فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب طول السجود في الكسوف

باب طُولِ السُّجُودِ فِي الْكُسُوفِ
( باب طول السجود في) صلاة ( الكسوف) أراد به الرد على من نفى تطويله.


[ قــ :1017 ... غــ : 1051 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ قَالَ: "لَمَّا كَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نُودِيَ: إِنَّ الصَّلاَةَ جَامِعَةٌ.
فَرَكَعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَكْعَتَيْنِ فِي سَجْدَةٍ، ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ فِي سَجْدَةٍ، ثُمَّ جَلَسَ، ثُمَّ جُلِّيَ عَنِ الشَّمْسِ.
قَالَ .

     وَقَالَتْ  عَائِشَةُ -رضي الله عنها-: مَا سَجَدْتُ سُجُودًا قَطُّ كَانَ أَطْوَلَ مِنْهَا".

وبه قال: ( حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين ( قال: حدّثنا شيبان) بفتح المعجمة والموحدة بينهما مثناة تحتية ساكنة آخره نون، ابن عبد الرحمن التميمي البصري، سكن الكوفة ( عن يحيى) بن أبي كثير اليمامي ( عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف ( عن عبد الله بن عمرو) وهو ابن العاص، وللكشميهني: عمر، بضم العين أي ابن الخطاب، قال الحافظ ابن حجر: وهو وهم ( أنه قال) :
( لما كسفت الشمس) بالكاف المفتوحة ( على عهد رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي زمنه ( نودي) بضم النون مبنيًّا للمفعول: ( إن الصلاة جامعة) بالرفع، خبر إن، والصلاة اسمها، ولأبي الوقت: أن الصلاة، بفتح الهمزة وتخفيف النون، ورفع الصلاة وجامعة.
وقد مر مزيد لذلك قريبًا ( فركع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ركعتين في سجدة) أي في ركعة، وقد يعبر بالسجود عن الركعة من باب إطلاق الجزء على الكل ( ثم قام) من السجود ( فركع ركعتين في سجدة) أي: في ركعة كذلك ( ثم جلس، ثم جلي عن الشمس)

بضم الجيم وتشديد اللام المكسورة مبنيًا للمفعول، من التجلية أي: كشف عنها بين جلوسه في التشهد والسلام، ولأبي ذر في نسخة: ثم جلس حتى جلي، أي: إلى أن جلي عنها.

( قال) أبو سلمة، أو: عبد الله بن عمرو: ( وقالت عائشة رضي الله عنها: ما سجدت سجودًا قط كان أطول منها) عبرت بالسجود عن الصلاة كلها.

كأنها قالت: ما صليت صلاة قط أطول منها، غير أنها أعادت الضمير المستكن في كان على السجود اعتبارًا بلفظه، وهو مذكر، وأعادت ضمير منها عليه اعتبارًا بمعناه إذ هو مؤنث، أو يكون قولها: منها، على حذف مضاف، أي: من سجودها.
قاله في المصابيح.

ولا يقال هذا لا يدل على تطويل السجود لاحتمال أن يراد بالسجدة الركعة، كما مر، لأن الأصل الحقيقة، وإنما حملنا لفظ السجدة فيما مر أوّلاً على الركعة للقرينة الصارفة عن إرادة الحقيقة، إذ لا يتصوّر ركعتان في سجدة وهاهنا لا ضرورة في الصرف عنها، قاله الكرماني.

واختلف في استحباب إطالة السجود في الكسوف، وصحح الرافعي عدم إطالته كسائر الصلوات، وعليه جمهور أصحاب الشافعي.

وصحح النووي التطويل، وقال: إنه المختار.
بل الصواب؛ وعليه المحققون من أصحابنا للأحاديث الصحيحة الصريحة، وقد نص عليه الشافعي في مواضع قال: وعليه فالمختار ما قاله البغوي: إن السجدة الأولى كالركوع الأوّل، والثانية كالثاني.
وهو مشهور مذهب المالكية.