فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ آخَرِ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا

باب آخِرِ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا
[ سـ :304 ... بـ :186]
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ كِلَاهُمَا عَنْ جَرِيرٍ قَالَ عُثْمَانُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي لَأَعْلَمُ آخِرَ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنْهَا وَآخِرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولًا الْجَنَّةَ رَجُلٌ يَخْرُجُ مِنْ النَّارِ حَبْوًا فَيَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَهُ اذْهَبْ فَادْخُلْ الْجَنَّةَ فَيَأْتِيهَا فَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهَا مَلْأَى فَيَرْجِعُ فَيَقُولُ يَا رَبِّ وَجَدْتُهَا مَلْأَى فَيَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَهُ اذْهَبْ فَادْخُلْ الْجَنَّةَ قَالَ فَيَأْتِيهَا فَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهَا مَلْأَى فَيَرْجِعُ فَيَقُولُ يَا رَبِّ وَجَدْتُهَا مَلْأَى فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ اذْهَبْ فَادْخُلْ الْجَنَّةَ فَإِنَّ لَكَ مِثْلَ الدُّنْيَا وَعَشَرَةَ أَمْثَالِهَا أَوْ إِنَّ لَكَ عَشَرَةَ أَمْثَالِ الدُّنْيَا قَالَ فَيَقُولُ أَتَسْخَرُ بِي أَوْ أَتَضْحَكُ بِي وَأَنْتَ الْمَلِكُ قَالَ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ قَالَ فَكَانَ يُقَالُ ذَاكَ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً

قَوْلُهُ : ( رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ ) هُوَ بِالْجِيمِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ . قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ ثَعْلَبٌ وَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَغَرِيبِ الْحَدِيثِ وَغَيْرُهُمُ الْمُرَادُ بِالنَّوَاجِذِ هُنَا الْأَنْيَابُ ، وَقِيلَ : الْمُرَادُ هُنَا الضَّوَاحِكُ ، وَقِيلَ : الْمُرَادُ بِهَا الْأَضْرَاسُ ، وَهَذَا هُوَ الْأَشْهَرُ فِي إِطْلَاقِ النَّوَاجِذِ فِي اللُّغَةِ ، وَلَكِنَّ الصَّوَابَ عِنْدَ الْجَمَاهِيرِ مَا قَدَّمْنَاهُ ، وَفِي هَذَا : جَوَازُ الضَّحِكِ ، وَأَنَّهُ لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ فِي بَعْضِ الْمَوَاطِنِ ، وَلَا بِمُسْقِطٍ لِلْمُرُوءَةِ إِذَا لَمْ يُجَاوِزْ بِهِ الْحَدَّ الْمُعْتَادَ مِنْ أَمْثَالِهِ فِي مِثْلِ تِلْكَ الْحَالِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ اذْهَبْ فَادْخُلِ الْجَنَّةَ فَإِنَّ لَكَ مِثْلَ الدُّنْيَا وَعَشَرَةَ أَمْثَالِهَا ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى : ( لَكَ الَّذِي تَمَنَّيْتَ وَعَشَرَةُ أَضْعَافِ الدُّنْيَا ) هَاتَانِ الرِّوَايَتَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ ، وَإِحْدَاهُمَا تَفْسِيرُ الْأُخْرَى ، فَالْمُرَادُ بِالْأَضْعَافِ الْأَمْثَالُ فَإِنَّ الْمُخْتَارَ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّ الضِّعْفَ الْمِثْلُ .




[ سـ :305 ... بـ :186]
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ وَاللَّفْظُ لِأَبِي كُرَيْبٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي لَأَعْرِفُ آخَرُ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنْ النَّارِ رَجُلٌ يَخْرُجُ مِنْهَا زَحْفًا فَيُقَالُ لَهُ انْطَلِقْ فَادْخُلْ الْجَنَّةَ قَالَ فَيَذْهَبُ فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ فَيَجِدُ النَّاسَ قَدْ أَخَذُوا الْمَنَازِلَ فَيُقَالُ لَهُ أَتَذْكُرُ الزَّمَانَ الَّذِي كُنْتَ فِيهِ فَيَقُولُ نَعَمْ فَيُقَالُ لَهُ تَمَنَّ فَيَتَمَنَّى فَيُقَالُ لَهُ لَكَ الَّذِي تَمَنَّيْتَ وَعَشَرَةَ أَضْعَافِ الدُّنْيَا قَالَ فَيَقُولُ أَتَسْخَرُ بِي وَأَنْتَ الْمَلِكُ قَالَ فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ

وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْأُخْرَى فِي الْكِتَابِ : ( فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : أَيُرْضِيكَ أَنْ أُعْطِيَكَ الدُّنْيَا وَمِثْلَهَا مَعَهَا ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى : ( أَتَرْضَى أَنْ يَكُونَ لَكَ مِثْلُ مُلْكِ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الدُّنْيَا ؟ فَيَقُولُ : رَضِيتُ رَبِّ ، فَيَقُولُ لَكَ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ ، فَقَالَ فِي الْخَامِسَةِ : رَضِيتُ رَبِّ ، فَيَقُولُ : هَذَا لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ ) فَهَاتَانِ الرِّوَايَتَانِ لَا تُخَالِفَانِ الْأُولَيَيْنِ ، فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالْأُولَى مِنْ هَاتَيْنِ أَنْ يُقَالَ لَهُ أَوَّلًا : لَكَ الدُّنْيَا وَمِثْلُهَا ثُمَّ يُزَادُ إِلَى تَمَامِ عَشَرَةِ أَمَثَالِهَا كَمَا بَيَّنَهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأَخِيرَةِ ، وَأَمَّا الْأَخِيرَةُ فَالْمُرَادُ بِهَا أَنَّ أَحَدَ مُلُوكِ الدُّنْيَا لَا يَنْتَهِي مُلْكُهُ إِلَى جَمِيعِ الْأَرْضِ بَلْ يَمْلِكُ بَعْضًا مِنْهَا ثُمَّ مَنْ يَكْثُرُ الْبَعْضُ الَّذِي يَمْلِكُهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقِلُّ بَعْضُهُ فَيُعْطَى هَذَا الرَّجُلُ مِثْلَ أَحَدِ مُلُوكِ الدُّنْيَا خَمْسَ مَرَّاتٍ ، وَذَلِكَ كُلُّهُ قَدْرَ الدُّنْيَا كُلِّهَا ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ : لَكَ عَشَرَةُ أَمْثَالِ هَذَا فَيَعُودُ مَعْنَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ إِلَى مُوَافَقَةِ الرِّوَايَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ . وَهُوَ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( آخِرُ مَنْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ رَجُلٌ فَهُوَ يَمْشِي مَرَّةً وَيَكْبُو مَرَّةً وَتَسْفَعُهُ النَّارُ مَرَّةً ) أَمَّا ( يَكْبُو ) فَمَعْنَاهُ : يَسْقُطُ عَلَى وَجْهِهِ . وَأَمَّا ( تَسْفَعُهُ ) فَهُوَ بِفَتْحِ التَّاءِ وَإِسْكَانِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَمَعْنَاهُ : تَضْرِبُ وَجْهَهُ وَتُسَوِّدُهُ وَتُؤَثِّرُ فِيهِ أَثَرًا .

قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( لِأَنَّهُ يَرَى مَا لَا صَبْرَ لَهُ عَلَيْهِ ) ، كَذَا هُوَ فِي الْأُصُولِ فِي الْمَرَّتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ . وَأَمَّا الثَّالِثَةُ : فَوَقَعَ فِي أَكْثَرِ الْأُصُولِ ( مَا لَا صَبْرَ لَهُ عَلَيْهَا ) ، وَفِي بَعْضِهَا ( عَلَيْهِ ) ، وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَمَعْنَى ( عَلَيْهَا ) : أَيْ : نِعْمَةً لَا صَبْرَ لَهُ عَلَيْهَا أَيْ : عَنْهَا .

