فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابٌ فِي حَدِيثِ الْإِفْكِ وَقَبُولِ تَوْبَةِ الْقَاذِفِ

باب فِي حَدِيثِ الْإِفْكِ وَقَبُولِ تَوْبَةِ الْقَاذِفِ
[ سـ :5103 ... بـ :2770]
حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ الْأَيْلِيُّ ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَ ابْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا وَقَالَ الْآخَرَانِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ وَالسِّيَاقُ حَدِيثُ مَعْمَرٍ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدٍ وَابْنِ رَافِعٍ قَالَ يُونُسُ وَمَعْمَرٌ جَمِيعًا عَنْ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الْإِفْكِ مَا قَالُوا فَبَرَّأَهَا اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكُلُّهُمْ حَدَّثَنِي طَائِفَةً مِنْ حَدِيثِهَا وَبَعْضُهُمْ كَانَ أَوْعَى لِحَدِيثِهَا مِنْ بَعْضٍ وَأَثْبَتَ اقْتِصَاصًا وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ الْحَدِيثَ الَّذِي حَدَّثَنِي وَبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا ذَكَرُوا أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُ قَالَتْ عَائِشَةُ فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا فَخَرَجَ فِيهَا سَهْمِي فَخَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ بَعْدَ مَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ فَأَنَا أُحْمَلُ فِي هَوْدَجِي وَأُنْزَلُ فِيهِ مَسِيرَنَا حَتَّى إِذَا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوِهِ وَقَفَلَ وَدَنَوْنَا مِنْ الْمَدِينَةِ آذَنَ لَيْلَةً بِالرَّحِيلِ فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بِالرَّحِيلِ فَمَشَيْتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الْجَيْشَ فَلَمَّا قَضَيْتُ مِنْ شَأْنِي أَقْبَلْتُ إِلَى الرَّحْلِ فَلَمَسْتُ صَدْرِي فَإِذَا عِقْدِي مِنْ جَزْعِ ظَفَارِ قَدْ انْقَطَعَ فَرَجَعْتُ فَالْتَمَسْتُ عِقْدِي فَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ وَأَقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِينَ كَانُوا يَرْحَلُونَ لِي فَحَمَلُوا هَوْدَجِي فَرَحَلُوهُ عَلَى بَعِيرِيَ الَّذِي كُنْتُ أَرْكَبُ وَهُمْ يَحْسِبُونَ أَنِّي فِيهِ قَالَتْ وَكَانَتْ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافًا لَمْ يُهَبَّلْنَ وَلَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ إِنَّمَا يَأْكُلْنَ الْعُلْقَةَ مِنْ الطَّعَامِ فَلَمْ يَسْتَنْكِرْ الْقَوْمُ ثِقَلَ الْهَوْدَجِ حِينَ رَحَلُوهُ وَرَفَعُوهُ وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ فَبَعَثُوا الْجَمَلَ وَسَارُوا وَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَ مَا اسْتَمَرَّ الْجَيْشُ فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ وَلَيْسَ بِهَا دَاعٍ وَلَا مُجِيبٌ فَتَيَمَّمْتُ مَنْزِلِي الَّذِي كُنْتُ فِيهِ وَظَنَنْتُ أَنَّ الْقَوْمَ سَيَفْقِدُونِي فَيَرْجِعُونَ إِلَيَّ فَبَيْنَا أَنَا جَالِسَةٌ فِي مَنْزِلِي غَلَبَتْنِي عَيْنِي فَنِمْتُ وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ قَدْ عَرَّسَ مِنْ وَرَاءِ الْجَيْشِ فَادَّلَجَ فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ فَأَتَانِي فَعَرَفَنِي حِينَ رَآنِي وَقَدْ كَانَ يَرَانِي قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ الْحِجَابُ عَلَيَّ فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفَنِي فَخَمَّرْتُ وَجْهِي بِجِلْبَابِي وَ وَاللَّهِ مَا يُكَلِّمُنِي كَلِمَةً وَلَا سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً غَيْرَ اسْتِرْجَاعِهِ حَتَّى أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ فَوَطِئَ عَلَى يَدِهَا فَرَكِبْتُهَا فَانْطَلَقَ يَقُودُ بِيَ الرَّاحِلَةَ حَتَّى أَتَيْنَا الْجَيْشَ بَعْدَ مَا نَزَلُوا مُوغِرِينَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ فِي شَأْنِي وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَاشْتَكَيْتُ حِينَ قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ شَهْرًا وَالنَّاسُ يُفِيضُونَ فِي قَوْلِ أَهْلِ الْإِفْكِ وَلَا أَشْعُرُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ يَرِيبُنِي فِي وَجَعِي أَنِّي لَا أَعْرِفُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللُّطْفَ الَّذِي كُنْتُ أَرَى مِنْهُ حِينَ أَشْتَكِي إِنَّمَا يَدْخُلُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُسَلِّمُ ثُمَّ يَقُولُ كَيْفَ تِيكُمْ فَذَاكَ يَرِيبُنِي وَلَا أَشْعُرُ بِالشَّرِّ حَتَّى خَرَجْتُ بَعْدَ مَا نَقَهْتُ وَخَرَجَتْ مَعِي أُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ الْمَنَاصِعِ وَهُوَ مُتَبَرَّزُنَا وَلَا نَخْرُجُ إِلَّا لَيْلًا إِلَى لَيْلٍ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ نَتَّخِذَ الْكُنُفَ قَرِيبًا مِنْ بُيُوتِنَا وَأَمْرُنَا أَمْرُ الْعَرَبِ الْأُوَلِ فِي التَّنَزُّهِ وَكُنَّا نَتَأَذَّى بِالْكُنُفِ أَنْ نَتَّخِذَهَا عِنْدَ بُيُوتِنَا فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ وَهِيَ بِنْتُ أَبِي رُهْمِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وَأُمُّهَا ابْنَةُ صَخْرِ بْنِ عَامِرٍ خَالَةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَابْنُهَا مِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ بْنِ عَبَّادِ بْنِ الْمُطَّلِبِ فَأَقْبَلْتُ أَنَا وَبِنْتُ أَبِي رُهْمٍ قِبَلَ بَيْتِي حِينَ فَرَغْنَا مِنْ شَأْنِنَا فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ فِي مِرْطِهَا فَقَالَتْ تَعِسَ مِسْطَحٌ فَقُلْتُ لَهَا بِئْسَ مَا قُلْتِ أَتَسُبِّينَ رَجُلًا قَدْ شَهِدَ بَدْرًا قَالَتْ أَيْ هَنْتَاهْ أَوْ لَمْ تَسْمَعِي مَا قَالَ قُلْتُ وَمَاذَا قَالَ قَالَتْ فَأَخْبَرَتْنِي بِقَوْلِ أَهْلِ الْإِفْكِ فَازْدَدْتُ مَرَضًا إِلَى مَرَضِي فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ كَيْفَ تِيكُمْ قُلْتُ أَتَأْذَنُ لِي أَنْ آتِيَ أَبَوَيَّ قَالَتْ وَأَنَا حِينَئِذٍ أُرِيدُ أَنْ أَتَيَقَّنَ الْخَبَرَ مِنْ قِبَلِهِمَا فَأَذِنَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجِئْتُ أَبَوَيَّ فَقُلْتُ لِأُمِّي يَا أُمَّتَاهْ مَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ فَقَالَتْ يَا بُنَيَّةُ هَوِّنِي عَلَيْكِ فَوَاللَّهِ لَقَلَّمَا كَانَتْ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا وَلَهَا ضَرَائِرُ إِلَّا كَثَّرْنَ عَلَيْهَا قَالَتْ قُلْتُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بِهَذَا قَالَتْ فَبَكَيْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَصْبَحْتُ لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ ثُمَّ أَصْبَحْتُ أَبْكِي وَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحْيُ يَسْتَشِيرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ قَالَتْ فَأَمَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ فَأَشَارَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالَّذِي يَعْلَمُ مِنْ بَرَاءَةِ أَهْلِهِ وَبِالَّذِي يَعْلَمُ فِي نَفْسِهِ لَهُمْ مِنْ الْوُدِّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هُمْ أَهْلُكَ وَلَا نَعْلَمُ إِلَّا خَيْرًا وَأَمَّا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ لَمْ يُضَيِّقْ اللَّهُ عَلَيْكَ وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ وَإِنْ تَسْأَلْ الْجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ قَالَتْ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَرِيرَةَ فَقَالَ أَيْ بَرِيرَةُ هَلْ رَأَيْتِ مِنْ شَيْءٍ يَرِيبُكِ مِنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَهُ بَرِيرَةُ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنْ رَأَيْتُ عَلَيْهَا أَمْرًا قَطُّ أَغْمِصُهُ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا فَتَأْتِي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ قَالَتْ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ قَالَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَ أَذَاهُ فِي أَهْلِ بَيْتِي فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا خَيْرًا وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا مَعِي فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ أَنَا أَعْذِرُكَ مِنْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ كَانَ مِنْ الْأَوْسِ ضَرَبْنَا عُنُقَهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا الْخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أَمْرَكَ قَالَتْ فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَهُوَ سَيِّدُ الْخَزْرَجِ وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا وَلَكِنْ اجْتَهَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَا تَقْتُلُهُ وَلَا تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَهُوَ ابْنُ عَمِّ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنْ الْمُنَافِقِينَ فَثَارَ الْحَيَّانِ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَتُوا وَسَكَتَ قَالَتْ وَبَكَيْتُ يَوْمِي ذَلِكَ لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ ثُمَّ بَكَيْتُ لَيْلَتِي الْمُقْبِلَةَ لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ وَأَبَوَايَ يَظُنَّانِ أَنَّ الْبُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي فَبَيْنَمَا هُمَا جَالِسَانِ عِنْدِي وَأَنَا أَبْكِي اسْتَأْذَنَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَأَذِنْتُ لَهَا فَجَلَسَتْ تَبْكِي قَالَتْ فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ قَالَتْ وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِي مُنْذُ قِيلَ لِي مَا قِيلَ وَقَدْ لَبِثَ شَهْرًا لَا يُوحَى إِلَيْهِ فِي شَأْنِي بِشَيْءٍ قَالَتْ فَتَشَهَّدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ جَلَسَ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ يَا عَائِشَةُ فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وَكَذَا فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وَتُوبِي إِلَيْهِ فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ بِذَنْبٍ ثُمَّ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ قَالَتْ فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقَالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِي حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً فَقُلْتُ لِأَبِي أَجِبْ عَنِّي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا قَالَ فَقَالَ وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ لِأُمِّي أَجِيبِي عَنِّي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ لَا أَقْرَأُ كَثِيرًا مِنْ الْقُرْآنِ إِنِّي وَاللَّهِ لَقَدْ عَرَفْتُ أَنَّكُمْ قَدْ سَمِعْتُمْ بِهَذَا حَتَّى اسْتَقَرَّ فِي نُفُوسِكُمْ وَصَدَّقْتُمْ بِهِ فَإِنْ قُلْتُ لَكُمْ إِنِّي بَرِيئَةٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ لَا تُصَدِّقُونِي بِذَلِكَ وَلَئِنْ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ لَتُصَدِّقُونَنِي وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مَثَلًا إِلَّا كَمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ قَالَتْ ثُمَّ تَحَوَّلْتُ فَاضْطَجَعْتُ عَلَى فِرَاشِي قَالَتْ وَأَنَا وَاللَّهِ حِينَئِذٍ أَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ مُبَرِّئِي بِبَرَاءَتِي وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنْ يُنْزَلَ فِي شَأْنِي وَحْيٌ يُتْلَى وَلَشَأْنِي كَانَ أَحْقَرَ فِي نَفْسِي مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيَّ بِأَمْرٍ يُتْلَى وَلَكِنِّي كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللَّهُ بِهَا قَالَتْ فَوَاللَّهِ مَا رَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَجْلِسَهُ وَلَا خَرَجَ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ أَحَدٌ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنْ الْبُرَحَاءِ عِنْدَ الْوَحْيِ حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِثْلُ الْجُمَانِ مِنْ الْعَرَقِ فِي الْيَوْمِ الشَّاتِ مِنْ ثِقَلِ الْقَوْلِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ قَالَتْ فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَضْحَكُ فَكَانَ أَوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا أَنْ قَالَ أَبْشِرِي يَا عَائِشَةُ أَمَّا اللَّهُ فَقَدْ بَرَّأَكِ فَقَالَتْ لِي أُمِّي قُومِي إِلَيْهِ فَقُلْتُ وَاللَّهِ لَا أَقُومُ إِلَيْهِ وَلَا أَحْمَدُ إِلَّا اللَّهَ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ بَرَاءَتِي قَالَتْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ عَشْرَ آيَاتٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ بَرَاءَتِي قَالَتْ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ وَفَقْرِهِ وَاللَّهِ لَا أُنْفِقُ عَلَيْهِ شَيْئًا أَبَدًا بَعْدَ الَّذِي قَالَ لِعَائِشَةَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى إِلَى قَوْلِهِ أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ قَالَ حِبَّانُ بْنُ مُوسَى قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ هَذِهِ أَرْجَى آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِي كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ وَقَالَ لَا أَنْزِعُهَا مِنْهُ أَبَدًا قَالَتْ عَائِشَةُ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَمْرِي مَا عَلِمْتِ أَوْ مَا رَأَيْتِ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِلَّا خَيْرًا قَالَتْ عَائِشَةُ وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَصَمَهَا اللَّهُ بِالْوَرَعِ وَطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ تُحَارِبُ لَهَا فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ قَالَ الزُّهْرِيُّ فَهَذَا مَا انْتَهَى إِلَيْنَا مِنْ أَمْرِ هَؤُلَاءِ الرَّهْطِ وَقَالَ فِي حَدِيثِ يُونُسَ احْتَمَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ وَحَدَّثَنِي أَبُو الرَّبِيعِ الْعَتَكِيُّ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ ح وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَا حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ كِلَاهُمَا عَنْ الزُّهْرِيِّ بِمِثْلِ حَدِيثِ يُونُسَ وَمَعْمَرٍ بِإِسْنَادِهِمَا وَفِي حَدِيثِ فُلَيْحٍ اجْتَهَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ كَمَا قَالَ مَعْمَرٌ وَفِي حَدِيثِ صَالِحٍ احْتَمَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ كَقَوْلِ يُونُسَ وَزَادَ فِي حَدِيثِ صَالِحٍ قَالَ عُرْوَةُ كَانَتْ عَائِشَةُ تَكْرَهُ أَنْ يُسَبَّ عِنْدَهَا حَسَّانُ وَتَقُولُ فَإِنَّهُ قَالَ
فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ وَزَادَ أَيْضًا قَالَ عُرْوَةُ قَالَتْ عَائِشَةُ وَاللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ الَّذِي قِيلَ لَهُ مَا قِيلَ لَيَقُولُ سُبْحَانَ اللَّهِ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا كَشَفْتُ عَنْ كَنَفِ أُنْثَى قَطُّ قَالَتْ ثُمَّ قُتِلَ بَعْدَ ذَلِكَ شَهِيدًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَفِي حَدِيثِ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ مُوعِرِينَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مُوغِرِينَ قَالَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ قُلْتُ لِعَبْدِ الرَّزَّاقِ مَا قَوْلُهُ مُوغِرِينَ قَالَ الْوَغْرَةُ شِدَّةُ الْحَرِّ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمَّا ذُكِرَ مِنْ شَأْنِي الَّذِي ذُكِرَ وَمَا عَلِمْتُ بِهِ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطِيبًا فَتَشَهَّدَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ أَشِيرُوا عَلَيَّ فِي أُنَاسٍ أَبَنُوا أَهْلِي وَايْمُ اللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي مِنْ سُوءٍ قَطُّ وَأَبَنُوهُمْ بِمَنْ وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَطُّ وَلَا دَخَلَ بَيْتِي قَطُّ إِلَّا وَأَنَا حَاضِرٌ وَلَا غِبْتُ فِي سَفَرٍ إِلَّا غَابَ مَعِي وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِقِصَّتِهِ وَفِيهِ وَلَقَدْ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْتِي فَسَأَلَ جَارِيَتِي فَقَالَتْ وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهَا عَيْبًا إِلَّا أَنَّهَا كَانَتْ تَرْقُدُ حَتَّى تَدْخُلَ الشَّاةُ فَتَأْكُلَ عَجِينَهَا أَوْ قَالَتْ خَمِيرَهَا شَكَّ هِشَامٌ فَانْتَهَرَهَا بَعْضُ أَصْحَابِهِ فَقَالَ اصْدُقِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَسْقَطُوا لَهَا بِهِ فَقَالَتْ سُبْحَانَ اللَّهِ وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهَا إِلَّا مَا يَعْلَمُ الصَّائِغُ عَلَى تِبْرِ الذَّهَبِ الْأَحْمَرِ وَقَدْ بَلَغَ الْأَمْرُ ذَلِكَ الرَّجُلَ الَّذِي قِيلَ لَهُ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَاللَّهِ مَا كَشَفْتُ عَنْ كَنَفِ أُنْثَى قَطُّ قَالَتْ عَائِشَةُ وَقُتِلَ شَهِيدًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَفِيهِ أَيْضًا مِنْ الزِّيَادَةِ وَكَانَ الَّذِينَ تَكَلَّمُوا بِهِ مِسْطَحٌ وَحَمْنَةُ وَحَسَّانُ وَأَمَّا الْمُنَافِقُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ فَهُوَ الَّذِي كَانَ يَسْتَوْشِيهِ وَيَجْمَعُهُ وَهُوَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ وَحَمْنَةُ

قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى ) هُوَ بِكَسْرِ الْحَاءِ ، وَلَيْسَ لَهُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ ذِكْرٌ إِلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَقَدْ أَكْثَرَ عَنْهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ .

قَوْلُهُ : ( عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ عَائِشَةَ . . . إِلَى قَوْلِهِ : وَكُلُّهُمْ حَدَّثَنِي طَائِفَةً مِنَ الْحَدِيثِ ، وَبَعْضُهُمْ أَوْعَى لِحَدِيثِهَا مِنْ بَعْضٍ . . . إِلَى قَوْلِهِ وَبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا ) هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الزُّهْرِيُّ مِنْ جَمْعِهِ الْحَدِيثَ عَنْهُمْ جَائِزٌ لَا مَنْعَ مِنْهُ ، وَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ ; لِأَنَّهُ قَدْ بَيَّنَ أَنَّ بَعْضَ الْحَدِيثِ عَنْ بَعْضِهِمْ ، وَبَعْضَهُ عَنْ بَعْضِهِمْ ، وَهَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةُ أَئِمَّةٌ حُفَّاظٌ ثِقَاتٌ مِنْ أَجَلِّ التَّابِعِينَ ، فَإِذَا تَرَدَّدَتِ اللَّفْظَةُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ بَيْنَ كَوْنِهَا عَنْ هَذَا أَوْ ذَاكَ لَمْ يَضُرَّ ، وَجَازَ الِاحْتِجَاجُ بِهَا لِأَنَّهُمَا ثِقَتَانِ ، وَقَدِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ : حَدَّثَنِي زَيْدٌ أَوْ عَمْرٌو وَهُمَا ثِقَتَانِ مَعْرُوفَانِ بِالثِّقَةِ عِنْدَ الْمُخَاطَبِ جَازَ الِاحْتِجَاجُ بِهِ .

قَوْلُهُ : ( وَبَعْضُهُمْ أَوْعَى لِحَدِيثِهَا مِنْ بَعْضٍ وَأَثْبَتُ اقْتِصَاصًا ) أَيْ : أَحْفَظُ وَأَحْسَنُ إِيرَادًا وَسَرْدًا لِلْحَدِيثِ .

قَوْلُهَا : ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ ) هَذَا دَلِيلٌ لِمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَجَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ فِي الْعَمَلِ بِالْقُرْعَةِ فِي الْقَسْمِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ ، وَفِي الْعِتْقِ وَالْوَصَايَا وَالْقِسْمَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ ، وَقَدْ جَاءَتْ فِيهَا أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ فِي الصَّحِيحِ مَشْهُورَةٌ ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : عَمِلَ بِهَا ثَلَاثَةٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ : يُونُسُ ، وَزَكَرِيَّا ، وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ : اسْتِعْمَالُهَا كَالْإِجْمَاعِ ، قَالَ : وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِ مَنْ رَدَّهَا ، وَالْمَشْهُورُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إِبْطَالُهَا ، وَحُكِي عَنْهُ إِجَازَتُهَا ، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ : الْقِيَاسُ تَرْكُهَا ، لَكِنْ عَمِلْنَا بِهَا لِلْآثَارِ .

وَفِيهِ : الْقُرْعَةُ بَيْنَ النِّسَاءِ عِنْدَ إِرَادَةِ السَّفَرِ بِبَعْضِهِنَّ ، وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ بَعْضِهِنَّ بِغَيْرِ قُرْعَةٍ ، هَذَا مَذْهَبُنَا ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَآخَرُونَ ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ ، وَعَنْهُ رِوَايَةٌ أَنَّ لَهُ السَّفَرَ بِمَنْ شَاءَ مِنْهُنَّ بِلَا قُرْعَةٍ ; لِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ أَنْفَعَ لَهُ فِي طَرِيقِهِ ، وَالْأُخْرَى أَنْفَعُ لَهُ فِي بَيْتِهِ وَمَالِهِ .

قَوْلُهَا : ( آذَنَ لَيْلَةً بِالرَّحِيلِ ) رُوِيَ بِالْمَدِّ وَتَخْفِيفِ الذَّالِ وَبِالْقَصْرِ وَتَشْدِيدِهَا : أَيْ : أَعْلَمَ .

قَوْلُهَا : ( وَعِقْدِي مِنْ جَزْعِ ظَفَارِ قَدِ انْقَطَعَ ) أَمَّا ( الْعِقْدُ ) فَمَعْرُوفٌ نَحْوَ الْقِلَادَةِ ، ( وَالْجَزْعُ ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَإِسْكَانِ الزَّايِ وَهُوَ خَرَزٌ يَمَانِيٌّ ، وَأَمَّا ( ظَفَارِ ) فَبِفَتْحِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَهِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْكَسْرِ ، تَقُولُ : هَذِهِ ظَفَارِ ، وَدَخَلْتُ ظَفَارِ ، وَإِلَى ظَفَارِ بِكَسْرِ الرَّاءِ بِلَا تَنْوِينٍ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا ، وَهِيَ قَرْيَةٌ فِي الْيَمَنِ .

قَوْلُهَا : ( وَأَقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِي كَانُوا يَرْحَلُونَ لِي فَحَمَلُوا هَوْدَجِي فَرَحَلُوهُ عَلَى بَعِيرِي ) هَكَذَا وَقَعَ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ ( لِي ) بِاللَّامِ ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ ( بِي ) بِالْبَاءِ ، وَاللَّامُ أَجْوَدُ ، وَيَرْحَلُونَ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُخَفَّفَةِ أَيْ : يَجْعَلُونَ الرَّحْلَ عَلَى الْبَعِيرِ ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهَا ( فَرَحَلُوهُ ) بِتَخْفِيفِ الْحَاءِ ، وَ ( الرَّهْطُ ) هُمْ جَمَاعَةٌ دُونَ عَشَرَةٍ ، وَ ( الْهَوْدَجُ ) بِفَتْحِ الْهَاءِ مَرْكَبٌ مِنْ مَرَاكِبِ النِّسَاءِ .

قَوْلُهَا : ( وَكَانَتِ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافًا لَمْ يُهَبَّلْنَ وَلَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمَ إِنَّمَا يَأْكُلْنَ الْعُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ ) فَقَوْلُهَا ( يُهَبَّلْنَ ) ضَبَطُوهُ عَلَى أَوْجُهٍ أَشْهَرُهَا ضَمُّ الْيَاءِ وَفَتْحُ الْهَاءِ وَالْبَاءِ الْمُشَدَّدَةِ ، أَيْ : يَثْقُلْنَ بِاللَّحْمِ وَالشَّحْمِ ، وَالثَّانِي : يَهْبَلْنَ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَالْبَاءِ وَإِسْكَانِ الْهَاءِ بَيْنَهُمَا ، وَيَجُوزُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَإِسْكَانِ الْهَاءِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ ، قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ : يُقَالُ : هَبِلَهُ اللَّحْمُ وَأَهْبَلَهُ إِذَا أَثْقَلَهُ وَكَثُرَ لَحْمُهُ وَشَحْمُهُ ، وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ ( لَمْ يَثْقُلْنَ ) وَهُوَ بِمَعْنَاهُ ، وَهُوَ أَيْضًا الْمُرَادُ بِقَوْلِهَا : ( وَلَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ ) وَ ( يَأْكُلْنَ الْعُلْقَةَ ) : بِضَمِّ الْعَيْنِ أَيْ : الْقَلِيلَ ، وَيُقَالُ لَهَا أَيْضًا : الْبُلْغَةُ .

قَوْلُهَا : ( فَتَيَمَّمْتُ مَنْزِلِي ) أَيْ : قَصَدْتُهُ .

قَوْلُهَا : ( وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ ) هُوَ بِفَتْحِ الطَّاءِ بِلَا خِلَافٍ كَذَا ضَبَطَهُ أَبُو هِلَالٍ الْعَسْكَرِيُّ وَالْقَاضِي فِي الْمَشَارِقِ وَآخَرُونَ .

