فهرس الكتاب

شرح السيوطى - بَابُ قَبُولِ الصَّدَقَةِ مِنَ الْكَسْبِ الطَّيِّبِ وَتَرْبِيَتِهَا

رقم الحديث 1014 [1014] إِلَّا الطّيب أَي الْحَلَال أَخذهَا الرَّحْمَن بِيَمِينِهِ وَإِن كَانَت تَمْرَة فتربوا فِي كف الرَّحْمَن قَالَ الْمَازرِيّ قد ذكرنَا اسْتِحَالَة الْجَارِحَة على الله تَعَالَى وَهَذَا الحَدِيث وَشبهه عبر بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على مَا اعتادوا فِي خطابهم ليفهموا فكنى هُنَا عَن قبُول الصَّدَقَة بأخذها بالكف وَعَن تَضْعِيف أجرهَا بالتربية قَالَ القَاضِي لما كَانَ الشَّيْء الَّذِي يُرْضِي يتلَقَّى بِالْيَمِينِ وَيُؤْخَذ بهَا اسْتعْمل فِي مثل هَذَا واستعير للقبول وَالرِّضَا كَمَا قَالَ الشَّاعِر إِذا مَا راية رفعت لمجد تلقاها عرابة بِالْيَمِينِ قَالَ وَقيل عبر بِالْيَمِينِ هُنَا عَن جِهَة الْقبُول وَالرِّضَا إِذْ الشمَال بضده فِي هَذَا قَالَ وَقيل المُرَاد بكف الرَّحْمَن هُنَا وب يَمِينه كف الَّذِي يدْفع إِلَيْهِ الصَّدَقَة وأضافه إِلَى اله تَعَالَى إِضَافَة ملك واختصاص لوضع هَذِه الصدقه فِيهَا لله تَعَالَى.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ يحْتَمل أَن يكون الْكَفّ عبارَة عَن كفة الْمِيزَان الَّذِي يُوزن فِيهِ الْأَعْمَال فَيكون من بَاب حذف الْمُضَاف كَأَنَّهُ قَالَ فتربوا فِي كفة ميزَان الرَّحْمَن قَالَ وَيجوز أَن يكون مصدر كف كفا وَيكون مَعْنَاهُ الْحِفْظ والصيانة فَكَأَنَّهُ قَالَ تِلْكَ الصَّدَقَة فِي حفظ الله وكلئه فَلَا ينقص ثَوَابهَا وَلَا يبطل جزاؤها حَتَّى تكون أعظم من الْجَبَل قيل هُوَ على ظَاهره وَأَن ذَاتهَا تعظم ويبارك الله فِيهَا ويزيدها من فَضله حَتَّى تثقل فِي الْمِيزَان وَقيل المُرَاد بذلك تَعْظِيم أجرهَا وتضعيف ثَوَابهَا فلوه فِيهِ لُغَتَانِ أشهرها فتح الْفَاء وَضم اللَّام وَتَشْديد الْوَاو وَالثَّانيَِة كسر الْفَاء وَسُكُون اللَّام وَتَخْفِيف الْوَاو وَهُوَ الْمهْر سمي بذلك لِأَنَّهُ فَلَا عَن أمه أَي فصل وعزل.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ الفلو فِي الْإِبِل كَالصَّبِيِّ فِي الرِّجَال أَو فَصِيله وَهُوَ ولد النَّاقة إِذا فصل من رضَاع أمه ك جريح وقتيل بِمَعْنى مَجْرُوح ومقتول أَو قلوصة بِفَتْح الْقَاف وَضم اللَّام النَّاقة الْفتية وَلَا تطلق على الذّكر

رقم الحديث 1015 [115] إِن الله طيب قَالَ القَاضِي هُوَ صفة لله بِمَعْنى المنزه عَن النقائص فَهُوَ بِمَعْنى القدوس زَاد الْقُرْطُبِيّ وَقيل طيب الثَّنَاء ومستلذ الْأَسْمَاء عِنْد العارفين بهَا قَالَ وعَلى هَذَا ف طيب من أَسْمَائِهِ الْحسنى ومعدود فِي جُمْلَتهَا الْمَأْخُوذَة من السّنة ك الْجَمِيل والنظيف على قَول من رَوَاهُ وَإِن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَمر الْمُؤمنِينَ بِمَا أَمر بِهِ الْمُرْسلين قَالَ الْقُرْطُبِيّ يَعْنِي سوى بَينهم فِي الْخطاب بِوُجُوب أكل الْحَلَال يُطِيل السّفر قَالَ النَّوَوِيّ أَي فِي وُجُوه الطَّاعَات كحج وزيارة مُسْتَحبَّة وصلَة رحم وَغير ذَلِك قَالَ الْقُرْطُبِيّ إِلَّا أَن قَوْله أَشْعَث أغبر يدل على الْمحرم قَالَ والشعث فِي الشّعْر والغبرة فِي سَائِر الْجَسَد يمد يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاء أَي عِنْد الدُّعَاء قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَهَذَا يدل على مَشْرُوعِيَّة مد الْيَدَيْنِ عِنْده وغذي بِضَم الْغَيْن وَتَخْفِيف الذَّال الْمَكْسُورَة فَأنى يُسْتَجَاب لذَلِك قَالَ الْقُرْطُبِيّ أَي كَيفَ على جِهَة الاستبعاد وَمَعْنَاهُ أَنه لَيْسَ أَهلا لإجابة دُعَائِهِ وَلَكِن يجوز أَن يستجيب الله لَهُ فضلا وكرما