فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب القراءة في الظهر


[ قــ :738 ... غــ : 759 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ مِنْ صَلاَةِ الظُّهْرِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَتَيْنِ يُطَوِّلُ فِي الأُولَى وَيُقَصِّرُ فِي الثَّانِيَةِ وَيُسْمِعُ الآيَةَ أَحْيَانًا، وَكَانَ يَقْرَأُ فِي الْعَصْرِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَتَيْنِ وَكَانَ يُطَوِّلُ فِي الأُولَى مِنْ صَلاَةِ الصُّبْحِ وَيُقَصِّرُ فِي الثَّانِيَةِ".
[الحديث 759 - أطرافه في: 762، 776، 778، 779] .

وبه قال: ( حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين ( قال: حدّثنا شيبان) بن عبد الرحمن ( عن يحيى) بن أبي كثير ( عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه) أبي قتادة الحرث بن ربعي رضي الله عنه ( قال: كان النبي) ولأبي ذر: كان رسول الله ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقرأ في الركعتين الأوليين) بمثناتين تحتيتين وضم الهمزة تثنية الأولى ( من صلاة الظهر بفاتحة الكتاب وسورتين) في كل ركعة سورة ( يطول في) قراءة الركعة ( الأولى ويقصر في) قراءة الركعة ( الثانية) لأن النشاط في الأولى يكون أكثر، فناسب التخفيف في الثانية حذرًا من الملل.


واستدلّ به على استحباب تطويل الأولى على الثانية، وجمع بينه وبين حديث سعد السابق حيث قال: أركد في الأوليين، بأن المراد تطويلهما على الأخريين لا التسوية بينهما في الطول.

واستفيد من هذا أفضلية قراءة سورة كاملة ولو قصرت، على قراءة قدرها من طويلة.
قال النووي وزاد البغوي: ولو قصرت السورة عن المقروء.

( ويسمع الآية أحيانًا) أي في أحيان، جمع حين، وهو يدل على تكرار ذلك منه.
وللنسائي من حديث البراء: فنسمع منه الآية من سورة لقمان، والذاريات، ولابن خزيمة { سبّح اسم ربك الأعلى} و { هل أتاك حديث الغاشية} .

فإن قلت: العلم بقراءة السورة في السرية لا يكون إلاّ بسماع كلها، وإنما يفيد يقين ذلك لو كان في الجهرية.

أجيب: باحتمال أن يكون مأخوذًا من سماع بعضها مع قيام القرينة على قراءة باقيها، أو أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يخبرهم عقب الصلاة دائمًا أو غالبًا بقراءة السورتين.
وهو بعيد جدًّا، قاله ابن دقيق العيد رحمه الله.

( وكان) عليه الصلاة والسلام ( يقرأ في) صلاة ( العصر بفاتحة الكتاب وسورتين) في كل ركعة سورة واحدة ( وكان يطوّل) في قراءة غير الفاتحة ( في) الركعة ( الأولى) منها، أي ويقصر الثانية، ( وكان يطول في) قراءة الركعة ( الأولى من صلاة الصبح، وبقصر في الثانية) ويقاس المغرب والعشاء عليها.

والسُّنّة عند الشافعية أن يقرأ في الصبح والظهر من طوال المفصل، وفي العصر والعشاء من أوساطه، وفي المغرب من قصاره لأن الظهر وقت القيلولة، فطول ليدرك المتأخر، والعصر وقت إتمام الأعمال فخفف، وأما المغرب فإنها تأتي عند إعياء الناس من العمل وحاجتهم إلى العشاء، لا سيما الصوام.

ومحل سنية الطوال والأوساط إذا كان المصلي منفردًا، فإن كان إمامًا وكان المأمومون محصورين، وآثروا التطويل، استحب وإن لم يكونوا محصورين أو كانوا ولكن لم يؤثروا التطويل فلا يسن.
هكذا جزم به النووي في شرح المهذّب، فقال: هذا الذي ذكرناه من استحباب طوال المفصل وأوساطه هو فيما إذا آثر المأمومون المحصورون ذلك.
وإلاّ خفف.

وجزم به أيضًا في التحقيق، وشرح مسلم، وقال الحنابلة: في الصبح من طوال المفصل، وفي المغرب من قصاره، وفي الباقي من أوساطه.

وفي هذا الحديث التحديث والعنعنة والقول، وأخرجه المؤلّف أيضًا، وكذا مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة.





[ قــ :739 ... غــ : 760 ]
- حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَارَةُ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ قَالَ: "سَأَلْنَا خَبَّابًا أَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قُلْنَا: بِأَىِّ شَىْءٍ كُنْتُمْ تَعْرِفُونَ: قَالَ: بِاضْطِرَابِ لِحْيَتِهِ".

وبالسند قال: ( حدّثنا عمر بن حفص) بضم العين، وللأصيلي حذف لفظ: ابن حفص ( قال: حدّثني أبي) حفص بن غياث ( قال: حدّثنا الأعمش) سليمان بن مهران ( قال: حدّثني) بالإفراد ( عمارة) بن عمير بضم العين فيهما ( عن أبي معمر) بميمين مفتوحتين، عبد الله بن سخبرة الأسدي الكوفي ( قال: سألنا خبابًا) بفتح الخاء وتشديد الموحدة الأولى ابن الأرت، بالمثناة الفوقية بعد الراء، رضي الله عنه ( أكان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقرأ في الظهر والعصر؟ قال: نعم) كان يقرأ فيهما ( قلنا) بنون الجمع، وللحموي والمستملي: قلت ( بأي شيء كنتم تعرفون؟ قال) ولأبي ذر: تعرفون ذلك؟ قال: ( باضطراب لحيته) بكسر اللام ومثناة فوقية بعد التحتية، وللأصيلي لحييه بفتح اللام ومثناتين تحتيتين.

فإن قلت إن اضطراب لحيته الشريفة المستدل به على قراءته يحصل مثله أيضًا بالذكر والدعاء أيضًا، فما وجه تعيين القراءة دونهما؟
أجيب بأنها تعينت بقرينة: والظاهر أنهم نظروه بالجهرية لأن ذلك المحل منها هو محل القراءة لا الذكر والدعاء، وإذا انضم إلى ذلك قول أبي قتادة: كان يسمعنا الآية أحيانًا قوي الاستدلال.