فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ سُؤَالِ الْيَهُودِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الرُّوحِ وقَوْلِهِ

باب سُؤَالِ الْيَهُودِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الرُّوحِ وَقَوْله تَعَالَى يَسْأَلُونَكَ عَنْ الرُّوحِ الْآيَةَ
[ سـ :5131 ... بـ :2794]
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ بَيْنَمَا أَنَا أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَرْثٍ وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى عَسِيبٍ إِذْ مَرَّ بِنَفَرٍ مِنْ الْيَهُودِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ سَلُوهُ عَنْ الرُّوحِ فَقَالُوا مَا رَابَكُمْ إِلَيْهِ لَا يَسْتَقْبِلُكُمْ بِشَيْءٍ تَكْرَهُونَهُ فَقَالُوا سَلُوهُ فَقَامَ إِلَيْهِ بَعْضُهُمْ فَسَأَلَهُ عَنْ الرُّوحِ قَالَ فَأَسْكَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا فَعَلِمْتُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ قَالَ فَقُمْتُ مَكَانِي فَلَمَّا نَزَلَ الْوَحْيُ قَالَ وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الرُّوحِ قُلْ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ وَعَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ قَالَا أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ كِلَاهُمَا عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنْتُ أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَرْثٍ بِالْمَدِينَةِ بِنَحْوِ حَدِيثِ حَفْصٍ غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ وَكِيعٍ وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا وَفِي حَدِيثِ عِيسَى بْنِ يُونُسَ وَمَا أُوتُوا مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ خَشْرَمٍ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ إِدْرِيسَ يَقُولُ سَمِعْتُ الْأَعْمَشَ يَرْوِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَخْلٍ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَسِيبٍ ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِهِمْ عَنْ الْأَعْمَشِ وَقَالَ فِي رِوَايَتِهِ وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا

قَوْلُهُ : ( كُنْتُ أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَرْثٍ وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى عَسِيبٍ ) فَقَوْلُهُ : ( فِي حَرْثِ ) بِثَاءٍ مُثَلَّثَةٍ وَهُوَ مَوْضِعُ الزَّرْعِ ، وَهُوَ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى : ( فِي نَخْلِ ) وَاتَّفَقَتْ نُسَخُ صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَلَى أَنَّهُ ( حَرْثٌ ) بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ ، وَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي مَوَاضِعِ ، وَرَوَاهُ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ فِي بَابِ وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا خَرِبٌ : بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ جَمْعُ خَرَابٍ ، قَالَ الْعُلَمَاءُ : الْأَوَّلُ أَصْوَبُ ، وَلِلْآخَرِ وَجْهٌ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَوْضِعُ فِيهِ الْوَصْفَانِ .

وَأَمَّا الْعَسِيبُ : فَهُوَ جَرِيدَةُ النَّخْلِ .

وَقَوْلُهُ : ( مُتَّكِئٌ عَلَيْهِ ) أَيْ : مُعْتَمِدٌ .

قَوْلُهُ : ( سَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ فَقَالُوا : مَا رَابَكُمْ إِلَيْهِ لَا يَسْتَقْبِلُكُمْ بِشَيْءٍ تَكْرَهُونَهُ ) هَكَذَا فِي جَمِيعِ النُّسَخِ ( مَا رَابَكُمْ إِلَيْهِ ) أَيْ : مَا دَعَاكُمْ إِلَى سُؤَالِهِ ؟ أَوْ مَا شَكَّكُمْ فِيهِ حَتَّى احْتَجْتُمْ إِلَى سُؤَالِهِ ، أَوْ مَا دَعَاكُمْ إِلَى سُؤَالٍ تَخْشَوْنَ سُوءَ عُقْبَاهُ .

قَوْلُهُ : ( فَأَسْكَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) أَيْ : سَكَتَ ، وَقِيلَ : أَطْرَقَ ، وَقِيلَ : أَعْرَضَ عَنْهُ .

قَوْلُهُ : ( فَلَمَّا نَزَلَ الْوَحْيُ قَالَ : يَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ وَكَذَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي أَكْثَرِ أَبْوَابِهِ ، قَالَ الْقَاضِي : وَهُوَ وَهَمٌ وَصَوَابُهُ مَا سَبَقَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَاهَانَ ، ( فَلَمَّا انْجَلَى عَنْهُ ) ، وَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي مَوْضِعٍ ، وَفِي مَوْضِعٍ ( فَلَمَّا صَعِدَ الْوَحْيُ ) ، وَقَالَ : هَذَا وَجْهُ الْكَلَامِ ; لِأَنَّهُ قَدْ ذُكِرَ قَبْلَ ذَلِكَ نُزُولُ الْوَحْيِ عَلَيْهِ ، قُلْتُ : وَكُلُّ الرِّوَايَاتِ صَحِيحَةٌ ، وَمَعْنَى رِوَايَةُ مُسْلِمٍ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَ الْوَحْيُ وَتَمَّ نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى : قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا هَكَذَا هُوَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ ( أُوتِيتُمْ ) عَلَى وَفْقِ الْقِرَاءَةِ الْمَشْهُورَةِ . وَفِي أَكْثَرِ نُسَخِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ ( وَمَا أُوتُو مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ) قَالَ الْمَازِرِيُّ : الْكَلَامُ فِي الرُّوحِ وَالنَّفْسِ مِمَّا يَغْمُضُ وَيَدِقُّ ، وَمَعَ هَذَا فَأَكْثَرَ النَّاسُ فِيهِ الْكَلَامَ ، وَأَلَّفُوا فِيهِ التَّآلِيفِ ، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ : هُوَ النَّفَسُ الدَّاخِلُ وَالْخَارِجُ ، وَقَالَ ابْنُ الْبَاقِلَانِيُّ : هُوَ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ هَذَا الَّذِي قَالَهُ الْأَشْعَرِيُّ وَبَيْنَ الْحَيَاةِ ، وَقِيلَ : هُوَ جِسْمٌ لَطِيفٌ مُشَارِكٌ لِلْأَجْسَامِ الظَّاهِرَةِ وَالْأَعْضَاءِ الظَّاهِرَةِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَا يَعْلَمُ الرُّوحَ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَقَالَ الْجُمْهُورُ : هِيَ مَعْلُومَةٌ ، وَاخْتَلَفُوا فِيهَا عَلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ ، وَقِيلَ : هِيَ الدَّمُ ، وَقِيلَ غَيْرَ ذَلِكَ ، وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا لَا تُعْلَمَ ، وَلَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُهَا ، وَإِنَّمَا أَجَابَ بِمَا فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ لِأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ إِنْ أَجَابَ بِتَفْسِيرِ الرُّوحِ فَلَيْسَ بِنَبِيٍّ ، وَفِي الرُّوحِ لُغَتَانِ ، التَّذْكِيرِ وَالتَّأْنِيثِ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .




[ سـ :5132 ... بـ :2795]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْأَشَجُّ وَاللَّفْظُ لِعَبْدِ اللَّهِ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ خَبَّابٍ قَالَ كَانَ لِي عَلَى الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ دَيْنٌ فَأَتَيْتُهُ أَتَقَاضَاهُ فَقَالَ لِي لَنْ أَقْضِيَكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ إِنِّي لَنْ أَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ حَتَّى تَمُوتَ ثُمَّ تُبْعَثَ قَالَ وَإِنِّي لَمَبْعُوثٌ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ فَسَوْفَ أَقْضِيكَ إِذَا رَجَعْتُ إِلَى مَالٍ وَوَلَدٍ قَالَ وَكِيعٌ كَذَا قَالَ الْأَعْمَشُ قَالَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا إِلَى قَوْلِهِ وَيَأْتِينَا فَرْدًا حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ كُلُّهُمْ عَنْ الْأَعْمَشِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَ حَدِيثِ وَكِيعٍ وَفِي حَدِيثِ جَرِيرٍ قَالَ كُنْتُ قَيْنًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَعَمِلْتُ لِلْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ عَمَلًا فَأَتَيْتُهُ أَتَقَاضَاهُ

قَوْلُهُ : ( كُنْتُ قَيْنًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ ) أَيْ : حَدَّادًا .