فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ مِنْ فَضَائِلِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ

باب مِنْ فَضَائِلِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَام
[ سـ :4509 ... بـ :2378]
حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ قَالُوا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَكْرَمُ النَّاسِ قَالَ أَتْقَاهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ قَالَ فَيُوسُفُ نَبِيُّ اللَّهِ ابْنُ نَبِيِّ اللَّهِ ابْنِ نَبِيِّ اللَّهِ ابْنِ خَلِيلِ اللَّهِ قَالُوا لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ قَالَ فَعَنْ مَعَادِنِ الْعَرَبِ تَسْأَلُونِي خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ إِذَا فَقُهُوا

قَوْلُهُ : ( قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَكْرَمُ النَّاسِ ؟ قَالَ : " أَتْقَاهُمْ لِلَّهِ " قَالُوا : لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ قَالَ : " يُوسُفُ نَبِيُّ اللَّهِ بْنُ نَبِيِّ اللَّهِ بْنِ خَلِيلِ اللَّهِ " قَالُوا : لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ قَالَ : " فَعَنْ مَعَادِنِ الْعَرَبِ تَسْأَلُونَنِي ، خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ إِذَا فَقِهُوا )

هَكَذَا وَقَعَ فِي مُسْلِمٍ ( نَبِيُّ اللَّهِ بْنُ نَبِيِّ اللَّهِ بْنِ خَلِيلِ اللَّهِ ) ، وَفِي رِوَايَاتٍ لِلْبُخَارِيِّ كَذَلِكَ ، وَفِي بَعْضِهَا ( نَبِيُّ اللَّهِ بْنُ نَبِيِّ اللَّهِ بْنِ نَبِيِّ اللَّهِ بْنِ خَلِيلِ اللَّهِ ) ، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ هِيَ الْأَصْلُ ، وَأَمَّا الْأُولَى فَمُخْتَصَرَةٌ مِنْهَا ، فَإِنَّهُ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَسَبَهُ فِي الْأُولَى إِلَى جَدِّهِ .

وَيُقَالُ : يُوسُفُ بِضَمِّ السِّينِ وَكَسْرِهَا وَفَتْحِهَا مَعَ الْهَمْزِ وَتَرْكِهِ ، فَهِيَ سِتَّةُ أَوْجُهٍ قَالَ الْعُلَمَاءُ : وَأَصْلُ الْكَرَمِ كَثْرَةُ الْخَيْرِ ، وَقَدْ جَمَعَ يُوسُفُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ ، مَعَ شَرَفِ النُّبُوَّةِ ، مَعَ شَرَفِ النَّسَبِ ، وَكَوْنُهُ نَبِيًّا ابْنَ ثَلَاثَةِ أَنْبِيَاءَ مُتَنَاسِلِينَ أَحَدُهُمْ خَلِيلُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَانْضَمَّ إِلَيْهِ شَرَفُ عِلْمِ الرُّؤْيَا ، وَتَمَكُّنِهِ فِيهِ ، وَرِيَاسَةِ الدُّنْيَا ، وَمُلْكِهَا بِالسِّيرَةِ الْجَمِيلَةِ ، وَحِيَاطَتِهِ لِلرَّعِيَّةِ ، وَعُمُومِ نَفْعِهِ إِيَّاهُمْ ، وَشَفَقَتِهِ عَلَيْهِمْ ، وَإِنْقَاذِهِ إِيَّاهُمْ مِنْ تِلْكَ السِّنِينَ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَالَ الْعُلَمَاءُ : لَمَّا سُئِلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُّ النَّاسِ أَكْرَمُ ؟ أَخْبَرَ بِأَكْمَلِ الْكَرَمِ وَأَعَمِّهِ ، فَقَالَ : أَتْقَاهُمْ لِلَّهِ . وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ أَصْلَ الْكَرَمِ كَثْرَةُ الْخَيْرِ ، وَمَنْ كَانَ مُتَّقِيًا كَانَ كَثِيرَ الْخَيْرِ وَكَثِيرَ الْفَائِدَةِ فِي الدُّنْيَا ، وَصَاحِبَ الدَّرَجَاتِ الْعُلَا فِي الْآخِرَةِ . فَلَمَّا قَالُوا : لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ قَالَ : يُوسُفُ الَّذِي جَمَعَ خَيْرَاتِ الْآخِرَةِ وَالدُّنْيَا وَشَرَفَهُمَا .

فَلَمَّا قَالُوا : لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُ ، فَهِمَ عَنْهُمْ أَنَّ مُرَادَهُمْ قَبَائِلُ الْعَرَبِ قَالَ : " خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ إِذَا فَقُهُوا "

وَمَعْنَاهُ أَنَّ أَصْحَابَ الْمُرُوءَاتِ وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا أَسْلَمُوا أَوْ فَقُهُوا فَهُمْ خِيَارُ النَّاسِ . قَالَ الْقَاضِي : وَقَدْ تَضَمَّنَ الْحَدِيثُ فِي الْأَجْوِبَةِ الثَّلَاثَةِ أَنَّ الْكَرَمَ كُلَّهُ عُمُومَهُ وَخُصُوصَهُ وَمُجْمَلَهُ وَمُبَانَهُ إِنَّمَا هُوَ الدِّينُ مِنَ التَّقْوَى وَالنُّبُوَّةِ وَالْإِعْرَاقِ فِيهَا وَالْإِسْلَامِ مَعَ الْفِقْهِ ، وَمَعْنَى مَعَادِنِ الْعَرَبِ أُصُولُهَا وَفَقُهُوا بِضَمِّ الْقَافِ عَلَى الْمَشْهُورِ ، وَحُكِيَ كَسْرُهَا أَيْ صَارُوا فُقَهَاءَ عَالَمِينَ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْفِقْهِيَّةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .