فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ التَّيمُّنِ فِي الطُّهُورِ وَغَيْرِهِ

باب التَّيَمُّنِ فِي الطُّهُورِ وَغَيْرِهِ
[ سـ :428 ... بـ :268]
وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ أَشْعَثَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُحِبُّ التَّيَمُّنَ فِي طُهُورِهِ إِذَا تَطَهَّرَ وَفِي تَرَجُّلِهِ إِذَا تَرَجَّلَ وَفِي انْتِعَالِهِ إِذَا انْتَعَلَ

قَوْلُهُ : ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحِبُّ التَّيَمُّنَ فِي شَأْنِهِ كُلِّهِ فِي نَعْلِهِ وَرِجْلَيْهِ ) هَكَذَا وَقَعَ فِي بَعْضِ الْأُصُولِ ( فِي نَعْلِهِ ) عَلَى إِفْرَادِ النَّعْلِ وَفِي بَعْضِهَا ( نَعْلَيْهِ ) بِزِيَادَةِ يَاءِ التَّثْنِيَةِ ، وَهُمَا صَحِيحَانِ ، أَيْ فِي لُبْسِ نَعْلَيْهِ أَوْ فِي لُبْسِ نَعْلِهِ أَيْ : جِنْسَ النَّعْلِ ، وَلَمْ يُرَ فِي شَيْءٍ مِنْ نُسَخِ بِلَادِنَا غَيْرُ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ . وَذَكَرَ الْحُمَيْدِيُّ وَالْحَافِظُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي كِتَابِهِمَا ( الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ ) فِي ( تَنَعُّلِهِ ) بِتَاءٍ مُثَنَّاةٍ فَوْقُ ثُمَّ نُونٍ تَشْدِيدَ الْعَيْنِ ، وَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَاتِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ ، وَكُلُّهُ صَحِيحٌ ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَاتِ الْبُخَارِيِّ ( يُحِبُّ التَّيَمُّنَ مَا اسْتَطَاعَ فِي شَأْنِهِ كُلِّهِ ) وَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَخْ . وَفِي قَوْلِهِ : ( مَا اسْتَطَاعَ ) إِشَارَةٌ إِلَى شِدَّةِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى التَّيَمُّنِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .




[ سـ :429 ... بـ :268]
وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْأَشْعَثِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ التَّيَمُّنَ فِي شَأْنِهِ كُلِّهِ فِي نَعْلَيْهِ وَتَرَجُّلِهِ وَطُهُورِهِ

قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ ، قَالُوا : وَمَا اللَّعَّانَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ فِي ظِلِّهِمْ ) أَمَّا ( اللَّعَّانَانِ ) فَكَذَا وَقَعَ فِي مُسْلِمٍ ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ ( اتَّقُوا اللَّاعِنَيْنِ ) وَالرِّوَايَتَانِ صَحِيحَتَانِ ، قَالَ الْإِمَامُ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ : الْمُرَادُ بِاللَّاعِنَيْنِ الْأَمْرَيْنِ الْجَالِبَيْنِ لِلَّعْنِ الْحَامِلَيْنِ النَّاسَ عَلَيْهِ وَالدَّاعِيَيْنِ إِلَيْهِ ، وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ فَعَلَهُمَا شُتِمَ وَلُعِنَ ، يَعْنِي عَادَةُ النَّاسِ لَعْنُهُ ، فَلَمَّا صَارَا سَبَبًا لِذَلِكَ أُضِيفَ اللَّعْنُ إِلَيْهِمَا . قَالَ : وَقَدْ يَكُونُ اللَّاعِنُ بِمَعْنَى الْمَلْعُونِ ، وَالْمَلَاعِنُ مَوَاضِعُ اللَّعْنِ ، قُلْتُ : فَعَلَى هَذَا يَكُونُ التَّقْدِيرُ : اتَّقُوا الْأَمْرَيْنِ الْمَلْعُونُ فَاعِلُهُمَا ، وَهَذَا عَلَى رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ . وَأَمَّا رِوَايَةُ مُسْلِمٍ فَمَعْنَاهَا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - اتَّقُوا فِعْلَ اللَّعَّانَيْنِ أَيْ : صَاحِبَيِ اللَّعْنِ ، وَهُمَا اللَّذَانِ يَلْعَنْهُمَا النَّاسُ فِي الْعَادَةِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ : الْمُرَادُ بِالظِّلِّ هُنَا مُسْتَظَلُّ النَّاسِ الَّذِي اتَّخَذُوهُ مَقِيلًا وَمُنَاخًا يَنْزِلُونَهُ وَيَقْعُدُونَ فِيهِ ، وَلَيْسَ كُلُّ ظِلٍّ يَحْرُمُ الْقُعُودُ تَحْتَهُ ، فَقَدْ قَعَدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَحْتَ حَايِشِ النَّخْلِ لِحَاجَتِهِ وَلَهُ ظِلَّ بِلَا شَكٍّ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ ) فَمَعْنَاهُ يَتَغَوَّطُ فِي مَوْضِعٍ يَمُرُّ بِهِ النَّاسُ وَمَا نَهَى عَنْهُ فِي الظِّلِّ وَالطَّرِيقِ لِمَا فِيهِ مِنْ إِيذَاءِ الْمُسْلِمِينَ بِتَنْجِيسِ مَنْ يَمُرَّ بِهِ وَنَتْنِهِ وَاسْتِقْذَارِهِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .