ : إِنْ كَانَ يَنْفَعُهُمْ ذَلِكَ فَلْيَصْنَعُوهُ ، فَإِنِّي إِنَّمَا ظَنَنْتُ ظَنًّا ، فَلَا تُؤَاخِذُونِي بِالظَّنِّ ، وَلَكِنْ إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنِ اللَّهِ شَيْئًا فَخُذُوا بِهِ ) وَفِي رِوَايَةٍ : ( إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ دِينِكُمْ فَخُذُوا بِهِ ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ رَأْيٍ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ ) وَفِي رِوَايَةٍ : ( أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأَمْرِ دُنْيَاكُمْ ) قَالَ الْعُلَمَاءُ : قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مِنْ رَأْيِي ) أَيْ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا وَمَعَايِشِهَا لَا عَلَى التَّشْرِيعِ .

فَأَمَّا مَا قَالَهُ بِاجْتِهَادِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَرَآهُ شَرْعًا يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ ، وَلَيْسَ إِبَارُ النَّخْلِ مِنْ هَذَا النَّوْعِ ، بَلْ مِنَ النَّوْعِ الْمَذْكُورِ قَبْلَهُ ، مَعَ أَنَّ لَفْظَةَ الرَّأْيِ إِنَّمَا أَتَى بِهَا عِكْرِمَةُ عَلَى الْمَعْنَى لِقَوْلِهِ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ : قَالَ عِكْرِمَةُ : أَوْ نَحْوُ هَذَا ، فَلَمْ يُخْبِرْ بِلَفْظِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَقَّقًا . قَالَ الْعُلَمَاءُ : وَلَمْ يَكُنْ هَذَا الْقَوْلُ خَبَرًا ، وَإِنَّمَا كَانَ ظَنًّا كَمَا بَيَّنَهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَاتِ .

قَالُوا : وَرَأْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أُمُورِ الْمَعَايِشِ وَظَنُّهُ كَغَيْرِهِ ، فَلَا يُمْتَنَعُ وُقُوعُ مِثْلِ هَذَا ، وَلَا نَقْصَ فِي ذَلِكَ ، وَسَبَبُهُ تَعَلُّقُ هِمَمِهِمْ بِالْآخِرَةِ وَمَعَارِفِهَا . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ : ( يُلَقِّحُونَهُ ) هُوَ بِمَعْنَى يَأْبُرُونَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ، وَمَعْنَاهُ إِدْخَالُ شَيْءٍ مِنْ طَلْعِ الذَّكَرِ فِي طَلْعِ الْأُنْثَى فَتَعَلَّقَ بِإِذْنِ اللَّهِ .

وَ ( يَأْبُرُونَ ) بِكَسْرِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا . يُقَالُ مِنْهُ : أَبَرَ يَأْبُرُ وَيَأْبِرُ كَبَذَرَ يَبْذُرُ وَيَبْذِرُ ، وَيُقَالُ : أَبَّرَ يُؤَبِّرُ بِالتَّشْدِيدِ تَأْبِيرًا .



[ سـ :4483 ... بـ :2362]
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الرُّومِيِّ الْيَمَامِيُّ وَعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَعْقِرِيُّ قَالُوا حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ وَهُوَ ابْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو النَّجَاشِيِّ حَدَّثَنِي رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ قَالَ قَدِمَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَهُمْ يَأْبُرُونَ النَّخْلَ يَقُولُونَ يُلَقِّحُونَ النَّخْلَ فَقَالَ مَا تَصْنَعُونَ قَالُوا كُنَّا نَصْنَعُهُ قَالَ لَعَلَّكُمْ لَوْ لَمْ تَفْعَلُوا كَانَ خَيْرًا فَتَرَكُوهُ فَنَفَضَتْ أَوْ فَنَقَصَتْ قَالَ فَذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ دِينِكُمْ فَخُذُوا بِهِ وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ رَأْيٍ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ قَالَ عِكْرِمَةُ أَوْ نَحْوَ هَذَا قَالَ الْمَعْقِرِيُّ فَنَفَضَتْ وَلَمْ يَشُكَّ.

قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَعْقِرِيُّ ) هُوَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْقَافِ مَنْسُوبٌ إِلَى مَعْقِرٍ وَهِيَ نَاحِيَةٌ مِنَ الْيَمَنِ. قَوْلُهُ ( فَنَفَضَتْ أَوْ فَنَقَصَتْ ) هُوَ بِفَتْحِ الْحُرُوفِ كُلِّهَا ، وَالْأَوَّلُ بِالْفَاءِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ ، وَالثَّانِي بِالْقَافِ وَالْمُهْمَلَةِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ : ( قَالَ الْمَعْقِرِيُّ : فَنَفَضَتْ ) بِالْفَاءِ وَالْمُعْجَمَةُ ، وَمَعْنَاهُ أَسْقَطَتْ ثَمْرَهَا . قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ : وَيُقَالُ لِذَلِكَ الْمُتَسَاقِطِ النَّفَضُ بِفَتْحِ النُّونِ وَالْفَاءِ بِمَعْنَى الْمَنْفُوضِ ، كَالْخَبَطِ بِمَعْنَى الْمَخْبُوطِ . وَأَنْفَضَ الْقَوْمُ فَنِيَ زَادُهُمْ.


[ سـ :4484 ... بـ :2363]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ كِلَاهُمَا عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ وَعَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِقَوْمٍ يُلَقِّحُونَ فَقَالَ لَوْ لَمْ تَفْعَلُوا لَصَلُحَ قَالَ فَخَرَجَ شِيصًا فَمَرَّ بِهِمْ فَقَالَ مَا لِنَخْلِكُمْ قَالُوا قُلْتَ كَذَا وَكَذَا قَالَ أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأَمْرِ دُنْيَاكُمْ

قَوْلُهُ : ( فَخَرَجَ شِيصًا ) هُوَ بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَإِسْكَانِ الْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَبِصَادٍ مُهْمَلَةٍ ، وَهُوَ الْبُسْرُ الرَّدِيءُ الَّذِي إِذَا يَبِسَ صَارَ حَشَفًا ، وَقِيلَ : أَرْدَأ الْبُسْرُ ، وَقِيلَ : تَمْرٌ رَدِيءٌ ، وَهُوَ مُتَقَارِبٌ .