فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب يستقبل الإمام الناس إذا سلم

باب يَسْتَقْبِلُ الإِمَامُ النَّاسَ إِذَا سَلَّمَ
هذا ( باب) بالتنوين ( يستقبل الإمام الناس) بوجهه ( إذا سلم) من الصلاة.



[ قــ :822 ... غــ : 845 ]
- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا صَلَّى صَلاَةً أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ".
[الحديث 845 - أطرافه في: 1143، 1386، 2085، 2791، 3236، 3354، 4674، 6096، 7047] .

وبالسند إلى المؤلّف قال: ( حدّثني موسى بن إسماعيل) التبوذكي، ( قال: حدّثنا جرير بن حازم) بالحاء المهملة والزاي ( قال: حدّثنا أبو رجاء) بتخفيف الجيم ممدودًا، عمران بن تميم العطاردي ( عن سمرة بن جندب) بضم الميم وضم الدال المهملة وفتحها، رضي الله عنه ( قال: كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا صلى صلاة) أي فرغ منها ( أقبل علينا بوجهه) الشريف.

ابن المنير: استدبار الإمام للمأمومين إنما هو لحق الإمامة، فإذا انقضت الصلاة زال السبب، فاستقبالهم حينئذ يرفع الخيلاء والترفّع على المأمومين.
اهـ.

وقيل: الحكمة فيه تعريف الداخل بأن الصلاة انقضت، إذ لو استمر على حاله لأوهم أنه في التشهد مثلاً.




[ قــ :83 ... غــ : 846 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّهُ قَالَ: "صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلاَةَ الصُّبْحِ بِالْحُدَيْبِيَةِ -عَلَى إِثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنَ اللَّيْلَةِ- فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.
قَالَ: أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ: فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ،.
وَأَمَّا مَنْ قَالَ: بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي وَمُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ".
[الحديث 846 - أطرافه في: 1038، 4147، 7503] .

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن مسلمة) القعنبي، وللأصيلي: قال عبد الله بن مسلمة ( عن مالك) إمام دار الهجرة ( عن صالح بن كيسان، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود) بتصغير العبد في الأوّل، وضم العين وإسكان المثناة الفوقية في الثالث ( عن زيد بن خالد الجهني، أنه قال: صلّى لنا) أي لأجلنا ( رسول الله) وللأصيلي وأبي ذر: صلّى لنا النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلاة الصبح بالحديبية) بحاء مضمومة ودال مفتوحة مهملة مخففة الياء عند بعض المحققين، وهو الذي في الفرع، مشددة عند أكثر المحدثين.

موضع على نحو مرحلة من مكة، سمي ببئر هناك، وبه كانت بيعة الرضوان تحت الشجرة سنة ست من الهجرة.

( على أثر سماءٍ كانت) بضمير التأنيث، عائد إلى سماء، وإثر بكسر الهمزة وإسكان المثلثة في الفرع، ويجوز فتحهما، أي: على أثر مطر كانت ( من الليلة) ولأبي ذر من الليل ( فلما انصرف) عليه الصلاة والسلام من الصلاة ( أقبل على الناس) بوجهه الشريف ( فقال) لهم:

( هل تدرون ماذا قال ربكم) استفهام على سبيل التنبيه.

( قالوا: الله ورسوله أعلم) بما قال.

( قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر) الكفر الحقيقي، لأنه قابله بالإيمان حقيقة.

لأنه أعتقد ما يفضي إلى الكفر، وهو اعتقاد أن الفعل للكوكب.
وأما من اعتقد أن الله هو خالقه ومخترعه، وهذا ميقات له وعلامة بالعادة، فلا يكفر.
أو المراد كفر النعمة لإضافة الغيث إلى الكوكب.
قال الزركشي: والإضافة في عبادي للتغليب وليست للتشريف، كهي في قوله: { إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} [الحجر: 4] لأن الكافر ليس من أهله.

وتعقبه في المصابيح فقال: التغليب على خلاف الأصل، ولِمَ لا يجوز أن تكون الإضافة لمجرد الملك.

( فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي وكافر بالكوكب) بالتنوين، وللأربعة: مؤمن، بغير تنوين.
وثبت قوله: لأبي ذر وسقطت لغيره، وسقطت واو: وكافر، لابن عساكر وأبي ذر: ( وأما من قال: بنوء كذا وكذا) بفتح النون وسكون الواو في آخر همزة، أي: بكوكب كذا وكذا، سمى نجوم منازل القمر أنواء، وسمي نوءًا لأنه ينوء طالعًا عند مغيب مقابله بناحية المغرب.

وقال ابن الصلاح: النوء ليس نفس الكوكب، بل مصدر ناء النجم إذا سقط وقيل: نهض وطلع، وبيانه أن ثمانية وعشرين نجمًا معروفة المطالع في أزمنة السنة وهي المعروفة بمنازل القمر، يسقط في كل ثلاث عشرة ليلة نجم منها في المغرب مع طلوع مقابله في المشرق، فكانوا ينسبون المطر للغارب، وقال الأصمعي: للطالع، فتسمية النجم نوءًا تسمية للفاعل بالمصدر.

