فهرس الكتاب

تحفة الاحوذي - باب ما جاء: أنه لا يقطع الصلاة إلا الكلب والحمار والمرأة

رقم الحديث 2125 [2125] ( الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْطَى الثَّمَنَ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ لِمَنْ أَعْطَى الْوَرِقَ قَالَ الْحَافِظُ أَيْ أَعْطَى الثَّمَنَ وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالْوَرِقِ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ ( أَوْ لِمَنْ وَلِيَ النِّعْمَةَ) أَيْ نِعْمَةَ الْعِتْقِ قَالَ الْحَافِظُ مَعْنَى قَوْلِهِ وَلِيَ النِّعْمَةَ أَعْتَقَ وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ وَوَلِيَ النِّعْمَةَ بِوَاوِ الْعَطْفِ وَلَفْظَةُ أَوْ فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ هَذِهِ لِلشَّكِّ مِنَ الرَّاوِي وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ مَنِ اشترى العبد وأعتقه فولاؤه له قال بن بَطَّالٍ هَذَا الْحَدِيثُ يَقْتَضِي أَنَّ الْوَلَاءَ لِكُلِّ مُعْتَقٍ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُجْمَعٌ عليه قوله ( وفي الباب عن بن عمر وأبي هريرة) أما حديث بن عُمَرَ فَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ .

     قَوْلُهُ  ( وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ والنسائي.

     قَوْلُهُ  ( وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ) قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى ثُبُوتِ الْوَلَاءِ لِمَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ عَنْ نَفْسِهِ وَأَنَّهُ يَرِثُ بِهِ.
وَأَمَّا الْعَتِيقُ فَلَا يَرِثُ سَيِّدَهُ عِنْدَ الْجَمَاهِيرِ.

     وَقَالَ  جَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ يَرِثُهُ كَعَكْسِهِ انْتَهَى ( بَاب مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ وهبته) قوله

رقم الحديث 2126 [2126] ( نهى عن بيع الولاء وهبته) تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي بَابِ كَرَاهِيَةِ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَهِبَتِهِ مِنْ أَبْوَابِ الْبُيُوعِ وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ شَرْحُهُ .

     قَوْلُهُ  ( وَيُرْوَى عَنْ شُعْبَةَ قَالَ لَوَدِدْتُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ دِينَارٍ حِينَ يُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَذِنَ لِي إِلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ سَبَبَ وُدِّهِ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ قَدِ اشْتَهَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ حَتَّى قَالَ مُسْلِمٌ لَمَّا أَخْرَجَهُ فِي صَحِيحِهِ النَّاسُ كُلُّهُمْ عِيَالٌ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ انْتَهَى وَقَدِ اعْتَنَى أَبُو نُعَيْمٍ الْأَصْبَهَانِيُّ بِجَمِيعِ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ فَأَوْرَدَهُ عَنْ خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ نَفْسًا مِمَّنْ حَدَّثَ بِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ ( وَرَوَى يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ بن عمر) وصله بن مَاجَهْ وَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ فَقَدْ تَابَعَهُ أَبُو ضَمْرَةَ أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ كِلَاهُمَا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي صحيحه منطَرِيقِهِمَا لَكِنْ قَرَنَ كُلٌّ مِنْهُمَا نَافِعًا بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ كَذَا فِي الْفَتْحِ ( بَاب مَا جَاءَ فِي من تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ أَوْ ادَّعَى) إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ .

     قَوْلُهُ 

رقم الحديث 2127 [2127] ( مَنْ زَعَمَ أَنَّ عِنْدَنَا شَيْئًا نَقْرَؤُهُ إِلَّا كِتَابَ اللَّهِ وَهَذِهِ الصَّحِيفَةَ) أَيْ غَيْرَهُمَا وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ مَا عِنْدَنَا شَيْءٌ إِلَّا كِتَابُ اللَّهِ وَهَذِهِ الصَّحِيفَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا تَصْرِيحٌ مِنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِإِبْطَالِ مَا تَزْعُمُهُ الرَّافِضَةُ وَالشِّيعَةُ وَيَخْتَرِعُونَهُ مِنْ قَوْلِهِمْ إِنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَوْصَى إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأُمُورٍ كَثِيرَةٍ مِنْ أَسْرَارِ الْعِلْمِ وَقَوَاعِدِ الدِّينِ وَكُنُوزِ الشَّرِيعَةِ وَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَصَّ أَهْلَ الْبَيْتِ بِمَا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ غَيْرُهُمْ وَهَذِهِ دَعَاوَى بَاطِلَةٌ وَاخْتِرَاعَاتٌ فَاسِدَةٌ لَا أَصْلَ لَهَا وَيَكْفِي فِي إِبْطَالِهَا قَوْلُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هَذَا انْتَهَى ( صَحِيفَةٌ) بَدَلٌ مِنْ هَذِهِ الصَّحِيفَةِ ( فِيهَا أَسْنَانُ الْإِبِلِ) أَيْ بَيَانُ أَسْنَانِهَا ( وَأَشْيَاءُ مِنَ الْجِرَاحَاتِ) أَيْ مِنْ أَحْكَامِهَا ( فَقَدْ كَذَبَ) خَبَرٌ لِقَوْلِهِ مَنْ زَعَمَ ( وَقَالَ) أَيْ عَلِيٌّ ( فِيهَا) أَيْ فِي الصَّحِيفَةِ ( الْمَدِينَةُ حَرَمٌ) بِفَتْحَتَيْنِ ( مَا بَيْنَ عَيْرٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتَ جَبَلٌ مَعْرُوفٌ بِالْمَدِينَةِ ( إِلَى ثَوْرٍ) بِفَتْحِ الثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ قَالَ فِي الْقَامُوسِ ثَوْرٌ جَبَلٌ بِالْمَدِينَةِ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مَا بَيْنَ عَيْرٍ إِلَى ثَوْرٍ.
وَأَمَّا قَوْلُ عُبَيْدِ بْنِ سَلَّامٍ وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَكَابِرِ الْأَعْلَامِ إِنَّ هَذَا تَصْحِيفٌ وَالصَّوَابُ إِلَى أُحُدٍ لأن ثورا إنما هو بمكة تغير جَيِّدٍ لِمَا أَخْبَرَنِي الشُّجَاعُ الْبَعْلِيُّ الشَّيْخُ الزَّاهِدُ عَنِ الْحَافِظِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ السَّلَامِ الْبَصْرِيِّ أَنَّ حِذَاءَ أُحُدٍ جَانِحًا إِلَى وَرَائِهِ جَبَلٌ صَغِيرٌ يُقَالُ لَهُ ثَوْرٌ وَتَكَرَّرَ سُؤَالِي عَنْهُ طَوَائِفَ مِنَ الْعَرَبِ الْعَارِفِينَ بِتِلْكَ الْأَرْضِ فَكُلٌّ أَخْبَرَ أَنَّ اسْمَهُ ثَوْرٌ وَلَمَّا كَتَبَ إِلَى الشَّيْخِ عَفِيفِ الدِّينِ الْمَطَرِيِّ عَنْ وَالِدِهِ الْحَافِظِ الثِّقَةِ قَالَ إِنَّ خَلْفَ أُحُدٍ عَنْ شِمَالَيْهِ جَبَلًا صَغِيرًا مُدَوَّرًا يُسَمَّى ثَوْرًا يَعْرِفُهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ خَلَفًا عَنْ سَلَفٍ انْتَهَى مَا فِي الْقَامُوسِ وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ فِي الْأَحْكَامِ بَعْدَ حِكَايَةِ كَلَامِ أَبِي عُبَيْدٍ وَمَنْ تَبِعَهُ قَدْ أَخْبَرَنِي الثِّقَةُ الْعَالِمُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ السَّلَامِ الْبَصْرِيُّ أَنَّ حِذَاءَ أُحُدٍ عَنْ يَسَارِهِ جَانِحًا إِلَى وَرَائِهِ جَبَلٌ صَغِيرٌ فَذَكَرَ مِثْلَ مَا فِي الْقَامُوسِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَدِينَةَ حَرَمٌ كَحَرَمِ مَكَّةَ وَفِي هَذَا أَحَادِيثُ عَدِيدَةٌ مَرْوِيَّةٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَذَكَرَهَا صَاحِبُ الْمُنْتَقَى قَالَالشَّوْكَانِيُّ اسْتَدَلَّ بِمَا فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ مِنْ تَحْرِيمِ شَجَرِ الْمَدِينَةِ وَخَبْطِهِ وَعَضُدِهِ وَتَحْرِيمِ صَيْدِهَا وَتَنْفِيرِهِ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَالْهَادِي وَجُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ لِلْمَدِينَةِ حَرَمًا كَحَرَمِ مَكَّةَ يَحْرُمُ صَيْدُهُ وَشَجَرُهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ فَإِنْ قَتَلَ صَيْدًا أَوْ قَطَعَ شَجَرًا فَلَا ضَمَانَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَحَلٍّ لِلنُّسُكِ فَأَشْبَهَ الْحِمَى وَقَالَ بن أبي ذئب وبن أَبِي لَيْلَى يَجِبُ فِيهِ الْجَزَاءُ كَحَرَمِ مَكَّةَ وَبِهِ قَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ كَمَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَالنَّاصِرُ إِلَى أَنَّ حَرَمَ الْمَدِينَةِ لَيْسَ بِحَرَمٍ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَلَا تَثْبُتُ لَهُ الْأَحْكَامُ مِنْ تَحْرِيمِ قَتْلِ الصَّيْدِ وَقَطْعِ الشَّجَرِ وَالْأَحَادِيثُ تَرُدُّ عَلَيْهِمْ وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْمَدِينَةِ أَوْ أَنَّهُ مِنْ صَيْدِ الْحِلِّ انْتَهَى ( فَمَنْ أَحْدَثَ) أَيْ أَظْهَرَ فِي الْمَدِينَةِ ( حَدَثًا) بِفَتْحَتَيْنِ وَهُوَ الْأَمْرُ الْحَادِثُ الْمُنْكَرُ الَّذِي لَيْسَ بِمَعْنَاهُ وَلَا مَعْرُوفٌ فِي السُّنَّةِ ( أَوْ آوَى) بِالْمَدِّ وَيُقْصَرُ قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَوَى فَآوَى بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَالْمَقْصُودُ مِنْهُمَا لَازِمٌ وَمُتَعَدٍّ يُقَالُ أَوَيْتُ إِلَى الْمَنْزِلِ وَآوَيْتُ غَيْرِي وَأَوَيْتُهُ وأنكر بعضهم المقصوري الْمُتَعَدِّيَ وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ هِيَ لُغَةٌ فَصِيحَةٌ وَمُحْدِثًا بكسر الذال وَفَتْحِهَا عَلَى الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ فَمَعْنَى الْكَسْرِ مَنْ نَصَرَ جَانِبًا وَآوَاهُ وَأَجَارَهُ مِنْ خَصْمِهِ وَحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْهُ وَمَعْنَى الْفَتْحِ هُوَ الْأَمْرُ الْمُبْتَدَعُ نَفْسُهُ وَيَكُونُ مَعْنَى الْإِيوَاءِ فِيهِ الْمَرْضِيَّ بِهِ وَالصَّبْرَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ إِذَا رَضِيَ بِبِدْعَتِهِ وَأَقَرَّ فَاعِلَهُ عَلَيْهَا وَلَمْ يُنْكِرْهَا فقد آواه قاله العيني وقال القارىء بِكَسْرِ الدَّالِ عَلَى الرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ أَيْ مُبْتَدِعًا وَقِيلَ أَيْ جَانِبًا إِلَى آخِرِ مَا قَالَهُ الْعَيْنِيُّ ( فَعَلَيْهِ) أَيْ فَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا ( لَعْنَةُ اللَّهِ) أَيْ طَرْدُهُ وَإِبْعَادُهُ قَالَ عِيَاضٌ اسْتُدِلَّ بِهَذَا عَلَى أَنَّ الْحَدَثَ فِي الْمَدِينَةِ مِنَ الْكَبَائِرِ وَالْمُرَادُ بِلَعْنَةِ الْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ الْمُبَالَغَةُ فِي الْإِبْعَادِ عَنْ رَحْمَةِ اللَّهِ قَالَ وَالْمُرَادُ بِاللَّعْنِ هُنَا الْعَذَابُ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ عَلَى ذَنْبِهِ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ وَلَيْسَ هُوَ كَلَعْنِ الْكَافِرِ ( وَالْمَلَائِكَةِ) أَيْ دُعَاؤُهُمْ عَلَيْهِ بِالْبُعْدِ عَنْ رَحْمَتِهِ ( وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) أَيْ مِنْ هَذَا الْحَدَثِ وَالْمُؤَدِّي أَوْ هُمَا دَاخِلَانِ أَيْضًا لِأَنَّهُمَا مِمَّنْ يَقُولَ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ وَالظُّلْمُ هُوَ وَضْعُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ ( لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا) بِفَتْحِ أَوَّلِهِمَا وَاخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِهِمَا فَعِنْدَ الْجُمْهُورِ الصَّرْفُ الفريضة والعدل النافلة ورواه بن خُزَيْمَةَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنِ الثَّوْرِيِّ وَعَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ بِالْعَكْسِ وَعَنِ الْأَصْمَعِيِّ الصَّرْفُ التَّوْبَةُ وَالْعَدْلُ الْفِدْيَةُ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ قَالَ عِيَاضٌ مَعْنَاهُ لَا يُقْبَلُ قَبُولَ رِضًا وَإِنْ قُبِلَ قَبُولَ جَزَاءٍ وَقِيلَ يَكُونُ الْقَبُولُ هُنَا بِمَعْنَى تَكْفِيرِ الذَّنْبِ بِهِمَا وَقَدْ يَكُونُ مَعْنَى الْفِدْيَةِ أَنَّهُ لَا يَجِدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِدًى يَفْتَدِي بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنَ الْمُذْنِبِينَ بِأَنْ يَفْدِيَهُ مِنَ النَّارِ بِيَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ ( وَمَنِ ادَّعَى) أَيِ انْتَسَبَ ( أَوْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ) بِأَنْ يَقُولَ عَتِيقٌ لِغَيْرِ مُعْتِقِهِأَنْتَ مَوْلَايَ وَلَكَ وَلَائِي قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ وَلَاءَ الْعِتْقِ لِعَطْفِهِ عَلَى قَوْلِهِ مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِالْوَعِيدِ فَإِنَّ الْعِتْقَ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ فَإِذَا نُسِبَ إِلَى غَيْرِ مَنْ هُوَ لَهُ كَانَ كَالدَّعِيِّ الَّذِي تَبَرَّأَ عَمَّنْ هُوَ مِنْهُ وَأَلْحَقَ نَفْسَهُ بِغَيْرِهِ فَيَسْتَحِقُّ بِهِ الدُّعَاءَ عَلَيْهِ بِالطَّرْدِ وَالْإِبْعَادِ عَنِ الرَّحْمَةِ انْتَهَى وَهَذَا صَرِيحٌ فِي غِلَظِ تَحْرِيمِ انْتِمَاءِ الْإِنْسَانِ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ أَوِ انْتِمَاءِ الْعَتِيقِ إِلَى غَيْرِ مَوَالِيهِ لِمَا فِيهِ مِنْ كُفْرِ النِّعْمَةِ وَتَضْيِيعِ حُقُوقِ الْإِرْثِ وَالْوَلَاءِ وَالْعَقْلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ قَطِيعَةِ الرَّحِمِ وَالْعُقُوقِ ( وَذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ عَهْدُهُمْ وَأَمَانُهُمْ ( وَاحِدَةٌ) أَيْ أَنَّهَا كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَرَاتِبِ وَلَا يَجُوزُ نَقْضُهَا لِتَفَرُّدِ الْعَاقِدِ بِهَا ( يَسْعَى بِهَا) أَيْ يَتَوَلَّاهَا وَيَلِي أَمْرَهَا ( أَدْنَاهُمْ) أَيْ أَدْنَى الْمُسْلِمِينَ مَرْتَبَةً والْمَعْنَى أَنَّ ذِمَّةَ الْمُسْلِمِينَ سَوَاءٌ صَدَرَتْ مِنْ وَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرَ شَرِيفٍ أَوْ وَضِيعٍ فَإِذَا أَمَّنَ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَافِرًا وَأَعْطَاهُ ذِمَّةً لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ نَقْضُهُ فَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ وَالْحُرُّ وَالْعَبْدُ لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْحَجِّ وَفِي الْجِزْيَةِ وَفِي الْفَرَائِضِ وَفِي الِاعْتِصَامِ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الْحَجِّ ( وَرَوَى بَعْضُهُمْ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ عَلِيٍّ نَحْوَهُ) أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي الْحَجِّ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ الْحَافِظُ هَذِهِ رِوَايَةُ أَكْثَرِ أَصْحَابِ الْأَعْمَشِ عَنْهُ وَخَالَفَهُمْ شُعْبَةُ فَرَوَاهُ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنِ الْحَارِثِ عَنْ سُوَيْدٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ وَالصَّوَابُ رِوَايَةُ الثَّوْرِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ ( بَاب مَا جَاءَ فِي الرَّجُلِ يَنْتَفِي مِنْ وَلَدِهِ) أَيْ بِالتَّعْرِيضِ وَقَدْ تَرْجَمَ الْبُخَارِيُّ فِي الطَّلَاقِ عَلَى حديث الباب إذا عرض بنفي الولد.