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : ( يَا ابْنَ آدَمَ مَا يَصْرِينِي مِنْكَ ) هُوَ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَإِسْكَانِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَمَعْنَاهُ يَقْطَعُ مَسْأَلَتَكَ مِنِّي . قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ : ( الصَّرْيُ ) بِفَتْحِ الصَّادِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ هُوَ الْقَطْعُ وَرُوِيَ فِي غَيْرِ مُسْلِمٍ ( مَا يَصْرِيكَ مِنِّي ) ، قَالَ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ : هُوَ الصَّوَابُ ، وَأَنْكَرَ الرِّوَايَةَ الَّتِي فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ ( مَا يَصْرِينِي مِنْكَ ) ، وَلَيْسَ هُوَ كَمَا قَالَ بَلْ كِلَاهُمَا صَحِيحٌ ; فَإِنَّ السَّائِلَ مَتَى انْقَطَعَ مِنَ الْمَسْئُولِ انْقَطَعَ الْمَسْئُولُ مِنْهُ ، وَالْمَعْنَى : أَيُّ شَيْءٍ يُرْضِيكَ وَيَقْطَعُ السُّؤَالَ بَيْنِي وَبَيْنِكَ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ : ( قَالُوا : مِمَّ تَضْحَكُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : مِنْ ضَحِكِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) قَدْ قَدَّمْنَا مَعْنَى الضَّحِكَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ الرِّضَى وَالرَّحْمَةُ وَإِرَادَةُ الْخَيْرِ لِمَنْ يَشَاءُ رَحْمَتَهُ مِنْ عِبَادِهِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .




[ سـ :306 ... بـ :187]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ آخِرُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ رَجُلٌ فَهْوَ يَمْشِي مَرَّةً وَيَكْبُو مَرَّةً وَتَسْفَعُهُ النَّارُ مَرَّةً فَإِذَا مَا جَاوَزَهَا الْتَفَتَ إِلَيْهَا فَقَالَ تَبَارَكَ الَّذِي نَجَّانِي مِنْكِ لَقَدْ أَعْطَانِي اللَّهُ شَيْئًا مَا أَعْطَاهُ أَحَدًا مِنْ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ فَتُرْفَعُ لَهُ شَجَرَةٌ فَيَقُولُ أَيْ رَبِّ أَدْنِنِي مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَلِأَسْتَظِلَّ بِظِلِّهَا وَأَشْرَبَ مِنْ مَائِهَا فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَا ابْنَ آدَمَ لَعَلِّي إِنَّ أَعْطَيْتُكَهَا سَأَلْتَنِي غَيْرَهَا فَيَقُولُ لَا يَا رَبِّ وَيُعَاهِدُهُ أَنْ لَا يَسْأَلَهُ غَيْرَهَا وَرَبُّهُ يَعْذِرُهُ لِأَنَّهُ يَرَى مَا لَا صَبْرَ لَهُ عَلَيْهِ فَيُدْنِيهِ مِنْهَا فَيَسْتَظِلُّ بِظِلِّهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَائِهَا ثُمَّ تُرْفَعُ لَهُ شَجَرَةٌ هِيَ أَحْسَنُ مِنْ الْأُولَى فَيَقُولُ أَيْ رَبِّ أَدْنِنِي مِنْ هَذِهِ لِأَشْرَبَ مِنْ مَائِهَا وَأَسْتَظِلَّ بِظِلِّهَا لَا أَسْأَلُكَ غَيْرَهَا فَيَقُولُ يَا ابْنَ آدَمَ أَلَمْ تُعَاهِدْنِي أَنْ لَا تَسْأَلَنِي غَيْرَهَا فَيَقُولُ لَعَلِّي إِنْ أَدْنَيْتُكَ مِنْهَا تَسْأَلُنِي غَيْرَهَا فَيُعَاهِدُهُ أَنْ لَا يَسْأَلَهُ غَيْرَهَا وَرَبُّهُ يَعْذِرُهُ لِأَنَّهُ يَرَى مَا لَا صَبْرَ لَهُ عَلَيْهِ فَيُدْنِيهِ مِنْهَا فَيَسْتَظِلُّ بِظِلِّهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَائِهَا ثُمَّ تُرْفَعُ لَهُ شَجَرَةٌ عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ هِيَ أَحْسَنُ مِنْ الْأُولَيَيْنِ فَيَقُولُ أَيْ رَبِّ أَدْنِنِي مِنْ هَذِهِ لِأَسْتَظِلَّ بِظِلِّهَا وَأَشْرَبَ مِنْ مَائِهَا لَا أَسْأَلُكَ غَيْرَهَا فَيَقُولُ يَا ابْنَ آدَمَ أَلَمْ تُعَاهِدْنِي أَنْ لَا تَسْأَلَنِي غَيْرَهَا قَالَ بَلَى يَا رَبِّ هَذِهِ لَا أَسْأَلُكَ غَيْرَهَا وَرَبُّهُ يَعْذِرُهُ لِأَنَّهُ يَرَى مَا لَا صَبْرَ لَهُ عَلَيْهَا فَيُدْنِيهِ مِنْهَا فَإِذَا أَدْنَاهُ مِنْهَا فَيَسْمَعُ أَصْوَاتَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَقُولُ أَيْ رَبِّ أَدْخِلْنِيهَا فَيَقُولُ يَا ابْنَ آدَمَ مَا يَصْرِينِي مِنْكَ أَيُرْضِيكَ أَنْ أُعْطِيَكَ الدُّنْيَا وَمِثْلَهَا مَعَهَا قَالَ يَا رَبِّ أَتَسْتَهْزِئُ مِنِّي وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ فَضَحِكَ ابْنُ مَسْعُودٍ فَقَالَ أَلَا تَسْأَلُونِي مِمَّ أَضْحَكُ فَقَالُوا مِمَّ تَضْحَكُ قَالَ هَكَذَا ضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا مِمَّ تَضْحَكُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مِنْ ضِحْكِ رَبِّ الْعَالَمِينَ حِينَ قَالَ أَتَسْتَهْزِئُ مِنِّي وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ فَيَقُولُ إِنِّي لَا أَسْتَهْزِئُ مِنْكَ وَلَكِنِّي عَلَى مَا أَشَاءُ قَادِرٌ

