فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ ابْتِدَاءِ الْخَلْقِ وَخَلْقِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ

شرح النووى على مسلم - بَابُ ابْتِدَاءِ الْخَلْقِ وَخَلْقِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ

باب نُزُلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ
[ سـ :5129 ... بـ :2792]
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَكُونُ الْأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خُبْزَةً وَاحِدَةً يَكْفَؤُهَا الْجَبَّارُ بِيَدِهِ كَمَا يَكْفَأُ أَحَدُكُمْ خُبْزَتَهُ فِي السَّفَرِ نُزُلًا لِأَهْلِ الْجَنَّةِ قَالَ فَأَتَى رَجُلٌ مِنْ الْيَهُودِ فَقَالَ بَارَكَ الرَّحْمَنُ عَلَيْكَ أَبَا الْقَاسِمِ أَلَا أُخْبِرُكَ بِنُزُلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ بَلَى قَالَ تَكُونُ الْأَرْضُ خُبْزَةً وَاحِدَةً كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَنَظَرَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ قَالَ أَلَا أُخْبِرُكَ بِإِدَامِهِمْ قَالَ بَلَى قَالَ إِدَامُهُمْ بَالَامُ وَنُونٌ قَالُوا وَمَا هَذَا قَالَ ثَوْرٌ وَنُونٌ يَأْكُلُ مِنْ زَائِدَةِ كَبِدِهِمَا سَبْعُونَ أَلْفًا

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( تَكُونُ الْأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خُبْزَةً وَاحِدَةً ، يَكْفَأهَا الْجَبَّارُ بِيَدِهِ كَمَا يَكْفَأُ أَحَدُكُمْ خُبْزَتَهُ فِي السَّفَرِ نُزُلًا لِأَهْلِ الْجَنَّةِ ) أَمَّا ( النُّزُلُ ) فَبِضَمِّ النُّونِ وَالزَّايِ ، وَيَجُوزُ إِسْكَانُ الزَّايِ وَهُوَ مَا يُعَدُّ لِلضَّيْفِ عِنْدَ نُزُولِهِ ، وَأَمَّا ( الْخُبْزَةُ ) فَبِضَمِّ الْخَاءِ ، قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ : هِيَ الظُّلْمَةُ الَّتِي تُوضَعُ فِي الْمَلَّةِ ، ( وَيَكْفَأُهَا ) بِالْهَمْزَةِ وَرُوِيَ فِي غَيْرِ مُسْلِمٍ ( يَتَكَفَّؤُهَا ) بِالْهَمْزِ أَيْضًا ، وَخُبْزَةُ الْمُسَافِرِ هِيَ الَّتِي يَجْعَلُهَا فِي الْمَلَّةِ وَيَتَكَفَّؤُهَا بِيَدَيْهِ ، أَيْ : يُمِيلُهَا مِنْ يَدٍ إِلَى يَدٍ حَتَّى تَجْتَمِعَ وَتَسْتَوِيَ ، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مُنْبَسِطَةً كَالرُّقَاقَةِ وَنَحْوِهَا وَقَدْ سَبَقَ الْكَلَامُ فِي الْيَدِ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَتَأْوِيلِهَا قَرِيبًا ، مَعَ الْقَطْعِ بِاسْتِحَالَةِ الْجَارِحَةِ ، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ : أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَجْعَلُ الْأَرْضَ كَالظُّلْمَةِ وَالرَّغِيفِ الْعَظِيمِ وَيَكُونُ ذَلِكَ طَعَامًا نُزُلًا لِأَهْلِ الْجَنَّةِ وَاَللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .

قَوْلُهُ : ( إِدَامُهُمْ بَالَامُ وَنُونٌ ، قَالُوا : وَمَا هَذَا ؟ قَالَ . ثَوْرٌ وَنُونٌ يَأْكُلُ مِنْ زَائِدِ كَبِدِهِمَا سَبْعُونَ أَلْفًا ) أَمَّا ( النُّونُ ) فَهُوَ الْحُوتُ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ ، وَأَمَّا ( بَالَامُ ) فَبِبَاءٍ مُوَحَّدَةٍ مَفْتُوحَةٍ ، وَبِتَخْفِيفِ اللَّامِ وَمِيمٍ مَرْفُوعَةٍ غَيْرِ مُنَوَّنَةٍ ، وَفِي مَعْنَاهَا أَقْوَالٌ مُضْطَرِبَةٌ الصَّحِيحُ مِنْهَا : الَّذِي اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ ، أَنَّهَا لَفْظَةٌ عِبْرَانِيَّةٌ مَعْنَاهَا بِالْعِبْرَانِيَّةِ : ثَوْرٌ ، وَفَسَّرَهُ بِهَذَا ، وَلِهَذَا سَأَلُوا الْيَهُودِيَّ عَنْ تَفْسِيرِهَا وَلَوْ كَانَتْ عَرَبِيَّةٌ لَعَرَفَتْهَا الصَّحَابَةُ ، وَلَمْ يَحْتَاجُوا إِلَى سُؤَالِهِ عَنْهَا فَهَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ فِي بَيَانِ هَذِهِ اللَّفْظَةِ ، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : لَعَلَّ الْيَهُودِيَّ أَرَادَ التَّعْمِيَةَ عَلَيْهِمْ ، فَقَطَعَ الْهِجَاءَ وَقَدَّمَ أَحَدَ الْحَرْفَيْنِ عَلَى الْآخَرِ ، وَهِيَ لَامُ أَلِفٍ وَيَاءٍ ، يُرِيدُ ( لِأَي ) عَلَى وَزْنِ ( لَعَا ) وَهُوَ الثَّوْرُ الْوَحْشِيُّ فَصَحَّفَ الرَّاوِي الْيَاءَ الْمُثَنَّاةَ فَجَعَلَهَا مُوَحَّدَةً ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ : هَذَا أَقْرَبُ مَا يَقَعُ فِيهِ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَأَمَّا ( زَائِدَةُ الْكَبِدِ ) ، وَهِيَ : الْقِطْعَةُ الْمُنْفَرِدَةُ الْمُتَعَلِّقَةُ فِي الْكَبِدِ ، وَهِيَ أَطْيَبُهَا .

وَأَمَّا قَوْلُهُ : ( يَأْكُلُ مِنْهَا سَبْعُونَ أَلْفًا ) فَقَالَ الْقَاضِي : يُحْتَمَلُ أَنَّهُمُ السَّبْعُونَ أَلْفًا الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِلَا حِسَابٍ ، فَخُصُّوا بِأَطْيَبِ النُّزُلِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ عَبَّرَ بِالسَّبْعِينَ أَلْفًا عَنِ الْعَدَدِ الْكَثِيرِ ، وَلَمْ يُرِدِ الْحَصْرَ فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ ، وَهَذَا مَعْرُوفٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .




[ سـ :5130 ... بـ :2793]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيُّ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا قُرَّةُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ تَابَعَنِي عَشَرَةٌ مِنْ الْيَهُودِ لَمْ يَبْقَ عَلَى ظَهْرِهَا يَهُودِيٌّ إِلَّا أَسْلَمَ

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَوْ بَايَعَنِي عَشْرَةٌ مِنَ الْيَهُودِ لَمْ يَبْقَ عَلَى ظَهْرِهَا يَهُودِيٌّ إِلَّا أَسْلَمَ ) قَالَ صَاحِبُ التَّحْرِيرِ : الْمُرَادُ عَشْرَةٌ مِنْ أَحْبَارِهِمْ .