     قَوْلُهُ 

رقم الحديث 2128 [2128] ( جَاءَ رَجُلٌ) وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ قَالَ الْحَافِظُ وَاسْمُ هَذَا الْأَعْرَابِيِّ ضَمْضَمُ بْنُ قَتَادَةَ ( إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ) زَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَةٍ وَإِنِّي أَنْكَرْتُهُ أَيِ اسْتَنْكَرْتُهُ بِقَلْبِي وَلَمْ يُرِدْ أَنَّهُ أَنْكَرَ كَوْنَهُ ابْنَهُ بِلِسَانِهِ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لِمُسْلِمٍ وَهُوَ حِينَئِذٍ يَعْرِضُ بِأَنْ يَنْفِيَهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ التَّعْرِيضَ بِالْقَذْفِ لَيْسَ قَذْفًا وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ وَاسْتَدَلَّ الشَّافِعِيُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ لِذَلِكَ وَعَنِ الْمَالِكِيَّةِ يَجِبُ بِهِ الْحَدُّ إِذَا كَانَ مَفْهُومًا وَأَجَابُوا عَنِ الْحَدِيثِ أَنَّ التَّعْرِيضَ الَّذِي يَجِبُ بِهِ الْقَذْفُ عِنْدَهُمْ هُوَ مَا يُفْهَمُ مِنْهُ الْقَذْفُ كَمَا يُفْهَمُ مِنَ التَّصْرِيحِ وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا حُجَّةَ فِيهِ لِدَفْعِ ذَلِكَ فَإِنَّ الرَّجُلَ لَمْ يُرِدْ قَذْفًا بَلْ جَاءَ سَائِلًا مُسْتَفْتِيًا عَنِ الْحُكْمِ لِمَا وَقَعَ لَهُ مِنَ الرِّيبَةِ فَلَمَّا ضَرَبَ لَهُ الْمَثَلَ أَذْعَنَ كَذَا فِي الْفَتْحِ ( قَالَ حُمْرٌ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ جَمْعُ أَحْمَرَ ( فَهَلْ فِيهَا أَوْرَقُ) قَالَ الْحَافِظُ الْأَوْرَقُ الَّذِي فِيهِ سَوَادٌ لَيْسَ بِحَالِكٍ بَلْ يَمِيلُ إِلَى الْغَبَرَةِ وَمِنْهُ قِيلَ لِلْحَمَامَةِ وَرْقَاءُ ( إِنَّ فِيهَا لَوُرْقًا) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ جَمْعُ أَوْرَقَ ( أَنَّى أَتَاهَا ذَلِكَ) أَيْ مِنْ أَيْنَ أَتَاهَا اللَّوْنُ الَّذِي خَالَفَهَا هَلْ هُوَ بِسَبَبِ فَحْلٍ مِنْ غَيْرِ لَوْنِهَا طَرَأَ عَلَيْهَا أَوْ لِأَمْرٍ آخَرَ ( لَعَلَّ عِرْقًا) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ ( نَزَعَهَا) الْمَعْنَى يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي أُصُولِهَا مَنْ هُوَ بِاللَّوْنِ الْمَذْكُورِ فَاجْتَذَبَهُ إِلَيْهِ فَجَاءَ عَلَى لَوْنِهِ وَالْمُرَادُ بِالْعِرْقِ الْأَصْلُ مِنَ النَّسَبِ شَبَّهَهُ بِعِرْقِ الشَّجَرَةِ وَمِنْهُ .

     قَوْلُهُ مْ فُلَانٌ عَرِيقٌ فِي الْأَصَالَةِ أَيْ إِنَّ أَصْلَهُ مُتَنَاسِبٌ وَكَذَا مُعْرِقٌ فِي الْكَرَمِ أَوِ اللُّؤْمِ وَأَصْلُ النَّزْعِ الْجَذْبُ وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْمَيْلِ ( قَالَ فَهَذَا) أَيِ الْغُلَامُ الْأَسْوَدُ ( لَعَلَّ عِرْقًا نَزَعَهُ) أَيْ لَعَلَّهُ فِي أُصُولِكَ أَوْ فِي أُصُولِ امْرَأَتِكَ مَنْ يَكُونُ فِي لَوْنِهِ أَسْوَدُ فَأَشْبَهَهُ وَاجْتَذَبَهُ إِلَيْهِ وَأَظْهَرَ لَوْنَهُ عَلَيْهِ زَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَةٍ لَمْ يُرَخِّصْ لَهُ فِي الِانْتِفَاءِ مِنْهُ قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّ الْوَلَدَ يَلْحَقُ الزَّوْجَ وَإِنْ خَالَفَ لَوْنُهُ لَوْنَهُ حَتَّى لَوْ كَانَ الْأَبُ أَبْيَضَ وَالْوَلَدُ أَسْوَدَ أَوْ عَكْسَهُ لَحِقَهُ وَلَا يَحِلُّ لَهُ نَفْيُهُ بِمُجَرَّدِ الْمُخَالَفَةِ فِي اللَّوْنِ وَكَذَا لَوْ كَانَ الزَّوْجَانِ أَبْيَضَيْنِ فَجَاءَ الْوَلَدُ أَسْوَدَا وَعَكْسُهُ الِاحْتِمَالُ أَنَّهُ نَزَعَهُ عِرْقٌ مِنْ أَسْلَافِهِ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وبن ماجه5 -

رقم الحديث 2129 [2129] ( دَخَلَ عَلَيْهَا مَسْرُورًا) أَيْ فَرْحَانًا ( تَبْرُقُ) بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّ الرَّاءِ أَيْ تُضِيءُ وَتَسْتَنِيرُ مِنَ السُّرُورِ وَالْفَرَحِ ( أَسَارِيرُ وَجْهِهِ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْأَسَارِيرُ الْخُطُوطُ الَّتِي تَجْتَمِعُ فِي الْجَبْهَةِ وَتَتَكَسَّرُ وَاحِدُهَا سُرٌّ أَوْ سُرَرٌ وَجَمْعُهَا أَسْرَارٌ وَأَسِرَّةٌ وَجَمْعُ الْجَمْعِ أَسَارِيرُ انْتَهَى ( أَلَمْ تَرَيْ) بِحَذْفِ النُّونِ أَيْ أَلَمْ تَعْلَمِي يَعْنِي هَذَا مِمَّا يَتَعَيَّنُ أَنْ تَعْلَمِي فَاعْلَمِي ( مُجَزِّزًا) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الزَّايِ الثَّقِيلَةِ وَحُكِيَ فَتْحُهَا وَبَعْدَهَا زَايٌ أُخْرَى هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ ثُمَّ زاي وهو بن الْأَعْوَرِ بْنُ جَعْدَةَ الْمُدْلِجِيُّ نِسْبَةً إِلَى مُدْلِجِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ كِنَانَةَ وَكَانَتِ الْقِيَافَةُ فِيهِمْ وَفِي بَنِي أَسَدٍ وَالْعَرَبُ تَعْتَرِفُ لَهُمْ بِذَلِكَ وَلَيْسَ ذَلِكَ خَاصًّا بِهِمْ عَلَى الصَّحِيحِ وَقَدْ أَخْرَجَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ فِي الْفَرَائِضِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ إِلَى سَعِيدِ بْنِ المسيب أن عمر كان فائقا أَوْرَدَهُ فِي قِصَّتِهِ وَعُمَرُ قُرَشِيٌّ لَيْسَ مُدْلِجِيًّا وَلَا أَسَدِيًّا لَا أَسَدَ قُرَيْشٍ وَلَا أَسَدَ خزيمة وكان مجززا عارفا بالقيافة وذكره بن يُونُسَ فِيمَنْ شَهِدَ فَتْحَ مِصْرَ.

