فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ مِنْ فَضَائِلِ طَلْحَةَ ، وَالزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا

باب مِنْ فَضَائِلِ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
[ سـ :4562 ... بـ :2414]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ وَحَامِدُ بْنُ عُمَرَ الْبَكْرَاوِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالُوا حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ وَهُوَ ابْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي عَنْ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ لَمْ يَبْقَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ تِلْكَ الْأَيَّامِ الَّتِي قَاتَلَ فِيهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ طَلْحَةَ وَسَعْدٍ عَنْ حَدِيثِهِمَا

قَوْلُهُ : ( عَنْ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ : لَمْ يَبْقَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ تِلْكَ الْأَيَّامِ ـ إِلَى قَوْلِهِ ـ غَيْرُ طَلْحَةَ وَسَعْدٍ عَنْ حَدِيثِهِمَا ) مَعْنَاهُ وَهُمَا حَدَّثَانِي بِذَلِكَ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .




[ سـ :4563 ... بـ :2415]
حَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ نَدَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ ثُمَّ نَدَبَهُمْ فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ ثُمَّ نَدَبَهُمْ فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيٌّ وَحَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ جَمِيعًا عَنْ وَكِيعٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ كِلَاهُمَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَى حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ

قَوْلُهُ ( نَدَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرَ ) أَيْ دَعَاهُمْ لِلْجِهَادِ ، وَحَرَّضَهُمْ عَلَيْهِ ، فَأَجَابَهُ الزُّبَيْرُ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيٌّ ، وَحَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ ) قَالَ الْقَاضِي : اخْتُلِفَ فِي ضَبْطِهِ ، فَضَبَطَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ بِفَتْحِ الْيَاءِ مِنَ الثَّانِي كَمُصْرِخِيَّ ، وَضَبَطَهُ أَكْثَرُهُمْ بِكَسْرِهَا ، وَالْحَوَارِيُّ النَّاصِرُ ، وَقِيلَ : الْخَاصَّةُ .




[ سـ :4564 ... بـ :2416]
حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ الْخَلِيلِ وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ كِلَاهُمَا عَنْ ابْنِ مُسْهِرٍ قَالَ إِسْمَعِيلُ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ كُنْتُ أَنَا وَعُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ مَعَ النِّسْوَةِ فِي أُطُمِ حَسَّانَ فَكَانَ يُطَأْطِئُ لِي مَرَّةً فَأَنْظُرُ وَأُطَأْطِئُ لَهُ مَرَّةً فَيَنْظُرُ فَكُنْتُ أَعْرِفُ أَبِي إِذَا مَرَّ عَلَى فَرَسِهِ فِي السِّلَاحِ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ قَالَ وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِأَبِي فَقَالَ وَرَأَيْتَنِي يَا بُنَيَّ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ جَمَعَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ أَبَوَيْهِ فَقَالَ فَدَاكَ أَبِي وَأُمِّي وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْخَنْدَقِ كُنْتُ أَنَا وَعُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ فِي الْأُطُمِ الَّذِي فِيهِ النِّسْوَةُ يَعْنِي نِسْوَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمَعْنَى حَدِيثِ ابْنِ مُسْهِرٍ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ وَلَمْ يَذْكُرْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُرْوَةَ فِي الْحَدِيثِ وَلَكِنْ أَدْرَجَ الْقِصَّةَ فِي حَدِيثِ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ

قَوْلُهُ : ( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ : كُنْتُ أَنَا وَعُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ مَعَ النِّسْوَةِ فِي أُطُمِ حَسَّانَ ، فَكَانَ يُطَأْطِئُ لِي مَرَّةً فَأَنْظُرُ . . . إِلَى آخِرِهِ ) الْأُطُمُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالطَّاءِ الْحِصْنُ ، وَجَمْعُهُ آطَامٌ ، كَعُنُقٍ وَأَعْنَاقٍ . قَالَ الْقَاضِي . وَيُقَالُ فِي الْجَمْعِ أَيْضًا إِطَامٌ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالْقَصْرِ ، كَآكَامٍ .

