فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ تَحْرِيمِ ضَرْبِ الْخُدُودِ وَشَقِّ الْجُيُوبِ وَالدُّعَاءِ بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ

باب تَحْرِيمِ ضَرْبِ الْخُدُودِ وَشَقِّ الْجُيُوبِ وَالدُّعَاءِ بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ
[ سـ :177 ... بـ :103]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَوَكِيعٌ ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي جَمِيعًا عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ أَوْ شَقَّ الْجُيُوبَ أَوْ دَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ هَذَا حَدِيثُ يَحْيَى وَأَمَّا ابْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو بَكْرٍ فَقَالَا وَشَقَّ وَدَعَا بِغَيْرِ أَلِفٍ وَحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ قَالَا حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ جَمِيعًا عَنْ الْأَعْمَشِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَقَالَا وَشَقَّ وَدَعَا

قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ) إِلَى آخِرِهِ كُلُّهُمْ كُوفِيُّونَ .

قَوْلُهُ : ( عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ ) هُوَ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَإِسْكَانِ الشِّينِ الْمُعْجَمَتَيْنِ وَفَتْحِ الرَّاءِ .




[ سـ :178 ... بـ :104]
حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى الْقَنْطَرِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُخَيْمِرَةَ حَدَّثَهُ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى قَالَ وَجِعَ أَبُو مُوسَى وَجَعًا فَغُشِيَ عَلَيْهِ وَرَأْسُهُ فِي حَجْرِ امْرَأَةٍ مِنْ أَهْلِهِ فَصَاحَتْ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِهِ فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهَا شَيْئًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ أَنَا بَرِيءٌ مِمَّا بَرِئَ مِنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَرِئَ مِنْ الصَّالِقَةِ وَالْحَالِقَةِ وَالشَّاقَّةِ

وقَوْلُهُ : ( الْقَنْطَرِيُّ ) هُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالطَّاءِ مَنْسُوبٌ إِلَى قَنْطَرَةِ ( بَرَدَانَ ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَالرَّاءِ جِسْرٌ بِبَغْدَادَ . قَوْلُهُ : ( الْقَاسِمُ بْنُ مُخَيْمِرَةَ ) هُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ الثَّانِيَةِ .

وَقَوْلُهُ : ( وَجِعَ أَبُو مُوسَى ) هُوَ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِ الْجِيمِ .

وَقَوْلُهُ : ( فِي حِجْرِ امْرَأَتِهِ ) هُوَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا لُغَتَانِ .

قَوْلُهُ : ( فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ : أَنَا بَرِيءٌ مِمَّا بَرِئَ مِنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ) كَذَا ضَبَطْنَاهُ ، وَكَذَا هُوَ فِي الْأُصُولِ ( مِمَّا ) ، وَهُوَ صَحِيحٌ ، أَيْ : مِنَ الشَّيْءِ الَّذِي بَرِئَ مِنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .

وَقَوْلُهُ : ( الصَّالِقَةُ وَالْحَالِقَةُ وَالشَّاقَّةُ ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ( أَنَا بَرِيءٌ مِمَّنْ حَلَقَ وَسَلَقَ وَخَرَقَ ) ; فَالصَّالِقَةُ وَقَعَتْ فِي الْأُصُولِ بِالصَّادِ وَسَلَقَ بِالسِّينِ وَهُمَا صَحِيحَانِ وَهُمَا لُغَتَانِ السَّلْقُ وَالصَّلْقُ وَسَلَقَ وَصَلَقَ . وَهِيَ صَالِقَةٌ وَسَالِقَةٌ : وَهِيَ الَّتِي تَرْفَعُ صَوْتَهَا عِنْدَ الْمُصِيبَةِ . وَالْحَالِقَةُ : هِيَ الَّتِي تَحْلِقُ شَعْرَهَا عِنْدَ الْمُصِيبَةِ ، وَالشَّاقَّةُ : الَّتِي تَشُقُّ ثَوْبَهَا عِنْدَ الْمُصِيبَةِ . هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ الظَّاهِرُ الْمَعْرُوفُ . وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ : الصَّلْقُ ضَرْبُ الْوَجْهِ ، وَأَمَّا دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ الْقَاضِي : هِيَ النِّيَاحَةُ ، وَنُدْبَةُ الْمَيِّتِ ، وَالدُّعَاءُ بِالْوَيْلِ وَشِبْهِهِ ، وَالْمُرَادُ بِالْجَاهِلِيَّةِ مَا كَانَ فِي الْفَتْرَةِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ .




[ سـ :179 ... بـ :104]
حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَإِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَا أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَيْسٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا صَخْرَةَ يَذْكُرُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ وَأَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى قَالَا أُغْمِيَ عَلَى أَبِي مُوسَى وَأَقْبَلَتْ امْرَأَتُهُ أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ تَصِيحُ بِرَنَّةٍ قَالَا ثُمَّ أَفَاقَ قَالَ أَلَمْ تَعْلَمِي وَكَانَ يُحَدِّثُهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَنَا بَرِيءٌ مِمَّنْ حَلَقَ وَسَلَقَ وَخَرَقَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ عِيَاضٍ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ امْرَأَةِ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ح وَحَدَّثَنِيهِ حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنَا دَاوُدُ يَعْنِي ابْنَ أَبِي هِنْدٍ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ح وَحَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْحَدِيثِ غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ عِيَاضٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ لَيْسَ مِنَّا وَلَمْ يَقُلْ بَرِيءٌ

وَقَوْلُهُ فِي الْإِسْنَادِ الْآخَرِ : ( أَبُو عُمَيْسٍ عَنْ أَبِي صَخْرَةَ ) هُوَ ( عُمَيْسٌ ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الْيَاءِ وَبِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ . وَاسْمُهُ عُتْبَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ . وَذَكَرَهُ الْحَاكِمُ فِي أَفْرَادِ الْكُنَى يَعْنِي أَنَّهُ لَا يُشَارِكُهُ فِي كُنْيَتِهِ أَحَدٌ .

وَأَمَّا ( أَبُو صَخْرَةَ ) فَبِالْهَاءِ فِي آخِرِهِ كَذَا وَقَعَ هُنَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي كُنْيَتِهِ وَيُقَالُ فِيهَا أَيْضًا أَبُو صَخْرٍ بِحَذْفِ الْهَاءِ وَاسْمُهُ جَامِعُ بْنُ شَدَّادٍ .

قَوْلُهُ : ( تَصِيحُ بِرَنَّةٍ ) هُوَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ . قَالَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ : الرَّنَّةُ صَوْتٌ مَعَ الْبُكَاءِ فِيهِ تَرْجِيعٌ كَالْقَلْقَلَةِ وَاللَّقْلَقَةِ . يُقَالُ أَرَنَّتْ فَهِيَ مُرِنَّةٌ . وَلَا يُقَالُ رَنَّتْ . وَقَالَ ثَابِتٌ فِي الْحَدِيثِ لُعِنَتِ الرَّانَّةُ وَلَعَلَّهُ مِنْ نَقَلَةِ الْحَدِيثِ هَذَا كَلَامُ صَاحِبِ الْمَطَالِعِ . قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الرَّنَّةُ وَالرَّنِينُ وَالْإِرْنَانُ بِمَعْنَى وَاحِدٍ . وَيُقَالُ رَنَّتْ وَأَرَنَّتْ لُغَتَانِ حَكَاهُمَا الْجَوْهَرِيُّ وَفِيهِ رَدٌّ لِمَا قَالَهُ ثَابِتٌ وَغَيْرُهُ .

قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : قَوْلُهُ : ( أَنَا بَرِيءٌ مِمَّنْ حَلَقَ ) أَيْ مِنْ فِعْلِهِنَّ ، أَوْ مَا يَسْتَوْجِبْنَ مِنَ الْعُقُوبَةِ ، أَوْ مِنْ عُهْدَةِ مَا لَزِمَنِي مِنْ بَيَانِهِ . وَأَصْلُ الْبَرَاءَةِ الِانْفِصَالُ . هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ ظَاهِرُهُ وَهُوَ الْبَرَاءَةُ مِنْ فَاعِلِ هَذِهِ الْأُمُورِ ، وَلَا يُقَدَّرُ فِيهِ حَذْفٌ .

وَأَمَّا قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ ) فَذَكَرَهُ مَرْفُوعًا فَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ : يَرْوُونَهُ عَنْ شُعْبَةَ مَوْقُوفًا ، وَلَمْ يَرْفَعْهُ عَنْهُ غَيْرُ عَبْدِ الصَّمَدِ . قُلْتُ : وَلَا يَضُرُّ هَذَا عَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ الْمُخْتَارِ وَهُوَ إِذَا رَوَى الْحَدِيثَ بَعْضُ الرُّوَاةِ مَوْقُوفًا وَبَعْضُهُمْ مَرْفُوعًا أَوْ بَعْضُهُمْ مُتَّصِلًا وَبَعْضُهُمْ مُرْسَلًا فَإِنَّ الْحُكْمَ لِلرَّفْعِ وَالْوَصْلِ ، وَقِيلَ لِلْوَقْفِ وَالْإِرْسَالِ ، وَقِيلَ : يُعْتَبَرُ الْأَحْفَظُ ، وَقِيلَ : الْأَكْثَرُ . وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ . وَمَعَ هَذَا فَمُسْلِمٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَمْ يَذْكُرْ هَذَا الْإِسْنَادَ مُعْتَمِدًا عَلَيْهِ إِنَّمَا ذَكَرَهُ مُتَابَعَةً وَقَدْ تَكَلَّمْنَا قَرِيبًا عَلَى نَحْوِ هَذَا . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .