فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ مِنْ فَضَائِلِ أُمِّ أَيْمَنَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا

باب مِنْ فَضَائِلِ أُمِّ أَيْمَنَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
[ سـ :4618 ... بـ :2453]
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ انْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أُمِّ أَيْمَنَ فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ فَنَاوَلَتْهُ إِنَاءً فِيهِ شَرَابٌ قَالَ فَلَا أَدْرِي أَصَادَفَتْهُ صَائِمًا أَوْ لَمْ يُرِدْهُ فَجَعَلَتْ تَصْخَبُ عَلَيْهِ وَتَذَمَّرُ عَلَيْهِ

قَوْلُهُ : ( انْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أُمِّ أَيْمَنَ ، فَنَاوَلَتْهُ إِنَاءً فِيهِ شَرَابٌ ، فَلَا أَدْرِي أَصَادَفَتْهُ صَائِمًا أَوْ لَمْ يُرِدْهُ ، فَجَعَلَتْ تَصْخَبُ عَلَيْهِ ، وَتَذْمُرُ عَلَيْهِ ) قَوْلُهُ : ( تَصْخَبُ ) أَيْ تَصِيحُ وَتَرْفَعُ صَوْتَهَا إِنْكَارًا لِإِمْسَاكِهِ عَنْ شُرْبِ الشَّرَابِ . وَقَوْلُهُ : ( تَذْمُرُ ) هُوَ بِفَتْحِ التَّاءِ وَإِسْكَانِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَضَمِّ الْمِيمِ ، وَيُقَالُ : تَذَمَّرُ بِفَتْحِ التَّاءِ وَالذَّالِ وَالْمِيمِ أَيْ تَتَذَمَّرُ ، وَتَتَكَلَّمُ بِالْغَضَبِ . يُقَالُ : ذَمَرَ يَذْمُرُ كَقَتَلَ يَقْتُلُ إِذَا غَضِبَ ، وَإِذَا تَكَلَّمَ بِالْغَضَبِ . وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَدَّ الشَّرَابَ عَلَيْهَا إِمَّا لِصِيَامٍ ، وَإِمَّا لِغَيْرِهِ ، فَغَضِبَتْ وَتَكَلَّمَتْ بِالْإِنْكَارِ وَالْغَضَبِ . وَكَانَتْ تَدِلُّ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكَوْنِهَا حَضَنَتْهُ وَرَبَّتْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ أُمِّي بَعْدَ أُمِّي وَفِيهِ أَنَّ لِلضَّيْفِ الِامْتِنَاعَ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ الَّذِي يُحْضِرُهُ الْمُضِيفُ إِذَا كَانَ لَهُ عُذْرٌ مِنْ صَوْمٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ .




[ سـ :4619 ... بـ :2454]
حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلَابِيُّ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ انْطَلِقْ بِنَا إِلَى أُمِّ أَيْمَنَ نَزُورُهَا كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزُورُهَا فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَيْهَا بَكَتْ فَقَالَا لَهَا مَا يُبْكِيكِ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ مَا أَبْكِي أَنْ لَا أَكُونَ أَعْلَمُ أَنَّ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِنْ أَبْكِي أَنَّ الْوَحْيَ قَدْ انْقَطَعَ مِنْ السَّمَاءِ فَهَيَّجَتْهُمَا عَلَى الْبُكَاءِ فَجَعَلَا يَبْكِيَانِ مَعَهَا

قَوْلُهُ : ( قَالَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : انْطَلِقْ بِنَا إِلَى أُمِّ أَيْمَنَ نَزُورُهَا ، كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزُورُهَا ) فِيهِ زِيَارَةُ الصَّالِحِينَ وَفَضْلُهَا ، وَزِيَارَةُ الصَّالِحِ لِمَنْ هُوَ دُونَهُ ، وَزِيَارَةُ الْإِنْسَانِ لِمَنْ كَانَ صَدِيقُهُ يَزُورُهُ ، وَلِأَهْلِ وُدِّ صَدِيقِهِ ، وَزِيَارَةُ جَمَاعَةٍ مِنَ الرِّجَالِ لِلْمَرْأَةِ الصَّالِحَةِ ، وَسَمَاعِ كَلَامِهَا ، وَاسْتِصْحَابُ الْعَالِمِ وَالْكَبِيرِ صَاحِبًا لَهُ فِي الزِّيَارَةِ ، وَالْعِيَادَةِ ، وَنَحْوِهِمَا . وَالْبُكَاءُ حُزْنًا عَلَى فِرَاقِ الصَّالِحِينَ وَالْأَصْحَابِ ، وَإِنْ كَانُوا قَدِ انْتَقَلُوا إِلَى أَفْضَلَ مِمَّا كَانُوا عَلَيْهِ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .