فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب الطمأنينة حين يرفع رأسه من الركوع

باب الإِطْمَأْنِينَةِ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ
قَالَ أَبُو حُمَيْدٍ: رَفَعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاسْتَوَى جَالِسًا حَتَّى يَعُودَ كُلُّ فَقَارٍ مَكَانَهُ.

( باب الإطمأنينة) بكسر الهمزة قبل الطاء الساكنة، وفي بعضها بضم الهمزة، وللكشميهني: الطمأنينة، بضم الطاء بغير الهمز ( حين يرفع) المصلي ( رأسه من الركوع) .

( وقال أبو حميد) الساعدي، ما يأتي موصولاً، إن شاء الله تعالى، في باب: سنة الجلوس للتشهد؛ ( رفع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رأسه) .
من الركوع ( واستوى) بالواو، ولأبي ذر: فاستوى، أي: قائمًا ( حتى يعود كل فقار مكانه) بفتح الفاء والقاف الخفية، خرزات الصلب: وهي مفاصله، والواحدة فقارة.

وقد حصلت المطابقة بين هذا التعليق والترجمة بقوله: واستوى أي قائمًا.
نعم: في رواية كريمة: واستوى جالسًا، وحينئذ فلا مطابقة.
لكن المحفوظ سقوطها.

وعزاه في الفرع وأصله للأصيلي وأبي ذر فقط، وعلى تقدير ثبوتها فيحتمل أنه عبر عن السكون بالجلوس، فيكون من باب: ذكر الملزوم وإرادة اللازم.


[ قــ :779 ... غــ : 800 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ ثَابِتٍ قَالَ: "كَانَ أَنَسٌ يَنْعَتُ لَنَا صَلاَةَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَانَ يُصَلِّي، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَامَ حَتَّى نَقُولَ قَدْ نَسِيَ".
[الحديث 800 - طرفه في: 821] .

وبه قال: ( حدّثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك الطيالسي ( قال: حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن ثابت) البناني ( قال: كان أنس) ولأبي ذر والأصيلي: كان أنس بن مالك رضي إلله عنه ( ينعت) بفتح العين، أي يصف ( لنا صلاة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فكان يصلّي، فإذا) بالفاء، ولغير أبي ذر والأصيلي، وإذا ( رفع رأسه من الركوع قام حتى نقول) بالنصب، أي: إلى أن نقول ( قد نسي) وجوب الهوي إلى السجود، أو أنه في صلاة، أو ظن أنه وقت القنوت من طول قيامه، وهذا صريح في الدلالة على أن الاعتدال ركن طويل، بل هو نص فيه، فلا ينبغي العدول عنه لدليل ضعيف، وهو قولهم: لم يسنّ فيه تكرير التسبيحات كالركوع والسجود، ووجه ضعفه أنه قياس في مقابلة النص، فهو فاسد.

وقد اختار النووي جواز تطويل الركن القصير خلافًا للمرجح في المذهب، واستدلّ لذلك بحديث حذيفة عند مسلم: أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قرأ في ركعة بالبقرة وغيرها، ثم ركع نحوًا مما قرأ؛ ثم قام بعد أن قال: ربنا لك الحمد، قيامًا طويلاً قريبًا مما ركع.


قال النووي: الجواب عن هذا الحديث صعب، والأقوى جواز الإطالة بالذكر.




[ قــ :780 ... غــ : 801 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنِ الْبَرَاءِ -رضي الله عنه- قَالَ "كَانَ رُكُوعُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَسُجُودُهُ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ قَرِيبًا مِنَ السَّوَاءِ".

وبه قال: ( حدّثنا أبو الوليد) الطيالسي ( قال: حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن الحكم عن ابن أبي ليلى، عن البراء) بن عازب ( رضي الله عنه، قال: كان ركوع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) اسم كان وتاليه عطف عليه.
وهو قوله: ( وسجوده، وإذا رفع) أي اعتدل ( من الركوع) ، ولكريمة: وإذا رفع رأسه من الركوع ( و) جلوسه ( بين السجدتين قريبًا من السواء) بالفتح والمدّ وسابقه نصب خبر كان.

