فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ إِذَا تَوَاجَهَ الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا

باب إِذَا تَوَاجَهَ الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا
[ سـ :5270 ... بـ :2888]
حَدَّثَنِي أَبُو كَامِلٍ فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ الْجَحْدَرِيُّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ وَيُونُسَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ خَرَجْتُ وَأَنَا أُرِيدُ هَذَا الرَّجُلَ فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرَةَ فَقَالَ أَيْنَ تُرِيدُ يَا أَحْنَفُ قَالَ قُلْتُ أُرِيدُ نَصْرَ ابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي عَلِيًّا قَالَ فَقَالَ لِي يَا أَحْنَفُ ارْجِعْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا تَوَاجَهَ الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ قَالَ فَقُلْتُ أَوْ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الْقَاتِلُ فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ قَالَ إِنَّهُ قَدْ أَرَادَ قَتْلَ صَاحِبِهِ

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا تَوَاجَهَ الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ ) مَعْنَى ( تَوَاجَهَا ) ضَرَبَ كُلُّ وَاحِدٍ وَجْهَ صَاحِبِهِ أَيْ ذَاتَهُ وَجُمْلَتَهُ . وَأَمَّا كَوْنُ الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَا تَأْوِيلَ لَهُ ، وَيَكُونُ قِتَالُهُمَا عَصَبِيَّةً وَنَحْوَهَا - ثُمَّ كَوْنُهُ فِي النَّارِ مَعْنَاهُ مُسْتَحِقٌّ لَهَا ، وَقَدْ يُجَازَى بِذَلِكَ ، وَقَدْ يَعْفُو اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ . هَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ الْحَقِّ ، وَقَدْ سَبَقَ تَأْوِيلُهُ مَرَّاتٍ ، وَعَلَى هَذَا يُتَأَوَّلُ كُلُّ مَا جَاءَ مِنْ نَظَائِرِهِ . وَاعْلَمْ أَنَّ الدِّمَاءَ الَّتِي جَرَتْ بَيْنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ لَيْسَتْ بِدَاخِلَةٍ فِي هَذَا الْوَعِيدِ ، وَمَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَقُّ إِحْسَانُ الظَّنِّ بِهِمْ ، وَالْإِمْسَاكُ عَمَّا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ، وَتَأْوِيلُ قِتَالِهِمْ ، وَأَنَّهُمْ مُجْتَهِدُونَ مُتَأَوِّلُونَ لَمْ يَقْصِدُوا مَعْصِيَةً وَلَا مَحْضَ الدُّنْيَا ، بَلِ اعْتَقَدَ كُلُّ فَرِيقٍ أَنَّهُ الْمُحِقُّ ، وَمُخَالِفُهُ بَاغٍ ، فَوَجَبَ عَلَيْهِ قِتَالُهُ لِيَرْجِعَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ . وَكَانَ بَعْضُهُمْ مُصِيبًا ، وَبَعْضُهُمْ مُخْطِئًا مَعْذُورًا فِي الْخَطَأِ ; لِأَنَّهُ لِاجْتِهَادٍ ، وَالْمُجْتَهِدُ إِذَا أَخْطَأَ لَا إِثْمَ عَلَيْهِ ، وَكَانَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هُوَ الْمُحِقُّ الْمُصِيبُ فِي تِلْكِ الْحُرُوبِ . هَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ ، وَكَانَتِ الْقَضَايَا مُشْتَبِهَةٌ حَتَّى إِنَّ جَمَاعَةً مِنَ الصَّحَابَةِ تَحَيَّرُوا فِيهَا فَاعْتَزَلُوا الطَّائِفَتَيْنِ ، وَلَمْ يُقَاتِلُوا ، وَلَمْ يَتَيَقَّنُوا الصَّوَابَ ، ثُمَّ تَأَخَّرُوا عَنْ مُسَاعَدَتِهِ مِنْهُمْ .

