فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب: لا تنكسف الشمس لموت أحد ولا لحياته رواه أبو بكرة، والمغيرة، وأبو موسى، وابن عباس، وابن عمر رضي الله عنهم

باب لاَ تَنْكَسِفُ الشَّمْسُ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ
رَوَاهُ أَبُو بَكْرَةَ وَالْمُغِيرَةُ وَأَبُو مُوسَى وَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهم.

هذا ( باب) بالتنوين: ( لا تنكسف الشمس) بالكاف ( لموت أحد ولا) تنكسف ( لحياته) .

( رواه) أي قوله: "لا تنكسف الشمس لموت أحد ولا لحياته"، هؤلاء الصحابة ( أبو بكرة) نفيع بن الحرث ( والمغيرة) بن شعبة، كما تقدم حديثهما في أول باب الكسوف، ( وأبو موسى) عبد الله بن قيس الأشعري، كما سيأتي في الباب التالي ( وابن عباس) عبد الله كما تقدم في باب صلاة الكسوف جماعة ( وابن عمر) : عبد الله بن عمر بن الخطاب، كما تقدم في الباب الأول ( رضي الله عنهم) .


[ قــ :1023 ... غــ : 1057 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنِي قَيْسٌ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَصَلُّوا».

وبالسند إلى المؤلّف قال: ( حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد ( قال: حدّثنا يحيى) القطان البصري، وللأصيلي: يحيى بن سعيد ( عن إسماعيل) بن أبي خالد الأحمسي الكوفي ( قال: حدّثني) بالإفراد ( قيس عن أبي مسعود) عقبة بن عامر الأنصاري البدري، رضي الله عنه، أنه ( قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( الشمس والقمر لا ينكسفان) بالنون بعد المثناة التحتية ثم الكاف ( لموت أحد ولا لحياته) .

لما كانت الجاهلية تعتقد أنهما ينخسفان لموت عظيم، والمنجمون يعتقدون تأثيرهما في العالم، وكثير من الكفرة يعتقد تعظيمهما لكونهما أعظم الأنوار حتى أفضى الحال إلى أن عبدهما كثير منهم، خصهما -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالذكر، تنبيهًا على سقوطهما عن هذه المرتبة، لما يعرض لهما من النقص، وذهاب ضوئهما الذي عظما في النفوس من أجله.

وسقط للأربعة لفظ: ولا لحياته، وقد مر أنه من باب التتميم، وإلا فلم يدع أحد أن الكسوف لحياة أحد.

( ولكنهما) أي: كسوفهما، ( آيتان من آيات الله، فإذا رأيتموهما) بالتثنية، ولأبي ذر: رأيتموها بالإفراد، أي: كسفة أحدهما ( فصلوا) .




[ قــ :104 ... غــ : 1058 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: "كَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَامَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَصَلَّى بِالنَّاسِ فَأَطَالَ الْقِرَاءَةَ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَأَطَالَ الْقِرَاءَةَ، وَهْيَ دُونَ قِرَاءَتِهِ
الأُولَى، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ دُونَ رُكُوعِهِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ قَامَ فَصَنَعَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ قَامَ فَقَالَ: إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لاَ يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ يُرِيهِمَا عِبَادَهُ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَافْزَعُوا إِلَى الصَّلاَةِ".

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن محمد) المسندي ( قال: حدّثنا هشام) هو: ابن يوسف الصنعاني ( قال: أخبرنا معمر) بفتح اليمين وسكون العين المهملة بينهما، ابن راشد ( عن) ابن شهاب ( الزهري، وهشام بن عروة) بن الزبير، كلاهما ( عن عروة) أبي هشام ( عن عائشة رضي الله عنها، قالت) :
( كسفت الشمس) بفتح الكاف والسين ( على عهد رسول الله) ولأبي ذر، والأصيلي: على عهد النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي: زمنه ( فقام النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فصلّى بالناس) صلاة الكسوف ( فأطال القراءة، ثم ركع فأطال الركوع، ثم رفع رأسه) من الركوع قائمًا ( فأطال القراءة، وهي) أي: القراءة وللكشميهني والمستملي: وهو، أي: القيام، أو المقروء ( دون قراءته الأولى، ثم ركع) ثانيًا ( فأطال الركوع) وهو ( دون ركوعه الأول، ثم رفع رأسه) قائمًا ( فسجد سجدتين، ثم قام فصنع في الركعة الثانية مثل ذلك) المذكور من الركوعين وطوّلهما وطول القراءة في القيامين، ثم انصرف من صلاته ( ثم قام) خطيبًا ( فقال) بعد الحمد والثناء:
( إن الشمس والقمر لا يخسفان) بفتح أوله وسكون الخاء وكسر السين ( لموت أحد) من الناس ( ولا لحياته) فيجب تكذيب من زعم أن الكسوف علامة على موت أحد أو حياته ( ولكنهما آيتان من آيات الله يريهما عباده) ليتفرغوا لعبادته ويتقربوا إليه بأنواع قرباته، ولذا قال: ( فإذا رأيتم ذلك فافزعوا) بفتح الزاي، أي: فالجأوا ( إلى الصلاة) وغيرها من الخيرات، كالصدقة، وفك الرقاب، لأنها تقي أليم العذاب.