والمراد أن زمان ركوعه وسجوده واعتداله وجلوسه متقارب.

قال بعضهم: وليس المراد أنه كان يركع بقدر قيامه، وكذا السجود والاعتدال، بل المراد أن صلاته كانت معتدلة، فكان إذا أطال القراءة أطال بقية الأركان، وإذا أخفها أخف بقية الأركان، فقد ثبت أنه قرأ في الصبح: بالصافّات، وثبت في السُّنن عن أنس أنهم حزروا في السجود قدر عشر تسبيحات، فيحمل على أنه إذا قرأ بدون الصافات اقتصر على دون العشر، وأقله كما ورد في السُّنن أيضًا ثلاث تسبيحات.
اهـ من الفتح.

ولم يقع في هذه الطريق الاستثناء الذي في باب: استواء الظهر، وهو قوله: ما خلا القيام والقعود.




[ قــ :781 ... غــ : 80 ]
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ قَالَ: "كَانَ مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ يُرِينَا كَيْفَ كَانَ صَلاَةُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَذَاكَ فِي غَيْرِ وَقْتِ صَلاَةٍ: فَقَامَ فَأَمْكَنَ الْقِيَامَ ثُمَّ رَكَعَ فَأَمْكَنَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَأَنْصَتَ هُنَيَّةً.
قَالَ فَصَلَّى بِنَا صَلاَةَ شَيْخِنَا هَذَا أَبِي بُرَيْدٍ، وَكَانَ أَبُو بُرَيْدٍ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ الآخِرَةِ اسْتَوَى قَاعِدًا، ثُمَّ نَهَضَ".

وبه قال: ( حدّثنا سليمان بن حرب) الواشحي ( قال: حدّثنا حماد بن زيد) بن درهم ( عن أيوب) السختياني ( عن أبي قلابة) عبد الله بن زيد ( قال: كان) وللكشميهني: قال قام ( مالك بن الحويرث) الليثي ( يرينا) بضم أوله من الإراءة ( كيف كان صلاة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وذاك) أي الفعل ( في غير وقت صلاة) لأجل التعليم، ولأبي ذر والأصيلي: في غير وقت الصلاة بالتعريف ( فقام فأمكن القيام) أي مكن بالتشديد ( ثم ركع فأمكن الركوع، ثم رفع رأسه فانصبّ) بهمزة وصل وتشديد الموحدة، كأنه كنى عن رجوع أعضائه من الانحناء إلى القيام بالانصباب، والذي في اليونينية بتخفيف الموحدة، ولابن عساكر والأصيلي وأبوي الوقت وذر، عن الكشميهني: فأنصت، بهمزة قطع آخره مثناة فوقية بدل الموحدة من الإنصات: أي سكت ( هنية) بضم الهاء وفتح النون وتشديد

المثناة التحتية، قليلاً.
فلم يكبر للهوي في الحال، وللإسماعيلي: فأنتصب قائمًا، وهو أوضع في المراد كما لا يخفى.

( قال أبو قلابة: فصلّى بنا) مالك ( صلاة شيخنا) أي كصلاة شيخنا ( هذا) عمرو بن سلمة بكسر اللام الجرمي ( أبي بريد) بضم الموحدة وفتح الراء المهملة، وصوّبه أبو ذر كما في الفرع وأصله، وكذا ضبطه مسلم في كتاب الكنى وللحموي والمستملي: أبي يزيد، بالمثناة التحتية والزاي المعجمة، غير منصرف، وجزم به الجياني.

وقال الحافظ عبد الغني بن سعيد: لم أسمعه من أحد إلا بالزاي، لكن مسلم أعلم في أسماء المحدثين.

قال أبو قلابة ( وكان أبو بريد) أو أبو يزيد ( إذا رفع رأسه من السجدة الآخرة استوى) حال كونه ( قاعدًا) للاستراحة ( ثم نهض) أي قام.

وهذا الحديث قد سبق في باب: من صلّى بالناس وهو لا يريد إلا أن يعلمهم، مع اختلاف في المتن والإسناد، ومطابقته للترجمة في قوله: ثم رفع رأسه فانصب هنية.