قَوْلُهَا : ( عَرَّسَ مِنْ وَرَاءِ الْجَيْشِ فَادَّلَجَ ) التَّعْرِيسُ : النُّزُولُ آخِرُ اللَّيْلِ فِي السَّفَرِ لِنَوْمٍ أَوِ اسْتِرَاحَةٍ ، وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ : هُوَ النُّزُولُ أَيُّ وَقْتٍ كَانَ ، وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ .

قَوْلُهَا : ( ادَّلَجَ ) بِتَشْدِيدِ الدَّالِ ، وَهُوَ سَيْرُ آخِرِ اللَّيْلِ .

قَوْلُهَا : ( فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ ) أَيْ : شَخْصَهُ .

قَوْلُهَا : ( فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ ) أَيْ : انْتَبَهْتُ مِنْ نَوْمِي بِقَوْلِهِ : إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ .

قَوْلُهَا : ( خَمَّرْتُ وَجْهِيَ ) أَيْ : غَطَّيْتُهُ .

قَوْلُهَا : ( نَزَلُوا مُوغِرِينَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ ) ( الْمُوغِرُ ) بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ النَّازِلُ فِي وَقْتِ الْوَغْرَةِ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَإِسْكَانِ الْغَيْنِ ، وَهِيَ : شِدَّةُ الْحَرِّ ، كَمَا فَسَّرَهَا فِي الْكِتَابِ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ ، وَذَكَرَ هُنَاكَ أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ رَوَاهُ ( مُوعِرِينَ ) بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ ، هُوَ ضَعِيفٌ ، وَ ( نَحْرُ الظَّهِيرَةِ ) : وَقْتُ الْقَائِلَةِ وَشِدَّةِ الْحَرِّ .

قَوْلُهَا : ( وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ ) أَيْ : مُعْظَمَهُ ، وَهُوَ بِكَسْرِ الْكَافِ عَلَى الْقِرَاءَةِ الْمَشْهُورَةِ ، وَقُرِئَ فِي الشَّوَاذِّ بِضَمِّهَا وَهِيَ لُغَةٌ .

قَوْلُهَا : ( وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ ابْنُ سَلُولٍ ) هَكَذَا صَوَابُهُ ( ابْنُ سَلُولٍ ) بِرَفْعِ ( ابْنُ ) وَكِتَابَتُهُ بِالْأَلِفِ صِفَةٌ لِعَبْدِ اللَّهِ ، وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ مَرَّاتٍ ، وَتَقَدَّمَ إِيضَاحُهُ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ فِي حَدِيثِ الْمِقْدَادِ مَعَ نَظَائِرِهِ .

قَوْلُهَا : ( وَالنَّاسُ يُفِيضُونَ فِي قَوْلِ أَهْلِ الْإِفْكِ ) أَيْ : يَخُوضُونَ فِيهِ ، وَ ( الْإِفْكُ ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَإِسْكَانِ الْفَاءِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ ، وَحَكَى الْقَاضِي فَتْحَهُمَا جَمِيعًا قَالَ : هُمَا لُغَتَانِ كَنَجِسَ وَنَجُسَ وَهُوَ الْكَذِبُ .

قَوْلُهَا : ( هُوَ يَرِيبُنِي أَنِّي لَا أَعْرِفُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللُّطْفَ الَّذِي كُنْتُ أَرَى مِنْهُ ) ( يَرِيبُنِي ) : بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّهِ يُقَالُ : رَابَهُ وَأَرَابَهُ إِذَا أَوْهَمَهُ وَشَكَّكَهُ ، وَ ( اللُّطْفُ ) بِضَمِّ اللَّامِ وَإِسْكَانِ الطَّاءِ ، وَيُقَالُ : بِفَتْحِهَا مَعًا لُغَتَانِ ، وَهُوَ : الْبِرُّ وَالرِّفْقُ .

قَوْلُهَا : ( ثُمَّ يَقُولُ كَيْفَ تِيكُمْ ؟ ) هِيَ : إِشَارَةٌ إِلَى الْمُؤَنَّثَةِ كَذَلِكُمْ فِي الْمُذَكَّرِ .

قَوْلُهَا : ( خَرَجْتُ بَعْدَمَا نَقَهْتُ ) هُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِهَا لُغَتَانِ حَكَاهُمَا الْجَوْهَرِيُّ فِي الصِّحَاحِ وَغَيْرِهِ ، وَالْفَتْحُ أَشْهَرُ ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ ، يُقَالُ : نَقَهَ يَنْقَهُ نُقُوهًا فَهُوَ نَاقِهٌ ، كَكَلَحَ يَكْلَحُ كُلُوحًا فَهُوَ كَالِحٌ وَنَقِهَ يَنْقَهُ نَقَهًا فَهُوَ نَاقِهٌ كَفَرِحَ يَفْرَحُ فَرَحًا ، وَالْجَمْعُ نُقَّهٌ بِضَمِّ النُّونِ وَتَشْدِيدِ الْقَافِ ، وَالنَّاقِهُ هُوَ الَّذِي أَفَاقَ مِنَ الْمَرَضِ وَيَبْرَأُ مِنْهُ ، وَهُوَ قَرِيبُ عَهْدٌ بِهِ ، لَمْ يَتَرَاجَعْ إِلَيْهِ كَمَالُ صِحَّتِهِ .

قَوْلُهَا : ( وَخَرَجْتُ مَعَ أُمِّ مِسْطَحٍ قِبَلَ الْمَنَاصِعِ ) أَمَّا ( مِسْطَحٌ ) فَبِكَسْرِ الْمِيمِ ، وَأَمَّا ( الْمَنَاصِعُ ) فَبِفَتْحِهَا ، وَهِيَ مَوَاضِعُ خَارِجِ الْمَدِينَةِ كَانُوا يَتَبَرَّزُونَ فِيهَا .

قَوْلُهَا : ( قَبْلَ أَنْ نَتَّخِذَ الْكُنُفَ ) هِيَ جَمْعُ كَنِيفٍ ، قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ : الْكَنِيفُ السَّاتِرُ مُطْلَقًا .

قَوْلُهَا : ( وَأَمْرُنَا أَمْرُ الْعَرَبِ الْأُوَلِ فِي التَّنَزُّهِ ) ضَبَطُوا ( الْأُوَلِ ) بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا : ضَمُّ الْهَمْزَةِ وَتَخْفِيفُ الْوَاوِ ، وَالثَّانِي الْأَوَّلُ : بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ ، وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ ، وَالتَّنَزُّهُ : طَلَبُ النَّزَاهَةِ بِالْخُرُوجِ إِلَى الصَّحْرَاءِ .

قَوْلُهَا : ( وَهِيَ بِنْتُ أَبِي رُهْمٍ وَابْنُهَا مِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ ) أَمَّا ( رُهْمٌ ) فَبِضَمِّ الرَّاءِ وَإِسْكَانِ الْهَاءِ وَ ( أُثَاثَةُ ) بِهَمْزَةٍ مَضْمُومَةٍ وَثَاءٍ مُثَلَّثَةٍ مُكَرَّرَةٍ ، وَ ( مِسْطَحٌ ) لَقَبٌ ، وَاسْمُهُ ( عَامِرٌ ) وَقِيلَ : ( عَوْفٌ ) كُنْيَتُهُ أَبُو عَبَّادٍ ، وَقِيلَ : أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، تُوُفِّي سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ ، وَقِيلَ : أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ وَاسْمُ أُمِّ مِسْطَحٍ ( سَلْمَى ) .

قَوْلُهَا : ( فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ فِي مِرْطِهَا فَقَالَتْ : تَعِسَ مِسْطَحٌ ) أَمَّا ( عَثَرَتْ ) فَبِفَتْحِ الثَّاءِ ، وَأَمَّا ( تَعِسَ ) فَبِفَتْحِ الْعَيْنِ ، وَكَسْرِهَا لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ وَاقْتَصَرَ الْجَوْهَرِيُّ عَلَى الْفَتْحِ ، وَالْقَاضِي عَلَى الْكَسْرِ ، وَرَجَّحَ بَعْضُهُمُ الْكَسْرَ ، وَبَعْضُهُمُ الْفَتْحَ ، وَمَعْنَاهُ : عَثَرَ ، وَقِيلَ : هَلَكَ ، وَقِيلَ : لَزِمَهُ الشَّرُّ ، وَقِيلَ : بَعُدَ ، وَقِيلَ : سَقَطَ بِوَجْهِهِ خَاصَّةً . وَأَمَّا ( الْمِرْطُ ) فَبِكَسْرِ الْمِيمِ ، وَهُوَ : كِسَاءٌ مِنْ صُوفٍ ، وَقَدْ يَكُونُ مِنْ غَيْرِهِ .

