فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب ما جاء في الوتر

باب مَا جَاءَ فِي الْوِتْرِ
( بسم الله الرحمن الرحيم) .

( باب ما جاء في الوتر) بكسر الواو، وقد تفتح، ولأبي ذر، عن المستملي: أبواب الوتر، بسم الله الرحمن الرحيم، لكن في فتح الباري تقديم البسملة على قوله: أبواب للمستملي، ولأبي الوقت، مما في الفرع، وأصله بسم الله الرحمن الرحيم، كتاب الوتر.
وسقطت البسملة عند كريمة وابن شبويه والأصيلي، كما نبه عليه في الفتح.

واختلف في الوتر، فقال أبو حنيفة بوجوبه لقوله عليه الصلاة والسلام، المروي عنه: "إن الله زادكم صلاة، ألا، وهي: الوتر".
والزائد لا يكون إلا من جنس المزيد عليه، فيكون فرضًا.

لكن لم يكفر جاحده لأنه ثبت بخبر الواحد، ولحديث أبي داود، بإسناد صحيح: "الوتر حق على كل مسلم".

والصارف له عن الوجوب عند الشافعية قوله تعالى: { والصلاة الوسطى} ولو وجب لم يكن للصلوات وسطى، وقوله عليه الصلاة والسلام لمعاذ، لما بعثه إلى اليمن: "فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة".
وليس قوله: حق، بمعنى: واجب في عرف الشرع.


[ قــ :960 ... غــ : 990 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ "أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ صَلاَةِ اللَّيْلِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: صَلاَةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمُ الصُّبْحَ صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى".

وبالسند قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي ( قال: أخبرنا) ولأبي ذر في نسخة: حدّثنا

( مالك) الإمام ( عن نافع) مولى ابن عمر ( وعبد الله بن دينار) كلاهما ( عن ابن عمر) بن الخطاب رضي الله عنهما، ( أن رجلاً سأل) قيل: هو ابن عمر كما هو في المعجم الصغير.

وعورض برواية عبد الله بن شقيق، عن ابن عمر، عند مسلم: أن رجلاً سأل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وأنا بينه وبين السائل.

وقيل: هو من أهل البادية، ولا تنافي لاحتمال تعدد من سأل ( رسول الله) ولأبي ذر، والأصيلي: سأل النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن) عدد ( صلاة الليل) أو: عن الفصل والوصل ( فقال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:) .

( صلاة الليل مثنى مثنى) غير مصروف للعدل، والوصف والتكرير للتأكيد لأنه في معنى: اثنين، اثنين: أربع مرات.
والمعنى: يسلم من كل ركعتين، كما فسره به ابن عمر في حديثه عند مسلم.

واستدلّ بمفهومه للحنفية على أن الأفضل في صلاة النهار أن تكون أربعًا.

وعورض بأنه مفهوم لقب، وليس حجة على الراجح، ولئن سلمناه لا نسلم الحصر في الأربع.

على أنه قد تبين من رواية أخرى أن حكم المسكوت عنه حكم المنطوق به، ففي السنن وصححه ابن خزيمة، وغيره من طريق علي الأزدي، عن ابن عمر، مرفوعًا: "صلاة الليل والنهار مثنى مثنى".
لكن أكثر أئمة الحديث أعلوا هذه الزيادة، وهي قوله: والنهار، بأن الحفاظ من أصحاب ابن عمر لم يذكروها عنه، وحكم النسائي على راويها بأنه: أخطأ فيها.

( فإذا خشي أحدكم الصبح) أي: فوات صلاة الصبح ( صلّى ركعة واحدة توتر له) تلك الركعة الواحدة ( ما قد صلّى) .

فيه أن أقل الوتر ركعة، وأنها تكون مفصولة بالتسليم مما قبلها، وبه قال الأئمة الثلاثة خلافًا للحنفية حيث قالوا: يوتر بثلاث كالمغرب، لحديث عائشة: أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يوتر بها.
كذلك رواه الحاكم وصححه.