قَوْلُهُ : ( أَرَأَيْتَ إِنْ أُكْرِهْتُ حَتَّى يُنْطَلَقَ بِي إِلَى أَحَدِ الصَّفَّيْنِ ، فَضَرَبَنِي رَجُلٌ بِسَيْفِهِ ، أَوْ يَجِيءُ سَهْمٌ فَيَقْتُلنِي ؟ قَالَ يَبُوءُ بِإِثْمِهِ وَإِثْمِكَ ، وَيَكُونُ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ) مَعْنَى ( يَبُوءُ بِهِ ) يَلْزَمُهُ ، وَيَرْجِعُ ، وَيَحْتَمِلُهُ أَيْ يَبُوءُ الَّذِي أَكْرَهَكَ بِإِثْمِهِ فِي إِكْرَاهِكِ ، وَفِي دُخُولِهِ فِي الْفِتْنَةِ ، وَبِإِثْمِكَ فِي قَتْلِكِ غَيْرَهُ ، وَيَكُونُ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ، أَيْ مُسْتَحِقًّا لَهَا .

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ رَفْعُ الْإِثْمِ عَنِ الْمُكْرَهِ عَلَى الْحُضُورِ هُنَاكَ . وَأَمَّا الْقَتْلُ فَلَا يُبَاحُ بِالْإِكْرَاهِ بَلْ يَأْثَمُ الْمُكْرَهُ عَلَى الْمَأْمُورِ بِهِ بِالْإِجْمَاعِ . وَقَدْ نَقَلَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ فِيهِ الْإِجْمَاعَ قَالَ أَصْحَابُنَا : وَكَذَا الْإِكْرَاهُ عَلَى الزِّنَا ، لَا يُرْفَعُ الْإِثْمُ فِيهِ . هَذَا إِذَا أُكْرِهَتِ الْمَرْأَةُ حَتَّى مَكَّنَتْ مِنْ نَفْسِهَا . فَأَمَّا إِذَا رُبِطَتْ ، وَلَمْ يُمْكِنْهَا مُدَافَعَتَهُ ، فَلَا إِثْمَ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ الْمَقْتُولَ فِي النَّارِ لِأَنَّهُ أَرَادَ قَتْلَ صَاحِبَهُ ) فِيهِ دَلَالَةٌ لِلْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّ مَنْ نَوَى الْمَعْصِيَةَ ، وَأَصَرَّ عَلَى النِّيَّةِ يَكُونُ آثِمًا إِنْ لَمْ يَفْعَلْهَا ، وَلَا تَكَلُّمَ ، وَقَدْ سَبَقَتِ الْمَسْأَلَةُ وَاضِحَةً فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ .




[ سـ :5272 ... بـ :2888]
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا الْمُسْلِمَانِ حَمَلَ أَحَدُهُمَا عَلَى أَخِيهِ السِّلَاحَ فَهُمَا عَلَى جُرْفِ جَهَنَّمَ فَإِذَا قَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ دَخَلَاهَا جَمِيعًا

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَهُمَا عَلَى جُرُفِ جَهَنَّمَ ) هَكَذَا هُوَ فِي مُعْظَمِ النُّسَخِ : ( جُرُفِ ) بِالْجِيمِ وَضَمِّ الرَّاءِ وَإِسْكَانِهَا ، وَفِي بَعْضِهَا ( حَرْفِ ) بِالْحَاءِ ، وَهُمَا مُتَقَارِبَتَانِ . وَمَعْنَاهُ عَلَى طَرَفِهَا قَرِيبٌ مِنَ السُّقُوطِ فِيهَا .

قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا غُنْدَرُ عَنْ شُعْبَةَ وَحَدَّثَنَا ابْنُ مُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ عَنْ غُنْدَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مَنْصُورٍ بِإِسْنَادِهِ مَرْفُوعًا ) هَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا اسْتَدْرَكَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ ، وَقَالَ : لَمْ يَرْفَعْهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ مَنْصُورٍ ، وَهَذَا الِاسْتِدْرَاكُ غَيْرُ مَقْبُولٍ ; فَإِنَّ شُعْبَةَ إِمَامٌ حَافِظٌ فَزِيَادَتُهُ الرَّفْعَ مَقْبُولَةٌ كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ مَرَّاتٍ .




[ سـ :5273 ... بـ :157]
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَقْتَتِلَ فِئَتَانِ عَظِيمَتَانِ وَتَكُونُ بَيْنَهُمَا مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ وَدَعْوَاهُمَا وَاحِدَةٌ

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَقْتَتِلَ فِئَتَانِ عَظِيمَتَانِ ) هَذَا مِنَ الْمُعْجِزَاتِ ، وَقَدْ جَرَى هَذَا فِي الْعَصْرِ الْأَوَّلِ .