فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب الصلاة في كسوف القمر

باب الصَّلاَةِ فِي كُسُوفِ الْقَمَرِ
( باب) مشروعية ( الصلاة في كسوف القمر) بالكاف.


[ قــ :1027 ... غــ : 1062 ]
- حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: "انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ".

وبالسند قال: ( حدّثنا محمود) المروزي وللأصيلي: محمود بن غيلان، بفتح الغين المعجمة وسكون المثناة التحتية ( قال: حدّثنا سعيد بن عامر) بكسر العين بعد السين، الضبعي، بضم الضاد المعجمة وفتح الموحدة، البصري ( عن شعبة) بن الحجاج ( عن يونس) بن عبيد ( عن الحسن) البصري ( عن أبي بكرة) نفيع بن الحرث ( رضي الله عنه قال) :
( انكسفت الشمس) بنون بعد الألف وبالكاف ( على عهد رسول الله) أي: زمنه، ولأبوي ذر، والوقت، والأصيلي: على عهد النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فصلّى ركعتين) بزيادة ركوع في كل ركعة منهما، كما مر.

واعترض الإسماعيلي على المؤلّف: بأن هذا الحديث لا مدخل له في هذا الباب، لأنه لا ذكر للقمر فيه، لا بالتنصيص، ولا بالاحتمال.

وأجيب: بأن ابن التين ذكر: أن في رواية الأصيلي في هذا الحديث: انكسف القمر، بدل قوله: الشمس، لكن نوزع في ثبوت ذلك.
وحينئذٍ فيجاب: بأن هذا الحديث مختصر من الحديث

اللاحق له، فأراد المؤلّف أن يبين أن المختصر بعض المطوّل، والمطوّل يؤخذ منه المقصود، كما سيأتي قريبًا إن شاء الله تعالى.

وقد روى ابن أبي شيبة هذا الحديث بلفظ: انكسفت الشمس أو القمر.
وفي رواية هشيم: انكسف: الشمس والقمر.




[ قــ :108 ... غــ : 1063 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: "خَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَخَرَجَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْمَسْجِدِ، وَثَابَ النَّاسُ إِلَيْهِ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ، فَانْجَلَتِ الشَّمْسُ فَقَالَ: إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، وَإِنَّهُمَا لاَ يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَإِذَا كَانَ ذَاكَ فَصَلُّوا وَادْعُوا حَتَّى يُكْشَفَ مَا بِكُمْ.
وَذَاكَ أَنَّ ابْنًا لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَاتَ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ، فَقَالَ النَّاسُ فِي ذَاكَ".

وبه قال: ( حدّثنا أبو معمر) بفتح الميمين، عبد الله بن عمرو المقعد المنقري، بكسر الميم وسكون النون وفتح القاف، البصري ( قال: حدّثنا عبد الوارث) بن سعيد التنوري ( قال: حدّثنا يونس) بن عبيد ( عن الحسن) البصري ( عن أبي بكرة) نفيع بن الحرث، رضي الله عنه ( قال) :
( خسفت الشمس) بالخاء المفتوحة ( على عهد رسول الله) ولأبي ذر، والأصيلي: النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فخرج يجر رداءه) لكونه مستعجلاً ( حتى انتهى إلى المسجد، وثاب الناس إليه) بالمثلثة أي: اجتمعوا إليه ( فصلّى بهم ركعتين) بزيادة ركوع في كل ركعة ( فانجلت الشمس) بنون بعد الألف ( فقال) عليه الصلاة والسلام:
( إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، وإنهما لا يخسفان) بفتح المثناة التحتية وسكون الخاء وكسر السين ( لموت أحد) ولأبي الوقت في غير اليونينية: ( وإذا) بالواو، ولأبي ذر: فإذا ( كان ذاك) أي الكسوف فيهما، وللأربعة: ذلك، باللام ( فصلوا وادعوا، حتى يكشف ما بكم) بضم أوله وفتح الشين.

وفي رواية حتى ينكشف، بفتح أوّله، وزيادة نون ساكنة وكسر الشين، غاية لمقدر، أي: صلوا من ابتداء الخسوف منتهين إما إلى الانجلاء، أو: إحداث الله أمرًا.

وهذا موضع الترجمة، إذ أمر بالصلاة بعد قوله: "إن الشمس والقمر .. ".

وعند ابن حبان، من طريق نوح بن قيس، عن يونس بن عبيد في هذا الحديث: "فإذا رأيتم شيئًا من ذلك فصلوا ... " وهو أدخل في الباب من قوله هنا "فإذا كان ذلك ... " لأن الأول نص، وهذا محتمل لأن تكون الإشارة عائدة إلى كسوف الشمس، لكن الظاهر عود ذلك إلى خسوفهما معًا.


وأصرح من ذلك ما وقع في حديث أبي مسعود السابق: كسوف أيهما انكسف.

وعند ابن حبان من طريق النضر بن شميل، عن أشعث بإسناده في هذا الحديث: صلّى في كسوف الشمس والقمر ركعتين مثل صلاتكم ... وفيه رد على من أطلق، كابن رشيد: أنه، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يصل فيه.

وأول بعضهم قوله: صلّى، أي: أمر بالصلاة، جمعًا بين الروايتين.
وذكر صاحب جمع العدة، أن خسوف القمر وقع في السنة الرابعة، في جمادى الآخرة، ولم يشتهر أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جمع له الناس للصلاة.

وقال صاحب الهدى: لم ينقل أنه صلّى في كسوف القمر في جماعة، لكن حكى ابن حبان في السيرة له: أن القمر خسف في السنة الخامسة، فصلّى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بأصحابه الكسوف، فكانت أول صلاة كسوف في الإسلام.

قال في فتح الباري: وهذا إن ثبت انتفى التأويل المذكور.

وقال مالك والكوفيون: يصلّى في كسوف القمر فرادى ركعتين، كسائر النوافل، في كل ركعة ركوع واحد، ولا يجمع لها بل، يصلونها أفرادًا، إذ لم يرد أنه عليه الصلاة والسلام صلاها في جماعة، ولا دعا إلى ذلك.

ولأشهب جواز الجمع، قال اللخمي: وهو أبين.
والمذهب أن الناس يصلونها في بيوتهم، ولا يكلفون الخروج لئلا يشق ذلك عليهم.

( وذاك) وللأربعة: وذلك، بل للام ( أن اْبنًا للنبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، مات، يقال له: إبراهيم، فقال الناس في ذاك) ولأبي ذر، والأصيلي في ذلك، باللام أي: قالوا ما كانوا يعتقدونه من أن النيرين يوجبان تغيرًا في العالم من موت وضرر، فأعلم -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن ذلك باطل.