نعم، قال الشافعية: لو أوتر بثلاث موصولة فأكثر وتشهد في الأخيرتين، أو في الأخيرة جاز للاتباع، رواه مسلم: لا أن تشهد في غيرهما فقط، أو معهما، أو مع أحدهما، لأنه خلاف المنقول بخلاف النفل المطلق، لأنه لا حصر لركعاته وتشهداته.
لكن الفصل، ولو بواحدة، أفضل من الوصل، لأنه أكثر أخبارًا وعملاً، ثم الوصل بتشهد أفضل منه بتشهدين، فرقًا بينه وبين المغرب.

وروى الدارقطني بإسناد رواته ثقات حديث: "لا توتروا بثلاث، ولا تشبهوا الوتر بصلاة المغرب".
وثلاثة موصولة أفضل من ركعة لزيادة العبادة، بل قال القاضي أبو الطيب: إن الإيتار بركعة مكروه.
اهـ.


واستدلّ به المالكية على تعيين الشفع قبل الوتر، لأن المقصود من الوتر أن تكون الصلاة كلها وترًا لقوله عليه الصلاة والسلام صلّى ركعة توتر له ما قد صلّى.

وأجيب: بأن سبق الشفع شرط في الكمال لا في الصحة، لحديث أبي داود والنسائي، وصححه ابن حبان، عن أبي أيوب مرفوعًا: الوتر حق، فمن شاء أوتر بخمس، ومن شاء بثلاث، ومن شاء بواحدة.




[ قــ :960 ... غــ : 991 ]
- حدثنا وَعَنْ نَافِعٍ "أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُسَلِّمُ بَيْنَ الرَّكْعَةِ وَالرَّكْعَتَيْنِ فِي الْوِتْرِ حَتَّى يَأْمُرَ بِبَعْضِ حَاجَتِهِ".

( وعن نافع) بالإسناد السابق، كما قاله الحافظ ابن حجر، وقال العيني: إنما هو معلق، ولو كان مسندًا لم يفرقه، ( أن عبد الله بن عمر) بن الخطاب، رضي الله عنهما ( كان يسلم بين الركعة والركعتين في الوتر حتى يأمر ببعض حاجته) ظاهره أنه كان يصلّي الوتر موصولاً، فإن عرضت له حاجة فصل ثم بنى على ما مضى.

وعند سعيد بن منصور بإسناد صحيح، عن بكر بن عبد الله المزني، قال: صلّى ابن عمر ركعتين، ثم قال: يا غلام ارحل لنا، ثم قام فأوتر بركعة.

وهذا الحديث الأول أخرجه أبو داود، والنسائي.




[ قــ :961 ... غــ : 99 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ كُرَيْبٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ بَاتَ عِنْدَ مَيْمُونَةَ -وَهْيَ خَالَتُهُ- فَاضْطَجَعْتُ فِي عَرْضِ وِسَادَةٍ -وَاضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَهْلُهُ فِي طُولِهَا، فَنَامَ حَتَّى انْتَصَفَ اللَّيْلُ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ، فَاسْتَيْقَظَ يَمْسَحُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ ثُمَّ قَرَأَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ آلِ عِمْرَانَ، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ فَتَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي، فَصَنَعْتُ مِثْلَهُ فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى رَأْسِي وَأَخَذَ بِأُذُنِي يَفْتِلُهَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَوْتَرَ.
ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى جَاءَهُ الْمُؤَذِّنُ فَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الصُّبْحَ".

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن مسلمة) القعنبي ( عن مالك) الإمام، ولأبي ذر، والأصيلي: عن مالك بن أنس ( عن مخرمة بن سليمان) بإسكان الخاء المعجمة وفتح غيرها، الأسدي الوالبي ( عن كريب) بضم الكاف وفتح الراء، ابن أبي مسلم الهاشمي، مولاهم المدني، أبي رشدين، مولى ابن عباس ( أن ابن عباس) رضي الله عنهما، ( أخبره أنه بات عند) أم المؤمنين ( ميمونة -وهي خالته) أخت أمه لبابة.

وزاد شريك بن أبي نمر، عن كريب، عند مسلم، قال: فرقبت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كيف يصلّي.


وزاد أبو عوانة في صحيحه من هذا الوجه: بالليل، ( فاضطجعت في عرض وسادة) بفتح العين، وقد تضم، وفي رواية محمد بن الوليد عند محمد بن نصر في كتاب: قيام الليل: وسادة من أدم حشوها ليف، ( واضطجع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأهله في طولها) .

قال ابن عبد البر: كان، والله أعلم، ابن عباس مضطجعًا عند رجل رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أو عند
رأسه.

( فنام) عليه الصلاة والسلام ( حتى انتصف الليل أو) صار ( قريبًا منه) أي: من الانتصاف ( فاستيقظ) عليه الصلاة والسلام ( يمسح النوم عن وجهه) أي: يمسح أثر النوم عن وجهه ( ثم قرأ عشر آيات من) سورة ( آل عمران) أي من: { إن في خلق السماوات والأرض} [آل عمران: 190] إلى آخرها.

واستشكل قوله: حتى انتصف الليل أو قريبًا منه، بجزم شريك في روايته عند مسلم، كالبخاري في تفسير سورة آل عمران: بثلث الليل الأخير.

وأجيب: بأن استيقاظه عليه الصلاة والسلام وقع مرتين، ففي الأولى تلا الآيات، ثم عاد لمضجعه فنام، وفي الثانية أعاد ذلك.

( ثم قام رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى شن معلقة) أنث على تأويله بالقربة، وزاد محمد بن الوليد: ثم استفرغ من الشن في إناء ( فتوضأ) منها للتجديد لا للنوم لأنه تنام عينه ولا ينام قلبه ( فأحسن الوضوء) أتمه بأن أتى بمندوباته، ولا ينافي التخفيف، ( ثم قام يصلّي) .

قال ابن عباس: ( فصنعت مثله) في الوضوء ومسح النوم عن وجهه، وقراءة الآيات، وغير ذلك، أو هو محمول على الأغلب، ( فقمت) ، بالفاء قبل القاف، ولأبوي ذر والوقت، والأصيلي: وقمت ( إلى جنبه، فوضع يده اليمنى على رأسي، وأخذ بأذني يفتلها) بكسر المثناة الفوقية، أي: يدلكها لينتبه، أو لإِظهار محبته ( ثم صلّى ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين) ست مرات باثنتي عشرة ركعة ( ثم أوتر) بركعة.

يقتضي أنه صلى ثلاث عشرة ركعة، وظاهره أنه فصل بين كل ركعتين.
وصرح بذلك في رواية طلحة بن نافع، حيث قال فيها: يسلم بين كل ركعتين.

( ثم اضطجع حتى جاءه المؤذن، فقام، فصلّى ركعتين) سنة الفجر ( ثم خرج) من الحجرة، إلى المسجد ( فصلّى الصبح) بالجماعة.




[ قــ :96 ... غــ : 993 ]
- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرٌو أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «صَلاَةُ اللَّيْلِ مَثْنَى

مَثْنَى، فَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَنْصَرِفَ فَارْكَعْ رَكْعَةً تُوتِرُ لَكَ مَا صَلَّيْتَ».
قَالَ الْقَاسِمُ: وَرَأَيْنَا أُنَاسًا مُنْذُ أَدْرَكْنَا يُوتِرُونَ بِثَلاَثٍ، وَإِنَّ كُلاًّ لَوَاسِعٌ، أَرْجُو أَنْ لاَ يَكُونَ بِشَىْءٍ مِنْهُ بَأْسٌ.

وبه قال: ( حدّثنا يحيى بن سليمان) الجعفي الكوفي، نزيل مصر ( قال: حدّثني) بالإفراد ( ابن وهب) المصري، ولأبي ذر: عبد الله بن وهب ( قال: أخبرني) بالإفراد ( عمرو أن عبد الرحمن) بإسكان الميم بعد العين المفتوحة، ولأبوي ذر، والوقت والأصيلي، عن المستملي: عمرو بن الحرث: أن عبد الرحمن ( بن القاسم حدثه، عن أبيه) القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، رضي الله عنهم، ( عن عبد الله عمر) بن الخطاب، رضي الله عنهما.
( قال: قال النبي) ولأبي ذر، في نسخة، قال رسول الله: ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا أردت أن تنصرف، فاركع ركعة) وحدة ( توتر لك ما صليت) .

وفيه ردّ على من ادعى من الحنفية أن الوتر بواحدة مختص بمن خشي طلوع الفجر، لأنه علقه بإرادة الانصراف، وهو أعم من أن يكون لخشية طلوع الفجر، وغيره.

( قال القاسم) بن محمد بن أبي بكر بالإسناد السابق، كما في مستخرج أبي نعيم، أو هو معلق.

لكن، قال الحافظ ابن حجر: جعله معلقًا وهم، وتعقبه صاحب عمدة القارئ بأن فصله عما قبله يصيره ابتداء كلام، فالصواب أنه معلق.

( ورأينا أناسًا منذ أدركنا) بلغنا الحلم، أو عقلنا ( يوترون بثلاث، وإن كلاًّ) من الوتر بركعة واحدة وثلاث ( لواسع، أرجو) ولأبي ذر: وأرجو ( أن لا يكون بشيء منه بأس) فلا حرج في فعل أيهما شاء.




[ قــ :963 ... غــ : 994 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يُصَلِّي إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً كَانَتْ تِلْكَ صَلاَتَهُ -تَعْنِي بِاللَّيْلِ- فَيَسْجُدُ السَّجْدَةَ مِنْ ذَلِكَ قَدْرَ مَا يَقْرَأُ أَحَدُكُمْ خَمْسِينَ آيَةً قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ، وَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلاَةِ الْفَجْرِ، ثُمَّ يَضْطَجِعُ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمُؤَذِّنُ لِلصَّلاَةِ".

وبه قال: ( حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع ( قال: أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة ( عن) ابن شهاب محمد بن مسلم ( الزهري، عن عروة) بن الزبير، ولأبوي ذر، والوقت، والأصيلي، وابن عساكر، قال: حدثني بالإفراد، عروة ( أن عائشة) رضي الله عنها ( أخبرته أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، كان يصلّي إحدى عشرة ركعة) هي أكثر الوتر عند الشافعي لهذا الحديث، ولقولها ما كان، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يزيد في رمضان، ولا غيره، على إحدى عشرة ركعة ولا يصح زيادة عليها، فلو زاد عليها لم يجز، ولم يصح وتره بأن أحرم بالجميع دفعة واحدة فإن سلم من كل ثنتين صح إلا الإحرام السادس فلا يصح وترًا، فإن علم المنع وتعمده فالقياس البطلان، وإلا وقع نفلاً كإحرامه بالظهر قبل الزوال غالطًا.


ولا تنافي بين حديث عائشة هذا وحديث ابن عباس السابق، ثلاثة عشر، فقد قيل: أكثره ثلاثة عشر، لكن تأوله الأكثرون بأن من ذلك ركعتين، سنة العشاء.

قال النووي: وهذا تأويل ضعيف منابذ للأخبار.

قال السبكي: وأنا أقطع بحل الإيتار بذلك وصحته، لكني أحب الاقتصار على إحدى عشرة فأقل، لأنه غالبِ أحواله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

( كانت تلك صلاته تعني) عائشة ( بالليل فيسجد السجدة من ذلك قدر ما يقرأ أحدكم خمسين آية قبل أن يرفع رأسه، ويركع ركعتين قبل صلاة الفجر) سنته ( ثم يضطجع على شقه الأيمن) لأنه كان يحب التيمن.

لا يقال: حكمته أن لا يستغرق في النوم لأن القلب في اليسار، ففي النوم عليه راحة له فيستغرق فيه، لأنا نقول: صح أنه عليه الصلاة والسلام كان: تنام عينه ولا ينام قلبه.
نعم، يجوز أن يكون فعله لإرشاد أمته وتعليمهم.

( حتى يأتيه المؤذن للصلاة) ولابن عساكر: بالصلاة بالموحدة بدل اللام.