فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب أذان الأعمى إذا كان له من يخبره

باب أَذَانِ الأَعْمَى إِذَا كَانَ لَهُ مَنْ يُخْبِرُهُ
( باب) جواز ( أذان الأعمى إذا كان له من يخبره) بدخول الوقت.



[ قــ :600 ... غــ : 617 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِنَّ بِلاَلاً يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ».
ثُمَّ قَالَ: وَكَانَ رَجُلاً أَعْمَى لاَ يُنَادِي حَتَّى يُقَالَ لَهُ: أَصْبَحْتَ أَصْبَحْتَ.
[الحديث 617 - أطرافه في: 620، 623، 1918، 2656، 7248] .

وبالسند قال ( حدّثنا عبد الله بن مسلمة) بفتح اللام القعنبى ( عن مالك) الإمام ( عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري ( عن سالم بن عبد الله عن أبيه) عبد الله بن عمر بن الخطاب ( أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: قال) ( إن بلالاً يؤذن) للصبح ( بليل) أي في ليل ( فكلوا واشربوا حتى) أي إلى أن ( ينادي) أي يؤذن ( ابن أم مكتوم) عمرو أو عبد الله بن قيس بن زائدة القرشي وأم مكتوم اسمها عاتكة بنت عبد الله المخزومية ( قال) ولغير الأربعة ثم قال أي ابن عمر أو ابن شهاب ( وكان) أي ابن أم مكتوم ( رجلاً أعمى) عمي بعد بدر بسنتين أو ولد أعمى فكنيت أمه أم مكتوم لاكتتام نور بصره الأوّل هو المشهور ( لا ينادي) أي لا يؤذن ( حتى يقال له: أصبحت أصبحت.
)
بالتكرار للتأكيد وهي تامة تستغني بمرفوعها والمعنى قاربت الصبح على حد قوله تعالى: { فإذا بلغن أجلهن} أي آخر عدّتهن والأجل يطلق للمدة ولمنتهاها، والبلوغ هو الوصول إلى الشيء وقد يقال: للدنوّ منه وهو المراد في الآية ليصح أن يترتب عليه قوله { فأمسكوهن بمعروف} إذ لا إمساك بعد انقضاء الأجل وحينئذٍ فليس المراد من الحديث ظاهره وهو الإعلام بظهور الفجر بل التحذير من طلوعه والتحضيض له على النداء خيفة ظهوره وإلا لزِم جواز الأكل بعد طلوع الفجر لأنه جعل أذانه غاية للأكل نعم يعكر عليه قوله أن بلالاً يؤذن بليل فإن فيه إشعارًا بأن ابن أم مكتوم بخلافه وأيضًا وقع عند المؤلّف في الصيام من قوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: حتى يؤذن ابن أم مكتوم فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر وأجيب بأن أذانه جعل علامة لتحريم الأكل وكأنه كان له من يراعي الوقت بحيث يكون أذانه مقارنًا لابتداء طلوع الفجر وفي هذا الحديث مشروعية الأذان قبل الوقت في الصبح وهل يكتفي به عن الأذان بعد الفجر أم لا ذهب إلى الأوّل الشافعي ومالك وأحمد وأصحابهم وروى الشافعي في القديم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال عجلوا الأذان بالصبح يدلج المدلج وتخرج العاهرة وصحّح في الروضة أن وقته من أوّل نصف الليل الآخر لأن صلاته تدرك الناس وهم نيام فيحتاجون إلى التأهّب لها وهذا مذهب أبي يوسف وابن حبيب من المالكية لكن يعكر على هذا قول القاسم بن محمد المروي عند المؤلّف في الصيام لم يكن بين أذانهما أي بلال وابن أم مكتوم إلاّ أن يرقى ذا وينزل ذا وهو مروي عند النسائي من قوله في روايته عن عائشة وهو ينفي كونه مرسلاً ويقيد إطلاق قوله إن بلالاً يؤذن بليل ومن ثم اختاره السبكي في شرح المنهاج وحكي تصحيحه عن القاضي حسين والمتولي قال وقطع به البغوي وهو أن الوقت الذي يؤذن فيه قبل الفجر هو وقت السحر وهو كما قال في القاموس قبيل الصبح، وقال الإمام أبو حنيفة ومحمد لا يجوز تقديمه على الفجر وإن قدم يعاد في الوقت لأنه عليه الصلاة والسلام قال لمن أذن قبل الوقت لا تؤذن حتى ترى

الفجر والمشهور عند المالكية جوازه من السدس الأخير من الليل ونقل الماوردي أنه يؤذن لها إذا صليت العشاء وبقية مباحث الحديث تأتي في محالها إن شاء الله تعالى.