     وَقَالَ  لَا أَعْلَمُ لَهُ رِوَايَةً كَذَا فِي الْفَتْحِ ( نَظَرَ آنِفًا) بِالْمَدِّ وَيَجُوزُ الْقَصْرُ أَيْ قَرِيبًا أَوْ أَقْرَبَ وَقْتٍ ( فَقَالَ) أَيْ مُجَزِّزٌ الْمُدْلِجِيُّ ( هَذِهِ الْأَقْدَامُ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ) قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَكَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تَقْدَحُ فِي نَسَبِ أُسَامَةَ لِكَوْنِهِ أَسْوَدَ شَدِيدَ السَّوَادِ وَكَانَ زَيْدٌ أَبْيَضَ كَذَا قَالَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ فَلَمَّا قَضَى هَذَا الْقَائِفُ بِإِلْحَاقِ نَسَبِهِ مَعَ اخْتِلَافِ اللَّوْنِ وَكَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تَعْتَمِدُ قَوْلَ الْقَائِفِ فَرِحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكَوْنِهِ زَاجِرًا لَهُمْ عَنِ الطَّعْنِ فِي النَّسَبِ قَالَ الْقَاضِي قَالَ غَيْرُ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ كَانَ زَيْدٌ أَزْهَرَ اللَّوْنِ وَأُمُّ أُسَامَةَ هِيَ أُمُّ أَيْمَنَ وَاسْمُهَا بَرَكَةٌ وَكَانَتْ حَبَشِيَّةً سَوْدَاءَ انْتَهَى وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ قَالَ عِيَاضٌ لَوْ صَحَّ أَنَّ أُمَّ أَيْمَنَ كَانَتْ سَوْدَاءَ لَمْ يُنْكِرُوا سَوَادَ ابْنِهَا أُسَامَةَ لِأَنَّ السَّوْدَاءَ قَدْ تَلِدُ مِنَ الْأَبْيَضِ أَسْوَدَ قَالَ الْحَافِظُ يُحْتَمَلُ أَنَّهَا كَانَتْ صَافِيَةً فَجَاءَ أُسَامَةُ شَدِيدَ السَّوَادِ فَوَقَعَ الْإِنْكَارُ لِذَلِكَ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمَنَاقِبِوَالْفَرَائِضِ وَمُسْلِمٌ فِي النِّكَاحِ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ فِي الطَّلَاقِ .

     قَوْلُهُ  ( وَقَدْ غَطَّيَا) مِنَ التَّغْطِيَةِ أي سترا ( رؤوسهما) أَيْ بِقَطِيفَةٍ كَمَا فِي رِوَايَةٍ ( وَبَدَتْ) أَيْ ظَهَرَتْ قَالَ الْحَافِظُ وَفِي هَذِهِ الزِّيَادَةِ دَفْعُ تَوَهُّمِ مَنْ يَقُولُ لَعَلَّهُ حَابَاهُمَا بِذَلِكَ لِمَا عَرَفَ مِنْ كَوْنِهِمْ كَانُوا يَطْعَنُونَ فِي أُسَامَةَ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِهَذَا الْحَدِيثِ فِي إِقَامَةِ أَمْرِ الْقَافَةِ) قَالَ الْعَيْنِيُّ فِي الْعُمْدَةِ فِي الْحَدِيثِ إِثْبَاتُ الْحُكْمِ بِالْقَافَةِ وَمِمَّنْ قَالَ بِهِ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَهُوَ أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ عُمَرَ وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ وَمَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ الْحُكْمُ بِهَا بَاطِلٌ لِأَنَّهَا حَدْسٌ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الشَّرِيعَةِ وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ حُجَّةٌ فِي إِثْبَاتِ الْحُكْمِ بِهَا لِأَنَّ أُسَامَةَ قَدْ كَانَ ثَبَتَ نَسَبُهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَمْ يَحْتَجِ الشَّارِعُ فِي إِثْبَاتِ ذَلِكَ إِلَى قَوْلِ أَحَدٍ وَإِنَّمَا تَعَجَّبَ مِنْ إِصَابَةِ مُجَزِّزٍ كَمَا يَتَعَجَّبُ مِنْ ظَنِّ الرَّجُلِ الَّذِي يُصِيبُ ظَنُّهُ حَقِيقَةَ الشَّيْءِ الَّذِي ظَنَّهُ وَلَا يَجِبُ الْحُكْمُ بِذَلِكَ وَتَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِنْكَارَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَاطَ بِذَلِكَ إِثْبَاتَ مَا لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا وَقَدْ قَالَ تَعَالَى وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ علم انْتَهَى وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ ص 412 ج 6 وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ حَدِيثَ مُجَزِّزٍ لَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَعْرِفُ الْقَائِفُ بِزَعْمِهِ أَنَّ هَذَا الشَّخْصَ مِنْ مَاءِ ذَاكَ لَا أَنَّهُ طَرِيقٌ شَرْعِيٌّ فَلَا يُعْرَفُ إِلَّا بِالشَّرْعِ فَيُجَابُ بِأَنَّ فِي اسْتِبْشَارِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ التَّقْرِيرِ مَا لَا يُخَالِفُ فِيهِ مُخَالِفٌ وَلَوْ كَانَ مِثْلُ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ فِي الشَّرْعِ لَقَالَ لَهُ إِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَا يُقَالُ إِنَّ أُسَامَةَ قَدْ ثَبَتَ فِرَاشُ أَبِيهِ شَرْعًا وَإِنَّمَا لَمَّا وَقَعَتِ الْقَالَةُ بِسَبَبِ اخْتِلَافِ اللَّوْنِ وَكَانَ قَوْلُ الْمُدْلِجِيَّ الْمَذْكُورُ دَافِعًا لَهَا لِاعْتِقَادِهِمْ فِيهِ الْإِصَابَةُ وَصِدْقُ الْمَعْرِفَةِ اسْتَبْشَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ التَّعَلُّقُ بِمِثْلِ هَذَا التَّقْرِيرِ عَلَى إِثْبَاتِ أَصْلِ النَّسَبِ لِأَنَّا نَقُولُ لَوْ كَانَتِ الْقَافَةُ لَا يَجُوزُ الْعَمَلُ بِهَا إِلَّا فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمَنْفَعَةِ مَعَ مِثْلِ أُولَئِكَ الَّذِينَ قَالُوا مَقَالَةَ السُّوءِ لَمَا قَرَّرَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَوْلِهِ هَذِهِ الْأَقْدَامُ بَعْضُهَا مِنْ بعض وهو في قوة هذا بن هَذَا فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ تَقْرِيرٌ لِلْإِلْحَاقِ بِالْقَافَةِ مُطْلَقًا لَا إِلْزَامٌ لِلْخَصْمِ بِمَا يَعْتَقِدُهُ وَلَا سِيَّمَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ إِنْكَارُ كَوْنِهَا طَرِيقًا يَثْبُتُ بِهَا النَّسَبُ حَتَّى يَكُونَ تَقْرِيرُهُ لِذَلِكَ مِنْ بَابِ التَّقْرِيرِ عَلَى مَعْنَى كَافِرٍ إِلَى كُنْيَةٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا عُرِفَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَإِنْكَارُهُ قَبْلَ السُّكُوتِ عَنْهُ وَقَدْ أَطَالَ الْحَافِظُ بن القيم الكلام في إثبات الْحُكْمِ بِالْقَافَةِ فِي زَادِ الْمَعَادِ.

