فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب قول الرجل للنبي صلى الله عليه وسلم: ما صلينا

باب قَوْلِ الرَّجُلِ: مَا صَلَّيْنَا
( باب قول الرجل ما صلينا) ولأبي ذر قول الرجل للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ما صلينا.


[ قــ :623 ... غــ : 641 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ يَقُولُ: أَخْبَرَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَاءَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ مَا كِدْتُ أَنْ أُصَلِّيَ حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ تَغْرُبُ، وَذَلِكَ بَعْدَ مَا أَفْطَرَ الصَّائِمُ.
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: وَاللَّهِ مَا صَلَّيْتُهَا.
فَنَزَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى بُطْحَانَ وَأَنَا مَعَهُ، فَتَوَضَّأَ ثُمَّ صَلَّى -يَعْنِي الْعَصْرَ- بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا الْمَغْرِبَ".

وبالسند قال ( حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين ( قال: حدّثنا شيبان) بن عبد الرحمن النحوي ( عن يحيى) بن أبي كثير ( قال: سمعت أبا سلمة) بن عبد الرحمن حال كونه ( يقول: أخبرنا جابر بن عبد الله) الأنصاري ( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جاءه عمر بن الخطاب) رضي الله عنه ( يوم) أي زمان وقعة ( الخندق فقال: يا رسول الله، والله ما كدت) ولغير الكشميهني: يا رسول الله ما كدت،

وفي الفرع عن أبي ذر عن الكشميهني إسقاط القسم ( أن أصلي) العصر وللأصيلي: ما كدت أصلي ( حتى كادت الشمس تغرب) أتى في الأوّل بأن في خبر كاد كما في عسى، وأسقطها في الثاني وهو أكثر في الاستعمال، وللأصيلي إسقاطها فيه كما مرّ ( وذلك) أي الوقت الذي خاطب فيه عمر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ( بعدما أفطر الصائم) أي بعد الغروب وليس المراد الوقت الذي صلّى عمر العصر، فإنه قبيل الغروب كما يدل عليه كاد ( فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( والله ما صلّيتها) .

فإن قلت: إن نفي الصلاة إنما وقع من الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا من عمر، وحينئذٍ فلا مطابقة بين الحديث والترجمة.

أجيب، بأن المطابقة حصلت من قول عمر رضي الله عنه: ما كدت أصلي، لأنه بمعنى ما صليت بحسب عرف الاستعمال، أو من كون المؤلّف ترجم لبعض ما وقع في طرق الحديث المسوق له هنا، فقد وقع عنده في المغازي وقوع ذلك من عمر لكن الأولى أن تكون المطابقة بين الترجمة والحديث المسوق في بابها بلفظها، أو ما يدل عليه.

قال جابر ( فنزل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى بطحان) بضم الموحدة وسكون الطاء، وادٍ بالمدينة غير منصرف، كذا يقوله المحدّثون قاطبة، وحكى أهل اللغة فتح أوّله وكسر ثانيه، قاله أبو علي القالي في البارع ( وأنا معه، فتوضأ ثم صلّى العصر) ولغير أبوي ذر والوقت والأصيلي، ثم صلّى، يعني العصر ( بعدما غربت الشمس، ثم صلّى بعدها المغرب) يحتمل أن يكون التأخير نسيانًا لا عمدًا للاشتغال بأمر العدوّ، وكان قبل نزول آية صلاة الخوف.

ورواة هذا الحديث خمسة، وفيه التحديث والإخبار والعنعنة والسماع والقول.