فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب مكث الإمام في مصلاه بعد السلام


[ قــ :825 ... غــ : 849 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ هِنْدٍ بِنْتِ الْحَارِثِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا سَلَّمَ يَمْكُثُ فِي مَكَانِهِ يَسِيرًا.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَنُرَى -وَاللَّهُ أَعْلَمُ- لِكَىْ يَنْفُذَ مَنْ يَنْصَرِفُ مِنَ النِّسَاءِ".

وبه قال: ( حدّثنا أبو الوليد) أي هشام بن عبد الملك كما في رواية أبوي الوقت وذر ( قال: حدّثنا إبراهيم بن سعد) بسكون العين ( قال: حدّثنا) ابن شهاب ( الزهري عن هند بنت الحرث) بالمثلثة، التابعية، بالصرف وعدمه في هند لكون علم أنثى على ثلاثة أحرف، ساكن في الوسط ليس أعجميًّا، ولا منقولاً من مذكر لمؤنث، لكن المنع أولى، ( عن أم سلمة) رضي الله عنها، ( أن النبي كان إذا سلم) من الصلاة ( يمكث في مكانه) الذي صلّى فيه ( يسيرًا) .

( قال ابن شهاب) الزهري بالإسناد المذكور: ( فنرى) بضم النون أي فنظن ( والله أعلم) أن مكثه عليه الصلاة والسلام في مكانه كان ( لكي ينفذ) بفتح أوّله وضم ثالثه والذال معجمة، أي: يخرج ( من ينصرف من النساء) قبل أن يدركهن من ينصرف من الرجال، ومقتضى هذا أن المأمومين إذا كانوا رجالاً فقط أنه لا يستحب هذا المكث.




[ قــ :85 ... غــ : 850 ]
- وَقَالَ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ كَتَبَ إِلَيْهِ قَالَ: حَدَّثَتْنِي هِنْدُ بِنْتُ الْحَارِثِ الْفِرَاسِيَّةُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-وَكَانَتْ مِنْ صَوَاحِبَاتِهَا- قَالَتْ: "كَانَ يُسَلِّمُ فَيَنْصَرِفُ النِّسَاءُ فَيَدْخُلْنَ بُيُوتَهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَنْصَرِفَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".
.

     وَقَالَ  ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَتْنِي هِنْدُ الْفِرَاسِيَّةُ.
.

     وَقَالَ  عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَتْنِي هِنْدُ الْفِرَاسِيَّةُ.
.

     وَقَالَ  الزُّبَيْدِيُّ أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ أَنَّ هِنْدَ بِنْتَ الْحَارِثِ الْقُرَشِيَّةَ أَخْبَرَتْهُ -وَكَانَتْ تَحْتَ مَعْبَدِ بْنِ الْمِقْدَادِ وَهْوَ حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ- وَكَانَتْ تَدْخُلُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
.

     وَقَالَ  شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَتْنِي هِنْدُ الْقُرَشِيَّةُ.
.

     وَقَالَ  ابْنُ أَبِي عَتِيقٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ هِنْدٍ الْفِرَاسِيَّةِ.
.

     وَقَالَ  اللَّيْثُ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ حَدَّثَتْهُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".


( وقال ابن أبي مريم) مما وصله في الزهريات: ( أخبرنا نافع بن يزيد، قال: أخبرني) بالإفراد ولأبوي ذر والوقت والأصيلي: حدّثني ( جعفر بن ربيعة، أن ابن شهاب) الزهري ( كتب إليه، قال: حدّثتني هند بنت) ولأبوي ذر والوقت ابنة ( الحرث الفراسية) بكسر الفاء وتخفيف الراء وكسر السين المهملة وتشديد المثناة التحتية، نسبة إلى بني فراس، بطن من كنانة ( عن أم سلمة زوج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وكانت من صواحباتها) هو من جمع الجمع المكسر جمع سلامة وهو مسموع في هذه اللفظة ( قالت: كان) النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( يسلم، فينصرف النساء فيدخلن بيوتهن من قبل أن ينصرف رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) .
أفادت هذه الرواية الإشارة إلى أقل مقدار كان يمكثه عليه الصلاة والسلام.

( وقال ابن وهب) عبد الله، مما وصله النسائي عن محمد بن سلمة عنه ( عن يونس) بن يزيد ( عن ابن شهاب) الزهري: ( أخبرتني هند الفراسية) وفي رواية: القرشية، بالقاف والشين المعجمة من غير ألف.

( وقال عثمان بن عمر) مما سيأتي موصولاً، إن شاء الله تعالى بعد أربعة أبواب.
( أخبرنا يونس) بن يزيد ( عن) ابن شهاب ( الزهري، حدّثتني هند الفراسية) ولأبوي ذر والوقت، والأصيلي، وابن عساكر: القرشية، بالقاف والشين المعجمة.

( وقال) محمد بن الوليد ( الزبيدي) بضم الزاي وفتح الموحدة، مما وصله الطبراني في مسند الشاميين، من طريق عبد الله بن سالم، عنه: ( أخبرني) بالإفراد: ابن شهاب ( الزهري أن هند بنت الحرث) ولأبوي ذر والوقت والأصيلي: أن هندًا ( القرشية) بالقاف والشين المعجمة من غير ألف، نسبة لقريش، ومراد المؤلّف بذلك التنبيه على أنه اختلف في نسبة هند، ولا مغايرة بين النسبتين، لأن كنانة جماع قرشي ( أخبرته وكانت تحت معبد ابن المقداد) بفتح الميم وسكون العين وفتح الموحدة في الأوّل، وكسر الميم في الثاني، ابن الأسود الكندي المدني الصحابي ( وهو) أي معبد ( حليف بني زهرة) بحاء مهملة مفتوحة ( وكانت) هند ( تدخل على أزواج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ورضي عنهن.

( وقال شعيب) هو ابن حمزة، مما وصله في الزهريات ( عن الزهري) أنه قال: ( حدّثتني هند القرشية) بالقاف والشين المعجمة.

( وقال ابن أبي عتيق) بفتح العين، هو محمد بن عبد الله بن أبي عتيق، مما وصله في الزهريات أيضًا ( عن الزهري، عن هند الفراسية) بالفاء والسين المهملة.

( وقال الليث) بن سعد ( حدّثني) بالإفراد ( يحيى بن سعيد) بكسر العين، الأنصاري، أنه ( حدّثه عن ابن شهاب) ولأبوي ذر والوقت، والأصيلي، وابن عساكر: حدّثه ابن شهاب، ( عن امرأة) ، وللكشميهني: أن امرأة ( من قريش) هي هند بنت الحرث المذكورة ( حدّثته عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وهذا غير موصول لأن هندًا تابعية.


وفي قوله: امرأة من قريش، الرد على من زعم أن قوله: القرشية بالقاف والشين المعجمة، تصحيف من الفراسية بالفاء والسين المهملة.

قال في الفتح: واستنبط من مجموع الأدلة أن للإمام أحوالاً، لأن الصلاة إما أن تكون مما يتنفل بعدها أو لا.
فإن كان الأوّل، فاختلف: هل يتشاغل قبل التنفل بالذكر المأثور ثم يتنفل؟ وبذلك أخذ الأكثرون لحديث معاوية.
وعند الحنفية: يكره له المكث قاعدًا يشتغل بالدعاء، والصلاة على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، والتسبيح قبل أن يصلّي السُّنّة.
لأن القيام إلى السُّنّة بعد أداء الفريضة أفضل من الدعاء والتسبيح والصلاة، ولأن الصلاة مشتقة من المواصلة، وبكثرة الصلاة يصل العبد إلى مقصوده هـ.
من المحيط.

وأما الصلاة التي لا يتنفل بعدها: كالعصر، فيتشاغل الإمام ومن معه بالذكر المأثور، ولا يتعين له مكان، بل إن شاؤوا انصرفوا وذكروا، وإن شاؤوا مكثوا وذكروا.

وعلى الثاني: إن كان للإمام عادة أن يعلمهم أو يعظهم فيستحب أن يقبل عليهم جميعًا، وإن كان لا يزيد على الذكر المأثور، فهل يقبل عليهم جميعًا أو ينتقل فيجعل يمينه من قبل المأمومين ويساره من قبل القبلة ويدعو؟ جزم بالثاني أكثر الشافعية.

ويحتمل أنه إن قصر زمن ذلك يستمر مستقبلاً للقبلة من أجل أنها أليق بالدعاء.
ويحمل الأوّل على ما لو أطال الذكر والدعاء.
اهـ.
والله الموفق.