فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ رَفْعِ الْعِلْمِ وَقَبْضِهِ وَظُهُورِ الْجَهْلِ وَالْفِتَنِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ

باب رَفْعِ الْعِلْمِ وَقَبْضِهِ وَظُهُورِ الْجَهْلِ وَالْفِتَنِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ
[ سـ :4953 ... بـ :2671]
حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ حَدَّثَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ وَيَثْبُتَ الْجَهْلُ وَيُشْرَبَ الْخَمْرُ وَيَظْهَرَ الزِّنَا

قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ إِلَخْ ) هَذَا الْإِسْنَادُ وَاَلَّذِي بَعْدَهُ كُلُّهُمْ بَصْرِيُّونَ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ وَيَثْبُتُ الْجَهْلُ وَتُشْرَبُ الْخَمْرُ وَيَظْهَرُ الزِّنَا ) هَكَذَا هُوَ فِي كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ : ( يَثْبُتُ الْجَهْلُ ) مِنَ الثُّبُوتِ ، وَفِي بَعْضِهَا ( يُبَثُّ ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَبَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ مَفْتُوحَةٌ ثُمَّ مُثَلَّثَةٌ مُشَدَّدَةٌ ، أَيْ يُنْشَرُ وَيَشِيعُ . وَمَعْنَى ( تُشْرَبُ الْخَمْرُ ) شُرْبًا فَاشِيًا ، وَ ( يَظْهَرُ الزِّنَا ) أَيْ يَفْشُو وَيَنْتَشِرُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ . وَ ( أَشْرَاطُ السَّاعَةِ ) عَلَامَاتُهَا ، وَاحِدُهَا شَرَطٌ بِفَتْحِ الشِّينِ وَالرَّاءِ . وَ ( يَقِلُّ ) الرِّجَالُ بِسَبَبِ الْقَتْلِ ، وَتَكْثُرُ النِّسَاءُ ، فَلِهَذَا يَكْثُرُ الْجَهْلُ وَالْفَسَادُ ، وَيَظْهَرُ الزِّنَا وَالْخَمْرُ . وَ ( يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ ) أَيْ يَقْرُبُ مِنَ الْقِيَامَةِ . وَيُلْقَى الشُّحُّ هُوَ بِإِسْكَانِ اللَّامِ وَتَخْفِيفِ الْقَافِ أَيْ يُوضَعُ فِي الْقُلُوبِ ، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ يُلَقَّى بِفَتْحِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْقَافِ أَيْ يُعْطَى ، وَالشُّحُّ هُوَ الْبُخْلُ بِأَدَاءِ الْحُقُوقِ ، وَالْحِرْصُ عَلَى مَا لَيْسَ لَهُ ، وَقَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِيهِ مَبْسُوطًا فِي بَابِ تَحْرِيمِ الظُّلْمِ . وَفِي رِوَايَةٍ : ( وَيَنْقُصُ الْعِلْمُ ) هَذَا يَكُونُ قَبْلَ قَبْضِهِ .




[ سـ :4957 ... بـ :2673]
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ سَمِعْتَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ النَّاسِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يَتْرُكْ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الْعَتَكِيُّ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ ح وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ وَأَبُو أُسَامَةَ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَعَبْدَةُ ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ح وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ح وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ كُلُّهُمْ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِ حَدِيثِ جَرِيرٍ وَزَادَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ ثُمَّ لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ فَسَأَلْتُهُ فَرَدَّ عَلَيْنَا الْحَدِيثَ كَمَا حَدَّثَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُمْرَانَ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ أَخْبَرَنِي أَبِي جَعْفَرٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ النَّاسِ ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يَتْرُكْ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا ) هَذَا الْحَدِيثُ يُبَيِّنُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَبْضِ الْعِلْمِ فِي الْأَحَادِيثِ السَّابِقَةِ الْمُطْلَقَةِ لَيْسَ هُوَ مَحْوُهُ مِنْ صُدُورِ حُفَّاظِهِ ، وَلَكِنْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَمُوتُ حَمَلَتُهُ ، وَيَتَّخِذُ النَّاسُ جُهَّالًا يَحْكُمُونَ بِجَهَالَاتِهِمْ فَيُضِلُّونَ وَيَضِلُّونَ .

وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا ) ضَبَطْنَاهُ فِي الْبُخَارِيِّ ( رُءُوسًا ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَبِالتَّنْوِينِ جَمْعُ رَأْسٍ ، وَضَبَطُوهُ فِي مُسْلِمٍ هُنَا بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا هَذَا ، وَالثَّانِي ( رُؤَسَاءَ ) بِالْمَدِّ جَمْعُ رَئِيسٍ ، وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ ، وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ . وَفِيهِ التَّحْذِيرُ مِنَ اتِّخَاذِ الْجُهَّالِ رُؤَسَاءَ . ( أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو : وَمَا أَحْسِبُهُ إِلَّا قَدْ صَدَقَ أَرَاهُ لَمْ يَزِدْ فِيهِ شَيْئًا وَلَمْ يَنْقُصْ ) لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهَا اتَّهَمَتْهُ ، لَكِنَّهَا خَافَتْ أَنْ يَكُونَ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ ، أَوْ قَرَأَهُ مِنْ كُتُبِ الْحِكْمَةِ ، فَتَوَهَّمَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا كَرَّرَهُ مَرَّةً أُخْرَى ، وَثَبَتَ عَلَيْهِ ، غَلَبَ عَلَى ظَنّهَا أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .




[ سـ :4958 ... بـ :2673]
حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى التُّجِيبِيُّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي أَبُو شُرَيْحٍ أَنَّ أَبَا الْأَسْوَدِ حَدَّثَهُ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ قَالَتْ لِي عَائِشَةُ يَا ابْنَ أُخْتِي بَلَغَنِي أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو مَارٌّ بِنَا إِلَى الْحَجِّ فَالْقَهُ فَسَائِلْهُ فَإِنَّهُ قَدْ حَمَلَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِلْمًا كَثِيرًا قَالَ فَلَقِيتُهُ فَسَاءَلْتُهُ عَنْ أَشْيَاءَ يَذْكُرُهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عُرْوَةُ فَكَانَ فِيمَا ذَكَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْتَزِعُ الْعِلْمَ مِنْ النَّاسِ انْتِزَاعًا وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعُلَمَاءَ فَيَرْفَعُ الْعِلْمَ مَعَهُمْ وَيُبْقِي فِي النَّاسِ رُءُوسًا جُهَّالًا يُفْتُونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَيَضِلُّونَ وَيُضِلُّونَ قَالَ عُرْوَةُ فَلَمَّا حَدَّثْتُ عَائِشَةَ بِذَلِكَ أَعْظَمَتْ ذَلِكَ وَأَنْكَرَتْهُ قَالَتْ أَحَدَّثَكَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ هَذَا قَالَ عُرْوَةُ حَتَّى إِذَا كَانَ قَابِلٌ قَالَتْ لَهُ إِنَّ ابْنَ عَمْرٍو قَدْ قَدِمَ فَالْقَهُ ثُمَّ فَاتِحْهُ حَتَّى تَسْأَلَهُ عَنْ الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرَهُ لَكَ فِي الْعِلْمِ قَالَ فَلَقِيتُهُ فَسَاءَلْتُهُ فَذَكَرَهُ لِي نَحْوَ مَا حَدَّثَنِي بِهِ فِي مَرَّتِهِ الْأُولَى قَالَ عُرْوَةُ فَلَمَّا أَخْبَرْتُهَا بِذَلِكَ قَالَتْ مَا أَحْسَبُهُ إِلَّا قَدْ صَدَقَ أَرَاهُ لَمْ يَزِدْ فِيهِ شَيْئًا وَلَمْ يَنْقُصْ

وَقَوْلُهَا : ( أَرَاهُ ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ . وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ الْحَثُّ عَلَى حِفْظِ الْعِلْمِ وَأَخْذِهِ عَنْ أَهْلِهِ ، وَاعْتِرَافُ الْعَالِمِ لِلْعَالِمِ بِالْفَضِيلَةِ .