قَوْلُهَا : ( أَيْ هَنْتَاهُ ) هِيَ بِإِسْكَانِ النُّونِ وَفَتْحِهَا ، الْإِسْكَانُ أَشْهَرُ ، قَالَ صَاحِبُ نِهَايَةِ الْغَرِيبِ : وَتُضَمُّ الْهَاءُ الْأَخِيرَةُ وَتُسَكَّنُ ، وَيُقَالُ فِي التَّثْنِيَةِ : هَنْتَانِ ، وَفِي الْجَمْعِ هَنَاتُ وَهَنَوَاتُ ، وَفِي الْمُذَكَّرِ هَنٌ وَهَنَانٌ وَهَنُونَ ، وَلَكَ أَنْ تُلْحِقَهَا الْهَاءَ ; لِبَيَانِ الْحَرَكَةِ ، فَتَقُولُ يَا هَنَهْ ، وَأَنْ تُشْبِعَ حَرَكَةَ النُّونِ فَتَصِيرُ أَلِفًا فَتَقُولُ : يَا هَنَاهْ ، وَلَكَ ضَمُّ الْهَاءَ فَتَقُولُ : يَا هَنَاهُ أَقْبِلْ ، قَالُوا : وَهَذِهِ اللَّفْظَةُ تَخْتَصُّ بِالنِّدَاءِ ، وَمَعْنَاهُ : يَا هَذِهِ ، وَقِيلَ : يَا امْرَأَةُ ، وَقِيلَ : يَا بَلْهَاءُ كَأَنَّهَا نُسِبَتْ إِلَى قِلَّةِ الْمَعْرِفَةِ بِمَكَايِدِ النَّاسِ وَشُرُورِهِمْ ، وَمِنَ الْمَذْكُورِ حَدِيثُ الصَّبِيِّ ابْنِ مَعْبَدٍ ، قُلْتُ : يَا هَنَاهُ إِنِّي حَرِيصٌ عَلَى الْجِهَادِ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهَا : ( قَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ وَضِيئَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا وَلَهَا ضَرَائِرُ إِلَّا كَثَّرْنَ عَلَيْهَا ) ( الْوَضِيئَةُ ) : مَهْمُوزَةٌ مَمْدُودَةٌ هِيَ الْجَمِيلَةُ الْحَسَنَةُ ، وَالْوَضَاءَةُ : الْحُسْنُ ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَاهَانَ ( حَظِيَّةُ ) مِنَ الْحُظْوَةِ وَهِيَ : الْوَجَاهَةُ ، وَارْتِفَاعُ الْمَنْزِلَةِ ، وَالضَّرَايِرُ . جَمْعُ ضَرَّةٍ ، وَزَوْجَاتُ الرَّجُلِ ضَرَايِرُ ; لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ تَتَضَرَّرُ بِالْأُخْرَى بِالْغَيْرَةِ وَالْقَسْمِ وَغَيْرِهِ ، وَالِاسْمُ مِنْهُ الضِّرُّ بِكَسْرِ الضَّادِ ، وَحُكِي ضَمُّهَا وَقَوْلُهَا : إِلَّا كَثَّرْنَ عَلَيْهَا ، هُوَ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ الْمُشَدَّدَةِ ، أَيْ : أَكْثَرْنَ الْقَوْلَ فِي عَيْبِهَا وَنَقْصِهَا .

قَوْلُهَا : ( لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ ) هُوَ بِالْهَمْزَةِ ، أَيْ : لَا يَنْقَطِعُ .

قَوْلُهَا : ( وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ ) أَيْ : لَا أَنَامُ .

قَوْلُهَا : ( اسْتَلْبَثَ الْوَحْيُ ) أَيْ : أَبْطَأَ وَلَبِثَ وَلَمْ يَنْزِلْ .

قَوْلُهَا : ( وَأَمَّا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ : لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ ) هَذَا الَّذِي قَالَهُ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هُوَ الصَّوَابُ فِي حَقِّهِ ; لِأَنَّهُ رَآهُ مَصْلَحَةً وَنَصِيحَةً لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي اعْتِقَادِهِ ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ، لِأَنَّهُ رَأَى انْزِعَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْأَمْرِ وَتَقَلُّقَهُ ، فَأَرَادَ رَاحَةَ خَاطِرِهِ ، وَكَانَ ذَلِكَ أَهَمَّ مِنْ غَيْرِهِ .

قَوْلُهَا : ( وَاَلَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنْ رَأَيْتُ عَلَيْهَا أَمْرًا قَطُّ أَغْمِصُهُ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا فَتَأْتِي الدَّاجِنَ فَتَأْكُلُهُ ) فَقَوْلُهَا ( أَغْمِصُهُ ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ ، أَيْ : أَعِيبُهَا ، وَالدَّاجِنُ : الشَّاةُ الَّتِي تَأْلَفُ الْبَيْتَ ، وَلَا تَخْرُجُ لِلْمَرْعَى ، وَمَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ : أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مِمَّا تَسْأَلُونَ عَنْهُ أَصْلًا ، وَلَا فِيهَا شَيْءٌ مِنْ غَيْرِهِ إِلَّا نَوْمُهَا عَنِ الْعَجِينِ .

قَوْلُهَا : ( فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيِّ ابْنُ سَلُولٍ ) أَمَّا ( أُبَيُّ ) مُنَوَّنٌ ، وَابْنُ سَلُولٍ بِالْأَلِفِ وَسَبَقَ بَيَانُهُ ، وَأَمَّا اسْتَعْذَرَ : فَمَعْنَاهُ : أَنَّهُ قَالَ مَنْ يَعْذِرُنِي فِيمَنْ آذَانِي فِي أَهْلِي ، كَمَا بَيَّنَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثُ ، وَمَعْنَى ( مَنْ يَعْذِرُنِي ) مَنْ يَقُومُ بِعُذْرِي إِنْ كَافَأْتُهُ عَلَى قَبِيحِ فِعَالِهِ ، وَلَا يَلُومُنِي ، وَقِيلَ : مَعْنَاهُ مَنْ يَنْصُرُنِي ، وَالْعَذِيرُ النَّاصِرُ .

قَوْلُهَا : ( فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَقَالَ : أَنَا أَعْذِرُكَ مِنْهُ ) قَالَ الْقَاضِي : هَذَا مُشْكِلٌ لَمْ يَتَكَلَّمْ فِيهِ أَحَدٌ ، وَهُوَ قَوْلُهَا : ( فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَقَالَ أَنَا أَعْذِرُكَ مِنْهُ ) وَكَانَتْ هَذِهِ الْقِصَّةِ فِي غَزْوَةِ الْمُرَيْسِيعِ ، وَهِيَ غَزْوَةٌ بَنِي الْمُصْطَلِقِ سَنَةَ سِتٍّ فِيمَا ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ مَاتَ فِي إِثْرِ غَزَاةِ الْخَنْدَقِ مِنَ الرَّمْيَةِ الَّتِي أَصَابَتْهُ ، وَذَلِكَ سَنَةَ أَرْبَعٍ بِإِجْمَاعِ أَصْحَابِ السِّيَرِ ، إِلَّا شَيْئًا قَالَهُ الْوَاقِدِيُّ وَحْدَهُ ، قَالَ الْقَاضِي : قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا : ذَكَرَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فِي هَذَا وَهَمٌ وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ غَيْرُهُ ، وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي السِّيَرِ ، وَإِنَّمَا قَالَ : إِنَّ الْمُتَكَلِّمَ أَوَّلًا وَآخِرًا أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ ، قَالَ الْقَاضِي : وَقَدْ ذَكَرَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ أَنَّ غَزْوَةَ الْمُرَيْسِيعِ كَانَتْ سَنَةَ أَرْبَعٍ ، وَهِيَ سَنَةُ الْخَنْدَقِ ، وَقَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ اخْتِلَافَ ابْنِ عُقْبَةَ ، قَالَ الْقَاضِي : فَيُحْتَمَلُ أَنَّ غَزَاةَ الْمُرَيْسِيعِ وَحَدِيثَ الْإِفْكِ كَانَا فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ قَبْلَ قِصَّةِ الْخَنْدَقِ ، قَالَ الْقَاضِي : وَقَدْ ذَكَرَ الطَّبَرِيُّ عَنِ الْوَاقِدِيِّ أَنَّ الْمُرَيْسِيعَ كَانَتْ سَنَةَ خَمْسٍ ، قَالَ : وَكَانَتِ الْخَنْدَقُ وَقُرَيْظَةُ بَعْدَهَا ، وَذَكَرَ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ وَقَالَ : الْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ الْمُرَيْسِيعُ قَبْلَ الْخَنْدَقِ ، قَالَ الْقَاضِي : وَهَذَا لِذِكْرِ سَعْدٍ فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ ، وَكَانَتْ فِي الْمُرَيْسِيعِ ، فَعَلَى هَذَا يَسْتَقِيمُ فِيهِ ذِكْرُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ ، وَهُوَ الَّذِي فِي الصَّحِيحَيْنِ ، وَقَوْلُ غَيْرِ ابْنِ إِسْحَاقَ فِي غَيْرِ وَقْتِ الْمُرَيْسِيعِ أَصَحُّ ، هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي وَهُوَ صَحِيحٌ .

