فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب من انتظر الإقامة

باب مَنِ انْتَظَرَ الإِقَامَةَ
( باب من انتظر الإقامة) للصلاة بعد أن سمع الأذان.


[ قــ :608 ... غــ : 626 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ بِالأُولَى مِنْ صَلاَةِ الْفَجْرِ قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ قَبْلَ صَلاَةِ الْفَجْرِ بَعْدَ أَنْ يَسْتَبِينَ الْفَجْرُ، ثُمَّ اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمُؤَذِّنُ لِلإِقَامَةِ".
[الحديث 626 - أطرافه في: 994، 1123، 1160، 1170، 6310] .

وبالسند قال: ( حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع ( قال أخبرنا) وللأصيلي: حدّثنا ( شعيب) هو ابن أبي حمزة ( عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب ( قال: أخبرني) بالإفراد ولأبي ذر أخبرنا ( عروة بن الزبير) بن العوام ( أن) أم المؤمنين ( عائشة) رضي الله عنها ( قالت: كان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا سكت المؤذن) بالمثناة الفوقية ( بـ) بالمناداة ( الأولى من صلاة الفجر) أي فرغ منها بالسكوت، وأوليتها باعتبار الإقامة، وأما باعتبار التي قبل الفجر فثانية، ويحتمل أن يكون التأنيث باعتبار تأويله بالمرّة أو الساعة أو لمؤاخاة الأذان للإقامة، وحكى السفاقسي أنه روي: سكب بالموحدة، وأصله من سكب الماء، وهو صبه أي صبّ الأذان وأفرغه في الأذان وجزم به الصغاني، وبه ضبط نسخته التي قال إنه قابلها على نسخة الفربري، وادّعى أن المثناة تصحيف من المحدّثين، قال الحافظ ابن حجر: وليس كما قال، ولم يثبت ذلك في شيء من الطرق، وإنما ذكرها الخطابي من طريق الأوزاعي عن الزهري فقال: إن سويد بن نصر راويها عن ابن المبارك عنه، ضبطها بالموحدة، وتعقب العيني ابن حجر بأنه لم يبين وجه الردّ قال: وليس الصغاني ممن يردّ عليه في مثل هذا، انتهى.

قلت: قال الدماميني: الرواية بالمثناة صحيحة، وهي بينة الصواب.

والباء التي في بالأولى بمعنى "عن مثل" فاسأل به خبيرًا، فلا وجه لنسبة المحدثين إلى التصحيف انتهى.

وقال ابن بطال والسفاقسي: ولها أي سكب بالموحدة وجه من الصواب.
قال العيني: بل هي عين الصواب لأن سكت بالمثناة الفوقية لا تستعمل بالموحدة، بل تستعمل بكلمة "من" أو "عن"، وسكب بالموحدة استعمل هنا بالباء، ثم أجاب عن مجيء الباء بمعنى "عن" بأن الأصل أن يستعمل كل حرف في بابه، ولا يستعمل في غير بابه إلا لنكتة، وأي نكتة هنا؟ انتهى.

وجواب إذا قوله ( قام) أي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( فركع) ولأبي الوقت يركع ( ركعتين خفيفتين قبل صلاة الفجر بعد أن يستبين الفجر) بموحدة وآخره نون من الاستبانة، وللكشميهني يستنير بنون وآخره راء من الاستنارة، ( ثم اضطجع) عليه الصلاة والسلام في بيته ( على شقه) أي جنبه ( الأيمن) جريًا على عادته الشريفة في حبه التيامن في شأنه كله، أو للتشريع، لأن النوم على الأيسر يستلزم استغراق النوم في غيره عليه الصلاة والسلام بخلافه هو، لأن عينه تنام ولا ينام قلبه، فعلى الأيمن أسرع للانتباه بالنسبة لنا، وهو نوم الصالحين.
وعلى اليسار نوم الحكماء، وعلى الظهر نوم الجبارين والمتكبرين، وعلى الوجه نوم الكفار.
( حتى يأتيه المؤذن للإقامة) استدل به على الحض على الاستباق

إلى المسجد، وهو لمن كان على مسافة من المسجد لا يسمع فيها الإقامة، وأما من كان يسمع الأذان من داره، فانتظاره الصلاة، إذا كان متهيئًا لها، كانتظاره إياها في المسجد.
قاله ابن بطال.

ورواة هذا الحديث الخمسة ما بين حمصي ومدني وفيه التحديث والإخبار والعنعنة والقول.

وأخرجه النسائي في الصلاة.