     وَقَالَ  فِي أَثْنَاءِ كَلَامِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عُمَرَ فِي امْرَأَةٍ وَطِئَهَا رَجُلَانِ فِي طُهْرٍ فَقَالَ الْقَائِفُ قَدِ اشْتَرَكَا فِيهِ جَمِيعًا فَجَعَلَهُ بَيْنَهُمَا قَالَ الشَّعْبِيُّ وَعَلِيٌّ يَقُولُ هُوَ ابْنُهُمَا وَهُمَا أَبَوَاهُ يَرِثَانِهِ ذَكَرَهُ سَعِيدٌ أَيْضًا وَرَوَى الْأَثْرَمُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فِي رَجُلَيْنِ اشْتَرَكَا فِي طُهْرِ امْرَأَةٍ فَحَمَلَتْ فَوَلَدَتْ غُلَامًا يُشْبِهُهُمَا فَرَفَعَ ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَدَعَا الْقَافَةَ فَنَظَرُوا فَقَالُوا نَرَاهُ يُشْبِهُهُمَا فَأَلْحَقَهُ بِهِمَا وَجَعَلَهُ يَرِثُهُمَا وَيَرِثَانِهِ وَلَا يُعْرَفُ قَطُّ فِي الصَّحَابَةِ مَنْ خَالَفَ عُمَرَ وَعَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي ذَلِكَ بَلْ حَكَمَ عُمَرُ بِهَذَا فِي الْمَدِينَةِ وَبِحَضْرَةِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فَلَمْ يُنْكِرْ مِنْهُمْ مُنْكِرٌ ( بَاب فِي حَثِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى التهادي) الْهَدِيَّةِ كَغَنِيَّةِ مَا أُتْحِفَ بِهِ .

     قَوْلُهُ 

رقم الحديث 2130 [213] ( حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ) بِفَتْحِ السِّينِ وَتَخْفِيفِ الْوَاوِ وَالِدُ السُّدُوسِيِّ الْعَنْبَرِيُّ أَبُو الْخَطَّابِ الْبَصْرِيُّ الْمَكْفُوفُ صَدُوقٌ رُمِيَ بِالْقَدَرِ مِنَ التَّاسِعَةِ ( عَنْ سَعِيدٍ) هو بن أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ .

     قَوْلُهُ  ( تَهَادَوْا) بِفَتْحِ الدَّالِ أَمْرٌ مِنَ التَّهَادِي بِمَعْنَى الْمُهَادَاةِ أَيْ لِيُعْطِ الْهَدِيَّةَ وَيُرْسِلُهَا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ ( فَإِنَّ الْهَدِيَّةَ تُذْهِبُ وَحَرَ الصَّدْرِ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ غِشَّهُ وَوَسَاوِسَهُ وَقِيلَ الْحِقْدُ وَالْغَيْظُ وَقِيلَ الْعَدَاوَةُ وَقِيلَ أَشَدُّ الْغَضَبِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ ( وَلَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا) قَالَ الْكَرْمَانِيُّ لِجَارَتِهَا مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ هَدِيَّةً مُهْدَاةً لِجَارَتِهَا ( وَلَوْ شِقَّ فِرْسِنِ شَاةٍ) بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ نَصِيفَهُ أَوْ بَعْضَهُ كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ وَالْفِرْسِنُ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ بَيْنَهُمَا رَاءٌ سَاكِنَةٌ وَآخِرُهُ نُونٌ هُوَ عَظْمٌ قَلِيلُ اللَّحْمِ وَهُوَ لِلْبَعِيرِ مَوْضِعُ الْحَافِرِ لِلْفَرَسِ وَيُطْلَقُ عَلَى الشَّاةِ مَجَازًا وَنُونُهُ زَائِدَةٌ وَقِيلَ أَصْلِيَّةٌ وَأُشِيرَ بِذَلِكَ إِلَى الْمُبَالَغَةِ فِي إِهْدَاءِ الشَّيْءِ الْيَسِيرِ وَقَبُولِهِ لَا إِلَى حَقِيقَةِ الْفِرْسِنِ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْرِ الْعَادَةُ بِإِهْدَائِهِ أَيْ لَا تَمْنَعُ جَارَةٌ مِنَ الْهَدِيَّةِلِجَارَتِهَا الْمَوْجُودَ عِنْدَهَا لِاسْتِقْلَالِهِ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ تَجُودَ لَهَا بِمَا تَيَسَّرَ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا فَهُوَ خَيْرٌ مِنَ الْعَدَمِ وَذَكَرَ الْفِرْسِنَ عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ إِنَّمَا وَقَعَ لِلْمُهْدَى إِلَيْهَا وَأَنَّهَا لَا تَحْتَقِرُ مَا يُهْدَى إِلَيْهَا وَلَوْ كَانَ قَلِيلًا وَحَمْلُهُ عَلَى الْأَعَمِّ مِنْ ذَلِكَ أَوْلَى وَفِي الْحَدِيثِ الْحَضُّ عَلَى التَّهَادِي وَلَوْ بِالْيَسِيرِ لِمَا فِيهِ مِنَ اسْتِجْلَابِ الْمَوَدَّةِ وَإِذْهَابِ الشَّحْنَاءِ وَلِمَا فِيهِ مِنَ التَّعَاوُنِ عَلَى أَمْرِ الْمَعِيشَةِ وَالْهَدِيَّةُ إِذَا كَانَتْ يَسِيرَةً فَهِيَ أَدَلُّ عَلَى الْمَوَدَّةِ وَأَسْقَطُ لِلْمُؤْنَةِ وَأَسْهَلُ عَلَى الْمُهْدِي لِإِطْرَاحِ التَّكَلُّفِ وَالْكَثِيرُ قَدْ لَا يَتَيَسَّرُ كُلَّ وَقْتٍ وَالْمُوَاصَلَةُ بِالْيَسِيرِ تَكُونُ كَالْكَثِيرِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ ( أَبُو مَعْشَرٍ اسْمُهُ نَجِيحٌ إِلَخْ) قَالَ فِي التَّقْرِيبِ نَجِيحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السِّنْدِيُّ الْمَدَنِيُّ أَبُو مَعْشَرٍ وَهُوَ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ مَشْهُورٌ بِكُنْيَتِهِ ضَعِيفٌ مِنَ السَّادِسَةِ أَسَنَّ وَاخْتَلَطَ مَاتَ سَنَةَ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ وَيُقَالُ كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْوَلِيدِ بْنِ الْهِلَالِ انْتَهَى وَاعْلَمْ أَنَّ حَدِيثَ الْبَابِ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ في أول الهبة من طريق بن أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ يَا نِسَاءَ الْمُسْلِمَاتِ لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ لَمْ يَقُلْ عَنْ أَبِيهِ وَزَادَ فِي أَوَّلِهِ تَهَادَوْا فَإِنَّ الْهَدِيَّةَ تُذْهِبُ وَحَرَ الصدر الحديث وقال غريب وأبو معشر يضعف وَقَالَ الطَّرْقِيُّ إِنَّهُ أَخْطَأَ فِيهِ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ فِيهِ عَنْ أَبِيهِ كَذَا قَالَ وَقَدْ تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ عَنْ سَعِيدٍ وَأَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ نَعَمْ مَنْ زَادَ فِيهِ عَنْ أَبِيهِ أَحْفَظُ وَأَضْبَطُ فَرِوَايَتُهُمْ أَوْلَى انْتَهَى ( بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ) .

     قَوْلُهُ 

رقم الحديث 2131 [2131] ( مَثَلُ الَّذِي يُعْطِي الْعَطِيَّةَ ثُمَّ يَرْجِعُ فِيهَا إِلَخْ) فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى تَحْرِيمِ الرُّجُوعِ في الهبةوَهُوَ مَذْهَبُ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ وَبَوَّبَ الْبُخَارِيُّ بَابَ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ وَصَدَقَتِهِ وَقَدِ اسْتَثْنَى الْجُمْهُورُ مَا يَأْتِي عَنِ الْهِبَةِ لِلْوَلَدِ وَنَحْوِهِ وَذَهَبَتِ الْهَادَوِيَّةُ وَأَبُو حَنِيفَةَ إلى حل الرجوع في الهبة دون الصَّدَقَةِ إِلَّا الْهِبَةَ لِذِي رَحِمٍ قَالُوا وَالْحَدِيثُ الْمُرَادُ بِهِ التَّغْلِيظُ فِي الْكَرَاهَةِ قَالَ الطَّحَاوِيُّ .

     قَوْلُهُ  كَالْعَائِدِ فِي قَيْئِهِ وَإِنِ اقْتَضَى التَّحْرِيمَ لَكِنَّ الزِّيَادَةَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَهِيَ .

     قَوْلُهُ  كَالْكَلْبِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ التَّحْرِيمِ لِأَنَّ الْكَلْبَ غَيْرُ مُتَعَبِّدٍ فَالْقَيْءُ لَيْسَ حَرَامًا عَلَيْهِ وَالْمُرَادُ التَّنَزُّهُ عَنْ فِعْلٍ يُشْبِهُ فِعْلَ الْكَلْبِ وتُعُقِّبَ بِاسْتِبْعَادِ التَّأْوِيلِ وَمُنَافَرَةِ سِيَاقِ الْحَدِيثِ لَهُ وَعُرْفُ الشَّرْعِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ الزَّجْرُ الشَّدِيدُ كَمَا وَرَدَ النَّهْيُ فِي الصَّلَاةِ عَنْ إِقْعَاءِ الْكَلْبِ وَنَقْرِ الْغُرَابِ وَالْتِفَاتِ الثَّعْلَبِ وَنَحْوِهِ وَلَا يُفْهَمُ مِنَ الْمَقَامِ إِلَّا التَّحْرِيمُ وَالتَّأْوِيلُ الْبَعِيدُ لا يلتفت إليه وحديث بن عُمَرَ الْمَذْكُورُ أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وبن ماجه عن بن عَبَّاسٍ وَأَشَارَ إِلَيْهِ التِّرْمِذِيُّ .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عن بن عَبَّاسٍ) تَقَدَّمَ تَخْرِيجُهُ آنِفًا ( وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمرو) أخرجه النسائي وبن مَاجَهْ .