قَوْلُهَا : ( وَلَكِنِ اجْتَهَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ ) هَكَذَا هُوَ هُنَا لِمُعْظَمِ رُوَاةِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ ( اجْتَهَلَتْهُ ) بِالْجِيمِ وَالْهَاءِ ، أَيْ : اسْتَخَفَّتْهُ وَأَغْضَبَتْهُ وَحَمَلَتْهُ عَلَى الْجَهْلِ ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ مَاهَانَ هُنَا ( احْتَمَلَتْهُ ) بِالْحَاءِ وَالْمِيمِ وَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ بَعْدَ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ يُونُسَ وَصَالِحٍ ، وَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ ، وَمَعْنَاهُ : أَغْضَبَتْهُ ، فَالرِّوَايَتَانِ صَحِيحَتَانِ .

قَوْلُهَا : ( فَثَارَ الْحَيَّانِ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ ) أَيْ : تَنَاهَضُوا لِلنِّزَاعِ وَالْعَصَبِيَّةِ ، كَمَا قَالَتْ : حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ ) مَعْنَاهُ : إِنْ كُنْتِ فَعَلْتِ ذَنْبًا وَلَيْسَ ذَلِكَ لَكِ بِعَادَةٍ ، وَهَذَا أَصْلُ اللَّمَمِ .

قَوْلُهَا : ( قَلَصَ دَمْعِي ) هُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَاللَّامِ ، أَيْ : ارْتَفَعَ لِاسْتِعْظَامِ مَا يَعْنِينِي مِنَ الْكَلَامِ .

قَوْلُهَا لِأَبَوَيْهَا : ( أَجِيبَا عَنِّي ) فِيهِ تَفْوِيضُ الْكَلَامِ إِلَى الْكِبَارِ ; لِأَنَّهُمْ أَعْرَفُ بِمَقَاصِدِهِ وَاللَّائِقِ بِالْمَوَاطِنِ مِنْهُ ، وَأَبَوَاهَا يَعْرِفَانِ حَالَهَا ، وَأَمَّا قَوْلُ أَبَوَيْهَا : ( لَا نَدْرِي مَا نَقُولُ ) فَمَعْنَاهُ : أَنَّ الْأَمْرَ الَّذِي سَأَلَهَا عَنْهُ لَا يَقِفَانِ مِنْهُ عَلَى زَائِدٍ عَلَى مَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ نُزُولِ الْوَحْيِ مِنْ حُسْنِ الظَّنِّ بِهَا وَالسَّرَائِرُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى .

قَوْلُهَا : ( مَا رَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَجْلِسَهُ ) أَيْ : مَا فَارَقَهُ .

قَوْلُهَا : ( فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ الْبُرَحَاءِ ) هِيَ بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَبِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمَدِّ ، وَهِيَ : الشِّدَّةُ .

قَوْلُهَا : ( حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِثْلُ الْجُمَانَ مِنَ الْعَرَقِ ) مَعْنَى ( لَيَتَحَدَّرُ ) لِيَنْصَبُّ ، وَ ( الْجُمَانُ ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ ، وَهُوَ : الدَّرُّ ، شَبَّهَتْ قَطَرَاتُ عَرَقِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَبَّاتِ اللُّؤْلُؤِ فِي الصَّفَاءِ وَالْحُسْنِ .

قَوْلُهَا : ( فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) أَيْ : كُشِفَ وَأُزِيلَ .

قَوْلُهَا : ( فَقَالَتْ لِي أُمِّي قُومِي ، فَقُلْتُ : وَاَللَّهِ لَا أَقُومُ إِلَيْهِ وَلَا أَحْمَدُ إِلَّا اللَّهَ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ بَرَاءَتِي ) مَعْنَاهُ : قَالَتْ لَهَا أُمُّهَا : قُومِي فَاحْمَدِيهِ ، وَقَبِّلِي رَأْسَهُ ، وَاشْكُرِيهِ لِنِعْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي بَشَّرَكِ ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ مَا قَالَتْ إِدْلَالًا عَلَيْهِ وَعَتْبًا ، لِكَوْنِهِمْ شَكُّوا فِي حَالِهَا ، مَعَ عِلْمِهِمْ بِحُسْنِ طَرَائِقِهَا ، وَجَمِيلِ أَحْوَالِهَا ، وَارْتِفَاعِهَا عَنْ هَذَا الْبَاطِلِ الَّذِي افْتَرَاهُ قَوْمٌ ظَالِمُونَ ، وَلَا حُجَّةَ لَهُ وَلَا شُبْهَةَ فِيهِ ، قَالَتْ : وَإِنَّمَا أَحْمَدُ رَبِّي سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الَّذِي أَنْزَلَ بَرَاءَتِي ، وَأَنْعَمَ عَلَيَّ ، وَبِمَا لَمْ أَكُنْ أَتَوَقَّعُهُ ، كَمَا قَالَتْ : وَلَشَأْنِي كَانَ أَحْقَرَ فِي نَفْسِي مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ تَعَالَى فِيَّ بِأَمْرٍ يُتْلَى .

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ أَيْ : لَا يَحْلِفُوا ، وَالْأَلِيَّةُ : الْيَمِينُ ، وَسَبَقَ بَيَانُهَا .

قَوْلُهَا : ( أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي ) أَيْ : أَصُونُ سَمْعِي وَبَصَرِي مِنْ أَنْ أَقُولَ : سَمِعْتُ وَلَمْ أَسْمَعْ ، وَأَبْصَرْتُ وَلَمْ أُبْصِرْ .

قَوْلُهَا : ( وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي ) أَيْ : تُفَاخِرُنِي وَتُضَاهِينِي بِجَمَالِهَا وَمَكَانِهَا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهِيَ مُفَاعَلَةٌ مِنَ السُّمُوِّ وَهُوَ الِارْتِفَاعُ .

قَوْلُهَا : ( وَطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ تُحَارِبُ لَهَا ) أَيْ : جَعَلَتْ تَتَعَصَّبُ لَهَا ، فَتَحْكِي مَا يَقُولُهُ أَهْلُ الْإِفْكِ ، وَطَفِقَ الرَّجُلُ بِكَسْرِ الْفَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ ، وَحُكِي فَتْحُهَا ، وَسَبَقَ بَيَانُهُ .

قَوْلُهُ : ( مَا كَشَفْتُ عَنْ كَنَفِ أُنْثَى قَطُّ ) ( الْكَنَفُ ) : هُنَا بِفَتْحِ الْكَافِ وَالنُّونِ ، أَيْ : ثَوْبِهَا الَّذِي يَسْتُرُهَا ، وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ عَدَمِ جِمَاعِ النِّسَاءِ جَمِيعُهُنَّ وَمُخَالَطَتِهِنَّ .

قَوْلُهُ : ( وَفِي حَدِيثِ يَعْقُوبَ مُوعِرِينَ ) يَعْنِي بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسَبَقَ بَيَانُهُ ، وَقَوْلُهُ فِي تَفْسِيرِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ : ( الْوَغْرَةُ شِدَّةُ الْحَرِّ ) هِيَ بِإِسْكَانِ الْغَيْنِ وَسَبَقَ بَيَانُهُ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَشِيرُوا عَلَيَّ فِي أُنَاسٍ أَبَنُوا أَهْلِي ) هُوَ بِبَاءٍ مُوَحَّدَةٍ مَفْتُوحَةٍ مُخَفَّفٍ وَمُشَدَّدَةٍ رَوَوْهُ هُنَا بِالْوَجْهَيْنِ التَّخْفِيفُ أَشْهَرُ ، وَمَعْنَاهُ : اتَّهَمُوهَا ، وَالْأَبْنُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ ، يُقَالُ : أَبَنَهُ وَيَأْبُنُهُ بِضَمِّ الْبَاءِ وَكَسْرِهَا : إِذَا اتَّهَمَهُ وَرَمَاهُ بِخُلَّةِ سُوءٍ ، فَهُوَ مَأْبُونٌ ، قَالُوا : وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْأُبَنِ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْبَاءِ ، وَهِيَ : الْعُقَدُ فِي الْقِسِيِّ تُفْسِدُهَا وَتُعَابُ بِهَا .

قَوْلُهُ : " حَتَّى أَسْقَطُوا لَهَا بِهِ فَقَالَتْ : سُبْحَانَ اللَّهِ " هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا ( أَسْقَطُوا لَهَا بِهِ ) بِالْبَاءِ الَّتِي هِيَ حَرْفُ الْجَرِّ ، وَبِهَاءٍ ضَمِيرِ الْمُذَكَّرِ ، وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ رِوَايَةِ الْجُلُودِيِّ قَالَ : وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ مَاهَانَ ( لَهَاتِهَا ) بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ قَالَ الْجُمْهُورُ غَلَطٌ وَتَصْحِيفٌ ، وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ ، وَمَعْنَاهُ : صَرَّحُوا لَهَا بِالْأَمْرِ ، وَلِهَذَا قَالَتْ : سُبْحَانَ اللَّهِ ; اسْتِعْظَامًا لِذَلِكَ ، وَقِيلَ : أَتَوْا بِسِقْطٍ مِنَ الْقَوْلِ فِي سُؤَالِهَا وَانْتِهَارِهَا ، يُقَالُ أَسْقَطَ وَسَقَطَ فِي كَلَامِهِ ، إِذَا أَتَى فِيهِ بِسَاقِطٍ ، وَقِيلَ : إِذَا أَخْطَأَ فِيهِ ، وَعَلَى رِوَايَةِ ابْنِ مَاهَانَ إِنْ صَحَّتْ مَعْنَاهَا أَسْكَتُوهَا ، وَهَذَا ضَعِيفٌ ، لِأَنَّهَا لَمْ تَسْكُتْ بَلْ قَالَتْ : سُبْحَانَ اللَّهِ ، وَاَللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهَا إِلَّا مَا يَعْلَمُ الصَّائِغُ عَلَى تِبْرِ الذَّهَبِ ، وَهِيَ الْقِطْعَةُ الْخَالِصَةُ .

قَوْلُهَا : ( وَأَمَّا الْمُنَافِقُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ فَهُوَ الَّذِي كَانَ يَسْتَوْشِيهِ ) أَيْ : يَسْتَخْرِجُهُ بِالْبَحْثِ وَالْمَسْأَلَةِ ، ثُمَّ يُفْشِيهِ وَيُشِيعُهُ وَيُحَرِّكُهُ ، وَلَا نَدَعُهُ بِحْمَدٍ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَاعْلَمْ أَنَّ فِي حَدِيثِ الْإِفْكِ فَوَائِدَ كَثِيرَةً :

إِحْدَاهَا : جَوَازُ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ الْوَاحِدِ عَنْ جَمَاعَةٍ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ قِطْعَةً مُبْهَمَةً مِنْهُ ، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ فِعْلَ الزُّهْرِيِّ وَحْدَهُ ، فَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى قَبُولِهِ مِنْهُ وَالِاحْتِجَاجِ بِهِ .

الثَّانِيَةُ : صِحَّةُ الْقُرْعَةِ بَيْنَ النِّسَاءِ وَفِي الْعِتْقِ وَغَيْرِهِ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ مَعَ خِلَافِ الْعُلَمَاءِ .

الثَّالِثَةُ : وُجُوبُ الْإِقْرَاعِ بَيْنَ النِّسَاءِ عِنْدَ إِرَادَةِ السَّفَرِ بِبَعْضِهِنَّ .

الرَّابِعَةُ : أَنَّهُ لَا يَجِبُ قَضَاءَ مُدَّةِ السَّفَرِ لِلنِّسْوَةِ الْمُقِيمَاتِ ، وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ السَّفَرُ طَوِيلًا ، وَحُكْمُ الْقَصِيرِ حُكْمُ الطَّوِيلِ عَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ ، وَخَالَفَ فِيهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا .

الْخَامِسَةُ : جَوَازُ سَفَرِ الرَّجُلِ بِزَوْجَتِهِ .

السَّادِسَةُ : جَوَازُ غَزْوِهِنَّ .

السَّابِعَةُ : جَوَازُ رُكُوبِ النِّسَاءِ فِي الْهَوَادِجِ .

الثَّامِنَةُ : جَوَازُ خِدْمَةِ الرِّجَالِ لَهُنَّ فِي تِلْكَ الْأَسْفَارِ .

التَّاسِعَةُ : أَنَّ ارْتِحَالَ الْعَسْكَرِ يَتَوَقَّفُ عَلَى أَمْرِ الْأَمِيرِ .

الْعَاشِرَةُ : جَوَازُ خُرُوجِ الْمَرْأَةِ لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ بِغَيْرِ إِذْنِ الزَّوْجِ ، وَهَذَا مِنَ الْأُمُورِ الْمُسْتَثْنَاةِ .

الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ : جَوَازُ لُبْسِ النِّسَاءِ الْقَلَائِدَ فِي السَّفَرِ كَالْحَضَرِ .

الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ : أَنَّ مَنْ يُرْكِبُ الْمَرْأَةَ الْبَعِيرَ وَغَيْرَهُ لَا يُكَلِّمُهَا إِذَا لَمْ يَكُنْ مَحْرَمًا إِلَّا لِحَاجَةٍ ; لِأَنَّهُمْ حَمَلُوا الْهَوْدَجَ وَلَمْ يُكَلِّمُوا مَنْ يَظُنُّونَهَا فِيهِ .

الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ : فَضِيلَةُ الِاقْتِصَارِ فِي الْأَكْلِ لِلنِّسَاءِ وَغَيْرِهِنَّ وَأَلَّا يُكْثِرَ مِنْهُ بِحَيْثُ يُهْبِلُهُ اللَّحْمُ لِأَنَّ هَذَا كَانَ حَالُهُنَّ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمَا كَانَ فِي زَمَانِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ الْكَامِلُ الْفَاضِلُ الْمُخْتَارُ .

الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ : جَوَازُ تَأَخُّرِ بَعْضِ الْجَيْشِ سَاعَةً وَنَحْوَهَا لِحَاجَةٍ تَعْرِضُ لَهُ عَنِ الْجَيْشِ ، إِذَا لَمْ يَكُنْ ضَرُورَةٌ إِلَى الِاجْتِمَاعِ .

الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ : إِعَانَةُ الْمَلْهُوفِ ، وَعَوْنُ الْمُنْقَطِعِ ، وَإِنْقَاذُ الضَّائِعِ ، وَإِكْرَامُ ذَوِي الْأَقْدَارِ كَمَا فَعَلَ صَفْوَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي هَذَا كُلِّهِ .

السَّادِسَةَ عَشْرَةَ : حُسْنُ الْأَدَبِ مَعَ الْأَجْنَبِيَّاتِ لَا سِيَّمَا فِي الْخَلْوَةِ بِهِنَّ عِنْدَ الضَّرُورَةِ فِي بَرِّيَّةِ أَوْ غَيْرِهَا كَمَا فَعَلَ صَفْوَانُ مِنْ إِبْرَاكِهِ الْجَمَلَ مِنْ غَيْرِ كَلَامٍ وَلَا سُؤَالٍ ، وَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَمْشِي قُدَّامَهَا لَا بِجَنْبِهَا وَلَا وَرَاءَهَا .

السَّابِعَةَ عَشْرَةَ : اسْتِحْبَابُ الْإِيثَارِ بِالرُّكُوبِ وَنَحْوِهِ كَمَا فَعَلَ صَفْوَانُ .

الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ : اسْتِحْبَابُ الِاسْتِرْجَاعِ عِنْدَ الْمَصَائِبِ سَوَاءً كَانَتْ فِي الدِّينِ أَوِ الدُّنْيَا ، وَسَوَاءَ كَانَتْ فِي نَفْسِهِ أَوْ مَنْ يَعِزُّ عَلَيْهِ .

التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ : تَغْطِيَةُ الْمَرْأَةِ وَجْهَهَا عَنْ نَظَرِ الْأَجْنَبِيِّ ، سَوَاءٌ كَانَ صَالِحًا أَوْ غَيْرَهُ .

الْعِشْرُونَ : جَوَازُ الْحَلِفِ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْلَافٍ .

الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ : أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُسْتَرَ عَنِ الْإِنْسَانِ مَا يُقَالُ فِيهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذِكْرِهِ فَائِدَةٌ ، كَمَا كَتَمُوا عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - هَذَا الْأَمْرَ شَهْرًا ، وَلَمْ تَسْمَعْ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَّا بِعَارِضٍ عَرَضَ ، وَهُوَ قَوْلُ أُمِّ مِسْطَحٍ : تَعِسَ مِسْطَحٌ .

الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ : اسْتِحْبَابُ مُلَاطَفَةِ الرَّجُلِ زَوْجَتَهُ ، وَحُسْنُ الْمُعَاشَرَةِ .

الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ : أَنَّهُ إِذَا عَرَضَ عَارِضٌ بِأَنْ سَمِعَ عَنْهَا شَيْئًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ يُقَلِّلُ مِنَ اللُّطْفِ وَنَحْوِهِ لِتَفْطِنَ هِيَ أَنَّ ذَلِكَ لِعَارِضٍ ، فَتَسْأَلَ عَنْ سَبَبِهِ فَتُزِيلَهُ .

الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ : اسْتِحْبَابُ السُّؤَالِ عَنِ الْمَرِيضِ .

الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ : أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْأَةِ إِذَا أَرَادَتِ الْخُرُوجَ لِحَاجَةٍ أَنْ تَكُونَ مَعَهَا رَفِيقَةٌ تَسْتَأْنِسُ بِهَا ، وَلَا يَتَعَرَّضُ لَهَا أَحَدٌ .

السَّادِسَةُ وَالْعِشْرُونَ : كَرَاهَةُ الْإِنْسَانِ صَاحِبَهُ وَقَرِيبَهُ إِذَا آذَى أَهْلَ الْفَضْلِ أَوْ فَعَلَ غَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْقَبَائِحِ ، كَمَا فَعَلَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ فِي دُعَائِهَا عَلَيْهِ .

السَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ : فَضِيلَةُ أَهْلِ بَدْرٍ ، وَالذَّبُّ عَنْهُمْ ، كَمَا فَعَلَتْ عَائِشَةُ فِي ذَبِّهَا عَنْ مِسْطَحٍ .

الثَّامِنَةُ وَالْعِشْرُونَ : أَنَّ الزَّوْجَةَ لَا تَذْهَبُ إِلَى بَيْتِ أَبَوَيْهَا إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا .

التَّاسِعَةُ وَالْعِشْرُونَ : جَوَازُ التَّعَجُّبِ بِلَفْظِ التَّسْبِيحِ ، وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ .

الثَّلَاثُونَ : اسْتِحْبَابُ مُشَاوَرَةِ الرَّجُلِ بِطَانَتَهُ وَأَهْلَهُ وَأَصْدِقَاءَهُ فِيمَا يَنْوِيهِ مِنَ الْأُمُورِ .

الْحَادِيَةُ وَالثَّلَاثُونَ : جَوَازُ الْبَحْثِ وَالسُّؤَالِ عَنِ الْأُمُورِ الْمَسْمُوعَةِ عَمَّنْ لَهُ بِهِ تَعَلُّقٌ ، أَمَّا غَيْرُهُ فَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ ، وَهُوَ تَجَسُّسٌ وَفُضُولٌ .

الثَّانِيَةُ وَالثَّلَاثُونَ : خُطْبَةُ الْإِمَامِ النَّاسَ عِنْدَ نُزُولِ أَمْرٍ مُهِمٍّ .

الثَّالِثَةُ وَالثَّلَاثُونَ : اشْتِكَاءُ وَلِيِّ الْأَمْرِ إِلَى الْمُسْلِمِينِ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ بِأَذًى فِي نَفْسِهِ أَوْ أَهْلِهِ أَوْ غَيْرِهِ ، وَاعْتِذَارُهُ فِيمَا يُرِيدُ أَنْ يُؤْذِيَهُ بِهِ .

الرَّابِعَةَ وَالثَّلَاثُونَ : فَضَائِلُ ظَاهِرَةٌ لِصَفْوَانَ بْنِ الْمُعَطِّلِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِشَهَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ بِمَا شَهِدَ ، وَبِفِعْلِهِ الْجَمِيلِ فِي إِرْكَابِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - ، وَحُسْنِ أَدَبِهِ فِي جُمْلَةِ الْقَضِيَّةِ .

الْخَامِسَةُ وَالثَّلَاثُونَ : فَضِيلَةٌ لِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَأُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا .

السَّادِسَةُ وَالثَّلَاثُونَ : الْمُبَادَرَةُ إِلَى قَطْعِ الْفِتَنِ وَالْخُصُومَاتِ وَالْمُنَازَعَاتِ ، وَتَسْكِينِ الْغَضَبِ .

السَّابِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ : قَبُولُ التَّوْبَةِ وَالْحَثُّ عَلَيْهَا .

الثَّامِنَةُ وَالثَّلَاثُونَ : تَفْوِيضُ الْكَلَامِ إِلَى الْكِبَارِ دُونَ الصِّغَارِ ، لِأَنَّهُمْ أَعْرَفُ .

التَّاسِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ : جَوَازُ الِاسْتِشْهَادِ بِآيَاتِ الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ ، وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ جَائِزٌ .

الْأَرْبَعُونَ : اسْتِحْبَابُ الْمُبَادَرَةِ بِتَبْشِيرِ مَنْ تَجَدَّدَتْ لَهُ نِعْمَةٌ ظَاهِرَةٌ ، أَوِ انْدَفَعَتْ عَنْهُ بَلِيَّةٌ ظَاهِرَةٌ .

الْحَادِيَةُ وَالْأَرْبَعُونَ : بَرَاءَةُ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - مِنَ الْإِفْكِ وَهِيَ بَرَاءَةٌ قَطْعِيَّةٌ بِنَصِّ الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ ، فَلَوْ تَشَكَّكَ فِيهَا إِنْسَانٌ - وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ - صَارَ كَافِرًا مُرْتَدًّا بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ : لَمْ تَزْنِ امْرَأَةُ نَبِيٍّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ ، وَهَذَا إِكْرَامٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لَهُمْ .

الثَّانِيَةُ وَالْأَرْبَعُونَ : تَجَدُّدُ شُكْرِ اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَ تَجَدُّدِ النِّعَمِ .

الثَّالِثَةُ وَالْأَرْبَعُونَ : فَضَائِلُ لِأَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ الْآيَةُ .

الرَّابِعَةُ وَالْأَرْبَعُونَ : اسْتِحْبَابُ صِلَةِ الْأَرْحَامِ وَإِنْ كَانُوا مُسِيئِينَ .

الْخَامِسَةُ وَالْأَرْبَعُونَ : الْعَفْوُ وَالصَّفْحُ عَنِ الْمُسِيءِ .

السَّادِسَةُ وَالْأَرْبَعُونَ : اسْتِحْبَابُ الصَّدَقَةِ وَالْإِنْفَاقِ فِي سَبِيلِ الْخَيْرَاتِ .

السَّابِعَةُ وَالْأَرْبَعُونَ : أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ وَرَأَى خَيْرًا مِنْهَا أَنْ يَأْتِيَ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ ، وَيُكَفِّرُ عَنْ يَمِينِهِ .

الثَّامِنَةُ وَالْأَرْبَعُونَ : فَضِيلَةُ زَيْنَبٍ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا .

التَّاسِعَةُ وَالْأَرْبَعُونَ : التَّثْبِيتُ فِي الشَّهَادَةِ .

الْخَمْسُونَ : إِكْرَامُ الْمَحْبُوبِ بِمُرَاعَاةِ أَصْحَابِهِ ، وَمَنْ خَدَمَهُ أَوْ أَطَاعَهُ كَمَا فَعَلَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بِمُرَاعَاةِ حَسَّانَ وَإِكْرَامِهِ إِكْرَامًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

الْحَادِيَةُ وَالْخَمْسُونَ : أَنَّ الْخُطْبَةَ تُبْتَدَأُ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ .

الثَّانِيَةُ وَالْخَمْسُونَ : أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِي الْخُطَبِ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ الْحَمْدِ وَالثَّنَاءِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالشَّهَادَتَيْنِ : أَمَّا بَعْدُ ، وَقَدْ كَثُرَتْ فِيهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ .

الثَّالِثَةُ وَالْخَمْسُونَ : غَضَبُ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ انْتَهَاكِ حُرْمَةِ أَمِيرِهِمْ ، وَاهْتِمَامُهُمْ بِدَفْعِ ذَلِكَ .

الرَّابِعَةُ وَالْخَمْسُونَ : جَوَازُ سَبِّ الْمُتَعَصِّبِ لِمُبْطِلٍ كَمَا سَبَّ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ لِتَعَصُّبِهِ لِلْمُنَافِقِ ، وَقَالَ : إِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ ، وَأَرَادَ أَنَّكَ تَفْعَلُ فِعْلَ الْمُنَافِقِينَ ، وَلَمْ يُرِدِ النِّفَاقَ الْحَقِيقِيَّ .