فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب: الرجل يأتم بالإمام ويأتم الناس بالمأموم

باب الرَّجُلُ يَأْتَمُّ بِالإِمَامِ، وَيَأْتَمُّ النَّاسُ بِالْمَأْمُومِ
وَيُذْكَرُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «ائْتَمُّوا بِي، وَلْيَأْتَمَّ بِكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ».

( باب الرجل) بإضافة باب للاحقه وبتنوينه فيرفع الرجل ( يأتم بالإمام ويأتم الناس بالمأموم) .

( ويذكر) بضم أوله وفتح ثالثه مما أخرجه مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وكذا أصحاب السُّنن.
( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه قال مخاطبًا لأهل الصف الأوّل: ( ائتموا بي وليأتم بكم من بعدكم) من سائر الصفوف، أي يستدلوا بأفعالكم على أفعالي، وليس المراد أن المأموم يقتدي به غيره.


[ قــ :692 ... غــ : 713 ]
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَاءَ بِلاَلٌ يُؤْذِنُهُ بِالصَّلاَةِ فَقَالَ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ.
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ، وَإِنَّهُ مَتَى مَا يَقُمْ مَقَامَكَ لاَ يُسْمِعُ النَّاسَ، فَلَوْ أَمَرْتَ عُمَرَ.
فَقَالَ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ.
فَقُلْتُ لِحَفْصَةَ: قُولِي لَهُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ، وَإِنَّهُ مَتَى يَقُمْ مَقَامَكَ لاَ يُسْمِعِ النَّاسَ، فَلَوْ أَمَرْتَ عُمَرَ.
قَالَ: إِنَّكُنَّ لأَنْتُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ.
فَلَمَّا دَخَلَ فِي الصَّلاَةِ وَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي نَفْسِهِ خِفَّةً، فَقَامَ يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَرِجْلاَهُ يَخُطَّانِ فِي الأَرْضِ حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَلَمَّا سَمِعَ أَبُو بَكْرٍ حِسَّهُ ذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ يَتَأَخَّرُ، فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى جَلَسَ عَنْ يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي قَائِمًا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي قَاعِدًا يَقْتَدِي أَبُو بَكْرٍ بِصَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَالنَّاسُ مُقْتَدُونَ بِصَلاَةِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه".


وبالسند قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر وحدّثني ( قتيبة) وفي غير رواية أبي ذر وابن عساكر: قتيبة بن سعيد ( قال: حدّثنا أبو معاوية) محمد بن خازم بالخاء والزاي المعجمتين الضرير ( عن الأعمش) سليمان بن مهران ( عن إبراهيم، عن الأسود) بن يزيد النخعي، وسقط إبراهيم بين الأعمش والأسود من رواية أبي زيد المروزي، وهو وهم فيما قاله الجياني ( عن عائشة) رضي الله عنها ( قالت: لما ثقل رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) في مرضه الذي توفي فيه ( جاء بلال) المؤذن ( يؤذنه) بسكون الواو: يعلمه ( بالصلاة فقال) : ( مروا أبا بكر أن يصلّي) ولأبي ذر وابن عساكر فيصلّي ( بالناس) .

قالت عائشة: ( فقلت: يا رسول الله، إن أبا بكر رجل أسيف) بفتح الهمزة وكسر السين المهملة ثم فاء بعد المثناة التحتية الساكنة، شديد الحزن ( وأنه متى ما يقم مقامك) في الإمامة وإثبات ما بعد متى ويقم مجزوم بحذف الواو بمتى الشرطية، لأبي ذر عن الكشميهني، وفي رواية الحموي والمستملي: متى يقوم بإثباتها، ووجهه ابن مالك بأنها أهملت حملاً على إذا، كما جزم بإذا حملاً على متى في قوله: إذا أخذتما مضاجعكما تكبّرا أربعًا وثلاثين ( لا يسمع الناس) بضم الياء وإسكان السين، من الإسماع، ولأبي ذر: لم يسمع الناس ( فلو أمرت عمر) بن الخطاب رضي الله عنه، إن كانت لو شرطية فالجواب محذوف أو للتمني فلا جواب، ( فقال) عليه الصلاة والسلام: ( مروا أبا بكر يصلّي) بحذف أن، ولأبوي ذر والوقت: أن يصلّي بالناس.

قالت عائشة: ( فقلت لحفصة: قولي له وإن أبا بكر رجل أسيف، وإنه متى يقم مقامك) في الإمامة ولغير الكشميهني: يقوم بالواو، كما مرّ وللكشميهني: متى ما يقم.
فما زائدة للتوكيد، قال ابن مالك إنها شرطية وجوابها ( لا يسمع الناس) ولأبي ذر: لم يسمع الناس ( فلو أمرت عمر قال) : عليه الصلاة والسلام، ولأبوي ذر والوقت وابن عساكر فقال:
( إنكن لأنتنّ صواحب يوسف، مروا أبا بكر أن يصلّي بالناس) ولابن عساكر بحذف أن من: أن يصلّي.

( فلما دخل) أبو بكر ( في الصلاة) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: فلما داخل في الصلاة، بألف بعد الدال، أسكن الخاء مكسورة في اليونينية ( وجد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في نفسه خفة، فقام يهادى بين رجلين رجلاه يخطان) بالمثناة التحتية، ولأبوي ذر والوقت: تخطان، بالمثناة الفوقية ( في الأرض حتى دخل المسجد، فلما سمع أبو بكر حسّه ذهب أبو بكر يتأخر، فأومأ إليه رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أن اثبت مكانك، فتأخر أبو بكر ( فجاء) وللأصيلي: فجاءه ( رسول الله) وللأصيلي وابن عساكر والهروي: النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حتى جلس عن يسار أبي بكر) لكونه كان جههّ حجرته فهو أخف عليه ( فكان أبو بكر يصلّي قائمًا، وكان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصلّي قاعدًا، يقتدي أبو بكر بصلاة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، والناس مقتدون) بالميم على صيغة الجمع لاسم الفاعل، ولأبي ذر والأصيلي وابن عساكر: يقتدون

بصيغة المضارع، أي مستدلون أو يستدلون ( بصلاة أبي بكر رضي الله عنه) على صلاة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.