فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ خِصَالِ الْفِطْرَةِ

باب خِصَالِ الْفِطْرَةِ
[ سـ :410 ... بـ :257]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ جَمِيعًا عَنْ سُفْيَانَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْفِطْرَةُ خَمْسٌ أَوْ خَمْسٌ مِنْ الْفِطْرَةِ الْخِتَانُ وَالِاسْتِحْدَادُ وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ وَنَتْفُ الْإِبِطِ وَقَصُّ الشَّارِبِ

ثُمَّ فَسَّرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْخَمْسَ فَقَالَ : ( الْخِتَانُ وَالِاسْتِحْدَادُ وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ وَنَتْفُ الْإِبْطِ وَقَصُّ الشَّارِبِ ) وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ : ( عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ : قَصُّ الشَّارِبِ وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ وَالسِّوَاكُ وَاسْتِنْشَاقُ الْمَاءِ وَقَصُّ الْأَظْفَارِ وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ وَنَتْفُ الْإِبْطِ وَحَلْقُ الْعَانَةِ وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ قَالَ مُصْعَبٌ : وَنَسِيتُ الْعَاشِرَةَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَضْمَضَةَ ) أَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( الْفِطْرَةُ خَمْسٌ ) فَمَعْنَاهُ خَمْسٌ مِنَ الْفِطْرَةِ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ( عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ ) ، وَلَيْسَتْ مُنْحَصِرَةً فِي الْعَشْرِ ، وَقَدْ أَشَارَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى عَدَمِ انْحِصَارِهَا فِيهَا بِقَوْلِهِ : " مِنَ الْفِطْرَةِ " . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَأَمَّا الْفِطْرَةُ ; فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِهَا هُنَا ; فَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ : ذَهَبَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّهَا السُّنَّةُ ، وَكَذَا ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ غَيْرَ الْخَطَّابِيِّ قَالُوا : وَمَعْنَاهُ أَنَّهَا مِنْ سُنَنِ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ ، وَقِيلَ : هِيَ الدِّينُ ، ثُمَّ إِنَّ مُعْظَمَ هَذِهِ الْخِصَالِ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ عَنْدَ الْعُلَمَاءِ ، وَفِي بَعْضِهَا خِلَافٌ فِي وُجُوبِهِ كَالْخِتَانِ وَالْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ ، وَلَا يَمْتَنِعُ قَرْنُ الْوَاجِبِ بِغَيْرِهِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَالْإِيتَاءُ وَاجِبٌ ، وَالْأَكْلُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

أَمَّا تَفْصِيلُهَا ( فَالْخِتَانُ ) وَاجِبٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَكَثِيرٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ ، وَسُنَّةٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ ، وَهُوَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَاجِبٌ عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ جَمِيعًا ، ثُمَّ إِنَّ الْوَاجِبَ فِي الرَّجُلِ أَنْ يُقْطَعَ جَمِيعُ الْجِلْدَةِ الَّتِي تُغَطِّي الْحَشَفَةَ حَتَّى يَنْكَشِفَ جَمِيعُ الْحَشَفَةِ ، وَفِي الْمَرْأَةِ يَجِبُ قَطْعُ أَدْنَى جُزْءٍ مِنَ الْجَلْدَةِ الَّتِي فِي أَعْلَى الْفَرْجِ ، وَالصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِنَا الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْخِتَانَ جَائِزٌ فِي حَالِ الصِّغَرِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ ، وَلَنَا وَجْهٌ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ أَنْ يَخْتِنَ الصَّغِيرَ قَبْلَ بُلُوغِهِ ، وَوَجْهٌ أَنَّهُ يَحْرُمُ خِتَانُهُ قَبْلَ عَشْرِ سِنِينَ ، وَإِذَا قُلْنَا بِالصَّحِيحِ اسْتُحِبَّ أَنْ يُخْتَنْ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ مِنْ وِلَادَتِهِ ، وَهَلْ يُحْسَبُ يَوْمُ الْوِلَادَةِ مِنَ السَّبْعِ ؟ أَمْ تَكُونُ سَبْعَةً سِوَاهُ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ أَظْهَرُهُمَا يُحْسَبُ ، وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ فَقِيلَ : يَجِبُ خِتَانُهُ فِي فَرْجَيْهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ ، وَقِيلَ : لَا يَجُوزُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ . وَأَمَّا مَنْ لَهُ ذَكَرَانِ فَإِنْ كَانَا عَامِلَيْنِ وَجَبَ خِتَانُهُمَا ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَامِلًا دُونَ الْآخَرِ خُتِنَ الْعَامِلُ ، وَفِيمَا يُعْتَبَرُ الْعَمَلُ بِهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا : بِالْبَوْلِ ، وَالْآخَرُ : بِالْجِمَاعِ . وَلَوْ مَاتَ إِنْسَانٌ غَيْرُ مَخْتُونٍ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ لِأَصْحَابِنَا : الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ : أَنَّهُ لَا يُخْتَنُ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا ، وَالثَّانِي يُخْتَنُ الْكَبِيرُ دُونَ الصَّغِيرِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَأَمَّا ( الِاسْتِحْدَادُ ) فَهُوَ حَلْقُ الْعَانَةِ ، سُمِّيَ اسْتِحْدَادًا لِاسْتِعْمَالِ الْحَدِيدَةِ وَهِيَ الْمُوسَى ، وَهُوَ سُنَّةٌ ، وَالْمُرَادُ بِهِ نَظَافَةُ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ ، وَالْأَفْضَلُ فِيهِ الْحَلْقُ ، وَيَجُوزُ بِالْقَصِّ وَالنَّتْفِ وَالنُّورَةِ ، وَالْمُرَادُ ( بِالْعَانَةِ ) الشَّعْرُ الَّذِي فَوْقَ ذَكَرِ الرَّجُلِ وَحَوَالَيْهِ ، وَكَذَاكَ الشَّعْرُ الَّذِي حَوَالَيْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ ، وَنُقِلَ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ سُرَيْجٍ أَنَّهُ الشَّعْرُ النَّابِتُ حَوْلَ حَلْقَةِ الدُّبُرِ ، فَيَحْصُلُ مِنْ مَجْمُوعِ هَذَا اسْتِحْبَابُ حَلْقِ جَمِيعِ مَا عَلَى الْقُبُلِ وَالدُّبُرِ وَحَوْلَهُمَا وَأَمَّا وَقْتُ حَلْقِهِ فَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يُضْبَطُ بِالْحَاجَةِ وَطُولِهِ ، فَإِذَا طَالَ حُلِقَ ، وَكَذَلِكَ الضَّبْطُ فِي قَصِّ الشَّارِبِ وَنَتْفِ الْإِبْطِ وَتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ . وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ الْمَذْكُورُ فِي الْكِتَابِ ( وَقَّتَ لَنَا فِي قَصِّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ وَنَتْفِ الْإِبْطِ وَحَلْقِ الْعَانَةِ لَا يُتْرَكُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ) فَمَعْنَاهُ لَا يُتْرَكُ تَرْكًا يَتَجَاوَزُ بِهِ أَرْبَعِينَ لَا أَنَّهُمْ وَقَّتَ لَهُمُ التَّرْكَ أَرْبَعِينَ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَأَمَّا ( تَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ ) فَسُنَّةٌ لَيْسَ بِوَاجِبٍ ، وَهُوَ تَفْعِيلٌ مِنَ الْقَلْمِ وَهُوَ الْقَطْعُ ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْدَأَ بِالْيَدَيْنِ قَبْلَ الرِّجْلَيْنِ فَيَبْدَأُ بِمُسَبِّحَةِ يَدِهِ الْيُمْنَى ، ثُمَّ الْوُسْطَى ثُمَّ الْبِنْصَرِ ثُمَّ الْخِنْصَرِ ثُمَّ الْإِبْهَامِ ثُمَّ يَعُودُ إِلَى الْيُسْرَى فَيَبْدَأُ بِخِنْصَرِهَا ثُمَّ بِبِنْصَرِهَا إِلَى آخِرِهَا ثُمَّ يَعُودُ إِلَى الرِّجْلَيْنِ الْيُمْنَى فَيَبْدَأُ بِخِنْصَرِهَا وَيَخْتِمُ بِخِنْصَرِ الْيُسْرَى . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

أَمَّا ( نَتْفُ الْإِبْطِ ) فَسُنَّةٌ بِالِاتِّفَاقِ ، وَالْأَفْضَلُ فِيهِ النَّتْفُ لِمَنْ قَوِيَ عَلَيْهِ ، وَيَحْصُلُ أَيْضًا بِالْحَلْقِ وَبِالنُّورَةِ ، وَحُكِيَ عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَعِنْدَهُ الْمُزَيِّنُ يَحْلِقُ إِبْطَهُ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ : عَلِمْتُ أَنَّ السُّنَّةَ النَّتْفُ ، وَلَكِنْ لَا أَقْوَى عَلَى الْوَجَعِ ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْدَأَ بِالْإِبِطِ الْأَيْمَنِ . وَأَمَّا ( قَصُّ الشَّارِبِ ) فَسُنَّةٌ أَيْضًا ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْدَأَ بِالْجَانِبِ الْأَيْمَنِ وَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْقَصِّ بِنَفْسِهِ وَبَيْنَ أَنْ يُوَلِّيَ ذَلِكَ غَيْرَهُ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ غَيْرِ هَتْكِ مُرُوءَةٍ وَلَا حُرْمَةٍ بِخِلَافِ الْإِبْطِ وَالْعَانَةِ . وَأَمَّا حَدُّ مَا يَقُصُّهُ فَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَقُصُّ حَتَّى يَبْدُوَ طَرَفُ الشَّفَةِ وَلَا يَحِفَّهُ مِنْ أَصْلِهِ ، وَأَمَّا رِوَايَاتِ ( أَحْفُوا الشَّوَارِبِ ) فَمَعْنَاهَا : أَحْفُوا مَا طَالَ عَلَى الشَّفَتَيْنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَأَمَّا ( إِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ ) فَمَعْنَاهُ تَوْفِيرُهَا وَهُوَ مَعْنَى ( أَوْفُوا اللِّحَى ) فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ، وَكَانَ مِنْ عَادَةِ الْفُرْسِ قَصُّ اللِّحْيَةِ فَنَهَى الشَّرْعُ عَنْ ذَلِكَ ، وَقَدْ ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ فِي اللِّحْيَةِ عَشْرَ خِصَالٍ مَكْرُوهَةٍ بَعْضُهَا أَشَدُّ قُبْحًا مِنْ بَعْضٍ إِحْدَاهَا : خِضَابُهَا بِالسَّوَادِ لَا لِغَرَضِ الْجِهَادِ . الثَّانِيَةُ : خِضَابُهَا بِالصُّفْرَةِ تَشْبِيهَا بِالصَّالِحِينَ لَا لِاتِّبَاعِ السُّنَّةِ . الثَّالِثَةُ : تَبِيضُهَا بِالْكِبْرِيتِ أَوْ غَيْرِهِ اسْتِعْجَالًا لِلشَّيْخُوخَةِ لِأَجْلِ الرِّيَاسَةِ وَالتَّعْظِيمِ وَإِيهَامِ أَنَّهُ مِنَ الْمَشَايِخِ ، الرَّابِعَةُ : نَتْفُهَا أَوْ حَلْقُهَا أَوَّلَ طُلُوعِهَا إِيثَارًا لِلْمُرُودَةِ وَحُسْنِ الصُّورَةِ . الْخَامِسَةُ : نَتْفُ الشَّيْبِ : السَّادِسَةُ : تَصْفِيفُهَا طَاقَةً فَوْقَ طَاقَةٍ تَصَنُّعًا لِيَسْتَحْسِنَهُ النِّسَاءُ وَغَيْرُهُنَّ . السَّابِعَةُ : الزِّيَادَةُ فِيهَا وَالنَّقْصُ مِنْهَا بِالزِّيَادَةِ فِي شَعْرِ الْعَذَارِ مِنَ الصُّدْغَيْنِ أَوْ أَخْذُ بَعْضِ الْعِذَارِ فِي حَلْقِ الرَّأْسِ وَنَتْفُ جَانِبَيِ الْعَنْفَقَةِ وَغَيْرُ ذَلِكَ . الثَّامِنَةُ : تَسْرِيحُهَا تَصَنُّعًا لِأَجْلِ النَّاسِ . التَّاسِعَةُ : تَرْكُهَا شَعِثَةً مُلَبَّدَةً إِظْهَارًا لِلزَّهَادَةِ وَقِلَّةِ الْمُبَالَاةِ بِنَفْسِهِ . الْعَاشِرَةُ : النَّظَرُ إِلَى سَوَادِهَا وَبَيَاضِهَا إِعْجَابًا وَخُيَلَاءَ وَغُرَّةً بِالشَّبَابِ وَفَخْرًا بِالْمَشِيبِ وَتَطَاوُلًا عَلَى الشَّبَابِ . الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ : عَقْدُهَا وَضَفْرُهَا . الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ : حَلْقُهَا إِلَّا إِذَا نَبَتَ لِلْمَرْأَةِ لِحْيَةٌ فَيُسْتَحَبُّ لَهَا حَلْقُهَا . وَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَأَمَّا ( الِاسْتِنْشَاقُ ) فَتَقَدَّمَ بَيَانُ صِفَتِهِ وَاخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِي وُجُوبِهِ وَاسْتِحْبَابِهِ . وَأَمَّا ( غَسْلُ الْبَرَاجِمِ ) فَسُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ لَيْسَتْ مُخْتَصَّةً بِالْوُضُوءِ ( الْبَرَاجِمُ ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَبِالْجِيمِ جَمْعُ بُرْجُمَةٍ بِضَمِّ الْبَاءِ وَالْجِيمِ وَهِيَ عُقَدُ الْأَصَابِعِ وَمَفَاصِلُهَا كُلِّهَا . قَالَ الْعُلَمَاءُ : وَيَلْحَقُ بِالْبَرَاجِمِ مَا يَجْتَمِعُ مِنَ الْوَسَخِ فِي مَعَاطِفِ الْأُذُنِ وَهُوَ الصِّمَاخُ فَيُزِيلُهُ بِالْمَسْحِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا أَضَرَّتْ كَثْرَتُهُ بِالسَّمْعِ ، وَكَذَلِكَ مَا يَجْتَمِعُ فِي دَاخِلِ الْأَنْفِ ، وَكَذَلِكَ جَمِيعُ الْوَسَخِ الْمُجْتَمِعِ عَلَى أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ مِنَ الْبَدَنِ بِالْعَرَقِ وَالْغُبَارِ وَنَحْوِهِمَا . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَأَمَّا ( انْتِقَاصُ الْمَاءِ ) فَهُوَ بِالْقَافِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ ، وَقَدْ فَسَّرَهُ وَكِيعٌ فِي الْكِتَابِ بِأَنَّهُ الِاسْتِنْجَاءُ ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَغَيْرُهُ : مِنْهَا انْتِقَاصُ الْبَوْلِ بِسَبَبِ الْمَاءِ فِي غَسْلِ مَذَاكِيرِهِ ، وَقِيلَ : هُوَ الِانْتِضَاحُ ، وَقَدْ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ ( الِانْتِضَاحُ ) بَدَلَ انْتِقَاصِ الْمَاءِ قَالَ الْجُمْهُورُ : الِانْتِضَاحُ نَضْحُ الْفَرْجِ بِمَاءٍ قَلِيلٍ بَعْدَ الْوُضُوءِ لِيَنْفِيَ عَنْهُ الْوَسْوَاسَ ، وَقِيلَ : هُوَ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْمَاءِ ، وَذَكَرَ ابْنُ الْأَثِيرِ أَنَّهُ رُوِيَ ( انْتِفَاصُ الْمَاءِ ) بِالْفَاءِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ ، وَقَالَ فِي فَصْلِ الْفَاءِ قِيلَ : الصَّوَابُ أَنَّهُ بِالْفَاءِ قَالَ : وَالْمُرَادُ نَضْحُهُ عَلَى الذَّكَرِ مِنْ قَوْلِهِمْ لِنَضْحِ الدَّمِ الْقَلِيلِ نَفْصُهُ ، وَجَمْعُهَا ( نُفَصٌ ) وَهَذَا الَّذِي نَقَلَهُ شَاذٌّ ، وَالصَّوَابُ مَا سَبَقَ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَأَمَّا قَوْلُهُ : ( وَنَسِيتُ الْعَاشِرَةَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَضْمَضَةَ ) ، فَهَذَا شَكٌّ مِنْهُ فِيهَا ، قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ : وَلَعَلَّهَا الْخِتَانُ الْمَذْكُورُ مَعَ الْخَمْسِ ، وَهُوَ أَوْلَى . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

فَهَذَا مُخْتَصَرُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْفِطْرَةِ ، وَقَدْ أَشْبَعْتُ الْقَوْلَ فِيهَا بِدَلَائِلِهَا وَفُرُوعِهَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ : ( عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجُونِيِّ عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ : وَقَّتَ لَنَا فِي قَصِّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ وَنَتْفِ الْإِبْطِ وَحَلْقِ الْعَانَةِ أَنْ لَا نَتْرُكَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ) . قَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ وَأَنَّ مَعْنَاهُ : أَنْ لَا نَتْرُكَ تَرْكًا يَتَجَاوَزُ الْأَرْبَعِينَ ، وَقَوْلُهُ : ( وَقَّتَ لَنَا ) هُوَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ مِثْلُ قَوْلِهِ : أَمَرَنَا بِكَذَا ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ هَذَا فِي الْفُصُولِ الْمَذْكُورَةِ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ ، وَقَدْ جَاءَ فِي غَيْرِ صَحِيحِمُسْلِمٍ ( وَقَّتَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ) وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ : قَالَ الْعُقَيْلِيُّ : فِي حَدِيثِ جَعْفَرٍ هَذَا نَظَرٌ . قَالَ : وَقَالَ أَبُو عُمَرَ - يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الْبَرِّ - : لَمْ يَرْوِهِ إِلَّا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ لِسُوءِ حِفْظِهِ وَكَثْرَةِ غَلَطِهِ ، قُلْتُ : وَقَدْ وَثَّقَ كَثِيرٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْمُتَقَدِّمِينَ جَعْفَرَ بْنَ سُلَيْمَانَ وَيَكْفِي فِي تَوْثِيقِهِ احْتِجَاجُ مُسْلِمٍ بِهِ ، وَقَدْ تَابَعَهُ غَيْرُهُ .

قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( أَحْفُوا الشَّوَارِبَ وَأَعْفُوا اللِّحَى ) ، وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ( وَأَوْفُوا اللِّحَى ) هُوَ بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ فِي أَحْفُوا وَأَعْفُوا وَأَوْفُوا . وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ : يُقَالُ أَيْضًا : حَفَا الرَّجُلُ شَارِبَهُ يَحْفُوهُ حَفْوًا إِذَا اسْتَأْصَلَ أَخَذَ شَعْرَهُ ، فَعَلَى هَذَا تَكُونُ هَمْزَةُ أَحْفُوا هَمْزَةَ وَصْلٍ . وَقَالَ غَيْرُهُ : عَفَوْتُ الشَّعْرَ وَعَفَيْتُهُ لُغَتَانِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ مَعْنَى إِحْفَاءِ الشَّوَارِبِ وَإِعْفَاءِ اللِّحَى . وَأَمَّا ( أَوْفُوا ) فَهُوَ بِمَعْنَى أَعْفُوا ، أَيِ اتْرُكُوهَا وَافِيَةً كَامِلَةً لَا تَقُصُّوهَا . قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ وَغَيْرُهُ : يُقَالُ فِي جَمْعِ اللِّحْيَةِ لِحًى وَلُحًى بِكَسْرِ اللَّامِ وَبِضَمِّهَا لُغَتَانِ ، الْكَسْرُ أَفْصَحُ .

وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( وَأَرْخُوا ) فَهُوَ أَيْضًا بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ وَبِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ ، وَمَعْنَاهُ اتْرُكُوهَا وَلَا تَتَعَرَّضُوا لَهَا بِتَغْيِيرٍ . وَذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَكْثَرِينَ كَمَا ذَكَرْنَا ، وَأَنَّهُ وَقَعَ عِنْدَ ابْنِ مَاهَانَ ( أَرْجُوا ) بِالْجِيمِ قِيلَ : هُوَ بِمَعْنَى الْأَوَّلِ وَأَصْلُهُ ( أَرْجِئُوا ) بِالْهَمْزَةِ ، فَحُذِفَتِ الْهَمْزَةُ تَخْفِيفًا ، وَمَعْنَاهُ : أَخِّرُوهَا وَاتْرُكُوهَا ، وَجَاءَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ ( وَفِّرُوا اللِّحَى ) فَحَصَلَ خَمْسُ رِوَايَاتٍ : أَعْفُوا وَأَوْفُوا وَأَرْخُوا وَأَرْجُوا وَوَفِّرُوا ، وَمَعْنَاهَا كُلُّهَا : تَرْكُهَا عَلَى حَالِهَا . هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنَ الْحَدِيثِ الَّذِي تَقْتَضِيهِ أَلْفَاظُهُ ، وَهُوَ الَّذِي قَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ . وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَعَالَى - يُكْرَهُ حَلْقُهَا وَقَصُّهَا وَتَحْرِيقُهَا ، وَأَمَّا الْأَخْذُ مِنْ طُولِهَا وَعَرْضِهَا فَحَسَنٌ ، وَتُكْرَهُ الشُّهْرَةُ فِي تَعْظِيمِهَا كَمَا تُكْرَهُ فِي قَصِّهَا وَجَزِّهَا . قَالَ : وَقَدِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ هَلْ لِذَلِكَ حَدٌّ ؟ فَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُحَدِّدْ شَيْئًا فِي ذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَتْرُكْهَا لِحَدِّ الشُّهْرَةِ وَيَأْخُذُ مِنْهَا ، وَكَرِهَ مَالِكٌ طُولَهَا جِدًّا ، وَمِنْهُمْ مَنْ حَدَّدَ بِمَا زَادَ عَلَى الْقَبْضَةِ فَيُزَالُ ، وَمِنْهُمْ مَنْ كَرِهَ الْأَخْذَ مِنْهَا إِلَّا فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ . قَالَ : وَأَمَّا ( الشَّارِبُ ) فَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنَ السَّلَفِ إِلَى اسْتِئْصَالِهِ وَحَلْقِهِ بِظَاهِرِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( أَحْفُوا وَانْهَكُوا ) ، وَهُوَ قَوْلُ الْكُوفِيِّينَ ، وَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ إِلَى مَنْعِ الْحَلْقِ وَالِاسْتِئْصَالِ ، وَقَالَهُ مَالِكٌ وَكَانَ يَرَى حَلْقَهُ مُثْلَةً وَيَأْمُرُ بِأَدَبِ فَاعِلِهِ ، وَكَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ أَعْلَاهُ ، وَيَذْهَبُ هَؤُلَاءِ إِلَى أَنَّ الْإِحْفَاءَ وَالْجَزَّ وَالْقَصَّ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَهُوَ الْأَخْذُ مِنْهُ حَتَّى يَبْدُوَ طَرَفُ الشَّفَةِ ، وَذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِلَى التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ . هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْقَاضِي . وَالْمُخْتَارُ تَرْكُ اللِّحْيَةِ عَلَى حَالِهَا وَأَلَّا يَتَعَرَّضَ لَهَا بِتَقْصِيرِ شَيْءٍ أَصْلًا ، وَالْمُخْتَارُ فِي الشَّارِبِ تَرْكُ الِاسْتِئْصَالِ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى مَا يَبْدُو بِهِ طَرَفُ الشَّفَةِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .




[ سـ :417 ... بـ :261]
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ قَالُوا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ زَكَرِيَّاءَ بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ عَنْ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرٌ مِنْ الْفِطْرَةِ قَصُّ الشَّارِبِ وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ وَالسِّوَاكُ وَاسْتِنْشَاقُ الْمَاءِ وَقَصُّ الْأَظْفَارِ وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ وَنَتْفُ الْإِبِطِ وَحَلْقُ الْعَانَةِ وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ قَالَ زَكَرِيَّاءُ قَالَ مُصْعَبٌ وَنَسِيتُ الْعَاشِرَةَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَضْمَضَةَ زَادَ قُتَيْبَةُ قَالَ وَكِيعٌ انْتِقَاصُ الْمَاءِ يَعْنِي الِاسْتِنْجَاءَ وَحَدَّثَنَاه أَبُو كُرَيْبٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ قَالَ أَبُوهُ وَنَسِيتُ الْعَاشِرَةَ

( بَابُ الِاسْتِطَابَةِ ) وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى النَّهْيِ عَنِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ فِي الصَّحْرَاءِ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ وَعَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْيَمِينِ وَعَنْ مَسِّ الذَّكَرِ بِالْيَمِينِ ، وَعَنِ التَّخَلِّي فِي الطَّرِيقِ وَالظِّلِّ ، وَعَنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ ، وَعَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِالرَّجِيعِ وَالْعَظْمِ ، وَعَلَى جَوَازِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ .

فِي الْبَابِ حَدِيثُ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قِيلَ لَهُ : ( قَدْ عَلَّمَكُمْ نَبِيُّكُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى الْخِرَاءَةَ قَالَ : فَقَالَ : أَجَلْ لَقَدْ نَهَانَا أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ لِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِالْيَمِينِ أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِرَجِيعٍ أَوْ عَظْمٍ ) وَفِيهِ حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ : ( إِذَا أَتَيْتُمُ الْغَائِطَ لَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا بِبَوْلٍ وَلَا غَائِطٍ وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا ) وَفِيهِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ : ( إِذَا جَلَسَ أَحَدُكُمْ عَلَى حَاجَتِهِ فَلَا يَسْتَقْبِلَنَّ الْقِبْلَةَ وَلَا يَسْتَدْبِرْهَا ) وَفِيهِ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ ( قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَاعِدًا عَلَى لَبِنْتَيْنِ مُسْتَقْبِلًا بَيْتَ الْمَقْدِسِ لِحَاجَتِهِ ) وَفِي رِوَايَةٍ ( مُسْتَقْبِلَ الشَّامِ مُسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةِ ) وَفِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْأَحَادِيثِ .