فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ الْأَمْرِ بِحُسْنِ الظَّنِّ بِاللَّهِ تَعَالَى عِنْدَ الْمَوْتِ

باب الْأَمْرِ بِحُسْنِ الظَّنِّ بِاللَّهِ تَعَالَى عِنْدَ الْمَوْتِ
[ سـ :5255 ... بـ :2877]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّاءَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ وَفَاتِهِ بِثَلَاثٍ يَقُولُ لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ بِاللَّهِ الظَّنَّ وَحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ كُلُّهُمْ عَنْ الْأَعْمَشِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ بِاَللَّهِ الظَّنَّ ) وَفِي رِوَايَةٍ : إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاَللَّهِ تَعَالَى قَالَ الْعُلَمَاءُ : هَذَا تَحْذِيرٌ مِنَ الْقُنُوطِ ، وَحَثٌّ عَلَى الرَّجَاءِ عِنْدَ الْخَاتِمَةِ ، وَقَدْ سَبَقَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى : ( أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي ) ، قَالَ الْعُلَمَاءُ : مَعْنَى ( حُسْنُ الظَّنِّ بِاَللَّهِ تَعَالَى ) أَنْ يَظُنَّ أَنَّهُ يَرْحَمُهُ وَيَعْفُو عَنْهُ ، قَالُوا : وَفِي حَالَةِ الصِّحَّةِ يَكُونُ خَائِفًا رَاجِيًا ، وَيَكُونَانِ سَوَاءً ، وَقِيلَ : يَكُونُ الْخَوْفُ أَرْجَحَ ، فَإِذَا دَنَتْ أَمَارَاتُ الْمَوْتِ غَلَّبَ الرَّجَاءَ أَوْ مَحْضَهُ ; لِأَنَّ مَقْصُودَ الْخَوْفِ : الِانْكِفَافُ عَنِ الْمَعَاصِي وَالْقَبَائِحِ ، وَالْحِرْصُ عَلَى الْإِكْثَارِ مِنَ الطَّاعَاتِ وَالْأَعْمَالِ ، وَقَدْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ أَوْ مُعْظَمُهُ فِي هَذَا الْحَالِ ، فَاسْتُحِبَّ إِحْسَانُ الظَّنِّ الْمُتَضَمِّنُ لِلِافْتِقَارِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ، وَالْإِذْعَانِ لَهُ ، وَيُؤَيِّدُهُ الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ بَعْدَهُ يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ وَلِهَذَا عَقَّبَهُ مُسْلِمٌ لِلْحَدِيثِ الْأَوَّلِ . قَالَ الْعُلَمَاءُ : مَعْنَاهُ : يُبْعَثُ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي مَاتَ عَلَيْهَا ، وَمِثْلُهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ بَعْدَهُ ثُمَّ بُعِثُوا عَلَى نِيَّاتِهِمْ .