فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب من شكا إمامه إذا طول

باب مَنْ شَكَا إِمَامَهُ إِذَا طَوَّلَ
وَقَالَ أَبُو أُسَيْدٍ طَوَّلْتَ بِنَا يَا بُنَىَّ.

( وقال أبو أسيد) بضم الهمزة وفتح السين المهملة، وللمستملي، أبو أسيد، بفتح الهمزة، مالك بن ربيعة الأنصاري الساعدي المدني، لولده المنذر، مما وصله ابن أبي شيبة، وكان يصلّي خلفه.

( طوّلت بنا يا بني) اسم ابنه النذر، كما رواه ابن أبي شيبة.

( باب من شكًا إمامه إذا طوّل) عليهم في الصلاة.


[ قــ :683 ... غــ : 704 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لأَتَأَخَّرُ عَنِ الصَّلاَةِ فِي الْفَجْرِ مِمَّا يُطِيلُ بِنَا فُلاَنٌ فِيهَا.

فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا رَأَيْتُهُ غَضِبَ فِي مَوْضِعٍ كَانَ أَشَدَّ غَضَبًا مِنْهُ يَوْمَئِذٍ.
ثُمَّ قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ، فَمَنْ أَمَّ النَّاسَ فَلْيَتَجَوَّزْ، فَإِنَّ خَلْفَهُ الضَّعِيفَ وَالْكَبِيرَ وَذَا الْحَاجَةِ».


وبالسند قال ( حدّثنا محمد بن يوسف) الفريابي ( قال: حدّثنا سفيان) الثوري، ( عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم) بالمهملة والزاي، ( عن ابن مسعود) عقبة بن عمرو، بالواو، البدري ( قال: قال رجل) للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( يا رسول الله، إني لأتأخر عن الصلاة) جماعة ( في الفجر، مما يطيل بنا فلان) معاذ، أو أُبي بن كعب ( فيها) ويدل للثاني حديث أبي يعلى الموصلي أن أُبيًّا صلّى بأهل قباء، فاستفتح بسورة البقرة ( فغضب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) غضبًا ( ما رأيته غضب في موضع) وللأصيلي وابن عساكر في نسخة: في موعظة ( كان أشد غضبًا منه يومئذ، ثم قال:) :
( يا أيها الناس إن منكم منفرين) وللأصيلي: لمنفرين، بلام التأكيد ( فمن أمّ الناس فلْيتجوّز) أي: فليخفف في صلاته بهم ( فإن خلفه) مقتديًا به ( الضعيف والكبير وذا الحاجة) أي صاحبها.

قال ابن دقيق العيد: التطويل والتخفيف من الأمور الإضافية، فقد يكون الشيء خفيفًا بالنسبة إلى عادة قوم، طويلاً بالنسبة لعادة آخرين.
قال: وقول الفقهاء: لا يزيد الإمام في الركوع والسجود على ثلاث تسبيحات، لا يخالف ما ورد عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أنه كان يزيد على ذلك، لأن رغبة الصحابة في الخير تقتضي أن لا يكون ذلك تطويلاً.




[ قــ :684 ... غــ : 705 ]
- حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيَّ قَالَ: أَقْبَلَ رَجُلٌ بِنَاضِحَيْنِ! وَقَدْ جَنَحَ اللَّيْلُ - فَوَافَقَ مُعَاذًا يُصَلِّي، فَتَرَكَ نَاضِحَهُ وَأَقْبَلَ إِلَى مُعَاذٍ، فَقَرَأَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ -أَوِ النِّسَاءِ- فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ، وَبَلَغَهُ أَنَّ مُعَاذًا نَالَ مِنْهُ، فَأَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَشَكَا إِلَيْهِ مُعَاذًا، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «يَا مُعَاذُ، أَفَتَّانٌ أَنْتَ -أَوْ فَاتِنٌ- ( ثَلاَثَ مِرَارٍ) ، فَلَوْلاَ صَلَّيْتَ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى، فَإِنَّهُ يُصَلِّي وَرَاءَكَ الْكَبِيرُ وَالضَّعِيفُ وَذُو الْحَاجَةِ».
أَحْسِبُ هَذَا فِي الْحَدِيثِ.

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَتَابَعَهُ سَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ وَمِسْعَرٌ وَالشَّيْبَانِيُّ.

قَالَ عَمْرٌو وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مِقْسَمٍ وَأَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ: "قَرَأَ مُعَاذٌ فِي الْعِشَاءِ بِالْبَقَرَةِ".
وَتَابَعَهُ الأَعْمَشُ عَنْ مُحَارِبٍ.

وبه قال: ( حدّثنا آدم بن أبي إياس) بكسر الهمزة ( قال: حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( قال: حدّثنا محارب بن دثار) بكسر الدال وبالمثلثة ( قال: سمعت جابر بن عبد الله الأنصاري) رضي الله عنه ( قال: أقبل رجل بناضحين) بالنون والضاد المعجمة والحاء المهملة، تثنية ناضح، وهو البعير الذي يسقى عليه النخل والزرع ( وقد جنح الليل) بجيم ونون وحاء مهملة مفتوحات، أقبل بظلمته ( فوافق معاذًا يصلّي) العشاء ( فترك ناضحه) بتخفيف الراء بعد المثناة الفوقية والإفراد، ولأبي ذر في نسخة، والأصيلي: فبرك ناضحيه بالتشديد بعد الموحدة والتثنية، ( وأقبل إلى معاذ، فقرأ) معاذ في صلاته ( بسورة البقرة أو النساء) شك محارب، كما في رواية أبي داود الطيالسي ( فانطلق الرجل، وبلغه)
أي الرجل ( أن معاذًا نال منه) ذكره بسوء، فقال: إنه منافق، ( فأتى) الرجل ( النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فشكا إليه معاذًا) أي أخبر بسوء فعله ( فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لمعاذ، بعد أن أرسل إليه وحضر عنده:
( يا معاذ أفتان أنت) صفة واقعة بعد الاستفهام، رافعة للظاهر، فيجوز أن يكون مبتدأ، وأنت ساد مسد الخبر، ويجوز أن يكون أنت مبتدأ تقدم خبره، ( أو) قال ( أفاتن) بالهمزة، والشك من الراوي، ولابن عساكر: فاتن.
زاد في رواية لأبوي ذر، والوقت، وابن عساكر في نسخة: أنت ( -ثلاث مرار-) ولأبي ذر والأصيلي: مرات بالتاء بعد الراء ( فلولا) فهلاً ( صليت { بسبح اسم ربك الأعلى} و { الشمس وضحاها} و { الليل إذا يغشى} ) أي ونحوها من قصار المفصل، كما في بعض الروايات ( فإنه يصلّي وراءك الكبير والضعيف وذو الحاجة) .

قال شعبة ( أحسب في الحديث) وللكشميهني: أحسب هذا، في قوله فإنه يصلّي في الحديث، ولابن عساكر: وأحسب في هذا، وفي الحديث ( تابعه) ولغير الأربعة: قال أبو عبد الله، أي البخاري وتابعه، أي تابع شعبة ( سعيد بن مسروق) والد سفيان الثوري، فيما وصله أبو عوانة ( و) تابعه أيضًا ( مسعر) بكسر الميم وسكون المهملة، ابن كدام الكوفي، فيما وصله السراج ( و) تابعه أيضًا ( الشيباني) أبو إسحاق سليمان بن أبي سليمان فيروز الكوفي، فيما وصله البزار متابعة منهم لشعبة في أصل الحديث، لا في جميع ألفاظه.

( قال عمرو) بفتح العين، ابن دينار، فيما تقدم عنه قبل بابين ( وعبيد الله) بضم العين ( بن مقسم) بكسر الميم المدني، فيما وصله ابن خزيمة ( وأبو الزبير) بضم الزاي، محمد بن مسلم المكي، مولى حكيم بن حزام، ثلاثتهم ( عن جابر قرأ معاذ في) صلاة ( العشاء بالبقرة) خاصة ولم يذكروا النساء، ( وتابعه) أي وتابع شعبة ( الأعمش) سليمان بن مهران ( عن محارب) أي ابن دثار مما وصله النسائي، ولم يعين السورة.