وللكشميهني: مطرنا بنوء كذا وكذا، ( فذلك كافر بي ومؤمن بالكوكب) .
وسقطت الواو لأبوي ذر والوقت وابن عساكر، وقد أجاز العلماء أن يقال: مطرنا في نوء كذا.




[ قــ :84 ... غــ : 847 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ سَمِعَ يَزِيدَ قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: "أَخَّرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الصَّلاَةَ ذَاتَ لَيْلَةٍ إِلَى شَطْرِ اللَّيْلِ، ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا، فَلَمَّا صَلَّى أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ: إِنَّ النَّاسَ قَدْ صَلَّوْا وَرَقَدُوا، وَإِنَّكُمْ لَنْ تَزَالُوا فِي صَلاَةٍ مَا انْتَظَرْتُمُ الصَّلاَةَ".

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله) أي ابن منير، كما في رواية أبي ذر وابن عساكر، بصيغة اسم الفاعل من أثار، وللأصيلي وأبي الوقت: أبي المنير بالألف واللام، لأن الاسم إذا كان في الأصل صفة يجوز فيه الوجهان، أنه ( سمع يزيد) زاد الأصيلي وأبو ذر: ابن هارون ( قال: أخبرنا حميد) بضم الحاء وفتح الميم ( عن أنس) وللأصيلي زيادة: ابن مالك ( قال: أخر رسول الله) ولأبى ذر والأصيلي:

النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الصلاة ذات ليلة) من باب إضافة المسمى إلى اسمه، أو لفظة: ذات، مقحمة ( إلى شطر الليل) الأول ( ثم خرج علينا، فلما صلّى) أي فرغ من الصلاة ( أقبل علينا بوجهه) الشريف ( فقال) :
( إن الناس) الغير الحاضرين في المسجد ( قد صلوا ورقدوا، وإنكم لن) بالنون ( تزالوا في) ثواب ( صلاة ما انتظرتم الصلاة) أي: مدة انتظارها.



باب مُكْثِ الإِمَامِ فِي مُصَلاَّهُ بَعْدَ السَّلاَمِ
( باب مكث الإمام في مصلاه بعد السلام) من الصلاة.


[ قــ :84 ... غــ : 848 ]
- وَقَالَ لَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: "كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُصَلِّي فِي مَكَانِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الْفَرِيضَةَ، وَفَعَلَهُ الْقَاسِمُ، وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ: لاَ يَتَطَوَّعُ الإِمَامُ فِي مَكَانِهِ.
وَلَمْ يَصِحَّ".

وبالسند إلى المؤلّف قال: ( وقال لنا آدم) بن أبي إياس.

وعادة المؤلّف أن يستعمل هذا اللفظ في المذاكرة، وهي أحطّ رتبة، وعلى ذلك مشى الكرماني، وتبعه البرماوي والعيني، قال في الفتح: وليس بمطّرد، فقد وجدت كثيرًا مما قال فيه ذلك قد أخرجه في تصانيف أخرى بصيغة التحديث، وإنما عبّر بذلك ليغاير بينه وبين المرفوع كما عرفته بالاستقرار من صنيعه، وتعقبه العيني بأنه: لا يلزم من كونه وجده ... إلخ.
أن يكون المؤلّف أسند هذا الأثر في تصنيف آخر بصيغة التحديث.
اهـ.

( حدّثنا) وللأصيلي: أخبرنا ( شعبة) بن الحجاج ( عن أيوب) السختياني ( عن نافع) مولى ابن عمر ( قال: كان ابن عمر) بن الخطاب ( يصلّي) النفل ( في مكانه الذي صلّى فيه الفريضة) ، ولأبي ذر عن الحموي فريضة.

ورواه ابن أبي شيبة من وجه آخر، عن أيوب، عن نافع، قال: كان ابن عمر يصلّي سبحته مكانه.

( وفعله) أي: صلاة النفل في موضع الفرض، ( القاسم) بن محمد بن أبي بكر الصديق، رضي الله عنهم، وهذا وصله ابن أبي شيبة.

( ويذكر) بضم أوّله مبنيًّا للمفعول، مما وصله أبو داود، وابن ماجة لكن بمعناه، ( عن أبي هريرة رفعه) بفتحات في الفرع، أي: إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وفي غير الفرع: رفعه، بفتح فسكون فضم، مصدر مضاف للفاعل، مرفوع نائبًا عن الفاعل في يذكر، ومفعوله جملة ( لا يتطوع الإمام) بضم العين أو مجزوم بلا، وكسر لالتقاء الساكنين ( في مكانه) الذي صلّى فيه الفريضة.


( ولم يصح) .
ولابن عساكر: ولا يصح هذا التعليق لضعف إسناده واضطرابه، تفرد به ليث بن أبي سليم، وهو ضعيف واختلف عليه فيه.

وفي الباب عن المغيرة بن شعبة مرفوعًا أيضًا مما رواه أبو داود بإسناد منقطع بلفظ: لا يصلّى الإمام في الموضع الذي صلّى فيه حتى يتحوّل عن مكانه.

ولابن أبي شيبة بإسناد حسن عن علي، قال: من السُّنّة أن لا يتطوّع الإمام حتى يتحوّل عن مكانه.

وكأن المعنى في كراهة ذلك خشية التباس النافلة بالفريضة على الداخل.