فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب الجهر بالقراءة في الكسوف

باب الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ فِي الْكُسُوفِ
( باب الجهر بالقراءة في) صلاة ( الكسوف) بالكاف.


[ قــ :1030 ... غــ : 1065 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ نَمِرٍ سَمِعَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها:- "جَهَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي صَلاَةِ الْخُسُوفِ بِقِرَاءَتِهِ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَتِهِ كَبَّرَ فَرَكَعَ، وَإِذَا رَفَعَ مِنَ الرَّكْعَةِ قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ.
ثُمَّ يُعَاوِدُ الْقِرَاءَةَ فِي صَلاَةِ الْكُسُوفِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ".

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن مهران) بكسر الميم، الجمال، بالجيم، الرازي ( قال: حدّثنا الوليد) القرشي الأموي الدمشقي، ولأبي ذر، والأصيلي: ابن مسلم ( قال: أخبرنا) ولأبي ذر، والأصيلي: حدّثنا ( ابن نمر) بفتح النون وكسر الميم، عبد الرحمن الدمشقي، وثقه دحيم الذهلي وابن البرقي، وضعفه ابن معين لأنه لم يرو عنه غير الوليد، وليس له في الصحيحين غير هذا الحديث.
وقد تابعه عليه الأوزاعي وغيره أنه ( سمع ابن شهاب) الزهري ( عن عروة) بن الزبير بن العوام ( عن عائشة رضي الله عنها) أنها قالت:
( جهر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، في صلاة الخسوف) بالخاء ( بقراءته) .

حمل الشافعية والمالكية وأبو حنيفة وجمهور الفقهاء هذا الإطلاق على صلاة خسوف القمر لا الشمس، لأنها نهارية، بخلاف الأولى، فإنها ليلية: وتعقب بأن الإسماعيلي روى حديث الباب من وجه آخر عن الوليد، بلفظ كسفت الشمس في عهد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ... فذكر الحديث.

واحتج الإمام الشافعي بقول ابن عباس: قرأ نحوًا من قراءة سورة البقرة، لأنه لو جهر لم يحتج إلى التقدير.

وعورض باحتمال أن يكون بعيدًا منه.

وأجيب: بأن الإمام الشافعي ذكر تعليقًا عن ابن عباس: أنه صلّى بجنب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الكسوف، فلم يسمع منه حرفًا، ووصله البيهقي من ثلاثة طرق أسانيدها واهية.

وأجيب: على تقدير صحتها بأن مثبت الجهر معه قدر زائد فالأخذ به أولى، وإن ثبت التعدد فيكون عليه الصلاة والسلام فعل ذلك لبيان الجواز.

قال ابن العربي: والجهر عندي أولى لأنها صلاة جامعة ينادى لها ويخطب، فأشبهت العيد، والاستسقاء.

وقال أبو يوسف، ومحمد بن الحسن، وأحمد بن حنبل: يجهر فيها، وتمسكوا بهذا الحديث ( فإذا فرغ من قراءته، كبر فركع، وإذا رفع) رأسه ( من الركعة قال) :
( سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد) بالواو ( ثم يعاود القراءة في صلاة الكسوف أربع ركعات في ركعتين، وأربع سجدات) بنصب أربع عطفًا على أربع السابق.





[ قــ :1030 ... غــ : 1066 ]
- وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ وَغَيْرُهُ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها-: "أَنَّ الشَّمْسَ خَسَفَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَبَعَثَ مُنَادِيًا بِالصَّلاَةُ جَامِعَةٌ، فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ".
قَالَ الوَلِيد وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ نَمِرٍ سَمِعَ ابْنَ شِهَابٍ مِثْلَهُ.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَقُلْتُ مَا صَنَعَ أَخُوكَ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ مَا صَلَّى إِلاَّ رَكْعَتَيْنِ مِثْلَ الصُّبْحِ إِذْ صَلَّى بِالْمَدِينَةِ.
قَالَ: أَجَلْ، إِنَّهُ أَخْطَأَ السُّنَّةَ.
تَابَعَهُ سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي الْجَهْرِ.

( وقال الأوزاعي) عبد الرحمن بن عمر وهو معطوف على قوله: حدّثنا ابن نمر لأنه مقول الوليد ( وغيره) أي: وقال غير الأوزاعي أيضًا ( سمعت) ابن شهاب ( الزهري) فيما وصله مسلم عن محمد بن مهران، عن الوليد بن مسلم، حدّثنا الأوزاعي عن الزهري ( عن عروة) بن الزبير بن العوام ( عن عائشة، رضي الله عنها) :
( أن الشمس خسفت) بفتح الخاء المعجمة والسين ( على عهد رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فبعث مناديًا) يقول: ( الصلاة جامعة) كذا للكشميهني، أي: أحضروا الصلاة حال كونها جامعة.
وروي برفعهما: مبتدأ وخبر.
ولغير الكشميهني: مناديًا بالصلاة جامعة، بإدخال الموحدة مع الوجهين على الحكاية.

( فتقدم) عليه الصلاة والسلام ( فصلّى أربع ركعات في ركعتين، وأربع سجدات) بنصب أربع عطفًا على السابق.

وليس في رواية الأوزاعي تصريح بالجهر نعم، ثبت الجهر في رواية عند أبي داود والحاكم بلفظ: قرأ قراءة طويلة فجهر بها.

( قال الوليد) ثبت: قال الوليد في نسخة ( وأخبرني عبد الرحمن بن نمر) بكسر الميم بعد النون المفتوحة: بكذا وأخبرني أنه ( سمع ابن شهاب) الزهري ( مثله) أي مثل الحديث الأول.

( قال الزهري) ابن شهاب ( فقلت) لعروة: ( ما صنع أخوك ذلك، عبد الله بن الزبير؟) برفع عبد الله، عطف بيان لقوله: أخوك، المرفوع على الفاعلية لصنع، والإشارة في قوله: ذلك، لفعل أخيه المشار إليه بقوله: ( ما صلّى إلا ركعتين مثل الصبح إذ) أي: حين ( صلّى بالمدينة) النبوية في الكسوف بركعتين.
( قال: أجل) بفتح الجيم وسكون اللام، أي: نعم ( إنه) بكسر الهمزة للابتداء ( أخطأ السنة) وللكشميهني قال: من أجل أنه بسكون الجيم وفتح الهمزة للإضافة.

( تابعه) أي: تابع ابن نمر ( سفيان بن حسين) فيما وصله الترمذي ( وسليمان بن كثير) بالمثلثة العبدي، بالموحدة الساكنة فيما وصله أحمد ( عن الزهري في الجهر) وسفيان وسليمان ضعيفان، لكن تابعهما على ذكر الجهر عن الزهري عقيل عند الطحاوي، وإسحاق بن راشد عند الدارقطني وغيرهما فاعتضدا وقويا.
ولله الحمد.