فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب السواك يوم الجمعة

باب السِّوَاكِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ
وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: يَسْتَنُّ.

( باب) استعمال ( السواك يوم الجمعة) السواك مذكر على الصحيح، وفي المحكم: تأنيثه، وأنكره اللأزهري.

( وقال أبو سعيد) الخدري، رضي الله عنه، في حديثه المذكور في باب الطيب للجمعة ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: يستن) من الاستنان، أي: يدلك أسنانه بالسواك.


[ قــ :861 ... غــ : 887 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي -أَوْ عَلَى النَّاسِ- لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلاَةٍ».
[الحديث 887 - طرفه في: 7240] .

وبالسند إلى البخاري قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي ( قال: أخبرنا مالك) هو ابن أنس ( عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان ( عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز ( عن أبي هريرة، رضي إلته عنه، أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( لولا) مخافة ( أن أشق على أمتي -أو على الناس-) شك من الراوي، ولأبي ذر "أو لولا أن أشق على الناس".
بإعادة: لولا أن أشق.

وقد أخرجه الدارقطني في الموطآت من طريق الموطأ لعبد الله بن يوسف، شيخ البخاري، فيه بهذا الإسناد، فلم يعد: لولا أن أشق ... ، وكذا رواه كثير من رواة الموطأ، ورواه أكثرهم بلفظ: المؤمنين، بدل: أمتي.

وأن في قوله: لولا أن أشق، مصدرية في محل رفع على الابتداء، والخبر محذوف وجوبًا.

أي: لولا المشقّة موجودة ( لأمرتهم) أمر إيجاب ( بـ) استعمال ( السواك مع كل صلاة) فرضًا أو نفلاً.

فهو عام يندرج في الجمعة، بل هي أول لما اختصت به من طلب تحسين الظاهر من الغسل والتنظيف والتطيب، خصوصًا تطييب الفم الذي هو محل الذكر والمناجاة، وإزالة ما يضرّ بالملائكة وبني آدم من تغير الفم.

وفي حديث علي عند البزار، "أن الملك لا يزال يدنو من المصلي يستمع القرآن حتى يضع فاه على فيه ... " الحديث.


ولأحمد وابن حبان: "السواك مطهرة للفم مرضاة للرب"، وله وابن خزيمة: "فضل الصلاة التي يستاك لها، على الصلاة التي لا يستاك لها سبعون ضعفًا".

فإن قلت: قوله: "لولا أن أشق على أمتي".
في ظاهره إشكال، لأن: لولا، كلمة لربط امتناع الثاني لوجود الأولى، نحو: لولا زيد لأكرمتك، أي: لولا زيد موجود.
وهاهنا العكس، فإن الممتنع المشقّة، والموجود الأمر، إذ قد ثبت أمره بالسواك، كحديث ابن ماجة عن أبي أمامة مرفوعًا: ( تسوّكوا) ، ونحوه لأحمد عن العباس، وحديث الموطأ: "عليكم بالسواك ... ".

أجيب بأن التقدير: لولا مخافة أن أشق لأمرتكم ... أمر إيجاب، كما مر تقديره، ففيه نفي الفرضية.

وفي غير من الأحاديث إثبات الندبية، كحديث مسلم، عن عائشة رضي تعالى عنها: عشر من الفطرة ... فذكر منها: السواك.

وقال إمامنا الشافعي، رحمه الله، في حديث الباب: فيه دليل على أن السواك ليس بواجب لأنه لو كان واجبًا لأمرهم به، شق أو لم يشق.
اهـ.

وقال الشيخ أبو إسحاق، في اللمع: فيه دليل على أن الاستدعاء على جهة الندب ليس بأمر حقيقة، لأن السواك عند كل صلاة مندوب، وقد أخبر الشارع أنه لم يأمر به.
اهـ.

والمرجح في الأصول أن المندوب مأمور به.




[ قــ :86 ... غــ : 888 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ الْحَبْحَابِ حَدَّثَنَا أَنَسٌ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَكْثَرْتُ عَلَيْكُمْ فِي السِّوَاكِ».

وبه قال: ( حدّثنا أبو معمر) بميمين مفتوحتين بينهما عين مهملة ساكنة، عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج، واسمه ميسرة التميمي البصري ( قال: حدّثنا عبد الوارث) بن سعيد ( قال: حدّثنا شعيب بن الحبحاب) بفتح الحاءين المهملتين بينهما موحدة ساكنة وبعد الألف أخرى، البصري، وسقط لفظ: ابن الحبحاب في رواية ابن عساكر ( قال: حدّثنا أنس) هو ابن مالك رضي الله عنه ( قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( أكثرت عليكم في) استعمال ( السواك) أي: بالغت في تكرير طلبه منكم، أو في إيراد الترغيب فيه.

ومطابقة الترجمة من جهة أن الإكثار في السواك، والحثّ عليه يتناول الفعل عند كل الصلوات، والجمعة أولاها، لأنه يوم ازدحام، فشرع فيه تنظيف الفم تطيبًا للنكهة الذي هو أقوى من الغسل على ما لا يخفى.





[ قــ :863 ... غــ : 889 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ وَحُصَيْنٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَشُوصُ فَاهُ".

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن كثير) بالمثلثة ( قال: أخبرنا سفيان) الثوري ( عن منصور) هو ابن المعمر ( وحصين) بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين، ابن عبد الرحمن، كلاهما ( عن أبي وائل) بالهمزة، شقيق بن سلمة الكوفي ( عن حذيفة) بن اليمان رضي الله عنه ( قال: كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا قام من الليل) للتهجد ( يشوص فاه) بفتح أوّله وضم الشين المعجمة آخره صاد مهملة، أي: يدلك أسنانه، أو يغسلها.

وإذا كان السواك شرع ليلاً لتجمّل الباطن، فللجمعة أحرى وأولى، لشروعية التجمّل ظاهرًا وباطنًا.

ورواة الحديث كوفيون إلا شيخ المؤلّف فبصري، وفيه التحديث والإخبار والعنعنة، ورواية واحد عن اثنين، وسبقت مباحثه في باب السواك من كتاب الوضوء.