فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب من لم ير التشهد الأول واجبا لأن النبي صلى الله عليه وسلم: «قام من الركعتين ولم يرجع»

باب مَنْ لَمْ يَرَ التَّشَهُّدَ الأَوَّلَ وَاجِبًا لأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ وَلَمْ يَرْجِعْ
( باب من لم ير التشهد الأوّل) في الجلسة الأولى من الرباعية والثلاثية ( واجبًا) .

والتشهد: تفعل من تشهد، سمي بذلك لاشتماله على النطق بشهادة الحق، تغليبًا له على بقية أذكاره لشرفها، وهو من باب إطلاق اسم البعض على الكل.

وقد استدلّ المؤلّف لما ترجم له بقوله: ( لأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قام من الركعتين ولم يرجع) إلى التشهد، ولو كان واجبًا لرجع إليه لما سبحوا به، كما سيأتي إن شاء الله تعالى قريبًا.


[ قــ :807 ... غــ : 829 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ هُرْمُزَ مَوْلَى بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ -وَقَالَ مَرَّةً: مَوْلَى رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ- أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ ابْنَ بُحَيْنَةَ وَهْوَ مِنْ أَزْدِ شَنُوءَةَ، وَهْوَ حَلِيفٌ لِبَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى بِهِمُ الظُّهْرَ، فَقَامَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ لَمْ يَجْلِسْ! فَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ، حَتَّى إِذَا قَضَى الصَّلاَةَ وَانْتَظَرَ النَّاسُ تَسْلِيمَهُ كَبَّرَ وَهْوَ جَالِسٌ، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، ثُمَّ سَلَّمَ".
[الحديث 829 - أطرافه في: 830، 1224، 1225، 1230، 6670] .

وبالسند قال: ( حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع ( قال: أخبرنا) وللأصيلي: حدّثنا ( شعيب) هو ابن أبي حمزة، دينار ( عن) ابن شهاب محمد بن مسلم ( الزهري قال: حدّثني) بالإفراد ( عبد الرحمن بن هرمز) الأعرج ( مولى بني عبد المطلب) نسبه لجد مواليه الأعلى ( - قال) الزهري ( مرة، مولى ربيعة بن الحرث-) بن عبد المطلب، فنسبه لمولاه الحقيقي، فلا منافاة بينهما: ( إن عبد الله بن بحينة) بضم الموحدة وفتح المهملة، اسم أمه، ( وهو) أي ابن بحينة ( من أزد شنوأة) بفتح

الهمزة وسكون الزاي بعدها دال مهملة في الأولى، وفتح الشين وضم النون وفتح الهمزة في الثانية، بوزن فعولة، قبيلة مشهورة ( وهو) أي ابن بحينة أيضًا ( حليف لبني عبد مناف) بالحاء المهملة، لأن جدّه حالف المطلب بن عبد المناف ( وكان من أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) هو مقول التابعي الراوي عنه، ( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، صلّى بهم الظهر، فقام في الركعتين الأوليين) إلى الثالثة حال كونه ( لم يجلس) للتشهد، ولابن عساكر، ولم يجلس، بالواو.
وفي مسلم، بالفاء ( فقام الناس معه) زاد الضحاك بن عثمان، عن الأعرج فيما رواه ابن خزيمة: فسبحوا به، فمضى ( حتى إذا قضى الصلاة) أي فرغ منها ( وانتظر الناس تسليمه، كبر وهو جالس) جملة حالية ( فسجد سجدتين) للسهو بعد التشهد ( قبل أن يسلم، ثم سلم) فيه ندبية التشهد الأول، لأنه لو كان واجبًا لرجع وتداركه.

وهذا مذهب الجمهور، خلافًا لأحمد حيث قال: يجب، لأنه عليه الصلاة والسلام فعله وداوم عليه، وجبره بالسجود حين نسيه، وقد قال: صلوا كما رأيتموني أصلي.
وتعقب: بأن جبره بالسجود، دليل عليه لا له، لأن الواجب لا يجبر بذلك، كالركوع وغيره.

وممّن قال بالوجوب أيضًا: إسحاق، وهو قول للشافعي، ورواية عند الحنفية.

وفي الحديث مباحث تأتي إن شاء الله تعالى في السهو.

ورواته ما بين حمصي ومدني، وفيه التحديث والإخبار والعنعنة، وأخرجه المؤلّف أيضًا في الصلاة والسهو والنذور، ومسلم والنسائي وابن ماجة في الصلاة والله المعين.