فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ تَحْرِيمِ الْكِبْرِ

باب تَحْرِيمِ الْكِبْرِ
[ سـ :4881 ... بـ :2620]
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ الْأَزْدِيُّ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَقَ عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْأَغَرِّ أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ قَالَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِزُّ إِزَارُهُ وَالْكِبْرِيَاءُ رِدَاؤُهُ فَمَنْ يُنَازِعُنِي عَذَّبْتُهُ

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْعِزُّ إِزَارُهُ ، وَالْكِبْرِيَاءُ رِدَاؤُهُ ، فَمَنْ يُنَازِعُنِي عَذَّبْتُهُ ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ فَالضَّمِيرُ فِي : ( إِزَارُهُ وَرِدَاؤُهُ ) يَعُودُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى لِلْعِلْمِ بِهِ ، وَفِيهِ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ : قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ( وَمَنْ يُنَازِعُنِي ذَلِكَ أُعَذِّبُهُ ) . وَمَعْنَى ( يُنَازِعُنِي ) يَتَخَلَّقُ بِذَلِكَ ، فَيَصِيرُ فِي مَعْنَى الْمُشَارِكِ ، وَهَذَا وَعِيدٌ شَدِيدٌ فِي الْكِبْرِ مُصَرِّحٌ بِتَحْرِيمِهِ . وَأَمَّا تَسْمِيَتُهُ إِزَارًا وَرِدَاءً فَمَجَازٌ وَاسْتِعَارَةٌ حَسَنَةٌ كَمَا تَقُولُ الْعَرَبُ : فُلَانٌ شِعَارُهُ الزُّهْدُ ، وَدِثَارُهُ التَّقْوَى لَا يُرِيدُونَ الثَّوْبَ الَّذِي هُوَ شِعَارٌ أَوْ دِثَارٌ ، بَلْ مَعْنَاهُ صِفَتُهُ ، كَذَا قَالَ الْمَازِرِيُّ . وَمَعْنَى الِاسْتِعَارَةِ هُنَا أَنَّ الْإِزَارَ وَالرِّدَاءَ يُلْصَقَانِ بِالْإِنْسَانِ ، وَيَلْزَمَانِهِ ، وَهُمَا جَمَالٌ لَهُ . قَالَ : فَضَرَبَ ذَلِكَ مَثَلًا لِكَوْنِ الْعِزِّ وَالْكِبْرِيَاءِ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَحَقَّ ، وَلَهُ أَلْزَمَ ، وَاقْتَضَاهُمَا جَلَالُهُ . وَمِنْ مَشْهُورِ كَلَامِ الْعَرَبِ فُلَانٌ وَاسِعُ الرِّدَاءِ ، وَغَمِرُ الرِّدَاءِ أَيْ وَاسِعُ الْعَطِيَّةِ .