فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب الإنصات يوم الجمعة والإمام يخطب،

باب الإِنْصَاتِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ
وَإِذَا قَالَ لِصَاحِبِهِ أَنْصِتْ فَقَدْ لَغَا.
.

     وَقَالَ  سَلْمَانُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الإِمَامُ.

( باب الإنصات يوم الجمعة والإمام يخطب) .

( وإذا قال) الرجل ( لصاحبه) إذا سمعه يتكلم ( أنصت) أمر من أنصت ينصت إنصاتًا، أي: اسكت ( فقد لغا) .

قال: اللغو، وهو الكلام الذي لا أصل له، من الأباطيل أو غير ذلك، مما سيأتي إن شاء الله تعالى.
وقوله: إذا قال ... إلخ، من بقية الترجمة، وهو لفظ حديث الباب في بعض طرقه عند النسائي.

( وقال سلمان) مما وصله مطوّلاً في باب الدهن للجمعة، فيما سبق ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ينصت)
بضم أوّله على الأفصح، مضارع: أنصت، للأصيلي: وينصت، بالواو، أي: يسكت ( إذا تكلم الامام) .


[ قــ :906 ... غــ : 934 ]
- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ: أَنْصِتْ -وَالإِمَامُ يَخْطُبُ- فَقَدْ لَغَوْتَ».


وبالسند قال: ( حدّثنا يحيى بن بكير) بضم الموحدة ( قال: حدّثنا الليث) بن سعد ( عن عقيل) بضم العين، هو ابن خالد الأيلي ( عن ابن شهاب) الزهري ( قال: أخبرني) بالإفراد ( سعيد بن المسيب، أن أبا هريرة) رضي الله عنه ( أخبره أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( إذا قلت لصاحبك) الذي تخاطبه إذا ذاك، أو جليسك ( يوم الجمعة أنصت -والإمام يخطب-) جملة حالية مُشعِرة بأن ابتداء الإنصات من الشروع في الخطبة: خلافًا لمن قال بخروج الإمام، كما مر.
نعم، الأحسن الإنصات كما مر.
( فقد لغوت) .
أي تركت الأدب جميعًا بين الأدلة، أو صارت جمعتك ظهرًا لحديث عبد الله بن عمرو، مرفوعًا، "ومن تخطى رقاب الناس كانت له ظهرا"، رواه أبو داود، وابن خزيمة.

ولأحمد من حديث علّي مرفوعًا: "ومن قال: صه! فقد تكلم، ومن تكلم فلا جمعة له".
والنفي للكمال، وإلا فالإجماع على سقوط فرض الوقت عنه، وزاد أحمد من رواية الأعرج، عن أبي هريرة، في آخر حديث الباب بعد قوله: "فقد لغوت" "عليك بنفسك".
واستدلّ به على منع جميع أنواع الكلام حال الخطبة، وبه قال الجمهور.

نعم، لغير السامع عند الشافعية أن يشتغل بالتلاوة والذكر، وكلام المجموع يقتضي أن الاشتغال بهما أولى، وهو ظاهر خلافًا لمن منع، كما مر، ولو عرض مهم ناجز: كتعليم خير، ونهي عن منكر، وتحذير إنسان عقربًا، أو أعمى بئرًا، لم يمنع من الكلام، بل قد يجب عليه.
لكن يستحب أن يقتصر على الإشارة إن أغنت.

نعم، منع المالكية نهي اللاغي بالكلام، أو رميه بالحصى: أو الإشارة إليه بما يفهم النهي حسمًا للمادة، وقد استثني من الإنصات ما إذا انتهى الخطيب إلى كل ما لم يشرع في الخطبة، كالدعاء للسلطان مثلاً.

وبقية مباحث ذلك سبقت قريبًا في باب: الاستماع إلى الخطبة.