     قَوْلُهُ 

رقم الحديث 2132 [2132] ( لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ إِلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي تَحْرِيمِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ مَجَازٌ عَنْ الْكَرَاهَةِ الشَّدِيدَةِ صَرْفٌ لَهُ عَنْ ظَاهِرِهِ ( ثُمَّ يَرْجِعَ) بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى يُعْطِي ( فِيهَا) أَيْ فِي عَطِيَّتِهِ ( إِلَّا الْوَالِدَ) بِالنَّصْبِ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ ( فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ) اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ لِلْأَبِ أَنْ يَرْجِعَ فِيمَا وَهَبَهُ لِابْنِهِ وَكَذَلِكَ الْأُمُّ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ إِلَّا أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ فَرَّقُوا بَيْنَ الْأَبِ وَالْأُمِّ فَقَالُوا لِلْأُمِّ أَنْ تَرْجِعَ إِنْ كَانَ الْأَبُ حَيًّا دُونَ مَا إِذَا مَاتَ وَقَيَّدُوا رُجُوعَ الْأَبِ بِمَا إِذَا كَانَ الِابْنُ الْمَوْهُوبُ لَهُ لَمْ يَسْتَحْدِثْ دَيْنًا أَوْ يَنْكِحَ وَبِذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لِلْأَبِ الرُّجُوعُ مُطْلَقًا وَقَالَ أَحْمَدُ لَا يَحِلُّ لِوَاهِبٍ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ مُطْلَقًا وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ إِنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ صَغِيرًا لَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ الرُّجُوعُ وَكَذَا إِنْ كَانَ كَبِيرًا وَقَبَضَهَا قَالُوا وَإِنْ كَانَتِ الْهِبَةُ لِزَوْجٍ مِنْ زَوْجَتِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ لِذِي رَحِمٍ لَمْ يَجُزِ الرُّجُوعُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَوَافَقَهُمْ إِسْحَاقُ فِي ذِي الرَّحِمِ.

     وَقَالَ  لِلزَّوْجَةِ أَنْ تَرْجِعَ بِخِلَافِ الزَّوْجِ وَالِاحْتِجَاجُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ يَطُولُ وَيُؤَيِّدُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّ الْوَلَدَ وَمَالَهُ لِأَبِيهِفَلَيْسَ فِي الْحَقِيقَةِ رُجُوعًا وَعَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ رُجُوعًا فَرُبَّمَا اقْتَضَتْهُ مَصْلَحَةُ التَّأْدِيبِ وَنَحْوُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْفَتْحِ ( وَمَثَلُ الَّذِي يُعْطِي الْعَطِيَّةَ) أَيْ لِغَيْرِ وَلَدِهِ ( أَكَلَ) أَيِ اسْتَمَرَّ عَلَى الْمُوكَلِ كُلَّ شَيْءٍ ( حَتَّى إِذَا شَبِعَ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وأبو داود والنسائي وبن ماجه وبن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَاهُ .

     قَوْلُهُ  ( قَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَحِلُّ لِمَنْ وَهَبَ هِبَةً أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا إِلَّا الْوَالِدَ إِلَخْ) هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَاللَّهُ أعلم3 - كتاب القدر الْقَدَرُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ عِبَارَةٌ عَمَّا قَضَاهُ اللَّهُ وَحَكَمَ بِهِ مِنَ الْأُمُورِ وَهُوَ مَصْدَرُ قَدَرَ يَقْدِرُ قَدَرًا وَقَدْ تُسَكَّنُ دَالُهُ ( باب ما جاء من التَّشْدِيدِ فِي الْخَوْضِ فِي الْقَدَرِ) قَالَ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ الْإِيمَانُ بِالْقَدَرِ فَرْضٌ لَازِمٌ وَهُوَ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَالِقُ أَعْمَالِ الْعِبَادِ خَيْرِهَا وَشَرِّهَا وَكَتَبَهَا فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُمْ وَالْكُلُّ بِقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ وَإِرَادَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ غَيْرَ أَنَّهُ يَرْضَى الْإِيمَانَ وَالطَّاعَةَ وَوَعَدَ عَلَيْهِمَا الثَّوَابَ وَلَا يَرْضَى الْكُفْرَ وَالْمَعْصِيَةَ وَأَوْعَدَ عَلَيْهِمَا الْعِقَابَ وَالْقَدَرُ سِرٌّ مِنْ أَسْرَارِ اللَّهِ تَعَالَى لَمْ يُطْلِعْ عَلَيْهِ مَلَكًا مُقَرَّبًا وَلَا نَبِيًّا مُرْسَلًا وَلَا يَجُوزُ الْخَوْضُ فِيهِ وَالْبَحْثُ عَنْهُ بِطَرِيقِ الْعَقْلِ بَلْ يَجِبُ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الْخَلْقَ فَجَعَلَهُمْ فِرْقَتَيْنِ فِرْقَةً خَلَقَهُمْ لِلنَّعِيمِ فَضْلًا وَفِرْقَةً لِلْجَحِيمِ عَدْلًا وَسَأَلَ رَجُلٌ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ أَخْبِرْنِي عَنِ الْقَدَرِ قَالَ طَرِيقٌ مُظْلِمٌ لَا تَسْلُكْهُ وَأَعَادَ السُّؤَالَ فَقَالَ بَحْرٌ عَمِيقٌ لَا تَلِجْهُ وَأَعَادَ السُّؤَالَ فَقَالَ سِرُّ اللَّهِ قَدْ خَفِيَ عَلَيْكَ فَلَا تَفْتِشْهُ وَلِلَّهِ دَرُّ مَنْ قَالَ تَبَارَكَ مَنْ أَجْرَى الْأُمُورَ بِحُكْمِهِ كَمَا شَاءَ لَا ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا فَمَا لَكَ شَيْءٌ غَيْرُ مَا اللَّهُ شَاءَهُ فَإِنْ شِئْتَ طِبْ نَفْسًا وَإِنْ شِئْتَ مت كظما.

     قَوْلُهُ