قَوْلُهُ : ( عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ ) هُوَ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ أَبُو عَيَّاشٍ الزُّرَقِيُّ الْأَنْصَارِيُّ الصَّحَابِيُّ الْمَعْرُوفُ ، فِي اسْمِهِ خِلَافٌ مَشْهُورٌ قِيلَ : زَيْدُ بْنُ الصَّامِتِ ، وَقِيلَ : زَيْدُ بْنُ النُّعْمَانِ ، وَقِيلَ : عُبَيْدٌ ، وَقِيلَ : عَبْدُ الرَّحْمَنِ .

قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( فَتَدْخُلُ عَلَيْهِ زَوْجَتَاهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ فَتَقُولَانِ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَاكَ لَنَا ، وَأَحْيَانَا لَكَ ) هَكَذَا ثَبَتَ فِي الرِّوَايَاتِ وَالْأُصُولِ ( زَوْجَتَاهُ ) بِالتَّاءِ تَثْنِيَةُ زَوْجَةٍ بِالْهَاءِ ، وَهِيَ لُغَةٌ صَحِيحَةٌ مَعْرُوفَةٌ ، وَفِيهَا أَبْيَاتٌ كَثِيرَةٌ مِنْ شِعْرِ الْعَرَبِ ، وَذَكَرَهَا ابْنُ السِّكِّيتِ وَجَمَاعَاتٌ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ . وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( فَتَقُولَانِ ) هُوَ بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقُ وَإِنَّمَا ضَبَطْتُ هَذَا وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا لِكَوْنِهِ مِمَّا يَغْلَطُ فِيهِ بَعْضُ مَنْ لَا يُمَيِّزُ فَيَقُولُهُ بِالْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتُ ، وَذَلِكَ لَحْنٌ لَا شَكَّ فِيهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَقَالَ تَعَالَى : وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَقَالَ تَعَالَى : فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ .

وَأَمَّا قَوْلُهُمَا : ( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَاكَ لَنَا وَأَحْيَانَا لَكَ ) فَمَعْنَاهُ : الَّذِي خَلَقَكَ لَنَا وَخَلَقَنَا لَكَ وَجَمَعَ بَيْنَنَا فِي هَذِهِ الدَّارِ الدَّائِمَةِ السُّرُورِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .