فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب الدعاء إذا كثر المطر حوالينا ولا علينا

باب الدُّعَاءِ إِذَا كَثُرَ الْمَطَرُ "حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا"
( باب الدعاء إذا كثر المطر "حوالينا ولا علينا") بإضافة باب لتاليه.


[ قــ :989 ... غــ : 1021 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ يَوْمَ جُمُعَةٍ، فَقَامَ النَّاسُ فَصَاحُوا فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَحَطَ الْمَطَرُ، وَاحْمَرَّتِ الشَّجَرُ، وَهَلَكَتِ الْبَهَائِمُ، فَادْعُ اللَّهَ يَسْقِينَا.
فَقَالَ: اللَّهُمَّ اسْقِنَا ( مَرَّتَيْنِ) .
وَايْمُ اللَّهِ مَا نَرَى فِي السَّمَاءِ قَزَعَةً مِنْ سَحَابٍ، فَنَشَأَتْ سَحَابَةٌ وَأَمْطَرَتْ، وَنَزَلَ عَنِ الْمِنْبَرِ فَصَلَّى.
فَلَمَّا انْصَرَفَ لَمْ تَزَلْ تُمْطِرُ إِلَى الْجُمُعَةِ الَّتِي تَلِيهَا.
فَلَمَّا قَامَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ صَاحُوا إِلَيْهِ: تَهَدَّمَتِ الْبُيُوتُ وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ يَحْبِسُهَا عَنَّا.
فَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا.
فَكُشِطَتِ الْمَدِينَةُ، فَجَعَلَتْ تُمْطِرُ حَوْلَهَا، وَلاَ تَمْطُرُ بِالْمَدِينَةِ قَطْرَةً، فَنَظَرْتُ إِلَى الْمَدِينَةِ وَإِنَّهَا لَفِي مِثْلِ الإِكْلِيلِ".


وبه قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر، وأبي الوقت، بالتوحيد ( محمد بن أبي بكر) المقدمي الثقفي البصري ( قال: حدّثنا معتمر) هو: ابن سليمان التيمي ( عن عبيد الله) بضم العين، ابن عمر بن حفص بن عاصم العمري ( عن ثابت) البناني ( عن أنس) ولأبي ذر: أنس بن مالك، رضي الله عنه، أنه ( قال) :
( كان النبي) ولأبي ذر: رسول الله ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يخطب يوم جمعة) بالتنكير، ولأبي ذر، في نسخة،
وابن عساكر: يوم الجمعة ( فقام) إليه ( الناس، فصاحوا فقالوا: يا رسول الله! قحط المطر) بفتح القاف والحاء والطاء، أي: احتبس ( واحمرت الشجر) أي: تغير لونها من الخضرة إلى الحمرة من اليبس، وأنث الفعل باعتبار جنس الشجر ( وهلكت البهائم) بفتح اللام، ومضارعه يهلك بكسرها، وفيه لغة قليلة بالعكس، ويروى: هلكت المواشي: أي الأنعام والدواب ( فادع الله يسقينا) ولأبوي ذر والوقت، وابن عساكر: أن يسقينا ( فقال) عليه الصلاة والسلام:
( اللهم اسقنا مرتين) طرف للقول لا للسقي أي: قال ذلك مرتين ( وايم الله) بهمزة الوصل ( ما نرى في السماء قزعة) بفتح القاف والزاي والعين المهملة، قطعة ( من سحاب) .
قال أبو عبيد: وأكثر ما يكون القزع في الخريف ( فنشأت سحابة وأمطرت) بالواو، ولأبي ذر في نسخة: فأمطرت.

( ونزل) عليه الصلاة والسلام ( عن المنبر فصلّى) الجمعة ( فلما انصرف، لم تزل تمطر) بضم المثناة الفوقية وسكون الميم وكسر الطاء، ولأبي ذر: لم يزل المطر ( إلى الجمعة التي تليها، فلما قام النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يخطب، صاحوا إليه: تهدمت البيوت، وانقطعت السبل) بالنون قبل القاف، ( فادع الله يحبسها عنا) بالجزم على الطلب، وبالرفع على الاستئناف.

( فتبسم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ثم قال) ولأبي ذر، وابن عساكر: فقال، ولأبوي ذر، والوقت: وقال:
( اللهم) أمطر في الأماكن التي ( حوالينا ولا) تمطر ( علينا) .

قال الشافعي في الأم: وإذا كثرت الأمطار وتضرر الناس، فالسنة أن يدعى برفعها: "اللهم حوالينا ولا علينا".
ولا يسرع لذلك صلاة، لأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يصل لذلك.

( فكشطت المدينة) بفتح الفاء والكاف والشين المعجمة والطاء المهملة، وفي الفتح: فكشطت، مبنيًّا للمفعول، ولأبوي ذر، والوقت، وابن عساكر: وتكشطت، بالواو والمثناة الفوقية والكاف والمعجمة المشددة المفتوحات، أي: تكشفت ( فجعلت تمطر) بفتح أوله وضم ثالثه، ويجوز: تمطر، بضم ثم كسر، وهي رواية أبي ذر ( حولها ولا) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي، وابن عساكر: وما ( تمطر) بفتح المثناة الفوقية وضم الطاء ( بالمدينة قطرة، فنظرت إلى المدينة وإنها لفي مثل الإكليل) بكسر الهمزة وهو: ما أحاط بالشيء وروضة مكللة محفوفة بالنور، وعصابة تزين بالجوهر ويسمى التاج: إكليلاً.