فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ مُدَارَاةِ مَنْ يُتَّقَى فُحْشُهُ

باب مُدَارَاةِ مَنْ يُتَّقَى فُحْشُهُ
[ سـ :4821 ... بـ :2591]
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَابْنُ نُمَيْرٍ كُلُّهُمْ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَاللَّفْظُ لِزُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ وَهُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ سَمِعَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ أَنَّ رَجُلًا اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ ائْذَنُوا لَهُ فَلَبِئْسَ ابْنُ الْعَشِيرَةِ أَوْ بِئْسَ رَجُلُ الْعَشِيرَةِ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ أَلَانَ لَهُ الْقَوْلَ قَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قُلْتَ لَهُ الَّذِي قُلْتَ ثُمَّ أَلَنْتَ لَهُ الْقَوْلَ قَالَ يَا عَائِشَةُ إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ وَدَعَهُ أَوْ تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ فُحْشِهِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَ مَعْنَاهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ بِئْسَ أَخُو الْقَوْمِ وَابْنُ الْعَشِيرَةِ

قَوْلُهُ : ( أَنَّ رَجُلًا اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : ائْذَنُوا لَهُ ، فَلَبِئْسَ ابْنُ الْعَشِيرَةِ ، أَوْ بِئْسَ رَجُلُ الْعَشِيرَةِ فَلَمَّا دَخَلَ أَلَانَ لَهُ الْقَوْلَ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قُلْتَ لَهُ الَّذِي قُلْتَ ، ثُمَّ أَلَنْتَ لَهُ الْقَوْلَ ؟ قَالَ : يَا عَائِشَةُ إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ وَدَعَهُ أَوْ تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ فُحْشِهِ ) قَالَ الْقَاضِي : هَذَا الرَّجُلُ هُوَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ ، وَلَمْ يَكُنْ أَسْلَمَ حِينَئِذٍ ، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ ، فَأَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُبَيِّنَ حَالَهُ لِيَعْرِفَهُ النَّاسُ ، وَلَا يَغْتَرُّ بِهِ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ حَالَهُ . قَالَ : وَكَانَ مِنْهُ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَعْدَهُ مَا دَلَّ عَلَى ضَعْفِ إِيمَانِهِ ، وَارْتَدَّ مَعَ الْمُرْتَدِّينَ ، وَجِيءَ بِهِ أَسِيرًا إِلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . وَوَصْفُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ بِأَنَّهُ بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ ; لِأَنَّهُ ظَهَرَ كَمَا وَصَفَ ، وَإِنَّمَا أَلَانَ لَهُ الْقَوْلَ تَأَلُّفًا لَهُ وَلِأَمْثَالِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ . وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مُدَارَاةُ مَنْ يُتَّقَى فُحْشُهُ ، وَجَوَازُ غِيبَةِ الْفَاسِقِ الْمُعْلِنِ فِسْقَهُ ، وَمَنْ يَحْتَاجُ النَّاسُ إِلَى التَّحْذِيرِ مِنْهُ ، وَقَدْ أَوْضَحْنَاهُ قَرِيبًا فِي بَابِ الْغِيبَةِ ، وَلَمْ يَمْدَحْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَا ذَكَرَ أَنَّهُ أَثْنَى عَلَيْهِ فِي وَجْهِهِ وَلَا فِي قَفَاهُ ، إِنَّمَا تَأَلَّفَهُ بِشَيْءٍ مِنَ الدُّنْيَا مَعَ لِينِ الْكَلَامِ . وَأَمَّا ( بِئْسَ ابْنُ الْعَشِيرَةِ أَوْ رَجُلُ الْعَشِيرَةِ ) فَالْمُرَادُ بِالْعَشِيرَةِ قَبِيلَتُهُ ، أَيْ بِئْسَ هَذَا الرَّجُلُ مِنْهَا .