وَقَوْلُهُ : كَانَ يُطَأْطِئُ هُوَ بِهَمْزِ آخِرِهِ ، وَمَعْنَاهُ يَخْفِضُ لِي ظَهْرَهُ - وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ لِحُصُولِ ضَبْطِ الصَّبِيِّ وَتَمْيِيزِهِ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِ سِنِينَ ، فَإِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ وُلِدَ عَامَ الْهِجْرَةِ فِي الْمَدِينَةِ ، وَكَانَ الْخَنْدَقُ سَنَةَ أَرْبَعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ عَلَى الصَّحِيحِ ، فَيَكُونُ لَهُ فِي وَقْتِ ضَبْطِهِ لِهَذِهِ الْقَضِيَّةِ دُونَ أَرْبَعِ سِنِينَ ، وَفِي هَذَا رَدٌّ عَلَى مَا قَالَهُ جُمْهُورُ الْمُحَدِّثِينَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ سَمَاعُ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسَ سِنِينَ ، وَالصَّوَابُ صِحَّتُهُ مَتَى حَصَلَ التَّمْيِيزُ ، وَإِنْ كَانَ ابْنَ أَرْبَعٍ أَوْ دُونَهَا . وَفِيهِ مَنْقَبَةٌ لِابْنِ الزُّبَيْرِ لِجَوْدَةِ ضَبْطِهِ لِهَذِهِ الْقَضِيَّةِ مُفَصَّلَةً فِي هَذَا السِّنِّ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .




[ سـ :4565 ... بـ :2417]
وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عَلَى حِرَاءٍ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ فَتَحَرَّكَتْ الصَّخْرَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اهْدَأْ فَمَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيقٌ أَوْ شَهِيدٌ

قَوْلُهُ : ( إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عَلَى حِرَاءَ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ ، وَعُمَرُ ، وَعَلِيٌّ ، وَعُثْمَانُ ، وَطَلْحَةُ ، وَالزُّبَيْرُ ، فَتَحَرَّكَتِ الصَّخْرَةُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : اهْدَأْ فَمَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيقٌ أَوْ شَهِيدٌ ) هَكَذَا وَقَعَ فِي مُعْظَمِ النُّسَخِ بِتَقْدِيمِ عَلِيٍّ عَلَى عُثْمَانَ ، وَفِي بَعْضِهَا بِتَقْدِيمِ عُثْمَانَ عَلَى عَلِيٍّ كَمَا وَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ بِاتِّفَاقِ النُّسَخِ .

وَقَوْلُهُ : ( اهْدَأْ ) بِهَمْزِ آخِرِهِ أَيِ اسْكُنْ . وَ ( حِرَاءُ ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَبِالْمَدِّ ، هَذَا هُوَ الصَّوَابُ ، وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ وَاضِحًا فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ ، وَأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ مُذَكَّرٌ مَمْدُودٌ مَصْرُوفٌ .

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مُعْجِزَاتٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مِنْهَا إِخْبَارُهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ شُهَدَاءُ ، وَمَاتُوا كُلُّهُمْ غَيْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ شُهَدَاءَ ؛ فَإِنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيًّا وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قُتِلُوا ظُلْمًا شُهَدَاءَ ؛ فَقَتْلُ الثَّلَاثَةِ مَشْهُورٌ ، وَقُتِلَ الزُّبَيْرُ بِوَادِي السِّبَاعِ بِقُرْبِ الْبَصْرَةِ مُنْصَرِفًا تَارِكًا لِلْقِتَالِ ، وَكَذَلِكَ طَلْحَةُ اعْتَزَلَ النَّاسَ تَارِكًا لِلْقِتَالِ ، فَأَصَابَهُ سَهْمٌ فَقَتَلَهُ ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ مَنْ قُتِلَ ظُلْمًا فَهُوَ شَهِيدٌ ، وَالْمُرَادُ شُهَدَاءُ فِي أَحْكَامِ الْآخِرَةِ ، وَعَظِيمِ ثَوَابِ الشُّهَدَاءِ . وَأَمَّا فِي الدُّنْيَا فَيُغَسَّلُونَ وَيُصَلَّى عَلَيْهِمْ .

وَفِيهِ بَيَانُ فَضِيلَةِ هَؤُلَاءِ . وَفِيهِ إِثْبَاتُ التَّمْيِيزِ فِي الْحِجَازِ ، وَجَوَازِ التَّزْكِيَةِ وَالثَّنَاءِ عَلَى الْإِنْسَانِ فِي وَجْهِهِ إِذَا لَمْ يُخَفْ عَلَيْهِ فِتْنَةٌ بِإِعْجَابٍ وَنَحْوِهِ . وَأَمَّا ذِكْرُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فِي الشُّهَدَاءِ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ فَقَالَ الْقَاضِي : إِنَّمَا سُمِّيَ شَهِيدًا لِأَنَّهُ مَشْهُودٌ لَهُ بِالْجَنَّةِ .