فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب الخطبة قائما

باب الْخُطْبَةِ قَائِمًا
وَقَالَ أَنَسٌ: بَيْنَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ قَائِمًا.

( باب الخطبة) يكون الخطيب فيها ( قائمًا) .

( وقال أنس) هو: ابن مالك، مما وصله المؤلّف مطوّلاً في الاستسقاء: ( بينا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يخطب)
حال كونه ( قائمًا) .
استفيد منه القيام للخطبة المترجم له، وبينا، بغير ميم، ظرف زمان مضاف إلى الجملة من مبتدأ وخبر، وجوابها في حديث الاستسقاء المذكور.


[ قــ :893 ... غــ : 920 ]
- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ قَائِمًا، ثُمَّ يَقْعُدُ، ثُمَّ يَقُومُ، كَمَا تَفْعَلُونَ الآنَ".
[الحديث 920 - طرفه في: 928] .

ْوبالسند قال: ( حدّثنا عبيد الله بن عمر) بضم العين فيهما، ابن ميسرة ( القواريري) نسبة لعملها أو بيعها، البصري ( قال: حدّثنا خالد بن الحارث) بن سليم الهجيمي البصري، ( قال: حدّثنا عبيد الله بن عمر) بضم العين فيهما، وسقط لغير أبوي ذر والوقت والأصيلي: ابن عمر، ( عن نافع، عن ابن عمر) بن الخطاب ( رضي الله عنهما، قال: كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يخطب) زاد أحمد والبزار في روايتيهما: يوم الجمعة، حال كونه ( قائمًا) .

استدلّ به علماء الأمصار على مشروعية القيام في الخطبة، وهو من شروطها التسعة عند الشافعية، لقوله تعالى: { وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} [الجمعة: 11] .

ولهذا الحديث، وحديث مسلم: أن كعب بن عجرة دخل المسجد، وعبد الرحمن بن أبي الحكم يخطب قاعدًا، فأنكر عليه، وتلا الآية، ولمواظبته عليه الصلاة والسلام على القيام.

نعم، تصح خطبة العاجز عنه قاعدًا، ثم مضطجعًا، كالصلاة.
ولفعل معاوية المحمول على العذر، بل صرح به في رواية ابن أبي شيبة، ولفظه: إنما خطب قاعدًا لما كثر شحم بطنه، ويجوز الاقتداء بمن خطب من غير قيام، سواء قال: لا أستطيع، أم سكت، لأن الظاهر أنه إنما قعد، أو اضطجع لعجزه، فإن ظهر أنه كان قادرًا، فكإمام ظهر أنه كان جنبًا.


وقال شيخ المالكية، خليل، رحمه الله: وفي وجوب قيامه لهما تردّد.
وقال القاضي عبد الوهاب منهم: إذا خطب جالسًا أساء ولا شيء عليه.
وقال القاضي عياض: المذهب وجوبه من غير اشتراط.
وظاهر عبارة المازري أنه شرط، قال: ويشترط القيام لها.
اهـ.

وهذا مذهب الجمهور، خلافًا للحنفية حيث لم يشترطوه لها، محتجين بحديث سهل: "مري غلامك النجار يعمل لي أعوادًا أجلس عليهن".

وأجابوا عن آية { وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} [الجمعة: 11] بأنه إخبار عن حالته التي كان عليها عند انفضاضهم، وبأن حديث الباب لا دلالة فيه على الاشتراط، وأن إنكار كعب على عبد الوحمن إنما هو لتركه السُّنّة.
ولو كان شرطًا لا وصلوا معه مع تركه له.

وأجيب: بأنه إنما صلّى خلفه مع تركه القيام الذي هو شرط خوف الفتنة، أو أن الذي قعد، إن لم يكن معذورًا فقد يكون قعوده نشأ عن اجتهاد منه، كما قالوا في إتمام عثمان الصلاة في السفر، وقد أنكر ذلك ابن مسعود، ثم إنه صلّى خلفه، فأتم معه واعتذر بأن الخلاف شر.

( ثم) كان عليه الصلاة والسلام ( يقعد) بعد الخطبة الأولى، ( ثم يقوم) للخطبة الثانية، ( كما تفعلون الآن) من القيام، وكذا القعود المترجم له بعد بابين، الآتي ذكر حكمه إن شاء الله تعالى ثم.

ورواة هذا الحديث ما بين بصري ومدني، وفيه التحديث والعنعنة والقول، وأخرجه مسلم والترمذي في الصلاة.